كشفت الأمم المتحدة عن وفاة أكثر من 5 آلاف ليبي بسبب الفيضانات وما زال هناك أكثر من 10 آلاف مفقود.

ولعب عدم الاستقرار السياسي، وعقود من الحرب الأهلية، والبنية التحتية السيئة، وأنظمة الطوارئ الضعيفة، دوراً في المأساة التي تكشفت في المنطقة الشرقية من الجبل الأخضر. وبحال إضافة تغير المناخ إلى القائمة، فتعتبر نتيجة العاصفة هي الأكثر دموية والأكثر تكلفة على الإطلاق في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

مادة اعلانية

ستستمر كل هذه القضايا في التأثير على تعافي ليبيا من الكارثة، ومن المرجح أن تجعل من الصعب على البلاد الاستعداد لارتفاع درجات الحرارة والجفاف والأمطار الغزيرة المقبلة. إن الحالة الهشة للمؤسسات في البلاد تجعل من الصعب الاستفادة من أموال الإغاثة المناخية، حتى مع توفر المزيد من الدعم من خلال البرامج الدولية.

المغرب العربي قضاء وقدر أم إهمال للسدود.. الجدل يستعر في ليبيا

شهدت قمة المناخ "COP27" التي انعقدت في العام الماضي إنجازا تاريخيا لإنشاء صندوق لتغطية الخسائر والأضرار لمساعدة البلدان الفقيرة المتضررة من التغير الجوي القاسي. لكن لم يبدأ العمل على هذا الصندوق بعد، ومن الصعب تحديد مصادر جاهزة للدعم في أعقاب أكبر كارثة مناخية في ليبيا.

وبحسب تقرير لـ"بلومبرغ" اطلعت عليه "العربية.نت"، سوف تضرب درجات الحرارة المرتفعة المجتمعات الأقل استقرارا في العالم بقوة شديدة. لقد أصبحت الفيضانات أكثر شدة، مع ظهور الكوارث بشكل مفاجئ، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الغلاف الجوي يحمل كمية إضافية من بخار الماء بنسبة 7% مقابل كل درجة مئوية من الانحباس الحراري.

لقد ارتفعت درجة حرارة في ليبيا بالفعل خلال الفترة الأخيرة، ببنيتها التحتية الضعيفة، بما يزيد على درجة واحدة منذ عام 1900. وإذا ظلت انبعاثات الغازات الدفيئة دون تغيير، فإن متوسط درجات الحرارة في البلاد سوف يرتفع بنحو 2.2 درجة مئوية بحلول عام 2050، وأربع درجات مئوية بحلول نهاية هذا القرن.

ورصد خبراء الأرصاد الخطر الذي يهدد ليبيا قبل ثلاثة أيام من وقوع العاصفة نفسها التي أحدثت دماراً في اليونان. لكن أيام الترقب لم تمنع وقوع الكارثة. أفاد الناجون أنهم تلقوا تنبيهات متناقضة من سلطات مختلفة في الساعات التي سبقت العاصفة. وينبع هذا جزئياً من الانقسام الحكومي وعدم وجود استعدادات منسقة لحالات الطوارئ. ولم يتم إجلاء السكان على طول نهر وادي درنة، وهو النهر الذي يمر عبر مدينة درنة الساحلية قبل أن يصب في البحر الأبيض المتوسط.

لم يكن جدار المياه المرتفع المكون من طابقين والذي اجتاح المدينة نتيجة لهطول الأمطار الغزيرة فقط. مثل الكثير من البنية التحتية في ليبيا، كانت السدود على وادي درنة مهملة لعقود من الزمن.

إن العدد الضخم من السدود القديمة في العالم، والتي تم بناؤها لتحمل الأزمات المتعلقة بالمناخ لم يعد موجودا، وسوف يتحول ذلك إلى مشكلة واسعة النطاق على نحو متزايد، وخاصة في البلدان النامية التي لديها موارد قليلة للصيانة. ووجد تحليل مفصل لأكثر من 35 ألف سد، نُشر في وقت سابق من هذا العام في مجلة "نيتشر"، أن متوسط العام التي تم بناء السدود على مستوى العالم هو عام 1974. وتعد أميركا الشمالية موطنًا لأقدم السدود، حيث يبلغ متوسط سنة الانتهاء العمل على السدود عام 1963، وتأتي أوروبا في المرتبة التالية عند عام 1966.

قال المدعي العام الليبي في 15 سبتمبر/أيلول إن التقارير عن تصدعات كبيرة في السدود التي انهارت بالقرب من درنة تعود إلى عام 1998 على الأقل. عقد إصلاح وصيانة لشركة تركية في عام 2007. وبسبب مشاكل متعلقة بالدفع، لم يبدأ العمل حتى عام 2010 وتوقف فجأة بعد أقل من خمسة أشهر، في عام 2011، خلال الانتفاضة الشعبية حينها.

