طرطوس-سانا

امتهنت الحرفية نظمية إسماعيل الحرف والمهن اليدوية التراثية بمختلف أنواعها منذ عام 1992، بهدف الحفاظ على التراث وحضوره في حياتنا اليومية ونقله للشباب والأطفال.

ودخلت إسماعيل عالم الحرف التراثية مع مهنة تفصيل وخياطة الألبسة وحرفة حياكة الألبسة الصوفية، لتكمل رحلة تعلّم باقي المهن مع الخيزران واللوحات المصنوعة من شرانق الحرير، إضافة إلى أطباق القش والرسم على الزجاج وصناعة الإكسسوارات بأنواعها، إضافة إلى التطريز على القماش وإعادة تدوير توالف المنزل والبيئة وفن لف الورق.

والتفتت نظمية بعد ذلك إلى صناعة الفخار لأنه كما بينت خلال حديث مع مراسلة سانا من أهم عناصر الموروث الشعبي السوري، ويحظى بانتشار واسع نظراً لقيمته الصحية في حفظ الأطعمة والأشربة، فتعلمت أصول ومبادئ صناعته عند سيّدة مسنّة في إحدى قرى الشيخ بدر تتقن فن صناعته يدوياً.

ولأن نظمية مدرب معتمد لدى منظمة لطلائع البعث لتعليم حرفتي الفخار والقش ومتطوعة لتدريب الأطفال بالأولمبياد الخاص، فقد سعت لنقل هذه المهن لجميع الراغبين من جيل الشباب والأطفال والسيدات، مع السعي لتوفير فرص عمل من خلال مبادرات مجتمعية مع جهات حكومية ومنظمات وجمعيات أهلية.

نظمية التي تعمل مديرة لسوق المهن اليدوية منذ تأسيسه في الشهر الخامس عام 2021، تقوم حالياً بتدريب نزيلات سجن طرطوس المركزي على مهنة الخياطة بالتنسيق بين جمعية أطفال المحبة لذوي الإعاقة التي تشرف عليها وجمعية رعاية المساجين.

ولم تشغلها مهامها في مجلس إدارة جمعية إحياء التراث بمنطقة الدريكيش، وبفريق مهارات الحياة وبوصفها مديرة للمتطوعين، عن المشاركة بالكثير من المعارض والمهرجانات داخل سورية، منها مهرجان الباسل للإبداع والاختراع عام 2016 عن حرفة الخيزران، ومعرض سوريات يتحدين الأزمات، كما شاركت بإعداد كتيبات عن التراث المادي واللامادي مع باحثين من مديرتي السياحة والبيئة واتحاد الحرفيين.

وتعرض نظمية الصعوبات التي يعاني منها الحرفيون والتي تتمثل في صعوبة تأمين المواد الأولية وتصريف المنتج، وعدم التناسب ما بين التكلفة الفعلية والسعر، ولكنها رغم ذلك تؤكد أنه لا بديل عن الاستمرار بها وتعليمها للآخرين حفاظاً على تراثنا الذي يمثل هويتنا الثقافية الخاصة.

وتأمل نظمية أن تأخذ هذه الأعمال اليدوية التراثية حقها الفعلي ومكانتها الحقيقية عبر زيادة الدعم وتوفير كل ما تحتاجه لتبقى مستمرة تنتقل من جيل إلى جيل.

فاطمة حسين

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

إسماعيل عبدالمعين (2-10): وإذا تفرّق شمل قومك فأجمعن..!

