أوليفييه دوزون يكتب: اتفاق نيودلهى.. هل المبادرة الأمريكية لإنشاء الممر الجديد بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.. مجرد دعاية إعلانية؟
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
شجعت الولايات المتحدة على إنشاء ممر لوجستى رئيسى جديد، وكان ذلك على هامش قمة مجموعة العشرين فى نيودلهى. وهكذا تم التوقيع على اتفاق مبدئى فى ٩ سبتمبر ٢٠٢٣ بين الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وممثلى الاتحاد الأوروبى حول مشروع ضخم للنقل البحرى والسكك الحديدية، وذلك لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط.
ويعتبر هذا الممر الجديد بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا طريقة جديدة للربط بينها عن طريق خطوط السكك الحديدية والنقل البحرى الذى سيصل إلى مارسيليا مرورا بالشرق الأوسط، خاصة السعودية والإمارات وإسرائيل.. تهدف هذه المبادرة الواسعة التى تدعمها الولايات المتحدة إلى تعزيز العلاقات التجارية بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
الهدف المعلن: مواجهة النفوذ الصينى و«طرق الحرير» الجديد، ولكن تهدف أيضًا إلى التقريب بين دول الشرق الأوسط.
ونشير هنا إلى أن المياه قد تدفقت من تحت الجسر وأن واشنطن تضاعف الآن جهودها لتعزيز العلاقات مع المملكة النفطية لخدمة مصالحها الاستراتيجية خاصة بعد تلك الرحلة «المهينة» إلى السعودية فى يوليو ٢٠٢٢، والتى شهدت استقبالًا باردًا لجو بايدن من محمد بن سلمان الذى بدا متباعدا بسبب بعض الشوائب فى العلاقات بين البلدين.
وفى هذا السياق، أعلن مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، فى ٩ سبتمبر ٢٠٢٣، أن مشروع النقل لا يعتبر «مقدمة» لاتفاق تطبيع محتمل ولكنه وصف إدراج إسرائيل فيه «بالأمر المهم».
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مبتهجًا: «ستكون بلادنا نقطة مركزية فى هذا الممر الاقتصادى» و«ستفتح خطوط السكك الحديدية والموانئ لدينا طريقًا جديدًا من الهند إلى أوروبا عبر الشرق الأوسط وبالعكس». كما وصف نتنياهو المبادرة بأنها «أهم مشروع تعاونى فى تاريخنا» وهو مشروع «يأخذنا إلى حقبة جديدة من التكامل والتعاون الإقليمى والعالمى، تعاونا غير مسبوق وفريد من نوعه».
وفى السياق نفسه، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلى إيلى كوهين أيضًا أن وزارته «تواصل جهودها لربط الدول الموقعة على اتفاقات إبراهام وإسرائيل، الأمر الذى سيجعل من الممكن اختصار الوقت اللازم لنقل البضائع عبر دول الخليج إلى إسرائيل ومن هناك إلى أوروبا بشكل غير مسبوق وسيسمح ذلك أيضا بخفض تكاليف الشحن بشكل كبير».
على أى حال، تعتبر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أن المبادرة ليست مشروعًا مناهضًا للصين، بل هى نوع من «تنويع الشركاء» وخطوة ستسمح لهاتين الدولتين بأن تكونا فى وضع أفضل على الخريطة الاقتصادية وعلى مستوى البنية التحتية فى إطار الاتصال العالمى المتغير، الأمر الذى تفاقم فى أعقاب الصراع فى أوكرانيا.
ولا شك أن قرار الانضمام إلى هذا الممر الجديد إنما يعكس بدقة الحركة الأخيرة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة المدعوتين للانضمام إلى مجموعة البريكس فى يناير ٢٠٢٤.
وهكذا، تحرص دول الخليج مرة أخرى على اتباع أجندتها الخاصة وعدم الانخراط فى منطقة «التكتلات» الجديدة (الصين فى مواجهة الولايات المتحدة).
فى واقع الأمر، بالنسبة للرياض، فإن الممر المخطط له هو بالتأكيد جزء من أجندة رؤية ٢٠٣٠ وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فإن المشاركة فى المبادرة تعنى أيضًا فتح البلاد ومواردها أمام جمهور عالمى أوسع لجذب الاستثمارات وزيادة الثقل الجيوسياسى للدولة؛ أما نيودلهى، فقد كانت مهتمة منذ فترة طويلة بتعزيز ممرات تجارية جديدة من أجل مواجهة مشاريع الصين الطموحة فى باكستان ومنطقة المحيط الهادئ الهندية.
وفى الواقع، سيوفر هذا الممر اتصالًا آمنًا مع الشرق الأوسط. وقد أصبحت مثل تلك الروابط ذات أهمية متزايدة بالنسبة للهند فى ضوء اعتمادها على نفط الخليج وكذلك لاتصالها مع الجالية الهندية فى الخارج.
