بين أغصان أشجار الصنوبر الحلبي الكثيفة الشاهقة، التي تغمر هضاب جبال بوعبد الله التابعة لمعتمدية كسرى من ولاية سليانة، يسارع نزار الغضبان بجمع "كرد الزقوقو" متحديا إعاقته وصعوبة تضاريس المنطقة، حتى يستخرج حباته لبيعها، خاصة في المناسبات على غرار المولد النبوي الشريف.

ففي ولاية سليانة، المزوّد الرّئيسي للسوق من مادّة "الزقوقو"، التى تستعمل أساسًا في صنع "العصيدة"، الأكلة الرئيسية للعائلات التونسية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، يختصّ متساكنو عمادة سند الحداد من معتمدية مكثر وعمادة بوعبد الله من معتمدية كسرى في جمع مخاريط الزقزقو "الكرد" .

تستوقفك بمنطقة "الصوادقية " ملامح رجل أربعيني، يمكن أن تراه تحت أشعة شمس حارقة، أو أمطار غزيرة، مقدم بجسمه النحيف على مهنة محفوفة بالمخاطرعلى الجبال والأودية لساعات طوال، فيتوجه الى الغابة، مورد رزقه الوحيد، ويقترب من اول شجرة صنوبر حلبي تحتوى على أكثر عدد مخاريط تعترضه علها تدر برزق وفير على عائلته.

ترافق نزار (وهو اب لـ 3 أبناء)، زوجته بسمة، في كل خطوة، فهي التى تعتلي الشجرة، لعدم قدرته على تسلقها بعد تعرضه لحادث منذ أكثر من 4 سنوات أثناء عمليات الجمع، ويتكفل هو بجمع المخاريط، التى توضع في ما بعد في أكياس

قال في حديثه لصحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء، إنّه يمتهن جمع وإنتاج مادة الزقوقو، منذ أكثر من 30 سنة، باعتبار أنّه لم يزاول الدراسة واكتسب مهنته عن والده وجده، فقد أصبحت بالنسبة للكثيرين بعدد من عمادات معتمديات جنوب ولاية سليانة "إرث الأجداد".

بأنامله وكفيه المتشققتين، يحمل نزار الكيس المملوء بالزقوقو، وكلما زاد ثقله، انبسطت أسارير ووجهه، ليعود بعد فترة وقد امتلأ الكيس من جديد ليفرغه في صندوق كبير من السعف وينطلق من جديد في رحلة العمل المرهق الذي تعوّد عليه في مسالك ألفها وعرفها .

يتفنن نزار في إعداد مردومة "الزقوقو"، فترتسم التجاعيد على وجهه الضحوك لتوحي بسنّ أكبر من سنّه، فهو يترك "الكرد" في "المردومة" في فرن درجات حرارته مرتفعة جدا طيلة يومين متتاليين ليُحصل لاحقًا على البضع من مادة "الزقوقو" بعد أن ينفضه وينظفه من الشوائب، وهو ما يجعل عملية الحصول على "الزقوقو" صعبة ومحفوفة بالمخاطر والمتاعب، فدرجة الحرارة المرتفعة للفرن قد تسبب أمراضا خطيرة خاصة بالرئتين، فضلا عن امكانية السقوط من أعلى الشجرة كما حدث له.

يواصل نزار عمله، رغم أنّه أصبح من ذوي الاحتياجات الخصوصية، بعد حادث السقوط الذي تعرّض له وفشل العملية الجراحية التى أجريت له، وقد تحصّل على بطاقة إعاقة سنة 2019، فهو يحب عمله ويحب الجبل، وقد أعرب عن تأثّره بسبب الحرائق التى أتلفت مساحات من غابات أشجار الصنوبر الحلبي بمعتمدية بوعبد اللهو، وأعرب عن أمله في أن يجد الدعم من الإدارة العامة للغابات حتّى يتمكّن من استغلال ثروات الجبال الطبيعية.

وذكر من جانبهم عدد من حراس الغابات في تصريحات متطابقة لصحفية "وات" أنّ الحرائق أثّرت بشكل كبير على غابات الصنوبر الحلبي في السنوات الثلاث الأخيرة، وأكّد المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية سابقا أنّ الجهة شهدت خلال هذه الصائفة (سنة 2023) حوالي 27 حريقا أعنفهم حريق جبل المرقب الذي أتلف 1200 هكتار من النسيج الغابي.

يشار إلى أنّ عملية استغلال الصنوبر الحلبي، تتمّ خلال الفترة الممتدة من شهر جانفي إلى شهر ماي من كلّ سنة، ويتطلّب استغلال الغابات الحصول على رخص مسبقة، ويطالب عدد من متساكني المناطق الجبلية بحسن استغلال الفجوات الغابية وإعادة توظيفها حتى يستفيد منها سكان المناطق الجبلية باعتبارها مورد رزق الكثيرين منهم مع ضرورة تنقيح مجلة الغابات.

وات

 

* تقرؤون أيضا:

200 دينار تكلفة عصيدة الزقوقو ؟ (فيديو)

القصرين: المساحات المبرمجة لإنتاج 'الزقوقو' تتجاوز 19 ألف هكتار

أزمة في 'الزقوقو': تراجعت الصابة.. والكلغ بـ30 دينارا (فيديو)

جبل العروسة: حريق يأتي على 15 هكتارا من غابات 'الزقوقو'

المصدر: موزاييك أف.أم

إقرأ أيضاً:

نزار العقيلي: (إستيك .. إبرة وخيط)

زمان لامن كنا بنلعب حفايا في الشوارع و تقوم تدخل ليك شوكة في بطن رجلك كان الاسلوب الوحيد لاستخراج الشوكة هو ( الحفر بالإبرة ) ، و كانت عملية الحفِر بتتطلب طولة بال و صبر و دِقة كبيرة و في النهاية بتطلع الشوكة بطريقة تدهشك .

