دق جرس جناح الشاعر الكبير نزار قبانى فاسْتَأْذَنَ  فى أن يفتح باب جناحه ثم جاء وخلفه جرسون فندق الهليتون يجر عربه شاى عليها مشروبات ساخنة من القهوة والشاي وعليها أيضا زجاجتان من المياه المعدنيه وبعض انواع من الكعك والبسكوت واطباق صغيرة وكؤوس وأكواب نظيفه.

شكر الشاعر الكبير  نزار قبانى الجرسون  فاستأذن منصرفا بابتسامة ودودة.

. أشار إلى فنجان قهوة ساخن  لكى اتناوله وكنت قد قلت له عندما أصر على ان اتناول مشروبا أريد فنجان من القهوه الساده.. بعدئذ، أستكملت معه حوارى وكنت قد سألته من قبل عما يقصده من مقولته الشهيرة أن الإنسان يعيش مصادفة ويموت مصادفة؟

صَدَرَتْ عَنْهُ  تَنْهِيدَةٌ  وقد انخفض صوته وقال بهدوء شديد: الموت لا يحدث بِأَرَادَتِنَا ولو كان بِأَرَادَتِنَا ما مات أحد.. أنا أتعامل معه بموضوعية باعتباره شيئا لابد منه..  شيء قادم.. ولم يخلد أحد في التاريخ..  صدقنى  لا يشغلني ولا يشغل بالي كثيرا.. أسمع، طالما أنا أكتب.. أحرك أصابعي.. أنتج.. اخرج كتابا.. فأنا أولد من جديد.

واستكمل: لعلك تعرف ما حدث في الأمسيه الشعرية بمعرض الكتاب التى تمت مؤخرا.. حضرها حوالي سبعه آلاف مستمع.. فى هذة الندوة شعرت أنى أولد من جديد.. هذا ما يحدث دائما في حالات الخلق.. عندما  تخلق شيئا على الورق او تلقى قصائدك في مكان عام تتجدد قدرتك على الحياة.. الشعر هو التحدي الكبير للموت.. الموت لا يخاف إلا من الشاعر!.

قلت له وقد علت علامات الدهشة على وجهى وبماذا تقصد من تعبيرك  ان الموت لا يخاف الا من الشاعر؟.. أبتسم وقد ارتفع صوته بقوة وهو يقول: نعم.. الموت لا يخاف الا من الشاعر لأن الشعر أكبر من الموت.. زمنيا باق أكثر..أنظر.. شاعر مثل أبو الطيب المتنبي.. هذا شاعر عربي من العصر العباسي، يعد واحدا من أعظم الشعراء العرب على مر العصور وأحد مفاخر الأدب العربي له اكثر..  أَكْثَرَ مِنْ الفِ وَمِائَتَيْنِ عام..   هل تقول أن المتنبي مات.. لا..هو مات بيولوجيا لكن لم يمت فكرا.. كذلك الشعراء فى كل مكان.. وِلْيَمْ شكسبير.. دانتي.. شارل بودلير.. آرثر رامبو.. كلهم باقون.

 المتنبي الشاعر  تذكره كل يوم..  تلتقط بيتا من أبيات شعره..  أبيات شعره موجودة على موائدنا..  في اجتماعاتنا.. فوق أرصفتنا.. في مكاتبنا.. ولذلك يوجد موت مستحيل.. وهو موت الشعراء وأيضا المشاهير..أما موت الخلايا.. فهو موت كل البشر..يا سيدي القصيده هي الخالدة.

بعد أن التقط أنفاسه وعاد إليه الهدوء بعد انفعاله الشديد  سألته: وهل يشغل بال  الشاعر الكبير الحياة الآخرة؟.. أجاب بطريقته الشامية الجميله بأنه لا يفكر في الحياة الآخرة، ثم قال وهو يؤكد على كلامه: أنا لا أشغل بالى بها.. صعب...رغم أننى أؤمن بنظرية التناسخ أو التقمص.. دورة  الحياة..انتقال  الحياة من كائن لكائن.. واحد يموت يطلع كائن آخر.. ربما من جسده.. شجرة تسقط تطلع أغصان جديدة خضراء.. وردة تموت تطلع منها وردة أخرى.. سلسلة من الولادات تنتصر دائما على الموت.. فيها تتجدد الحياة.

سألته  وقلت له أعرف أيضا انك ضد الوظيفة أليس هذا صحيحا؟.. ضحك الشاعر الكبير وقد امتلأت ملامح وجهة بهجة من سؤالى.

 

بإذن الله الأسبوع القادم أكمل حوارى مع  نزار قبانى  أكبر شاعر عربى كتب شعرا فريدا عن المرأة والحب

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نزار قباني فنجان قهوة الشاعر الکبیر الموت لا

إقرأ أيضاً:

الشارقة تحتفي باليوم العالمي للشعر

الشارقة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة منتدى أبوظبي للسلم ينظم إفطاره السنوي النائب العام للاتحاد: نستذكر الإرث الإنساني للشيخ زايد

أقام بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية مساء الثلاثاء احتفاء باليوم العالمي للشعر، شارك فيها الشعراء د.عائشة الشامسي من الإمارات، د. محمد سعيد العتيق من سوريا، ويوسف عبدالعزيز من الأردن، وقدمها رغيد جطل، وحضرها الشاعر محمد عبدالله البريكي، مدير البيت، وحشد من جماهير الشعر، ومن النقاد والأكاديميين والشعراء.
افتتح القراءات الشاعر الدكتور محمد سعيد العتيق، بأبيات أهداها إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، وإمارة الشارقة التي أصبحت وجهة للشعراء. ثم قرأ مقطوعات شعرية تحمل رسائل إنسانية إلى الجد والجدة «الساكنان الغمام» والأب والأم «الساكنان دمي» وغيرها من المقطوعات.
تلته الشاعرة الدكتورة عائشة الشامسي، فقرأت نصوصاً تجلّت في روحانيات تشكّلت من نسيج إيمان القلب، ونورانية الوحي، فقرأت «بردة المعنى». ثم قرأت للذات المسافرة عبر الأنهار والبحار، وهي تحمل حقيبة القصيدة، عابرة بها مدن الخيال، وضفاف المعنى، لتعود من تعب هذه الرحلة. 
واختتم القراءات الشاعر يوسف عبدالعزيز، الذي تميّزت نصوصه بالرمزية العالية، والمعاني العميقة التي تحتاج إلى تأمل في فضاءاتها المحلقة، وتنوعت في شكلها بين العمودي وشعر التفعيلة. وفي ختام الأمسية، كرّم الشاعر محمد البريكي، الشعراء ومقدم الأمسية.

مقالات مشابهة

  • الشارقة تحتفي باليوم العالمي للشعر
  • نجم سعد السعود
  • نزار بركة : مستوردو رؤوس الماشية ربحوا 13 مليار سنتيم على حساب المواطنين
  • الشارقة تحتفي بـ"اليوم العالمي للشعر"
  • عمر الأميري.. شاعر الإنسانية المؤمنة
  • نجم الشولة
  • إعلان الفائزين بمسابقة النخلة بألسنة الشعراء
  • حمادة هلال: أعداء النجاح ينتقدون طلاسم المداح والممثل أكتر واحد لازم يخاف
  • خيري رمضان لـكلّم ربنا: ابنى عاد من الموت بعد بكائي ولما فتح عينيه رجعت ليا الحياة
  • نجم الهنعة