جابر حسين العماني
jaber.alomani14@gmail.com
كثيرة هي الأساليب التي تنتهجها الشركات التجارية العالمية والعابرة للقارات بهدف الربح السريع، ومن بين تلك الأساليب صناعة الموضة وتحديث صيحاتها، وهي من أنشط الصناعات التي يُرّوج لها اليوم في عالمنا العربي والإسلامي، والتي يُنفق عليها ملايين الدولارات سنويًا، وجميعها تهدف إلى إغراء الناس، وجعلهم يلهثون وراء ما يعرض في الأسواق المحلية والخارجية باسم الموضة والحداثة.
ومن أبرز مظاهر الثقافة الاستهلاكية، التي غزت العالم العربي والإسلامي هي صناعة الموضة، والترويج لها إعلاميًا؛ حيث حققت تلك الصناعة بحسب الدراسات والأبحاث أرباحًا طائلة لكثرة مبيعاتها؛ وذلك بالاعتماد على خبراء متخصصين في عالم الجمال والموضة، والذين يواصلون العمل ليلًا ونهارًا، بهدف زيادة أعداد المستهلكين في العالم، وزيادة الأسواق المستهلكة للبضائع التي يروّجون لها باسم الموضة، كمنتجات العناية الشخصية مثل مستحضرات التجميل والعطور وغيرها.
والمتأمل والمراقب لأحوال الأسواق الخليجية والعربية يرى وبوضوح تام أنها تعتبر الأعلى في معدلات الاستهلاك العالمي، وهذا ما أثبتته دراسة أعدّها مصرف الإمارات الصناعي، حيث تقول: إن إنفاق المستهلك الخليجي على العطور ومستحضرات التجميل يُعتبر الأعلى في العالم، وإن واردات الدول الخليجية قُدرت بـ817 مليون دولار في سنة 1995، وتقول الدراسة أيضًا إن الدول الخليجية استوردت في السنة نفسها 100 ألف طن من العطور ومواد التجميل، إضافة إلى إنتاجها المحلي، وما زال العدد في تزايد مستمر لغاية الآن، ولك أن تتخيّل حجم ذلك ونحن في سنة 2023.
قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 26].
الكثير من النساء في عالمنا الاجتماعي بتن اليوم يبحثن عن أحدث صيحات الموضة في عالم الجمال، ويحرصن على اقتناء الملابس والحقائب والأحذية من أفضل وأرقى المحلات التجارية المعروفة، من دون الانتباه إلى الأضرار الصحية التي تخلفها الموضة والأزياء وهنا دعونا نتعرض لذكر شيء من تلك الأضرار التي تعاني منها الكثير من النساء بسبب الهوس واللهاث الدائم وراء الموضة.
موضة الكعب العالي: هناك من النساء من تحب إذا خرجت من بيتها أن تخرج وهي مرتدية للكعب العالي، هذا وتؤكد العديد من الدراسات العلمية أنه سبب رئيسي لتشويه العمود الفقري، وعظام الساقين، وخشونة الركبتين، وآلام التواء الكاحل، فضلًا عن حرمة ارتدائه إذا عُدّ من التبرج الذي نهى الله عنه، أو إذا كان بداعي لفت نظر الرجال الأجانب، أو كان موجبًا للفتنة. موضة حقائب الظهر غير الصحية للأطفال: من المؤسف أن الموضة تعدت الكبار وأصبحت تسيطر على عقول الأطفال، فأصبح الطفل لا يرضى إلا بالموضات العصرية، أمثال حقيبة الظهر، والتي يحمل فيها الكتب والطعام والأجهزة اللوحية وغيرها، فيشكّل ذلك ثقلًا خطيرًا وبليغًا على العمود الفقري والرقبة وعظام الكتفين. موضة الملابس الضيقة للنساء والرجال: أمثال سراويل الجينز وغيرها، والتي تلتصق بشكل مباشر على الجسم، فهي لاتسمح للإنسان بالحركة بالشكل الطبيعي، لذا قد تكون سببًا رئيسيًا لأمراض الحساسية، والتهابات الجسم، وتهييج الجلد، فضلًا عن حرمة لبسها دينيًا إذا كانت تثير الريبة والافتتان بين الجنسين. موضة النظارات الشمسية: يجب أن تكون النظارة حامية للعينين من الأشعة فوق البنفسجية الخطيرة على العين، وليس فقط من أشعة الشمس، لذا ينبغي شراء النظارة التي تحمي العينين وتريحها، وإلا ستكون النظارة ضارة حتمًا للعينين؛ بل على العكس ستكون أضرارها أكثر من فوائدها. موضة التقليد الأعمى: ذلك أن أكثر ما تُنتجه الشركات العالمية من ملابس وإكسسوارات هي مصممة لبيئة مختلفة تمامًا عن بيئتنا العربية والإسلامية، فليس من الصحيح شراء الملابس القصيرة أو الممزقة التي ترتديها بعض النساء والرجال، واليوم هناك الكثير من الأزياء التي تُباع في الأسواق تثير الضحك والسخرية، ولكن عندما يسوّق لها بذكاء وفطنة ودهاء تجاري تتحول إلى ملابس عصرية، وموضات ساحرة، ومحلًا للاحترام والتقدير والإعجاب.