حلقة عمل فنية حول الهيدروجين الجيولوجي بين سلطنة عمان وأميركا
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
توقيع مذكرتي تفاهم لإجراء دراسات الاستكشاف
مسقط ـ «الوطن»:
نظمت وزارة الطاقة والمعادن بالتنسيق مع وزارة الطاقة الأميركية حلقة عمل فنية حول الهيدروجين الجيولوجي بحضور سعادة المهندس محسن بن حمد الحضرمي وكيل وزارة الطاقة والمعادن وكبير مستشاري وزارة الطاقة الأميركية دان ميلستين والقائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية في سلطنة عُمان ليزلي أوردمان، وعدد من الجهات من القطاعين العام والخاص، والأكاديمي، والمؤسسات الاستثمارية والبحثية.
تأتي الحلقة ضمن المبادرات المرتبطة بالحوار الاستراتيجي بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأميركية الذي تم الإعلان عنه خلال زيارة معالي السّيد وزير الخارجية للولايات المتحدة الأميركية في العام الماضي وتم عقد الجولة الأولى من الحوار في مسقط في فبراير الماضي ويتضمن ثلاثة محاور: التجارة والاستثمار، والطاقة البديلة، والتعليم والثقافة والعلوم، حيث تعد هذه الحلقة الأولى من نوعها في مجال الهيدروجين الجيولوجي يتم تنظيمها على المستوى الحكومي وتهدف إلى تبادل المعلومات والأفكار حول الهيدروجين الجيولوجي، وتسيير النقاشات حول السياسات المرتبطة باستكشافه، وتشجيع الشراكات والتعاون التجاري والأكاديمي بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأميركية في أحدث ما توصل إليه موضوع الطاقة.
كما تناولت الحلقة الحديث حول الهيدروجين الذي يتكون طبيعيا في الأعماق الأرضية من حيث الفرص والطرق والاستراتيجيات المتعلقة باستكشافه واستخراجه، وظاهرة انبعاثات الهيدروجين بشكل طبيعي في عدة مناطق حول العالم، بما في ذلك سلطنة عمان، في جبال الحجر خاصة، وتحدث إحدى العمليات الشائعة التي تنتج الهيدروجين بشكل طبيعي عندما تتفاعل المياه الجوفية مع المعادن الغنية بالحديد، مثل صخور الأوليفين، المتواجدة في سلطنة عُمان التي تتميز بتنوعها الفريد ووجود صدوع ضخمة، قد تسمح بتسرب الهيدروجين إلى مواقع قريبة من السطح. وأكدت حلقة العمل على أن الهيدروجين الجيولوجي لديه القدرة على أن يكون مصدر طاقة أولي منخفض التكلفة ونظيفًا يمكن استخراجه من الأرض عن طريق الحفر مثل الغازات الأخرى متى ما تم اكتشافه بكميات وفيرة. ولكن يتطلب ذلك مزيدًا من البحث والتطوير المكثف من أجل معرفة الإمكانات والفرص التقنية والتجارية المتاحة في هذا المجال.
وعلى هامش الحلقة وقع سعادة محسن بن حمد الحضرمي وكيل وزارة الطاقة والمعادن على مذكرتي تفاهم مع شركة «إيدن جيوباور» الأميركية ومركز استشارات علوم الأرض العُماني من أجل تسيير النقاشات العلمية حول إجراء دراسات أولية شاملة لمعرفة الإمكانات والفرص لاستكشاف الهيدروجين الجيولوجي وتحديد مواقع لإجراء البحوث التجريبية بالتنسيق مع وزارة الطاقة والمعادن. وقال سعادة محسن بن حمد الحضرمي وكيل الطاقة والمعادن: إن تنامي قطاع الهيدروجين كطاقة نظيفة يعد ذا أهمية استراتيجية في خطة الوزارة للتحول في الطاقة، خاصة في البعدين الاقتصادي والمناخي، فضلا عن الدور الذي ستكون له أهمية في تأمين الطاقة عالميًّا، وعليه فإن الدور البحثي والاستكشافي في هذا القطاع مهم جدا للوصول إلى أفضل النتائج، كما أن التعاون والتنسيق مع الخبرات الدولية يمثل بعدًا أساسيًّا يسهم في تطوير الجانبين العلمي والتقني وجلب الاستثمارات.