كما أن التمسك بهذا المشروع الأمريكى لا يعنى أن الهند ودول الخليج تناضل من أجل إعطاء الأولوية لهذه المبادرة. بعيدا عن هذا الأمر، ألم يعملوا أيضًا بشكل نشط مع روسيا لتعزيز مبادرة ممر النقل الدولى بين الشمال والجنوب (INSTC)؟
علاوة على ذلك، لا يمكننا أن ننسى أنه بالنسبة لدول الخليج، فإنها تسعى أيضًا إلى إقامة علاقات تجارية واقتصادية أكثر قوة مع الصين وهى تعيش عملية تطوير كاملة وأخيرا، بالنسبة للاتحاد الأوروبى، سوف يتعلق الأمر بتعزيز العلاقات التجارية الوثيقة مع الهند ودول الخليج.
باختصار، يحق لنا أن نتساءل عما إذا كانت هذه المبادرة اللوجستية الأمريكية التى تهدف إلى مواجهة طريق الحرير الصينى الجديد لا تشكل بكل بساطة سوى مجرد أثر إعلانى، وذلك فى ظل غياب خطة موازنة معلنة، وخاصة بعد المعارضة التى تلوح فى الأفق من قبل الكتلة المكونة من الصين وإيران وروسيا. ومن المفهوم أن بكين وموسكو وطهران ستبذل كل ما فى وسعها لإحباط مشاريع البنية التحتية التى من شأنها أن تعرض موقفها للخطر.
من هذا المنظور، وقعت إيران والصين فى مارس ٢٠٢١ «اتفاقية تعاون استراتيجى وتجارى على مدى خمسة وعشرين عامًا» تتضمن بشكل خاص استثمارات متبادلة فى مجالات مختلفة، لا سيما النقل والموانئ والطاقة والصناعة والخدمات.
معلومات عن الكاتب:
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. بتناول فى مقاله، مشروع الممر الجديد الذى تم التوقيع عليه خلال اجتماعات مجموعة العشرين بنيودلهى.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الولايات المتحدة السعودیة والإمارات الولایات المتحدة الشرق الأوسط الممر الجدید هذا الممر الممر ا مشروع ا
إقرأ أيضاً:
هل سيكون العراق جزءًا من جحيم السياسة الأمريكية الجديدة؟
بغداد اليوم- بغداد
أكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد التميمي، اليوم الخميس، (9 كانون الثاني 2025)، وجود مخاوف من أن يكون العراق مشمولًا بالجحيم الذي وعد به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط بعد توليه رئاسة البيت الأبيض.
وقال التميمي، لـ"بغداد اليوم"، إن: "تهديد ترامب بوجود جحيم في الشرق الأوسط بعد فترة توليه رئاسة الولايات المتحدة يثير القلق، وهناك خشية من أن العراق قد يكون جزءًا من هذا الجحيم بسبب مواقف بعض القوى السياسية والفصائل المسلحة الداعمة لإيران وأذرعها في المنطقة تحت مسمى محور المقاومة".
وأضاف التميمي، أن "ترامب في بداية توليه السلطة سيتعامل مع تشديد العقوبات الاقتصادية والمالية على إيران وكل من يتعامل معها، والعراق مهدد بتلك العقوبات بسبب الفصائل المسلحة المنتشرة في البلاد.
وأضاف كما، أن "طلب حل هذه الفصائل أصبح أمرًا حقيقيًا وواقعيًا، وترامب سيلتزم بتنفيذ وعوده في حال لم يلتزم العراق بالسيطرة على سلاح هذه الفصائل".
وأشار التميمي إلى، أن "العراق والمنطقة بشكل عام مقبلة على أحداث كبيرة، بعد تهديد ترامب بفتح الجحيم على المنطقة".
فيما أكد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الثلاثاء، (7 كانون الثاني 2025)، أنه يتطلع إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة قبل موعد تنصيبه المقرر الشهر الجاري.
وقال: "إذا لم يتم إطلاق الرهائن بحلول موعد تنصيبي فإن أبواب الجحيم ستفتح على مصراعيها".
وكان ترامب أصدر في 2 ديسمبر كانون الثاني تحذيرا شديد اللهجة، مؤكدا أنه إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى قبل تنصيبه في 20 يناير كانون الثاني 2025، فستكون هناك "مشكلة خطيرة في الشرق الأوسط".
وبالتزامن مع موقف ترامب اليوم، قال مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إنه "يأمل في تحقيق نتائج طيبة في ما يتعلق بمحادثات الرهائن في غزة بحلول موعد تنصيب ترامب في 20 يناير كانون الثاني".