اسلوب الحفر بالإبرة الإتكلم عنو البرهان قبل بداية المعركة ما كان إسلوب عسكري قتالي بقدر ما كان إسلوب إستخباراتي في المقام الأول ، كل الناس افتكرت إنو عملية الحفر بالإبرة هي عملية او خطة عسكرية قتالية نفذها الجيش السوداني لكن في الحقيقة هي عملية او إستراتيجية استخباراتية تم تنفيذها بإحترافية و إتقان ادهش كل العالم .

إستراتيجية النفس الطويل النفذتها الإستخبارات العسكرية السودانية اعتمدت على الصبر و طولة البال و التخطيط بعيد المدى و التغلغل العميق جدا لتحقيق الاهداف الاستخباراتية و العسكرية على مدى زمني طويل ، و الإستراتيجية دي بيتم استخدامها في حروب الإستنزاف و عمليات التجسس و هي استراتيجية معروفة و قديمة لكن الإستخبارات السودانية نفذتها بي اسلوب و طرق جعلت العالم يصمت قليلا امام روعة التنفيذ في موسم حصاد اهداف الخطة الإعتمدت بشكل اساسي على عدة عمليات كلها كانت وفق استراتيجية النفس الطويل و على سبيل المثال نذكر عمليات الإختراق العميق و التجنيد ببطء و دي عملت على تجنيد عملاء و زراعتهم داخل المليشيا في مواقع حساسة لفترات طويلة لحدي ما يجي وقتهم المناسب و مثال لذلك ( عملية الرُخ ) و هي عملية زراعة ( كيكل ) داخل جسم المليشيا .

و كذلك بتجي ضمن الاستراتيجية عمليات بناء النفوذ و التأثير غير المباشر و دي تمت عبر دعم مجموعات عسكرية داخل المليشيا و النفوذ بيتم دعمه بي بطء شديد جدا عشان ما يلفت الانتباه و عشان المليشيا تصبح معتمدة جزئياً او كلياً على المجموعة المدعومة من استخبارات الجيش و مثال لذلك ( عملية بيت العنكبوت ) و دي عملية ( جلحة ) القامت المليشيا بتصفيته بعد اكتشافها لانو المليشيا كانت معتمدة عليه كلياً في قطاع بحري ، و للعلم اسماء العمليات دي من ( عندينا ) يعني من راسي .

و من اهم محاور استراتيجية الحفر بالإبرة هو محور الحرب النفسية و المعلوماتية و المحور ده برعت فيهو قوة الإستيك بشكل مدهش و اضعفت المليشيا نفسياً و معنوياً و زرعت الشكوك داخل صفوفها و نجحت في خلق الانقسامات بين قياداتها و دي اساليب مافي داعي لشرحها .
من المهم جدا الناس تعرف إنو في المقابل المليشيا كان عندها عملاء و خونة داخل المجتمع المدني و العسكري و ديل كان ليهم القدح المعلى في اي انتهاكات و جرائم قامت بيها المليشيا و ممكن تكونوا شفتو ناس منهم حاليا استقبلوا الجيوش بالاحضان و التهليل و التكبير و افتكرتو انو الإستيك ما عارفهم ، لا والله معروفين كلهم ، لكن استراتيجية الحفر بالإبرة ما بتنتهي بدخول الجيش للمنطقة ، لا لا ، دي استراتيجية بتستهدف حتى عملاء و اعوان المليشيا ، لكن بي بطء شديد ، و كلوووو بي وقتووو .

الحفر بالإبرة إستراتيجية منحت الإستيك ميزة حاسمة في المعركة لانها استراتيجية بتتجاوز المواجهة المباشرة لتغيير مسار المعركة بي بطء و بتتحكم في قرارات العدو بدون ما يعرف ، لامن العدو هدد باقتحام الفاشر و منحهم تلاته ايام ، دي اكبر مثال لعملية التحكم في قرارات المليشيا لانو بعد التلاتة ايام كان في بل ما طبيعي من كل المحاور ضد المليشيا ، الحفر بالإبرة لعبة بتاعت صبر و الأيام اثبتت إنو الجيش السوداني و استخباراته اسسو علوم عسكرية جديدة ستدرس لاحقاً .
نزار العقيلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ثقافة الإسكندرية تقدم "مغامرة كونية" ضمن عروض مسرح الطفل
  • تمصلوحت: تسوية مثيرة للجدل لعقار غير قانوني فوق أراضي الأحباس
  • د. نزار قبيلات يكتب: صناعة المجاز
  • جالانت يهاجم نتنياهو: كان بإمكاننا جلب أسرى أكثر بثمن أقل
  • غالانت يهاجم نتنياهو: كان بإمكاننا جلب رهائن أكثر بثمن أقل
  • مريم الجندي تكشف تفاصيل دورها في مسلسل ولاد الشمس.. مغامرة لأول مرة
  • برنامج تدريبي عن إنتاج الكمبوست من المخلفات الزراعية لتحسين خواص التربة
  • نزار العقيلي: (إستيك .. إبرة وخيط)
  • البخيتي: أمريكا تستخدم علم نفس الجماهير لتوظيف الوهابية في خدمة مشروعها
  • كريمة طافر تتباحث مع عدد من نظرائها بكيب تاون