وأضاف: تعمل وزارة الطاقة والمعادن على ترسيخ مكانة سلطنة عُمان في الاضطلاع بدور ريادي وموثوق على المستوى العالمي في هذا القطاع، مشيرا إلى أن هذه الحلقة والاتفاقيات البحثية في مجال الهيدروجين الجيولوجي مع الولايات المتحدة الأميركية تمثل خطوة مهمة في تعزيز التعاون في هذا المجال لتعظيم فرص التطوير البحثي والاستكشافي، كما قد تعزز الفرص الاقتصادية والشراكات الاستراتيجية في الهيدروجين الجيولوجي وإمكانات الاستفادة منه كمنتج طبيعي نظيف من خلال المزيد من البحث والاستكشاف في هذا الجانب، خاصة وأنه تم البدء فعليا في الاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر من خلال تخصيص عدد من المواقع للاستثمار، كما وقّعت الوزارة على عدد منها مع مطورين لهم حضور عالمي في هذا القطاع، لتسهم بشكل فاعل في خفض انبعاثات الكربون، وتأمين إمدادات الطاقة للعالم.
من جانبه قال المهندس مهند بن الخطاب الهنائي مدير دائرة سياسات واستراتيجيات الهيدروجين في وزارة الطاقة والمعادن: إن استكشاف واستخراج تجمعات الهيدروجين من تحت سطح الأرض، على الرغم من أنه لايزال في مراحله الأولى حتى الآن، فرصة محتملة لإيجاد مورد طبيعي آخر للطاقة النظيفة، حيث تتطلب الخطوات المستقبلية تعميق المعرفة حول الهيدروجين الجيولوجي، وإجراء استطلاعات جيولوجية لتحديد مواقعه، وتطوير استراتيجيات استكشافه وإنتاجه، كما أن مشاركة الشركات الناشئة والمتوسطة والصغيرة بشكل فاعل في مجال الهيدروجين الجيولوجي، والتي لديها الدافع للانغماس في مجالات وتقنيات جديدة وتقديم رؤى مختلفة وفريدة في مجال الاستكشاف والإنتاج، وشركات النفط والغاز القائمة التي لديها الخبرة الواسعة في مجال الاستطلاعات الجيولوجية واستخراج الطاقة والموارد البشرية والمالية، يعد عاملًا مساهمًا من أجل تحقيق خطوات إيجابية متسارعة في هذا المجال الحديث والفريد.
وأضاف: إن البرنامج التابع لحلقة العمل حول الهيدروجين الجيولوجي، سيتواصل بقيام فريق من المختصين والباحثين والخبراء وممثلي شركات مهتمة في هذا المجال، بزيارة بعض المواقع في سلطنة عمان التي ينبعث فيها من باطن الأرض غازات قد تشمل الهيدروجين للتعرف عن كثب على الأماكن المحتملة لتواجد هذا الغاز في سلطنة عُمان.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: وزارة الطاقة والمعادن المتحدة الأمیرکیة فی هذا المجال فی سلطنة ع فی مجال
إقرأ أيضاً:
تغيّر المناخ والنمو الاقتصادي.. العلاقة والفرص
يمر العالم بتغيرات مناخية وتطورات صناعية وتقنية توثر سلبا على الغطاء النباتي وعلى الصحة العامة وعلى نمو الاقتصادات أيضا؛ بسبب تركز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ونتيجة لذلك ينظر الباحثون والمحللون عموما إلى المناخ كأزمة وجودية تهدد الاقتصادات والمجتمعات على حدٍ سواء؛ للنظرة المختزلة لدى البعض بأن تغيّر المناخ في حد ذاته يعدُّ تحديا أمام التنمية الاقتصادية ويؤدي إلى حدوث إرباك في الخطط والاستراتيجيات، لكنه في رأيي ربما يكون سببا للتفكير في ابتكار نماذج اقتصادية حديثة للحد من آثار تغير المناخ وتحويل الأزمات البيئية الناجمة عن المناخ إلى فرص اقتصادية تحفّز ريادة الأعمال والابتكار؛ لإعادة ترتيب الاقتصاد العالمي، وهو ما يتفق مع رأي الاقتصادي جوزيف شومبيتر عندما أطلق على التغير المناخي مصطلح «الدمار الخلاق»، مشيرا إلى أنّ التغير المناخي والأزمات البيئية عموما يعد فرصة لقطاعات اقتصادية جديدة أكثر كفاءة واستدامة، وبالتالي فإن التحول إلى الاستدامة البيئية من خلال توظيف أدوات الاقتصاد الدائري هو الخيار الأفضل، ويعكس مبدأ تكلفة الفرصة البديلة في التحليل الاقتصادي.
