إيران ومصر.. هل تتغلب رغبة التطبيع الرسمية على التحديات؟
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
طهران- رغم الجمود والتوتر اللذين سادا العلاقات الإيرانية المصرية عقب انتصار الثورة الإيرانية فإن الرغبة في تطبيع العلاقات ظلت تراود طهران طوال العقود الماضية، في حين شكلت الوساطات الإقليمية منذ عام منعطفا في مسار ردم الهوة بين أكبر قوتين بالمنطقة.
وبعد الوساطة العراقية عُقد اجتماعان بين ممثلين عن الجانبين الإيراني والمصري في بغداد مطلع العام الجاري، وساهمت الوساطة العمانية وزيارة سلطان عُمان هيثم بن طارق إلى طهران في مايو/أيار الماضي في سرعة ذوبان الجليد في العلاقات السياسية بين البلدين.
وكان المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي قد رحب خلال استقباله السلطان هيثم بن طارق باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع مصر.
وتحدثت تقارير إيرانية خلال الأشهر الأخيرة عن اقتراب تطبيع العلاقات السياحية بين طهران والقاهرة، وذلك في ضوء التطورات السياسية في المنطقة، منها الاتفاق الإيراني السعودي على استئناف العلاقات بينهما، ويهدف هذا التطبيع السياحي إلى تعزيز التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
ترحيب رسميوفي السياق، كشف أمين اتحاد مكاتب خدمات السفر بمحافظة خراسان الرضوية شمال شرقي إيران فرهاد دوائي عن إبرام مذكرة تفاهم بين اتحادات مكاتب خدمات السفر الإيرانية والمصرية بوساطة عراقية، لتسيير رحلات سياحية من إيران إلى شرم الشيخ بحلول أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وبعد مرور أيام قليلة فقط على نجاح الوساطة القطرية في تبادل السجناء بين إيران وأميركا التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ونظيره المصري سامح شكري الأربعاء الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لتتجه الأنظار في طهران مجددا إلى الوساطات الإقليمية وقدرتها هذه المرة على إحداث نقلة نوعية لاستعادة العلاقات بين البلدين.
وعقب اللقاء عبرت طهران رسميا عن رغبتها في تطبيع العلاقات مع مصر، إذ أكد عبد اللهيان تطلع بلاده إلى تطوير علاقتها مع القاهرة وإعادتها إلى مسارها الطبيعي، فيما كشف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي -خلال مؤتمر صحفي في نيويورك- أن بلاده أبلغت مصر أنه لا توجد مشكلة في إقامة العلاقات، معتبرا أن اللقاء الأخير "قد يمهد الطريق لاستعادة العلاقات".
وكانت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قد قُطعت عام 1980 بسبب نجاح الثورة الإيرانية ولجوء الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي إلى القاهرة، وتفاقم تدهور العلاقات بعد اتفاق كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب، وتم استئناف العلاقات عام 1991 على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح.
ومنذ تبني الحكومة الإيرانية الحالية سياسة توطيد العلاقات مع دول المنطقة ظهر أول المؤشرات بشأن تحسين العلاقات الدبلوماسية بين طهران والقاهرة، وأخذ منحى تصاعديا عقب لقاء وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة الذي عقد في الأردن ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويمثل لقاء وزيري خارجية إيران ومصر "خطوة أولية مباركة في سبيل تذليل العقبات والارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء"، وفق النائب البارز في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني فدا حسين مالكي الذي توقع أن تتبعها زيارات مكوكية لوفود سياسية واقتصادية وسياحية بين البلدين في المحطة الثانية لمسار التطبيع.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح النائب الإيراني أن لقاء عبد اللهيان وشكري سوف يسرع وتيرة تطبيع العلاقات بين بلديهما، وعبر عن أمله في أن يجتمع الرئيسان الإيراني والمصري خلال الخطوة الثالثة للإعلان عن إقامة العلاقات الشاملة وتبادل السفراء بين البلدين.
وخلص مالكي إلى أن الرغبة في الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين إيران ومصر موجودة على صعيد الجهات الدبلوماسية والبرلمانية، لكن لا يمكن الحديث عن قرب حسم جميع الملفات العالقة في الوقت الراهن، لأن هناك من يسعى حثيثا لعرقلة التقارب بين الحضارتين العريقتين الفارسية والمصرية.
