أضحت كلمة سلطنة عُمان السنويَّة، أمام الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، فرصة لاستعراض النموذج العُمانيِّ في التعايش السِّلميِّ والدبلوماسيَّة التي تحمل راية الأمن والاستقرار والسَّلام في المنطقة والعالَم، الدبلوماسيَّة التي أُسِّست على ثوابت راسخة قائمة على العدل والإنصاف واحترام ميثاق الأُمم المُتَّحدة والقانون الدوليِّ وسيادة الدوَل وعدم التدخُّل في شؤونها الداخليَّة، لِتكُونَ وصفةً عُمانيَّة لكُلِّ مَنْ يسعى إلى الوفاق والسَّلام وتحقيق الأمن والاستقرار، وبناء دَولة ثابتة الأركان تسعى لبناء الإنسان وتُلبِّي طموحات وتطلُّعات الشعوب، وتُعنى بكُلِّ ما يصبُّ في تحقيق أبعاد التنمية المستدامة ومتطلَّباتها، التي وفق الرؤية العُمانيَّة تستلزم تعاونًا دوليًّا يُبنى على أُسُس واضحة قائمة على الحوار لبناء عالَم تسوده الحياة الكريمة ويعمُّه الرَّخاء والاستقرار والأمن والسَّلام.


إنَّ تأكيد سلطنة عُمان في كلمتها أمام الدَّوْرة الثامنة والسبعين للجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة المنعقدة بنيويورك، على التزامها الراسخ بمشاركة الأُسرة الدوليَّة في سَعْيها لبلوغ نظام عالَميٍّ سِلميٍّ يتمسَّك بمنظومة الأُمم المُتَّحدة في معالجة النزاعات وتسوية الصراعات، وانتهاج الحوار سبيلًا للتوصُّل إلى الحلول السِّلميَّة لها، يأتي في خضمِّ تحدِّيات وأزمات وصراعات دوليَّة معقَّدة، أبرزها تصاعد أزمة المناخ وانتشار الأوبئة وتجارة المخدرات والاتجار بالبَشَر، والصراعات السِّياسيَّة والطائفيَّة، ما تستلزم وحدة المعايير التي تطبَّق على سائر دوَل العالَم، حتَّى يتقبَّلَها الجميع ويلتزمَ بها. فالتمسُّك بمبادئ الحقِّ والعدالة وتطبيق قواعد القانون الدوليِّ، دُونَ ازدواجيَّة في المعايير، هو البوَّابة الرئيسة لعودة الأمن والاطمئنان بَيْنَ البَشَر وانتشار الثِّقة بَيْنَ الدوَل التي تؤدِّي إلى نُموِّ الشراكات بَيْنَ الشعوب.
وتُعدُّ القضيَّة الفلسطينيَّة أهمَّ القضايا العالَميَّة التي تخلُّ بمنظومة الحقِّ والعدالة، حيث تأتي في مقدِّمة القضايا التي طال عَلَيْها الزمن، بل نال مِنْها الظلم لأكثر من سبعين سنةً، والشَّعب الفلسطينيُّ يقفُ صامدًا في وجْهِ الاحتلال الإسرائيليِّ الغاشم والحصار والتنكيل، وانتهاك القانون الدوليِّ وقرارات مجلس الأمن، دُونَ تدخُّل يفرض على دَولة الاحتلال الالتزام بنصوص القانون الدوليِّ وقرارات الشرعيَّة الدوليَّة، ما يُحدِثُ خللًا كبيرًا وازدواجيَّة في المعايير تدفع دولًا أخرى لعدم الالتزام بما جاء بميثاق الأُمم المُتَّحدة وأهدافها التنمويَّة. كما شملت الكلمة العُمانيَّة نصائح بضرورة إزالة مكامن الخلاف التي تُعطِّل جهود التنمية وتؤثِّر عَلَيْها، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل على مستوى العالَم أجمع، حيث ترى أنَّ التداعيات المُحيطة بالأزمة الروسيَّة الأوكرانيَّة تُشكِّل تهديدًا بالغًا للسِّلم العالَميِّ وانسياب سلاسل إمدادات الطَّاقة والغذاء، داعيةً إلى الاحتكام إلى الحوار والمفاوضات السِّلميَّة على قاعدة «لا ضرر ولا ضرار».
إنَّ الرؤية العُمانيَّة التنمويَّة تنطلق دائمًا من بناء الإنسان، فهو ـ حسب الرؤية العُمانيَّة ـ الأداة والغاية للتنمية، لذا دعت سلطنة عُمان إلى ضرورة التطوير المتواصل للنظام التعليميِّ بجميع مستوياته وتحسين مخرجاته، مشيرةً إلى ضرورة الالتزام بالمواثيق والاتفاقيَّات الدوليَّة من أجْلِ تطوير مُجتمع دوليٍّ عادلٍ يتبنَّى الاحترام المطلق لكرامة الإنسان وحقوقه والقِيَم الدينيَّة والثقافيَّة للدوَل، معلنةً رفضها لكافَّة الأعمال التحريضيَّة الدَّاعية إلى العنف والكراهية والتمييز على أساس الدِّين أو العِرق، داعيةً المُجتمع الدوليَّ إلى إيجاد تشريع واضح وصريح يُجرِّم هذه الأعمال التي تُهدِّد السِّلم والاستقرار الاجتماعيَّيْنِ، بل تُهدِّد الأمن الوطنيَّ للدوَل.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الع مانی العال م ع مانی التی ت