كان إسماعيل عبدالمعين كما هو معلوم مبدعاً غاية الإبداع في تلحين وأداء أناشيد وأهازيج النضال الوطني والتطلّع للانعتاق من ربقة الاحتلال:
صه يا كنار وضع يمينك في يدي (الصاغ محمود أبوبكر)
صرخة روّت دمي (محي الدين صابر)
للعلا...للعلا (خضر حمد)
يقول عبدالمعين عن "صه يا كنار": (سنة 37 ظهر مؤتمر الخريجين..سمع صاحبي مصطفى خليل بأنو الصاغ محمود أبوبكر عمل "صه يا كنار"..شالا وجاني في عطبرة لابس طرطوره وجبته العسكرية..وهو كان شاويش في المدرسة الحربية..قال لي: في هبّة في أم درمان..لحِّن الكلام دا نلحق بيهو الهبّة..أول ما كنا قاعدين في شاطي النيل جاني اللحن دا..رجعت البيت فتشت اللحن في العود..لقيت محلو..ربّيتو وسكّنتو في العود..كان نبداهو ونقول:
صفدونا ليه..صفدونا ليه..؟
غربونا ليه..غربونا ليه..؟
يا بلادي آه.. يا بلادي آه..
يا بلادي ليه؟.. يا بلادي ليه..؟ قبل ما نخش في "صه يا كنار وضع يمينك في يدي".. ولامن لاقيت الصاغ محمود أبوبكر قال لي: دا اللحن الكنت بدوِّر عليهو زمن..وما لاقيهو)..!
ودّع بدمعك من تحب فإنما..
أنا إن دعوتك لن تعيش إلى غدِ
وألحق بقومك في القيود فإنني
أيقنتُ ألا حر غير مقيّدِ..!
**
فإذا وجدت من الفكاك بوادراً
فابذل حياتك غير مغلول اليدِ
وإذا سفرت فكن وضيئاً نيّراً
مثل اليراعة في الظلام الأسودِ
وإذا تبدّد شـمل قومك فاجمعن
وإذا أبوا..فاضرب بعزمة مُفـردِ
صه يا كنار ملحمة نغمية من العيار الثقيل ومن الأعمال الطليعية التي تعبّر بصورة إجمالية خالصة عن الشعور الوطني والاستنهاض عامة بطابع قومي خالص.
في هذه القصيدة العجيبة يتحوّل تحوّل الصاغ محمود أبوبكر إلى "فلكي" حيث يقول إنه أصبح يعرف (أخلاق النجوم):
أنا يا كنار مع الكواكب ساهدٌ... أسرى بخفق وميضها المُتعددِ
وعرفت أخلاق النجوم فكوكبٌ... يهب البيان وكوكبٌ لا يهتدى
وكويكبٌ جمّ الحياءِ وكوكبٌ... يعصى الصباح بضوئه المتمردِ..!
**
وهناك تسجيل رائع لهذه الأغنية الوطنية الباذخة شارك فيه عمالقة من الفنانين: (عبيد الطيب/ أبو داؤود/ احمد المصطفي /عثمان الشفيع /سيد خليفة /صلاح مصطفي/ محجوب عثمان /عبد الماجد خليفة/ يوسف السماني/ وعبدالقادر سالم).
**
وقع في يدي مقال عن "سيد درويش" في ذكراه السادسة والتسعين.. ذلك الموسيقار العجيب الذي يضعه إخوتنا المصريون في عداد بيتهوفن وباخ وموزارت وقبيلهم من الجهابذة الذين أحدثوا انقلابات عبقرية في مسيرة الموسيقى والألحان..فتذكرت كيف نتناسى نحن هنا في بلادنا عبقرياتنا العابرة لحواجز السائد..ونشبعهم سخرية وإهمالاً ونحن جلوس في (ضل الضحي)..!
كان عبدالمعين موسيقاراً بحق...فهو يغرف من الإيقاعات والألحان والميلوديات الشعبية ويخرج بها إلى الدنيا (يأخذها من أفواه (الحبوبات) والرعاة والمزارعين والسواقين والمساعدية والمراكبية والصنايعية والشغيلة والعتّالة، ومن الجلالات والمارشات والفولكلور، ويلتقط الشوارد من صميم البيئة المحلية ويمزجها بأصول الموسيقى وعلومها الحديثة مع إتقان عجيب للعزف والتلحين..!
