سلط مرصد الأزهر في مقال له الضوء على تأثير العوامل الثقافية على بلورة وانتشار الأفكار المتطرفة، وما هو مفهوم التطرف الثقافي؟ وكيف تستغل التنظيمات المتطرفة عناصر الهوية الثقافية في تحقيق طموحاتها.

وعرض مرصد الأزهر المفهوم الثقافة بشكل عام، وملامح ارتباط الفكر المتطرف بالثقافة، وذلك انطلاقاً من أن الثقافة هي وعاء لكل ما يخص المجتمعات من عادات، وتقاليد، وأعراف، حتى صارت جزءًا أصيلًا من حياة الشعوب، وواقع المجتمعات.

وهي كغيرها من المفاهيم الأخرى، تأثرت بآفة التطرف؛ حيث ظهر مفهوم التطرف الثقافي مؤخراً، والذي يشير إلى تبني، وتعزيز آراء، أو سلوكيات، أو عادات ثقافية بطريقة مفرطة، وغير متوازنة، مما يؤدي إلى رفض آراء، وعادات أخرى، والانغلاق وعدم القدرة على التعايش معها.

وعن أبرز المظاهر المتعددة للتطرف الثقافي فحددها المرصد في رفض التعايش والتفاعل: حيث يمكن أن يؤدي التطرف الثقافي إلى رفض التفاعل مع ثقافات أخرى، والانعزال عنها، مما يقيد فرص التعلم المتبادل والتفاهم، كما يمكن للأفراد المتطرفين ثقافيًّا أن يعبروا عن رفضهم للتعامل مع الثقافات الأخرى، أو تبني نهج التنوع الثقافي، ومن ثمَّ يقتصرون على التفاعل مع أفراد من نفس الثقافة فقط، ويتعاملون مع أتباع الثقافات الأخرى بإقصاء. 
 

التمييز والتفرقة: يتضمن التطرف الثقافي اتخاذ مواقف تمييزية ضد الأفراد، أو المجموعات الأخرى بناءً على عوامل ثقافية مثل الدين، أو العرق، أو الجنس، وقد يتمثل ذلك في التعامل بشكل مختلف، أو غير عادل مع الأشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة.
التشدد في التمسك بالعادات والتقاليد: ويتضمن ذلك التمسك بالعادات، والتقاليد بطريقة مفرطة، وعدم الاستعداد للتكيف مع التغيرات الثقافية. 
 

الانغماس في الماضي: ويتمثَّل في التركيز الزائد على الماضي، والتاريخ الثقافي الموروث دون النظر إلى التطورات الحديثة، والتغيرات في العالم، كما يظهر التطرف الثقافي عندما يتم التشديد بشكل غير متناسب على الحفاظ على العادات، والتقاليد القديمة، دون التكيف مع التغيرات الثقافية المحيطة.
 

ازدواجية الفكر: حيث يتضمن النظر إلى العالم من منظور ثنائي، حيث تعتبر ثقافة واحدة هي الصحيحة، والأخرى هي الخاطئة، وعليه تكون أغلب الأحكام الصادرة غير موضوعية، وتتسم بالازدواجية.

استخدام العنف والتهديد: في بعض الحالات، يمكن للتطرف الثقافي أن يتجلى في استخدام العنف، أو التهديد لفرض آراء، أو عادات ثقافية على الآخرين. ونظرًا لما يمثله التطرف الثقافي من خطورة، فإن الأمر بتطلب اتخاذ التدابير الكفيلة لمواجهة هذه الظاهرة؛ حيث يتطلب التحكم في التطرف الثقافي تعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة، وتشجيع التفاهم المتبادل، وتعزيز التعليم، والوعي حول أهمية التنوع الثقافي في بناء مجتمعات صحية، ومزدهرة.

أما عن أخطار تفشي ظاهرة التطرف الثقافي فقال المرصد ، أنها تكمن في تصاعد التوترات والصراعات والتمييز والعنصرية والمشاركة الاجتماعية وانعدام التعاون وضعف فرص الحوار: إذ يؤدي التطرف الثقافي إلى انعدام التواصل، والتعاون بين مجموعات مختلفة والتأثير السلبي على التنمية إضافة إلى تأجيج العنف والإرهاب الذي يؤدي إلى تأجيج العنف، وتشجيع الأفراد على اللجوء إلى أعمال إرهابية بدعوى حماية الهوية الثقافية

وختامًا: يدعو المرصد إلى التصدي لظاهرة التطرف الثقافي، والاعتراف بها؛ لما لهذه الظاهرة من خطورة تستلزم المواجهة، وتتطلب مواجهة هذه الظاهرة جهودًا مستمرة،، وعليه فإن هناك مجموعة من الاعتبارات، والأمور المهمة التي يجب العمل عليها كالتالي:


-تعزيز التوعية بالظاهرة وسبل مواجهتها: حيث يجب توجيه الجهود نحو نشر التوعية بأهمية التنوع الثقافي، والتفاهم بين الثقافات. كذلك، يمكن تضمين هذه الجهود في المناهج الدراسية، وبرامج التدريب، وورش العمل.
 

-تشجيع الحوار والتفاعل: إذ يجب تشجيع الحوار المفتوح، والبنَّاء بين أفراد الثقافات المختلفة. كما يمكن تنظيم مناسبات، وفعاليات تجمع بين الأشخاص من خلفيات مختلفة لتبادل الآراء، والتجارب. 
 

