يحتفل العالم الإسلامي في ربيع الأنوار من كل عام بمولد سيد الخلق سيدنا محمد صلى عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومع بداية شهر ربيع الأول يبدأ الجدال والتساؤلات حول مدى صحة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ولهذا نتطرق للإجابة عن سؤال يشغل المسلمين كثيرًا وهو إذا كان الاحتفال بالمولد النبوي صحيح فلماذا لم يحتفل  به أصحابه رضي الله عنهم أجمعين؟ 


لماذا لم يحتفل الصحابة بالمولد النبوي؟

 

وأجاب عن هذا التساؤل العالم الأزهري الدكتور يسري جبر عبر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي موضحًا أن الصحابة عليهم رضوان الله كانوا مكلفين من رسول الله بنشر الدين الإسلامي، فقد ترك لهم رسول الله الأمر، إذ كانوا يبلغون رسالة الله ويجاهدون، حتى أنه قد أمرهم عليه أفضل الصلاة والسلام بترك امتلاك الأراضي حتى لا يرتبطوا بها ويمكثوا بجوارها بل ينشروا الدين في الأرض.

 


ومع مرور الوقت واستقرار الأمة بعد نشر الدين، جاءت أجيال في أشد الحاجه لمعرفة رسولهم الكريم، فاستحب العلماء ذلك بتخصيص يوم أو شهر في السنة نعرف فيه أجيالنا عن خصائص ونسب ومعجزات وشمائل سيد الخلق أجمعين، وهذا لأن عدم معرفة النبي تؤدي إلى إنكار نبوته كما جاء في سورة المؤمنون "أم لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ".
 


الأمة الإسلامية في سنواتها الأولى
 

وقد بدأ هذا الاستقرار بعد 500 عام من الهجرة، لأن السنوات الأولى كانت الأمه في خضم انشغالها بنشر الإسلام أولاً في عصر الصحابة ومن ثَمَ تدوين السنة النبوية الشريف في عصر التدوين، وقد كان مجهود خرافي وعظيم لم يتم إلا بتوفيق الله تعالي فقد كان الصحابة يسافرون مسيرة شهر على الأقل ليأتوا بحديث شريف واحد، وفي أثناء عصر التدوين نشأت العلوم المساعدة له لمعرفة الأسانيد وتوضيح الكاذبين والواضعين من العدول في السنة النبوية، فنشأ علم الرجال والجرح والتعديل وغيرها من العلوم.


الاحتفال بالمولد النبوي بعد 500 عام
 

واستقرت الأمة ووضعت العلوم والقواعد والمذاهب والمصنفات  ووجدت المنظومات في العقيدة والفقه وغيرهم لحفظ العلوم في الصدور عام 600 من الهجرة، وهنا هدئت الأوضاع وبدأت الحاجه لوضع ما يعبر عن حبنا لرسول الله وكان هذا في عصر الدولة الأيوبية وليست الأموية كما هو شائع لأن الدولة الأموية كان في عام 400 من الهجرة.
 


النبي يحتفل بمولده
 

فبدأ المسلمين بإطعام الطعام لأن الرسول كان يحبه وفي أثناء ذلك بعد الطعام كانوا يمدحوا ويذكروا ويصلوا على النبي والعلماء استحسنوا باعتبارها سنة حسنه كما قال رسول الله في الحديث الصحيح:" من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" 

خاصة أن الرسول لم ينهى عن ذلك، بل كان النبي يحتفل بيوم مولده بطريقته الخاصة، فقد كان عليه أفضل الصلاة والسلام يصوم يوم الاثنين من كل اسبوع، كما قال رسول الله:"هذا يوم ولدت فيه"  ، إذا فأصل الاحتفال موجود وكان النبي يفعله، ولكن صورة الاحتفال اختلفت باختلاف كل عصر على حسب حاجه الناس. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المولد النبوي إجازة المولد النبوي إحتفال المولد النبوي المولد النبوي 2023 حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالمولد النبوی رسول الله

إقرأ أيضاً:

حكم الاحتفال بذكرى الميلاد بالصيام شكرا لله؟.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم صيام الإنسان يوم ذكرى ميلاده؟ فأنا أحتفل بيوم ميلادي بصومه شكرًا لله تعالى، وعندما عَلِم بعض الناس ذلك قال لي: إنه بدعة، فأرجو الإفادة بالرأي الشرعي في ذلك.

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: إن احتفال الإنسان بيوم ميلاده بصومه شكرًا لله تعالى من الأمور المباحة شرعًا، والصيام بهذه النية ممَّا يُثاب الإنسان عليه، ولا يُعدُّ ذلك من البدع المذمومة شرعًا.

حكم احتفال المسلم بيوم ميلاده
وأوضحت أن احتفال الإنسان بيوم ميلاده بصفة عامة من الأمور التي لا حرج فيها شرعًا، ما دامت في حدود الأدب والانضباط بضوابط الشرع، ولا يقع فيه شيء من المحرمات؛ لأن هذا الاحتفال عبارة عن تذكر هذا اليوم، والفرح فيه بنعمة وفضلِ الله تعالى إيجادًا وإمدادًا، كما أنه يتسبب في إشاعة ونشر البهجة والسرور في حقِّ من يتعلق به اليوم المذكور.

ويقول ابن عطاء الله السكندري في حكمه المشهورة: "هو الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد ثم بتوالي الإمداد".

وقد ورد الأمر القرآني بالتذكير بأيام الله تعالى؛ كما في قوله سبحانه: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ولا شك أنَّ أيام الميلاد من أيام الله تعالى؛ لذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الإثنين من كلِّ أسبوع؛ شكرًا لله تعالى على نعمة إيجاده صلى الله عليه وآله وسلم، واحتفالًا بيوم ميلاده الشريف؛ فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن صوم يوم الإثنين فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ- فِيهِ» رواه مسلم.