كل ذلك مع مقدرة فائقة في تلمّس المزاج الشعبي والإفادة الواعية من تنوّع البيئات اللحنية السودانية، مع معرفة وشغف كبير باستلهام التراث ودمج مخرجاته مع العلم الموسيقى والإبتكار الفني، وتوظيف خصائص الآلات الموسيقية بصرامة، ولكن مع رحابة كبيرة في اكتشاف طاقاتها الكامنة..! ولهذا لم يكن من الغريب أن تلفت ألحانه وتوزيعاته وتنويعاته الموسيقية انتباه الآخرين من العوالم الشرقية والغربية..!
**
ما يماثل سيد رويش عندنا وربما يتفوّق عليه هو إسماعيل عبدالمعين..ويقول المصريون عن سيد درويش إن ما فعله بالموسيقى الشرقية هو ذات مافعله (برومثيوس) بالنار، في إشارة لسرقة برومثيوس للنار رمز الحياة والمعرفة من جبال الأولمب حسب الأسطورة..! وقد خطف درويش الموسيقى ووضعها على قائمة الحياة اليومية للشعب، وشيّد بناء الموسيقى المصرية الحديثة وتغني مثل عبدالمعين بالأهازيج الوطنية وأغاني العمل، وعَبَرت موسيقاه وأغانيه وأهازيجه وأوبريتاته وموشحاته وأدواره وطقاطيقه إلى العمال والفلاحين ونساء الحقول والبرّادين والحدادين والسقايين وجرسونات المقاهي وعمال اليومية والتراحيل..!
لا ينقضي النهار إلا وتكون على ألسنة الأهالي في كل مكان؛ غناءً وسمراً..فما أسرع أن تصبح افتتاحيات أغنياته في كل الأفواه، أشجان وتنغيمات وهتافات وطنية..وقد كان عبدالمعين على ذات النسق من حيث واستلهام الهموم الشعبية والوطنية والأنغام التراثية التي تتعدد فيها الأصوات والخطوط اللحنية والهارموني..إلخ
أين عبدالمعين من ها الاعتبار.. وسيد درويش في المناهج وفي تماثيل الميادين والساحات، واسمه على المسارح والقاعات و الشوارع والأحياء والحدائق وذكراه تتردد كل يوم في الأفلام والبرامج والحوارات والمنتديات .؟!
**
ومثلما كان سيد درويش تعبيراً فنياً عن مناخات ثورة 1919 الشعبية في مصر، كان عبدالمعين في بعض جوانب إبداعه تعبيراً عن الحركة الوطنية التي كان يمثلها آنذاك (مؤتمر الخريجين)...!
أما دعوة إسماعيل عبدالمعين الفنية الموسيقية الغنائية إلى (الهوية السودانية الجامعة) فهذا معترك آخر..كان فيه عبدالمعين الحادي الأمين..والفارس الذي لا يدرك مسابق غبار فرسه..!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • محمد فاروق : يجب وضع خطة وهدف أن يكون ٢٠٢٥ عام السياحة التراثية والكلاسيكية
  • إسماعيل عبدالمعين (4- 10): دار أبويا ومتعتي وعجني !!
  • محافظ القليوبية: نتوسع في الصناعات الحرفية لتوفير فرص عمل جديدة
  • كنوز الحرف اليدوية لسفارة البيرو بقاعة صلاح طاهر فى الأوبرا
  • إسماعيل عبد المعين (3-10) الجوع والمسغبة والصولفيج..!
  • مدير تراث القاهرة: كتاب القاهرة التراثية مرجع شامل لتاريخ المدينة
  • انطلاق مؤتمر «الأمن السيبراني وتعليم الكبار» بجامعة عين شمس
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … على شفير «الحرف»
  • إسماعيل عبدالمعين (2-10): وإذا تفرّق شمل قومك فأجمعن..!