قراءة في زيارة كيم إلى روسيا: رسائل كثيرة باتجاهات متعددة
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
ستة أيام قضاها زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في روسيا، وزار خلالها منشآت عسكرية ومدنية روسية عدّة، أثارت حفيظة الغرب.
بعد تلك الزيارات توّجه كيم إلى مناقشة عميقة مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، خلصت إلى الاتفاق على تعزيز التعاون العسكري، فاعتُبرت من الطرفين على أنّها "ذروة جديدة" للعلاقات بينهما.
زيارة كيم إلى روسيا ليست الأولى، فقد زارها في العام 2019، لكنّ الفرق بين الزيارتين كبير في الشكل وفي المضمون: خلال الزيارة الأولى كان بوتين على علاقة طيبة مع الغرب نسبياً، وكان اجتماعه بالزعيم الكوري باعتباره "وسيطاً" مهمته "تنفيس احتقان" بين كوريا الشمالية والغرب.
يومها أيضاً، كانت علاقة كيم بالولايات المتحدة تقترب من تنظيم "قواعد الاشتباك"، خصوصاً في ظلّ سياسة الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب.
أمّا اليوم، فتأتي الزيارة على عكس ذلك تماماً.. علاقات روسيا بالغرب معدومة، وتفصلهما الآلاف من العقوبات والقطيعة شبه التامة مع منسوب مرتفع من التوتر والتحدّي، خصوصاً في ظل الإدارة الديمقراطية للرئيس جو بايدن، التي اعتبرت أنّ الزيارة موجه ضدها وتستهدفها في منطقة آسيا.
خلال تلك الزيارة، تفقّد الزعيم الكوري الشمالي:
- القاذفات الاستراتيجية الروسية ذات القدرة النووية.
- الصواريخ فرط الصوتية.
- السفن الحربية.
وأجرى خلالها محادثات مع الزعيم الروسي في قاعدة "فوستوتشني" الفضائي، حيث ناقشا مسائل عسكرية من بينها الحرب في أوكرانيا، التي اعتبرها كيم "معركة مقدسة" من أجل الدفاع عن سيادة موسكو ومصالحها، وكانت تلك إشارة إلى دعم كوريا لروسيا في هذه الحرب.
أمّا بوتين، فأبدى صراحة اهتمام موسكو بمساعدة كوريا الشمالية، برغم العقوبات، في بناء أقمار اصطناعية فشلت في إطلاقها حتى الآن، وكان هذا بدوره كفيلا بالقول للغرب "إن موسكو ستدعم كوريا الشمالية في مواجهتكم".
هذه النتائج شكّلت صدمة كبيرة للغرب، وخصوصاً واشنطن التي عبّرت عن قلقها من أن تُفضي القمة إلى اتفاق بشأن عقد صفقات أسلحة لدعم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كما حذّرت من أنّ أيّ اتفاق يتعلق بالأسلحة بين البلدين سيؤدي إلى فرض عقوبات.. وكأن العقوبات شيئا جديدا!
من الواضح أنّ الكرملين تعمّد اختيار قاعدة فوستوتشني الفضائية كمكان للقاء الزعيمين، من أجل بعث تلك الرسالة الصريحة إلى الغرب. وقد تُوجّت تلك الرسالة بالفعل بكلام واضح لبوتين الذي قال: "إنّ موسكو ستساعد بيونغ يانغ في إطلاق الأقمار الاصطناعية.. ولهذا السبب جئنا إلى هنا".
هذا في الشكل، أمّا في مضمون الزيارة، فيمكن اختصار نتائجها بالنقاط العشر التالية:
1- عزّزت الزيارة التحالف بين الطرفين في مواجهة الولايات المتحدة ومساعيها من أجل تشكيل "ناتو آسيوي" مع اليابان وكوريا الجنوبية.
2- أعطت دفعاً للتحالف الثلاثي (الصين، روسيا، كوريا الشمالية)، في مواجهة رباعية "كواد" (الهند، الولايات المتحدة، أستراليا، اليابان).