ورغم المساعي الحثيثة التي تبذلها جهات برلمانية وحديث الخارجية الإيرانية عن "آفاق جديدة في العلاقات مع القاهرة" فإن مراقبين في الجمهورية الإسلامية يرون أن التفاؤل الرسمي "مبالغ فيه"، لأن العلاقات الإيرانية المصرية تحكمها إشكالات وتحديات حقيقية على المستويين الإقليمي والدولي، ناهيك عن معارضة بعض الأوساط الداخلية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الباحث في معهد الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية علي نجات أنه على الرغم من موقف المرشد الإيراني من إقامة العلاقات مع القاهرة وتحييده معارضة صقور المحافظين الذين يعتبرون تطبيع العلاقات مع القاهرة طعنة في ظهر القضية الفلسطينية فإن الأوساط الأمنية المصرية لا تزال ترفع شماعة التحديات المحتملة في وجه المؤسسات الرسمية الراغبة بمواكبة موجة خفض التصعيد في المنطقة.
ويلقي نجات الكرة في ملعب الأجهزة الأمنية المصرية التي تنظر إلى الجانب الإيراني عبر نظارة متشائمة انطلاقا من احتمال نفوذ طهران على الأقلية الشيعية والتيارات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين في مصر، وتحويل صحراء سيناء إلى معقل للحركات الفلسطينية القريبة من إيران مثل الجهاد الإسلامي وحماس.
آفاق العلاقةواعتبر الباحث الإيراني أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يحظى بتأثير كبير على مسار العلاقات بين طهران والقاهرة، ويرى أن أي تقارب حقيقي بينهما يهدد أمنه القومي، مضيفا أن الاقتصاد المصري المتدهور يجعل بعض الأطراف الخارجية في مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة تفرض ضغوطا على الجانب المصري ومستوى علاقاته مع طهران لموازنة القوى بالمنطقة.
بدوره، يخلص برسام محمدي الخبير في الشؤون الإقليمية في مقاله تحت عنوان "آفاق وتداعيات عودة العلاقات بين إيران ومصر" -الذي نشره على موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية- إلى أن "الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني والمراكز والتيارات القريبة من الوهابية لا تتفق مع تحسين العلاقات بين طهران والقاهرة، وتقيّمها ضد مصالحها الإقليمية"، على حد قوله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العلاقات الدبلوماسیة إقامة العلاقات تطبیع العلاقات العلاقات بین بین البلدین عبد اللهیان العلاقات مع إیران ومصر مع القاهرة
إقرأ أيضاً:
الآثار الأردنية: النقش الفرعوني المصري المكتشف بالأردن دليل على العلاقات التاريخية بين البلدين
أشادت وزيرة السياحة والآثار الأردنية لينا عناب، بالعلاقات بين مصر والأردن في مختلف المجالات ومنها القطاع السياحي والأثري، مؤكدة أن القاهرة وعمان يعملان سويا ودائما على تعزيز وتطوير هذه العلاقات بما يعود بالنفع على البلدين الشقيقين.
وقالت لينا عناب، في حوار لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، إن الكشف الأثري المكتشف والخاص بالملك رمسيس الثالث في المنطقة الواقعة جنوب شرق محمية وادي رم بجنوب الأردن، يتمثل في نقش هيروغليفي فرعوني ملكي يحمل ختما ملكيا (خرطوش) يعود للملك المصري رمسيس الثالث (1186- 1155) قبل الميلاد.
ووصفت عناب، هذا الاكتشاف بأنه مهم للغاية، كونه أول نقش فرعوني يتم اكتشافه على الأراضي الأردنية، مؤكدة أن هذا الاكتشاف يحمل دلالة كبيرة، ويعد دليلا ماديا على العلاقات التاريخية بين مصر الفرعونية والأردن، ومنطقة الجزيرة العربية بشكل عام.
وأكدت وزيرة السياحة والآثار الأردنية أن هذا الاكتشاف يشكل شاهدا جديدا على عمق التراكم الحضاري في الأردن، ودلالة على أن الأردن لم يكن فقط ممرا للحضارات، بل موطنا لها أيضا، معتبرة أن هذا الاكتشاف إضافة نوعية للنقوش الموجودة في الأردن.
ونوهت إلى أن هذا النقش يعزز علاقات مصر التاريخية والمعروفة بشبة الجزيرة العربية وبخاصة الأردن، مؤكدا أن هذا النقش الفرعوني دليلا ماديا ومحسوسا لهذه العلاقات التاريخية بين البلدين.
وكشفت أن الوزارة كانت حريصة على أن يتم الإعلان عن هذا الاكتشاف في يوم التراث العالمي ليعزز الحفاظ على التراث الأردني، موضحة أن هذا النقش الفرعوني يعمق علاقة الحضارات التي مرت وسكنت في الأردن.
وشددت على ضرورة نشر الوعي بأهمية التراث وخصوصا مثل هذه الاكتشافات، مشيرة إلى أن الملك رمسيس الثالث ليس متداولا في الحضارات التي مرت بالأردن وبالتالي اكتشافه يمثل إضاءة جديدة على الحضارات في الأردن.