تلك هي بعض أضرار الموضة ومفاسدها على المجتمع، وعلى الأسرة والمجتمع اليوم الانتباه والتفكير جيدًا وخاصة فيما يجب شراؤه من الأسواق المحلية والعالمية، وعدم الانجرار وراء الموضة وإعلاناتها الزائفة، والتعرّف على أضرارها الجسيمة على الأسرة والمجتمع، وأن يعلم الجميع أن جمال الأخلاق والروح والسلوك والعقل أهم من الجمال الشكلي والمظهري للإنسان.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تظاهرات مناهضة للعنف بحق النساء تعم فرنسا
باريس"أ ف ب": دعت أكثر من 400 منظمة وشخصية فرنسية إلى التظاهر اليوم رفضا للعنف ضد النساء، في ظل صدمة كبيرة في البلاد أحدثتها محاكمة مرتبطة بجرائم اغتصاب متسلسلة بحق امرأة كان زوجها يخدّرها لعشر سنوات.
وفي مرسيليا بجنوب فرنسا، تجمع نحو 800 شخص، بحسب السلطات، بينهم عدد كبير من الشباب، في الميناء القديم للتنديد بالعنف الجنسي.وكُتبت شعارات على لافتات حملها المتظاهرون أو على الأرض جاء فيها "دعونا نكسر قانون الصمت" أو "لا تعني لا".
ومن المقرر تنظيم تظاهرات في عشرات المدن، بما فيها باريس، قبل يومين من اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة غدا الاثنين.
وتقام حركة التعبئة هذه ضد جميع أشكال العنف (الجنسي والجسدي والنفسي والاقتصادي...) هذا العام في سياق خاص، مع استمرار محاكمة حوالى خمسين رجلا متهمين باغتصاب جيزيل بيليكو عندما كانت فاقدة للوعي إثر تخديرها من دون علمها من جانب زوجها في قرية مازان الصغيرة في جنوب فرنسا.
وأكدت أماندين كورمييه، من منظمة ("الإضراب النسوي") خلال مؤتمر صحافي الأربعاء في باريس، أن هذه المحاكمة التي تحظى بصدى دولي، والتي يبدأ الاثنين توجيه الاتهام خلالها على مدى ثلاثة أيام، "تُظهر أن ثقافة الاغتصاب راسخة في المجتمع، مثل العنف ضد المرأة".
وأضافت "العنف الذكوري يحدث في كل مكان، في المنازل، في أماكن العمل، في أماكن الدراسة، في الشارع، في وسائل النقل، في مؤسسات الرعاية الصحية، في كل مكان في المجتمع".
ووقّع الدعوة للتعبئة أكثر من 400 منظمة وشخصية، بينهم المغنية أنجيل والممثلة والمخرجة جوديث غودريش.
وفي نوفمبر 2017، بعد أشهر قليلة من وصوله إلى الرئاسة الفرنسية، أعلن إيمانويل ماكرون أن المساواة بين النساء والرجال هي "القضية الكبرى" لولايته الممتدة خمس سنوات، مع "ركيزة أولى" هي النضال "من أجل القضاء التام على العنف" ضد النساء.
كما خُصص رقم للطوارئ هو 3919 للنساء ضحايا العنف ومن حولهنّ، بالإضافة إلى أرقام هواتف للإبلاغ عن المخاطر الجسيمة وأساور لإبعاد النساء عن معنّفيهن.
وقد رحبت جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة بهذه الإجراءات لكنها اعتبرتها غير كافية، مطالبة بميزانية إجمالية قدرها 2,6 مليار يورو سنويا و"قانون إطاري شامل" ليحل محل التشريع الحالي الذي تعتبره "مجزأ وغير كامل".
في بداية نوفمبر، وعدت وزيرة الدولة لشؤون المساواة بين الجنسين سليمة سا بأنها ستعلن "تدابير ملموسة وفعالة" بحلول 25 نوفمبر.
وأضافت أن هذه التدابير تهدف، من بين أمور أخرى، إلى "تحسين أنظمة" الوصول إلى الضحايا، خصوصا في المناطق الريفية، وتعزيز "استقبال الضحايا ورعايتهن".