اطلعت مؤخرا على دراسة أصدرها صندوق النقد الدولي قبل عدة سنوات بعنوان «التغير المناخي والنمو الاقتصادي في العالم العربي»، أكدت الدراسة على أهمية التخفيف من آثار التغير المناخي وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال تبني جملة من السياسات والاستراتيجيات التي تساعد على ذلك، وفي اعتقادي أن ما يعيق تحقيق ذلك في الوقت الحالي هو الطلب المرتفع على الطاقة مع تزايد أعداد السكان عالميا، ما قد يؤثر على النمو الاقتصادي نتيجة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن إنتاج الطاقة، وهو ما يحفّز التوجه إلى الطاقة النظيفة المتجددة لتحقيق التنمية المستدامة بعيدة عن الاضطرابات البيئية وتغير المناخ، وبالتالي تحقيق بيئة صحية مستدامة، وأعتقد أن دعم المراكز البحثية بالأدوات التحليلية وتأهيل كوادرها البشرية هي حلول فاعلة للانتقال إلى الطاقة المتجددة.
إنّ التوجه نحو الاستثمار في تقنيات كفاءة استخدام الموارد الطبيعية مثل تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة يعدُّ خيارا استراتيجيا ويحد من المخاطر البيئية، ويعيد صياغة النموذج التنموي في سلطنة عُمان، ولذا نحن بحاجة إلى مزيدٍ من المبادرات المؤسسية والمجتمعية للتعامل مع أزمة المناخ وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض عبر تبني ممارسات تساعد على الحفاظ على مكونات البيئة الأساسية وهي النبات، والحيوان، والماء، والهواء، والتربة من خلال تشجيع المواطنين على التشجير أمام المنازل والتركيز على الأشجار التي تساعد على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، والتشجيع على الاستخدام الأمثل للمياه الذي يحافظ على كمية المياه ومنسوبها، إضافة إلى التشجيع على الاستخدام الأمثل للأراضي الزراعية وتجنب استخدام الأسمدة والمواد الكيماوية الضارة بالتربة، ومن الجيد دراسة مقترح منح المواطنين الراغبين والمهتمين بالجانب الزراعي أراضٍ زراعية للانتفاع بمساحات مختلفة؛ لتشجيعهم على الزراعة وزيادة رقعة المسطحات الخضراء في مختلف المواقع بسلطنة عُمان، ما يعكس القدرة على تحويل التحديات البيئية إلى ميزة تنافسية استراتيجية لسلطنة عُمان.
إنّ الصدمات الاقتصادية الناتجة عن تغيّر المناخ، يجب أن تشجّع المخططين والباحثين وتحفزهم على الاستفادة من التحولات الهيكلية في منظومة الاقتصاد التي يفرضها المناخ واضطراباته والتحديات البيئية المرتبطة، وتبني مشاريع الاقتصاد الدائري التي تشجع على الاستدامة البيئية بحيث يتم جلب مزيدٍ من الاستثمارات التي تساعد على الوقاية من مخاطر تغير المناخ، وبدورها ستسهم في النمو الاقتصادي من خلال توفير الوظائف النوعية، ودعم ريادة الأعمال، إضافة إلى دورها في تشجيع الابتكار المحلي ودعم المحتوى المحلي، لذلك أعتقد أن تغيرات المناخ تتطلب مبادرات أكثر تأثيرا مجتمعيا ومؤسسيا بحيث يتم تحويل التحديات إلى فرص استثمارية وهو ما ينسجم مع توجهات «رؤية عُمان 2040» التي تضع البيئة المستدامة من أولوياتها؛ خاصة أن سلطنة عُمان تملك الخبرة الواسعة في التعامل مع التحديات المناخية لا سيّما الحالات الجوية التي تأثرت بها أجواء سلطنة عُمان خلال الأعوام السابقة.
إن التغيّر المناخي يجعلنا نفكر بجدية في المضي قدما نحو وضع سياسات واستراتيجيات تمكننا من الاستثمار بجرأة في الطاقة النظيفة والانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وأن ننظر إلى التغير المناخي كفرصة لتعزيز الميزة التنافسية للاستثمارات في سلطنة عُمان؛ لتكون مركزا لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره بحيث توازي الاستثمارات المهمة في طاقة النفط والغاز، وأعتقد أن الطلب على الطاقة منخفضة الكربون ستزداد خلال السنوات المقبلة مع تشديد السياسات المناخية في بعض أجزاء العالم مثل أوروبا التي تجمعها علاقات اقتصادية متينة مع سلطنة عُمان.