كما ورد الأمر القرآني أيضًا بالفرح بفضل الله ونعمته على الإنسان، قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 59].

ووجه الاستشهاد بهذه الآية أن الأمر بالفرح إنما يكون لما تفضل الله تعالى به على العبد من نعمة إيجاده، والتفضل عليه بإخراجه إلى نور هذا الوجود، وهذا -لا شك- فضل من الله ورحمة، وهو أمر يندرج في المقصود من الرحمة والفضل الوارد ذكرهما في الآية؛ لأن المقصود منهما عموم الرحمة والفضل، كما ذكره المفسرون. ينظر: "التسهيل لعلوم التنزيل" لابن جزي (1/ 358، ط. دار الأرقم).

والشريعة تدعو إلى إشاعة الفرحة وإدخال السرور على قلوب الآخرين، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «تُدْخِلُ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْعِمُهُ خُبْزًا» أخرجه ابن شاهين في "الترغيب"، وورد أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".

ويُسْتَأنس في القول بجواز الاحتفال بيوم الميلاد بقول الله تعالى حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 33]، فأشار بذلك إلى المعنى الذي يقتضي الحكم أن يوم مولد الإنسان هو يوم نعمة توجب الشكر عليها.

 كما أشار الحديث إلى جواز الاحتفال بأيام النعم كلها، فيوم المولد ويوم نزول الوحي والبعثة الشريفة نعمتان توجبان الشكر في ذلك اليوم.

حكم التوسعة على الأهل يوم عاشوراء.. الإفتاء تجيبدعاء يوم عاشوراء.. فضله عظيم ومستجاب عند الإفطارصلاة الغفلة.. تعرف على حكمها ووقتها وسبب تسميتها بذلك وكيف تؤدىهل عدم صيام يوم عاشوراء حرام؟ الإفتاء تجيب

حكم صوم المسلم يوم ذكرى ميلاده شكرًا لله
وعن احتفال الإنسان بيوم ميلاده بصومه أو بالصوم فيه قالت إنه شكرٌ لله تعالى بالعبادة، وهذا مأمورٌ به في قول الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُون﴾ [العنكبوت: 17].

والأمر بالشكر هنا ورد على جهة العموم في مقابلة النعم، فيبقى على ذلك من حيث الأوقات والهيئات، ومما يندرج تحته إيقاع العبادة -ومنها الصيام- في ذكرى يوم الميلاد؛ شكرًا لله تعالى على نعمة الإيجاد، وهو ما نص عليه المفسرون عند تفسير قول الله تعالى: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ۝ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ۝ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت﴾ [قريش: 1-3].

ونوهت بانه لا يتأتى القول بمنع صيام الإنسان يوم مولده بدعوى عدم وروده، أو أنه أمر خاص بيوم ميلاد الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام؛ وذلك لاندراجه تحت أصل عام، ألا وهو ما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» متفقٌ عليه.

وقد بيَّن العلماء أن المراد بقوله: "في سبيل الله" الطاعةُ لوجه الله على أيِّ كيفية كانت.

ولا يخفى أن صوم الإنسان يوم مولده من شكر الله تعالى على نعمة الإيجاد إنما هو في سبيله عزَّ وجلَّ وطاعته وابتغاء مرضاته.

والاحتفال بـيوم الميلاد مظهرٌ من مظاهر تذكر أيام الله التي أمر الله به في القرآن الكريم، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يُعَبِّر فيها الناس عن شكرهم لله تعالى، فإنَّ هذا أمرٌ مباحٌ لا حرج فيه، ولا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس بمناسبة ومن غير مناسبة؛ فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لما ورد من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفقٌ عليه، ومفهومه أنَّ مَن أَحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود، وقد قررنا آنفًا جواز شكر النعمة بالعبادة، ويدخل تحتها: عبادة الصوم.

قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 3، ط. دار المعرفة): [ليس كل ما أبدع منهيًّا عنه، بل المنهيُّ عنه بدعةٌ تضاد سُنَّةً ثابتةً، وترفع أمرًا من الشرع] اهـ.

وأكدت بناءً على ذلك أن الاحتفال بيوم ميلادك بصومه شكرًا لله تعالى من الأمور المباحة شرعًا، والصيام بهذه النية مما يثاب الإنسان عليه، ولا يُعدُّ ذلك من البدع المذمومة شرعًا.

طباعة شارك حكم احتفال المسلم بيوم ميلاده حكم صوم المسلم يوم ذكرى ميلاه الصوم الصوم يوم ذكر الميلاد الإفتاء

مقالات مشابهة

  • موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر
  • لماذا أوصى النبي بالمحافظة على صلاة الضحى؟.. لـ5 أسباب
  • لماذا رفض ترامب اغتيال خامنئي؟.. مدير الـ سي آي إيه السابق يجيب
  • لماذا رفض ترامب اغتيال خامنئي؟.. بتريوس يجيب
  • لماذا حذر النبي من النوم وحيدا؟.. لـ 7 أسباب لا يعرفها الرجال والنساء
  • حكم الاحتفال بذكرى الميلاد بالصيام شكرا لله؟.. الإفتاء تجيب
  • قصة تاسوعاء.. لماذا أمر النبي بصيام يوم قبل عاشوراء؟
  • حرص عليه النبي 9 أعوام| هل صيام يوم عاشوراء فرض؟.. علي جمعة يجيب
  • هل تجوز الصلاة على النبي بأكثر من نية؟.. الإفتاء تجيب
  • لماذا هبط الذهب خلال الأسبوع الماضي؟ خبير يجيب