3- أظهرت أنّ الصين وروسيا قادرتان على "لجم" كيم ساعة تشاءان، أو إطلاق العنان له من أجل إثارة الاضطرابات في آسيا والمحيط الهادئ.
4- الزيارة وجهت رسالة قاسية إلى مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة، ومفادها أنّ روسيا قادرة على انتهاك العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ في المجلس المذكور، وأنّ هذا الانتهاك ليس حكراً على الولايات المتحدة حصراً عند الجدّ.
5- جاءت الزيارة كردّ فعل على زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لفيتنام التي استفزت الصين، خصوصاً أن فيتنام لا تريد أن تكون جزءاً من مبادرة "الحزام والطريق"، وتطمح لأن تكون جزءاً من "الممر الاقتصادي" الذي أعلنت عنه واشنطن والرياض ونيودلهي وأبو ظبي في قمة مجموعة العشرين الأخيرة في الهند.
6- الزيارة خلقت للرئيس بوتين "وضعاً مريحاً"، جعله يخاطب الغرب بلسان يقول: إذا أردتم تجنّب الاضطراب والمتاعب من دولة قوية ومزاجية وربّما نووية، تعالوا إلينا في روسيا والصين.
7- الزيارة ستكون طبقاً دسماً على مائدة المفاوضات التي ستجمع بوتين بالرئيس الصيني شي جينبينغ بين 27 و29 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وذلك خلال احتفالية السنوات العشر على انطلاق مبادرة "الحزام والطريق".
8- الزيارة انطوت على اتفاق تقوم بموجبه كوريا بتزويد روسيا بالأسلحة، وهي عبارة عن ذخائر خفيفة وملايين القذائف المدفعية السوفييتية التي تمتلك منها كوريا الشمالية كميات هائلة وتحتاجها موسكو الآن، في حين تعفي نفسها موسكو من أعباء تصنيع أسلحة بسيطة كهذه وتلتفت إلى الصناعات العسكرية الأكثر ثقلاً وأهمية.
9- تعهدت روسيا بتطوير جيش كوريا الشمالية وتحديث صناعاتها العسكرية ، خصوصاً الأقمار الصناعية الخاصة بالتجسّس والغواصات النووية، وتكنولوجيا الصواريخ والوقود الدافع الصلب للمقذوفات الباليستية العابرة للقارات، إلى جانب مساعدته في التغلّب على أزمة الغذاء ونقص الإمدادات نتيجة العقوبات.
10- ردت موسكو على عزلة الغرب لها، بفك عزلة أكبر خطر قد يهدّدها، ويهدّد خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في آسيا، ومن خلال "استراتيجية مواجهة" جديدة تقفز من فوق قرارات الأمم المتحدة، التي بدت في بعض المواقف غير محايدة ومنحازة إلى المحور الغربي.. وهذا في نظر موسكو الخطوة الأولى في طريق "النظام العالم الجديد".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كوريا روسيا بوتين علاقات روسيا كوريا علاقات بوتين كيم جونغ اون مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة کوریا الشمالیة من أجل
إقرأ أيضاً:
روسيا تسيطر على بلدتين أوكرانيتين ورئيس وزراء سلوفاكيا يزور موسكو
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها سيطرت على بلدتين إحداهما في منطقة خاركيف والأخرى بمنطقة دونيتسك في أوكرانيا، في حين أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات مع رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو، أثناء زيارة لموسكو لم يعلن عنها مسبقا.
وقالت الوزارة في بيان -أمس الأحد- إن القوات الروسية سيطرت على بلدة لوزوفا القريبة من بلدة كوبيانسك شمالي منطقة دونيتسك، مع استمرار الضغط الروسي في الأسابيع القليلة الماضية على بلدات وقرى بالمنطقة، كما استولت القوات الروسية على قرية سونتسيفكا شمالي كوراخوف.