واعتبرت لينا عناب أن الأردن مكتبة مفتوحة ولديه إرث غني جدا فيما يخص النقوش، حيث يعد النقش الهيروغليفي إضاءة وإضافة مهمة جدا لموضوع التراث الكتابي في الأردن وسنعمل على الاستفادة منه في الترويج للآثار والحضارة في المملكة والمنطقة.
وحول أهمية حضور عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق زاهي حواس احتفالية الإعلان عن هذا الاكتشاف الفرعوني، قالت وزيرة السياحة والآثار الأردنية إن وجود الدكتور زاهي حواس يمثل شرفا كبيرا، مشيرة إلى أهمية التعاون الثقافي والعلمي بين مصر والأردن.
وأعربت عن شكرها لوجود العالم زاهي حواس خلال الإعلان، مؤكدة أن الأردن ومصر يمثلان مهد الحضارات وهو ما تؤكده الاكتشافات المتكررة وخصوصا مثل هذا الاكتشاف الفرعوني الجديد في المملكة.
وشددت على التزام وزارة السياحة والآثار الأردنية ودائرة الآثار العامة الأردنية بمواصلة جهودهما في إبراز التراث الوطني ونقله للأجيال القادمة، وكذلك استمرار البحث عن الآثار وخصوصا في منطقة وادي رم التي وجد بها النقش الفرعوني.
ولفتت عناب، إلى أهمية الحفاظ على التراث والآثار، لأنه لا توجد سياحة دون آثار، مؤكدة أن الحفاظ على الآثار هو السبيل للحفاظ على هويتنا وضمان قدرتنا على دعوة الزوار من جميع أنحاء العالم لزيارة الأردن.
وكشفت وزيرة السياحة والآثار الأردنية أن الإعلان النهائي عن الاكتشاف سيتم بعد الانتهاء من كافة الأبحاث والدراسات التي ستتيح الوصول إلى الوصف الكامل لهذا الكشف الأثري، مشيرة إلى أن الدكتور حواس أكد فرعونية هذا النقش وهو دليل كافي ومؤكد.
وحول الاتفاقية التي تم توقيعها بين وزارة السياحة والآثار الأردنية ومؤسسة زاهي حواس لترميم الآثار، أشادت وزيرة السياحة والآثار الأردنية بهذه الاتفاقية واعتبرتها مسارا جديدا لتعزيز التعاون والشراكة بين مصر والأردن في مجال الآثار، مؤكدة أن توقيع الاتفاقية، يمثل أهمية للآثار والتراث في تعزيز المعرفة، لاسيما وأن الآثار والتراث هي وسيلة مهمة لتعزيز التفاهم المتبادل والعلاقات بين الطرفين.
كما لفتت إلى أهمية هذا التعاون في دعم الجهود الرامية إلى حماية الموروث الثقافي والحضاري في مصر والأردن، باعتباره ركيزة أساسية في بناء الهوية الوطنية، ورافدا مهما للتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن الاتفاقية تنص على تطوير آفاق التعاون في مجال البحث العلمي المتعلق بالآثار والتراث والحفاظ عليهما، وتبادل المعلومات والبيانات المتعلقة بالحفاظ على الآثار والتراث.
وبينت وزيرة السياحة والآثار الأردنية أن الاتفاقية تنص أيضا على تنفيذ برامج تدريب وتأهيل للكوادر البشرية العاملة في مجال الآثار والتراث، وتبادل المعلومات والخبرات في مجالات التنقيب الأثري، والتوعية والتثقيف في مجال الآثار والتراث.
وقالت إن الاتفاقية تنص على تشجيع الطرفين على العمل بأفضل الممارسة العالمية لتحقيق الاستدامة للمواقع الأثرية والتراثية، وتبادل الخبرات في مجال إعداد خطط إدارة المواقع الأثرية والتراثية بما يتناسب مع أهداف التنمية المستدامة، كاشفة أن الجانبين سيعملان على تشكيل مجموعة عمل مشتركة، وتعيين نقاط اتصال لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية، بما يسهم في تعزيز التنسيق وتبادل المعرفة وفق أفضل الممارسات العالمية.
وشددت على أنه بموجب الاتفاقية، ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من تاريخ توقيعها، وتستمر لمدة خمس سنوات، تجدد تلقائيا لمدد مماثلة، ما لم يبد أحد الطرفين رغبته بإنهائها وفق الأطر المتفق عليها، مؤكدة أن هذه الاتفاقية تعمل على بناء جسور التواصل والتعاون مع مصر ومؤسساتها التي تهتم بالتراث والآثار، وفرصة لتعزيز العلاقات التراثية والثقافية بين القاهرة وعمان.
اقرأ أيضاًمن الأردن.. زاهي حواس يعلن عن كشف أثري للملك رمسيس الثالث بوادي رم
الدكتور محمد الحسني: دراسة تؤكد اكتشاف نقوش فرعونية على أرض الحجاز