وفي حين أن حالة ليبيا صعبة، إلا أن البلاد ليست وحدها التي تتعرض لتأثيرات المناخ. وبحلول نهاية هذا العقد، من المتوقع أن تزداد مساحة الأراضي الحضرية المعرضة للفيضانات المتكررة بنحو 270% في شمال أفريقيا، وبنسبة 800% في الجنوب الأفريقي، وبنسبة 2600% في وسط القارة مقارنة بالمستويات في مطلع العقد الحالي، وفقا لأحدث تقرير من العلماء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والمدعومة من الأمم المتحدة. تم تصنيف حوالي 70% من المدن الأفريقية على أنها معرضة بشدة للصدمات المناخية.

ويكمن وراء كل ذلك الافتقار إلى البنية التحتية الحيوية وسوء صيانة السدود والجسور والطرق القديمة والمتهالكة في كثير من الأحيان. إن تكييف هذه البنية التحتية مع الأحداث المناخية القاسية التي تفاقمت بسبب تغير المناخ يمثل تحديًا لكل من الدول المتقدمة والنامية. لكن الأمر أصعب بكثير بالنسبة للدول الفقيرة التي غالبا ما تعاني من عدم الاستقرار وتواجه صعوبة أكبر بكثير في الحصول على الأموال.

وتتزايد تدفقات تمويل "التكيف" إلى الدول النامية على الرغم من أن الوتيرة لا تزال بطيئة للغاية، وفقًا لتقرير فجوة التكيف لعام 2022 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وقد بلغ الإنفاق على التكيف ضد الأزمات البيئية في البلدان النامية 29 مليار دولار في عام 2020، وهو أقل بكثير من الاحتياجات المقدرة عند 340 مليار دولار بحلول عام 2030، و565 مليار دولار بحلول منتصف القرن.

مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News ليبيا تغير المناخ اقتصاد ليبيا الفيضانات

المصدر: العربية

كلمات دلالية: ليبيا تغير المناخ اقتصاد ليبيا الفيضانات فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

كلفة التهجير ليست على الأردن

#كلفة_التهجير ليست على #الأردن _ #ماهر_أبو طير

يخرج وزير المالية الإسرائيلي ويقول إنه ليس من مصلحة إسرائيل تهجير الغزيين من غزة إلى الأردن ومصر، لأن نقلهم هنا إلى حدود أوسع مفتوحة يهدد تل ابيب.

يقصد الوزير أن الغزيين الذين يواجهون الاحتلال منذ عشرات السنين، وافشلوا مرارا سيناريو التهجير إلى سيناء، أو إقامة دولة فلسطينية في شمال سيناء، ستكون كلفته أخطر إذا تم نقلهم إلى سيناء حيث الحدود أوسع ومفتوحة مع فلسطين المحتلة، وحيث الأردن حيث مئات الكيلومترات مفتوحة بين الأردن وفلسطين، بما يعنيه ذلك من مواجهة أمنية وعسكرية متجددة ستنفجر آجلا، أو عاجلا، بين هؤلاء والاحتلال، حيث لا يمكن التحكم أمنيا بمليوني فلسطيني، بعد تهجيرهم، وسيحاول كثيرون منهم الثأر من إسرائيل، وتنفيذ عمليات عسكرية مختلفة عبر الحدود من الأردن ومصر.

الوزير الذي أشاد بخطة الرئيس الأميركي للتهجير، عاد وطالب بترحيل الغزيين بناء على الكلام السابق إلى دول بعيدة عن فلسطين المحتلة، فهو لا يريد الفلسطينيين في فلسطين، ولا دول جوارها، لأن المشهد سوف يتكرر، وسيكون الاحتلال أمام مهددات من نوع آخر تتدفق هذه المرة من الأردن ومصر.

مقالات ذات صلة تخوين الغزيين استباقا للتهجير 2025/02/09

هذه الرؤية سرعان ما سوف تتسرب إلى الإدارة الأميركية التي يرجح أنها ستتراجع عن خطة تهجير الغزيين إلى الأردن ومصر، خصوصا، أنه على صعيد الأردن مثلا هناك حسابات معقدة تتعلق بالموقع الجيوسياسي الأردني، حيث يمثل الأردن نقطة ارتكاز في الإقليم مفتوحة على دول عربية مهمة، ويعد أيضا الجار الغربي الثاني لإيران بعد العراق، وإذا صنفنا العراق باعتباره إيرانيا إلى حد كبير فإن الأردن على ضفاف إيران مباشرة، بما يعنيه ذلك من أن أي محاولة أميركية أو إسرائيلية لتقويض استقرار الأردن الأمني، أو الاقتصادي من خلال الضغوطات، أو العبث بالتركيبة الاجتماعية، وسيؤدي إلى كلف تتوزع على الإقليم ولا تنحصر بالأردن، بما يعني أن كل سيناريو التهجير من غزة فاشل، ولا يمكن تنفيذه أصلا على الأرض، نحو الأردن، وقد يتم استبداله بسيناريوهات ثانية هذه الفترة.

