إنتاج 'الزقوقو'.. مغامرة خطيرة وجهد كبير يُباع بثمن زهيد
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
بين أغصان أشجار الصنوبر الحلبي الكثيفة الشاهقة، التي تغمر هضاب جبال بوعبد الله التابعة لمعتمدية كسرى من ولاية سليانة، يسارع نزار الغضبان بجمع "كرد الزقوقو" متحديا إعاقته وصعوبة تضاريس المنطقة، حتى يستخرج حباته لبيعها، خاصة في المناسبات على غرار المولد النبوي الشريف.
ففي ولاية سليانة، المزوّد الرّئيسي للسوق من مادّة "الزقوقو"، التى تستعمل أساسًا في صنع "العصيدة"، الأكلة الرئيسية للعائلات التونسية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، يختصّ متساكنو عمادة سند الحداد من معتمدية مكثر وعمادة بوعبد الله من معتمدية كسرى في جمع مخاريط الزقزقو "الكرد" .
تستوقفك بمنطقة "الصوادقية " ملامح رجل أربعيني، يمكن أن تراه تحت أشعة شمس حارقة، أو أمطار غزيرة، مقدم بجسمه النحيف على مهنة محفوفة بالمخاطرعلى الجبال والأودية لساعات طوال، فيتوجه الى الغابة، مورد رزقه الوحيد، ويقترب من اول شجرة صنوبر حلبي تحتوى على أكثر عدد مخاريط تعترضه علها تدر برزق وفير على عائلته.
ترافق نزار (وهو اب لـ 3 أبناء)، زوجته بسمة، في كل خطوة، فهي التى تعتلي الشجرة، لعدم قدرته على تسلقها بعد تعرضه لحادث منذ أكثر من 4 سنوات أثناء عمليات الجمع، ويتكفل هو بجمع المخاريط، التى توضع في ما بعد في أكياس
قال في حديثه لصحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء، إنّه يمتهن جمع وإنتاج مادة الزقوقو، منذ أكثر من 30 سنة، باعتبار أنّه لم يزاول الدراسة واكتسب مهنته عن والده وجده، فقد أصبحت بالنسبة للكثيرين بعدد من عمادات معتمديات جنوب ولاية سليانة "إرث الأجداد".
بأنامله وكفيه المتشققتين، يحمل نزار الكيس المملوء بالزقوقو، وكلما زاد ثقله، انبسطت أسارير ووجهه، ليعود بعد فترة وقد امتلأ الكيس من جديد ليفرغه في صندوق كبير من السعف وينطلق من جديد في رحلة العمل المرهق الذي تعوّد عليه في مسالك ألفها وعرفها .
يتفنن نزار في إعداد مردومة "الزقوقو"، فترتسم التجاعيد على وجهه الضحوك لتوحي بسنّ أكبر من سنّه، فهو يترك "الكرد" في "المردومة" في فرن درجات حرارته مرتفعة جدا طيلة يومين متتاليين ليُحصل لاحقًا على البضع من مادة "الزقوقو" بعد أن ينفضه وينظفه من الشوائب، وهو ما يجعل عملية الحصول على "الزقوقو" صعبة ومحفوفة بالمخاطر والمتاعب، فدرجة الحرارة المرتفعة للفرن قد تسبب أمراضا خطيرة خاصة بالرئتين، فضلا عن امكانية السقوط من أعلى الشجرة كما حدث له.
يواصل نزار عمله، رغم أنّه أصبح من ذوي الاحتياجات الخصوصية، بعد حادث السقوط الذي تعرّض له وفشل العملية الجراحية التى أجريت له، وقد تحصّل على بطاقة إعاقة سنة 2019، فهو يحب عمله ويحب الجبل، وقد أعرب عن تأثّره بسبب الحرائق التى أتلفت مساحات من غابات أشجار الصنوبر الحلبي بمعتمدية بوعبد اللهو، وأعرب عن أمله في أن يجد الدعم من الإدارة العامة للغابات حتّى يتمكّن من استغلال ثروات الجبال الطبيعية.
وذكر من جانبهم عدد من حراس الغابات في تصريحات متطابقة لصحفية "وات" أنّ الحرائق أثّرت بشكل كبير على غابات الصنوبر الحلبي في السنوات الثلاث الأخيرة، وأكّد المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية سابقا أنّ الجهة شهدت خلال هذه الصائفة (سنة 2023) حوالي 27 حريقا أعنفهم حريق جبل المرقب الذي أتلف 1200 هكتار من النسيج الغابي.
يشار إلى أنّ عملية استغلال الصنوبر الحلبي، تتمّ خلال الفترة الممتدة من شهر جانفي إلى شهر ماي من كلّ سنة، ويتطلّب استغلال الغابات الحصول على رخص مسبقة، ويطالب عدد من متساكني المناطق الجبلية بحسن استغلال الفجوات الغابية وإعادة توظيفها حتى يستفيد منها سكان المناطق الجبلية باعتبارها مورد رزق الكثيرين منهم مع ضرورة تنقيح مجلة الغابات.
وات
* تقرؤون أيضا:
200 دينار تكلفة عصيدة الزقوقو ؟ (فيديو)
القصرين: المساحات المبرمجة لإنتاج 'الزقوقو' تتجاوز 19 ألف هكتار
أزمة في 'الزقوقو': تراجعت الصابة.. والكلغ بـ30 دينارا (فيديو)
جبل العروسة: حريق يأتي على 15 هكتارا من غابات 'الزقوقو'
المصدر: موزاييك أف.أم
إقرأ أيضاً:
نزار بركة يؤكد وجود تقدم في مشروع إنجاز نفق تيشكا
أكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، وجود تقدم كبير في الدراسات الخاصة بمشروع إنشاء نفق تيشكا، رغم وجود بعض التعثر بسبب بعض الشركات التي لم تتمكن من التغلب على صعوبات المشروع الكبرى.
وأكد الوزير خلال مشاركته في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أنه تم إنجاز الدراسات التمهيدية والجيولوجية، حيث يتم حالياً إجراء الدراسات التقنية التفصيلية لتحديد التكلفة الحقيقية اللازمة لإنجازه.
وسجل الوزير أن الشركات التي حازت سابقا صفقة إنجاز هذا النفق لم تتمكن من البدء في المشروع، مما أدى إلى إلغاء الصفقة. وتابع أنه سيتم التعاقد مع شركة جديدة لاستكمال الدراسات اللازمة قبل الشروع في إنجاز هذا المشروع، مؤكدا أن من شأن الدراسة أن تمكن من الحسم في تكلفته المالية هل سيكلفنا 10 مليارات درهم أو 12 مليارا أو 13 مليارا.
وشدد بركة على وجود إرادة حكومية ثابتة لإنجاز هذا النفق لأهميته القصوى، كونه سيمكن من تقليص مدة السفر بين ساعة إلى ساعة ونصف، كما سيعطي دفعة قوية لتنمية إقليمي ورزازات وزاكورة.