إقرأ أيضاً:

وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء

أصدرت وزارة الخارجية بيانا يصادف يوم الإثنين 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة وبهذه المناسبة المهمة تلفت فيه نظر المجتمع الدولي مجددا للفظائع غير المسبوقة وواسعة النطاق التي ترتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء والفتيات في سن الطفولة في مناطق مختلفة من السودان. وتشمل تلك الفظائع جرائم الإغتصاب، والاختطاف، والاسترقاق الجنسي، والتهريب، والزواج بالإكراه، وأشكال أخرى من العنف والمعاملة غير الإنسانية والمهينة و القاسية والحاطة للكرامة للنساء وأسرهن ومجتمعاتهن وفيما يلي تورد سونا نص البيان التالي .يصادف يوم غد الإثنين 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة . وبهذه المناسبة المهمة تلفت وزارة الخارجية نظر المجتمع الدولي مجددا للفظائع غير المسبوقة وواسعة النطاق التي ترتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء والفتيات في سن الطفولة في مناطق مختلفة من السودان. وتشمل تلك الفظائع جرائم الإغتصاب، والاختطاف، والاسترقاق الجنسي، والتهريب، والزواج بالإكراه، وأشكال أخرى من العنف والمعاملة غير الإنسانية والمهينة و القاسية والحاطة للكرامة للنساء وأسرهن ومجتمعاتهن.لقد تم توثيق ما لا يقل عن 500 حالة إغتصاب بواسطة الجهات الرسمية والمنظمات المختصة و منظمات حقوق، تقتصر على الناجيات من المناطق التي غزتها المليشيا، ولا شك أن هناك أعدادا أخرى من الحالات غير المرصودة بسبب عدم التبليغ عنها، أو لأن الضحايا لا يزلن في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا. بينما يقدر أن هناك عدة مئات من المختطفات والمحتجزات كرهائن ومستعبدات جنسيا وعمالة منزلية قسرية، مع تقارير عن تهريب الفتيات خارج مناطق ذويهن وخارج السودان للاتجار فيهن .تستخدم المليشيا الإغتصاب سلاحا في الحرب لإجبار المواطنين على إخلاء قراهم ومنازلهم لتوطين مرتزقتها، ولمعاقبة المجتمعات الرافضة لوجودها. كما توظفه ضمن استراتيجيتها للإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تستهدف مجموعات إثنية بعينها، حيث تقتل كل الذكور من تلك المجموعات وتغتصب النساء والفتيات بغرض إنجاب أطفال يمكن إلحاقهم بالقبائل التيينتمي إليها عناصر المليشيا.ظلت حكومة السودان وخبراء الأمم المتحدة وبعض كبار مسؤوليها، وعدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والوطنية تنبه لهذه الجرائم منذ وقت مبكر، بعد أن شنت المليشيا حربها ضد الشعب السوداني وقواته المسلحة ودولته الوطنية في أبريل من العام الماضي. ومع ذلك لم يكن هناك رد فعل دولي يوازي حجم هذه الفظائع التي تفوق ما ارتكبته داعش وبوكو حرام وجيش الرب اليوغندي ضد المرأة. ومن الواضح أنها تمثل أسوأ ما تتعرض له النساء في العالم اليوم. وعلى العكس من ذلك، لا تزال الدول والمجموعات الراعية للمليشيا الإرهابية تتمادي في تقديم الدعم العسكري والمالي والسياسي والإعلامي لها مما يجعلها شريكة بشكل كامل في تلك الجرائم. وما يزال مسؤولو الدعاية بالمليشيا والمتحدثون باسمها يمارسون نشاطهم الخبيث من عواصم غربية وأفريقية للترويج لتلك الجرائم وتبريرها. ولا شك أن في ذلك كله تشجيع للإفلات من العقاب يؤدي لاستمرار الجرائم والانتهاكات ضد المرأة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هل تنجح الأحياء التخليقية في مواجهة التحديات؟
  • عاجل - رئيس الوزراء: ندعم الملتقى الدولي للصناعة لكونه منصة لمناقشة التحديات وطرح الحلول
  • كاتب صحفي: مصر حققت نجاحات كبيرة في الإصلاح الاقتصادي رغم التحديات
  • وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
  • المشاط تُشارك بجلسة نقاشية بمؤتمر البركة الإقليمي الثالث حول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في مواجهة التحديات
  • عضو بـ«النواب»: مصر نجحت في مواجهة الشائعات وتحقيق إنجازات تنموية شاملة
  • الشعب الجمهوري: مواجهة الشائعات مسئولية وطنية يتحملها الجميع
  • السيسي يوجه بمواصلة تحسين مناخ الاستثمار ومعالجة التحديات الهيكلية التي تؤثر على الاقتصاد المصري
  • محمد بن زايد ورئيس إندونيسيا يؤكدان دعم العمل الدولي متعدد الأطراف لمواجهة التحديات العالمية
  • مصطفى بكري: الشعب المصري يثق في قيادات الدولة لمواجهة التحديات.. فيديو