الوقوف في وجه مخطط التهجير، لا يعتمد فقط على مزايا الموقع الجيوسياسي للأردن، فقط، لأن هناك ملفات كثيرة يتوجب الوقوف عند كلفتها في حال تمت محاولة خلخلة الأردن أمنيا أو اقتصاديا أو سكانيا، من ملفات الإرهاب والتطرف، وما قد يستجد هنا، وصولا إلى كلفة الفوضى على المنطقة العربية، وكلفة الحدود المفتوحة مع فلسطين، وهنا لا تبدو القصة قصة دور وظيفي للأردن، أو بيعا لمزايا الموقع الجيوسياسي، بل للتذكير فقط، بأن الكلام شيء، والواقع شيء ثان.

ينطبق الأمر بشكل أو آخر على مهددات التهجير من الضفة الغربية، لان الحسابات ذاتها تتكرر، وإن كنا في ملف الضفة الغربية، أمام تفاصيل متعددة، من وجود نسبة من الأردنيين يعيشون في الضفة الغربية أصلا، ووجود غالبية تحمل الجواز الأردني المؤقت، لكن مواجهة أي خطر من الضفة لا يقوم على أساس الحلول التي تتحدث عن ضرورة نشوب مواجهة قانونية عبر إعادة تعريف الكتل السكانية في الضفة بشكل مختلف أردنيا، فهذا ليس حلا، خصوصا، أننا أمام مهدد على الأرض قد يؤسس لمواجهة عسكرية في توقيت معين، مع الاحتلال، الواجب مواجهته، وليس توجيه رد الفعل نحو الضحايا.

سنلاحظ خلال الفترة المقبلة تضييقا شديدا على مستوى المساعدات لأهل غزة، ومنعا لدخولها لأن الهدف تصنيع بيئة اسوأ بعد الحرب تمهيدا للتهجير الطوعي إذا أعلنت بعض الدول البعيدة عن قبولها للفلسطينيين، وستمتد ذات الوصفة إلى الضفة الغربية عبر 3 محاور وهي التصعيد الأمني، والازاحة السكانية الداخلية، وخنق الاقتصاد، وقد يكون سقف الرئيس الأميركي المرتفع جدا، يستهدف سقفا أقل، وهو جر الأردن ومصر نحو الإدارة السكانية لمن سيبقى في غزة، والضفة الغربية، وتفكيكا لسلطة اوسلو ومؤسساتها، وكل مشروع الدولة الفلسطينية.

من يظنون أن إسرائيل محنة للفلسطينيين فقط، يعبرون عن تيه وضلالة، لأن إسرائيل التي تريد “إسرائيل الكبرى” تهدد كل شعوب المنطقة، فيما كلفة التهجير إلى الأردن لا تحتملها إسرائيل ذاتها، ولا تحتمل دول الإقليم كلفتها الأمنية أيضا.

هذا يعني أن مخطط التهجير ستتوزع كلفته على كل الإقليم، وليس الأردن فقط.

الغد

مقالات مشابهة

  • الهجرة الدولية: قلقون من المخاطر التي يواجهها المهاجرون في ليبيا
  • الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لإنهاء التدخل في ليبيا: “الشعب الليبي هو من يقرر”
  • العكروت: على الأمم المتحدة توحيد ليبيا أولاً قبل أي دستور أو انتخابات
  • كلفة التهجير ليست على الأردن
  • مأساة جديدة في ليبيا.. العثور على جثث عشرات المهاجرين في مقابر جماعية
  • ليبيا.. العثور على مقبرتين جماعيتين بهما جثث نحو 50 مهاجرًا جنوب شرق البلاد
  • الدكتور محمد فهيم: الموسم الزراعي الحالي يشهد تقلبات مناخية حادة
  • البنية التحتية في ليبيا وأهمية مواصلة جهود تطويرها
  • نادر السيد: دعم جماهير الزمالك من أهم أسباب الفوز على الإسماعيلي
  • كينشاسا مدينة ليوبولد التي استعادت أفريقيتها