وكثفت موسكو في الأيام الماضية محاولاتها للسيطرة على مدينتين في منطقة دونيتسك، كما حققت قواتها تقدما مطردا في منطقة دونيتسك، وتتحرك نحو بلدات بوكروفسك، التي تمثل مركزا لوجيستيا وموقعا لمنجم مهم للفحم، وتقترب على ما يبدو من كوراخوف.
ولم تشر هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني إلى سقوط قرى جديدة في أيدي الروس، لكنها قالت إن قرية سونتسيفكا كانت في قطاع تعرض إلى 26 هجوما روسيا خلال الساعات الـ24 الماضية.
كما ذكرت هيئة الأركان العامة أن قتالا عنيفا وقع بالقرب من بوكروفسك، مع 34 محاولة روسية لاختراق الدفاعات الأوكرانية.
إعلان بوتين يتوعد كييفوأمس الأحد، توعد بوتين بإلحاق مزيد من "الدمار" بأوكرانيا عقب هجوم بطائرات مسيّرة طال برجا سكنيا شاهقا بمدينة قازان الواقعة على بُعد نحو ألف كيلومتر من الحدود الروسية الأوكرانية.
وقال بوتين -في كلمة متلفزة- "أيا كان ومهما حاولوا التدمير، سيواجهون دمارا مضاعفا، وسيندمون على ما يحاولون القيام به في بلادنا".
واتهمت موسكو كييف بالوقوف خلف هجوم السبت الذي أصاب مبنى شاهقا في قازان. وأظهرت لقطات فيديو، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، مسيّرة واحدة على الأقل ترتطم بالمبنى الزجاجي الفخم، مما تسبب باندلاع كرة لهب ضخمة، دون أن تعلن السلطات عن سقوط ضحايا.
يشار إلى أن استهداف مدينة قازان، عاصمة جمهورية تتارستان الغنية بالنفط، يعد تطورا لافتا بسبب بعدها الكبير عن الحدود الأوكرانية.
ويشير الهجوم الأوكراني إلى تصاعد الصراع خارج نطاق الجبهات التقليدية، حيث تُظهر كييف استعدادها لاستخدام أسلحة بعيدة المدى لضرب العمق الروسي.
وكان الجيش الأوكراني أعلن أمس الأحد أن دفاعاته الجوية تمكنت من إسقاط 52 طائرة مسيّرة من أصل 103 أطلقتها روسيا الليلة الماضية، وتسببت في أضرار بمنشآت ومبان سكنية بمناطق خيرسون وميكولايف وتشرنيهو وسومي وزهيتومير والعاصمة كييف.
وأضاف الجيش الأوكراني -عبر تطبيق تليغرام- أنه فقد أثر 44 طائرة مسيّرة وأن طائرة واحدة غادرت المجال الجوي الأوكراني إلى روسيا البيضاء، فيما ضرب حطام إحدى المسيّرات التي جرى إسقاطها سطح مبنى متعدد الطوابق في كييف مما تسبب في اندلاع حريق.
زيارة مفاجئةمن ناحية أخرى، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -أمس الأحد- محادثات في الكرملين مع رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو الذي يعد من القادة الأوروبيين القلائل الذين حافظوا على علاقة ودية مع الزعيم الروسي بعد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.
إعلانوظهر الرئيسان في لقطات مصورة وهما يبتسمان ويتصافحان بعد ساعات قليلة على توعد بوتين لأوكرانيا بردود قاسية ردا على الهجوم الأوكراني بالمسيّرة الذي استهدف مدينة قازان الروسية التي تبعد ألف كيلومتر عن الحدود الأوكرانية.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف ردا على سؤال صحفي إن زيارة رئيس الوزراء السلوفاكي، التي لم يعلن عنها رسميا، كانت مبرمجة منذ بضعة أيام.
ونقلت وكالة تاس الروسية عن بيسكوف قوله لاحقا إن اللقاء انتهى، وإن الأطراف لن تصدر إعلانا مشتركا بشأنه.
وكان بيسكوف أشار إلى احتمال أن تتطرق المحادثات إلى مسألة ضخ الغاز الروسي عبر خطوط أنابيب أوكرانية.