-تعزيز التعاون والتكامل الثقافي: وفي هذا يمكن تنظيم فعاليات ثقافية مشتركة تسهم في تعزيز التفاهم، وبناء الروابط بين الثقافات المختلفة.
 

-تعزيز التسامح والاحترام: حيث يجب نشر قيمتي التسامح، والاحترام المتبادل بين الأفراد، والمجتمعات، وعلى الجميع أن يتعلموا كيفية التعامل مع الآراء، والعادات المختلفة باحترام، وفهم، وقبول للرأي، والرأي الآخر.
 

-تطوير برامج تعليمية تعزز التكامل الثقافي: يمكن تطوير برامج تعليمية تهدف إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات في المدارس، والجامعات، والمؤسسات التعليمية. 
 

-التشجيع على الخطاب الإعلامي المتوازن: تقوم وسائل الإعلام بدور مهم في تشكيل وجهات النظر، والثقافة الجماعية، وعليه يجب تشجيع وسائل الإعلام على تقديم تقارير متوازنة، وموضوعية، تعكس تنوع، واختلاف الثقافات. 
 

-دعم المشاريع الثقافية: إذ يمكن دعم المشاريع، والفعاليات الثقافية التي تعزز التفاهم بين الثقافات، وتعرض الأشخاص لتجارب جديدة. 
 

-مكافحة التمييز الثقافي: من خلال سنِّ قوانين، وسياسات، تحظر التمييز الثقافي، وتعزز المساواة، والعدالة للجميع.
 

-تشجيع المشاركة المجتمعية: حيث يجب تشجيع المشاركة المجتمعية من خلال الانخراط في أعمال تطوير المجتمع، وتعزيز التنوع.
 

-التركيز على التعلم الشامل: من خلال توفير فرص تعليمية عالية الجودة للجميع، بما في ذلك الأفراد من خلفيات ثقافية مختلفة

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مرصد الأزهر الأفكار المتطرفة التشدد الارهاب بین الثقافات

إقرأ أيضاً:

مديرة مرصد الأزهر: المعركة الحالية عن الوعي والأزهر دوره حماية المجتمع

شهد اليوم الثاني من فعاليات ندوة دار الإفتاء الدولية الأولى انعقاد الجلسة العلمية الثانية، تحت عنوان "حماية الأمن الفكري: التحديات وطرائق الفتوى في المواجهة"، حيث قالت الدكتورة رهام عبد الله سلامة -مديرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف- سعادتها البالغة بالمشاركة في هذه الندوة القيِّمة، معربةً عن شُكرها لفضيلة المفتي وإشادتها بالعمل تحت إدارته، خاصةً من خلال دَورها في المرصد الذي استحدثه شيخ الأزهر عام 2015 للتصدي للأفكار الشاذة والمنحرفة ودعم شؤون الأقليات المسلمة بالعديد من اللغات.

وقد أشارت الدكتورة رهام إلى الجهود المبذولة للتعامل مع الجماعات المتطرفة من خلال ثلاث إدارات متخصصة تركز على رصد أنشطة الجماعات الإرهابية مثل "داعش" وأمثالها عبر منصات التواصل الاجتماعي بمختلف اللغات.

وتناولت في حديثها أبرزَ تهديدات الأمن الفكري، مشيرةً إلى استغلال بعض الجماعات الدينَ لتحقيق مصالحها، ونشر الأخبار الضالة والضارة، والغزو الثقافي الذي يهدد الهوية، مؤكدة أن قلة الوعي والمعلومات كانت سببًا في سقوط آلاف الضحايا على أيدي هذه الجماعات المتطرفة، التي تتَّخذ من وسائل التواصل الاجتماعي منصةً لبثِّ أفكارها.

وأضافت أن المعركة الحالية هي معركة وعي، وهنا يأتي دَور الأزهر في حماية المجتمع، عبر تقديم استراتيجيات قابلة للتنفيذ وخطط واضحة تُطبق من خلال القنوات الشرعية المختلفة. وأكدت على أهمية دَور المرصد في رصد الأخبار وتحليلها ومراجعتها للوصول إلى محتوى توعوي هادف، مع التركيز على الفئات الأكثر عرضة لهذه الأفكار المتطرفة لتحصينهم منها.

واختتمت حديثها بالتأكيد على استمرار الجهود المبذولة لدعم الأطفال وحمايتهم من خلال برامج التوعية في المدارس، متعهدة بالمُضي قدمًا في هذه المسيرة، قائلة: "سنظل نحمي مجتمعنا وهويتنا الفكرية بإذن الله".

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية في "أمسية ثقافية" على CBC غدًا
  • مرصد الأزهر: الأوطان لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها المتسلحين بالعلم والوعي
  • " الخطاب الديني- تحديات التطرف".. ندوة بالأعلى للثقافة
  • آفاق صناعية.. معلومات الوزراء يسلط الضوء على دور الزراعة في دعم الصناعات الغذائية
  • تلفزيون "بريكس" يسلط الضوء على الطفرة السياحية التي حققتها دبي في 2024
  • الأزهر ينعي خالد نبهان "الجد" في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات
  • تلفزيون بريكس يسلط الضوء على الطفرة السياحية التي حققتها دبي في 2024
  • بكلمات مؤثرة.. مرصد الأزهر ينعي الشهيد خالد نبهان صاحب عبارة «روح الروح»
  • صاحب عبارة روح الروح.. مرصد الأزهر ينعي الشهيد خالد نبهان
  • مديرة مرصد الأزهر: المعركة الحالية عن الوعي والأزهر دوره حماية المجتمع