شراع : الجمعية العامة وتعطيل أميركا لحل القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
أصبحت اجتماعات الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة مناسبةً سنويَّة تعرض فيها دوَل بِعَيْنِها بضاعتها المزجاة والرخيصة وتوجُّهاتها وما يعتمل لدَيْها من خطط ومخطَّطات، ما جعل قبَّة الجمعيَّة بمثابة بازار تُزايد فيه هذه الدوَل على بضاعتها وتُروِّج لها في محاولة إقناع المُتلقِّين لها.
اللافت مع كُلِّ انعقاد للجمعيَّة العامَّة هو محاولة شخصيَّات بذاتِها تسيُّد منبر الجمعيَّة لِتُلقيَ خطبها ومواعظها وتعرض بضاعة سياستها الفاسدة، والخارقة للقانون الدوليِّ، والمُناقِضة للشرعيَّة الدوليَّة؛ لدرجةٍ أخذت تتلوَّث معها قبَّة الجمعيَّة بما تبثُّه الأفواه النَّتنة، والقلوب المريضة، والعقول الخبيثة، والأنْفُس الكائدة والحاقدة.
المُثير للسُّخرية أنْ يعتليَ منبر الجمعيَّة العامَّة في دَوْرتها الحاليَّة الثامنة والسبعين، كما في دَوْراتها السَّابقة، سفَّاحو العالم وقتلة الأطفال، وناشرو الفِتن والحروب، أعداء الإنسانيَّة، كارهو الآخر، مُتحدِّثين عن الأمن والسَّلام والاستقرار، وعن المبادئ والقِيَم، وعن الحُريَّات وحقوق الإنسان، والديمقراطيَّة، حالهم حال العاهرة التي تتحدث عن الشَّرف، وفي تناقض يُتخم بطون الكلاب. وهؤلاء ليسوا بحاجة إلى مَنْ يُشير إلَيْهم بالإصبع للتعريف بهم، فما حاضوه في أروقة الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة من نتانة كفيل بالتعريف بهم، في الوقت الذي يتساقط فيه ضحاياهم، ويتواصل نهبهم لمقدَّرات الشعوب، ومصادرتهم لحقوق الإنسان، والدَّوس عَلَيْها، وتتواصل مكائدهم ومخطَّطاتهم الخبيثة ضدَّ الدوَل والشعوب المُستضعَفَة والمُستعْمَرَة.
إنَّها حقًّا لَمأساةٌ أنْ يحاضرَ القاتلُ والمُجْرِمُ والظالم عن الإنسانيَّة وحقوقها، وعن الديمقراطيَّة وقِيَمها، وهو يرقص طربًا على جُثث ضحاياه، ويُنادِمُ أقرانه من فصيلته ومؤيديه كؤوس دماء الأبرياء الذين أوغلَتْ فيهم آلةُ بطَشِه الحربيَّة. وأمام هذا الواقع المؤلِم تَدُورُ مُحرِّكات إعلام هؤلاء السفَّاحين بأقصى طاقتها لِيطغَى عَفنُهم على خِطابات وكلمات الآخرين ممَّن حملوا معهم قضايا العالَم وهموم الشعوب المُستضعَفَة والواقعة تحت نير الاحتلال والاستعمار.
الحقُّ يعلو ولا يُعْلَى عَلَيْه، كما يُقال، ومِن بَيْنِ ركام العفَنِ المتطاير تحت قبَّة الجمعيَّة العامَّة، هناك مَن أطلق رسائل السَّلام بحقٍّ، ووضع المقصل على المفصل، ولسانُ حالِهم يُردِّد قولَ الشاعر: عليَّ صبُّ المعاني في قوالبها.. وما عليَّ إذا لم تفهم (…). واليوم ليس ثمَّة قضيَّة أوْلَى بالحلِّ من القضيَّة الفلسطينيَّة؛ لأنَّها مرتكز الاستقرار والأمن والسَّلام والتنمية، وهذا لا يتحقَّق إلَّا بحلِّ القضيَّة حلًّا عادلًا يُعطي الشَّعب الفلسطينيَّ حقوقَه الكاملة، وأنْ يعترفَ المحتلُّ الإسرائيليُّ بهذه الحقوق، وهذا يُرتِّبُ اعترافه بجميع القرارات الصَّادرة عن منظَّمة الأُمم المُتَّحدة ذات العلاقة والتزامه بها وتنفيذها على أرض الواقع. ولكن ـ للأسف الشديد ـ أنَّ مَنْ يُعطِّل هذا الحلَّ ليس المحتلُّ الإسرائيليُّ وحْدَه، وإنَّما الولايات المُتَّحدة التي لا تريد هذا الحلَّ عَبْرَ إدارتها للصراع وإدخال الطرف الفلسطينيِّ من متاهةٍ إلى أخرى بمؤتمرات دوليَّة وخريطة طريق وحلِّ دولتَيْنِ، في الوقت الذي تتحدَّث فيه عن أهمِّية احترام ميثاق الأُمم المُتَّحدة، والقانون الدولي، وفي الوقت الذي يتحدَّث فيه نتن ياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيليِّ عن السَّلام والأمن، وعن ثمار «التطبيع» المجانيِّ على حساب حقوق الشَّعب الفلسطينيِّ. هذه هي حقيقة أميركا التي أطلقها وزير الخارجيَّة الروسيُّ سيرجي لافروف من أروقة الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، وهذه هي حقيقة القضيَّة الفلسطينيَّة ومكانتها ومركزيَّتها كما تناوب تأكيدًا عَلَيْها عددٌ من قادة دوَل العالَم وممثِّليهم.
خميس بن حبيب التوبي
khamisaltobi@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الجمعی ة العام
إقرأ أيضاً:
القضية الفلسطينية محور رئيسي في محطات العلاقات العربية الأمريكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عرضت قناة "القاهرة الإخبارية تقريرا، يوضح أن القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية مثلت محورًا رئيسيًا في إطار العلاقات العربية - الأمريكية، وتخلل تلك العلاقات فترات من الفتور والتوتر نظرًا للموقف الأمريكي المنحاز دائمًا لصالح إسرائيل، لا سيما بعد احتلالها أراضي فلسطينية خلال حرب عام 1967، حسبما جاء في تقرير تليفزيوني.
وأوضح التقرير أن حرب 1967، هي الحرب التي ساهمت في تعزيز العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، حيث صرح الرئيس الأمريكي ليندن جونسون في ذلك الوقت، بأن إسرائيل غير ملزمة بإعادة الأراضي التي احتلتها عام 1967، وخلال حرب السادس من أكتوبر عام 1973، زاد الخلاف العربي الأمريكي، فقامت واشنطن بعمل جسر جوي لمساندة إسرائيل أثناء الحرب.
وأشار إلى أنه في المقابل، استخدمت الدول العربية لأول مرة سلاح النفط خلال هذه الحرب، وتم الربط بشكل أساسي بين المصالح الأمريكية والغربية في النفط العربي، وبين الصراع الإسرائيلي العربي.
وتابع أنه حين هدد هينري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية آنذاك، بأنه لن يسمح باستخدام سلاح النفط في هذه الحرب، رد وزراء النفط العرب أنهم على استعداد لتفجير منابع النفط، إذا كانت هناك محاولات أمريكية للسيطرة عليها.