رسالة محبة للوطن… فعالية ثقافية فنية باللاذقية
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
اللاذقية-سانا
أقام الملتقى السوري للثقافة فعالية ثقافية وفنية بعنوان “رسالة محبة للوطن”، بمشاركة 11 منتدى وملتقى وكوكبة من الشعراء والأدباء والكتاب والفنانين وجمهور من المهتمين بالأدب والشعر والثقافة والفنون، حيث وجهوا رسائل تعبق بالمحبة والعشق للوطن عبر نغم عربي سوري فلسطيني.
وتخلل الفعالية التي أقيمت في حديقة البطرني باللاذقية فقرات فنية منوعة شملت الأغاني الوطنية والتراثية والفلكلور الشعبي قدمتها الفرقة (النحاسية)، إضافة إلى مشاركة فرقة (يافا) لشبيبة النضال ومشاركة الفنانين الفلسطينيين فادي عبد الحق ويوسف قبلاوي بمعزوفات موسيقية وأغان وطنية كتحية حب من فلسطين إلى سورية.
وبينت مؤسس ورئيسة مجلس إدارة الملتقى الشاعرة وديعة درويش لمراسلة سانا أن هذا الملتقى الذي تميز بمشاركة واسعة من الأشقاء الفلسطينيين أظهر عمق الانتماء الوطني وكرس المعاني القومية ورسائل المحبة والولاء لوطننا وجيشنا البطل.
بدوره أكد عضو الأمانة العامة لاتحاد الجاليات الفلسطينية في السويد وأوروبا وعضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين في سورية الدكتور هاني جلبوط على انتمائه العميق لسورية رمز العروبة ووفائه لها، معرباً عن حرصه على حضور الملتقيات والفعاليات الثقافية التي تقام في ربوع الوطن وإيصال رسائل الحركة الثقافية في الوطن إلى المغترب.
كما وجه الفنان فايز قزق عبر تسجيل صوتي رسالة حب للوطن وللملتقى السوري ولهذه البقعة الحضارية معتزاً بانتمائه لها، ومؤكداً الأمل الكبير بعودة سورية الحضارة والتاريخ إلى سابق عهدها، ومثمناً تضحيات الشهداء.
وخلال الملتقى وجه الشعراء والأدباء قصائد شعرية مفعمة بحب الوطن نطقوا خلالها أجمل القوافي وأعذب الأشعار، ومنهم الشاعر فايز خنسا بقصيدتين “أنا سورية الحلم”، “وطني وما أهوى من الدنيا لك”، مبيناً أن الوطن يتسع للجميع وأننا عبر التاريخ كنا ولا نزال أصحاب رسالة حق، ومؤكداً أن سورية مرآة للعالم أجمع وأنها تستحق الحياة.
وشارك الشاعر مخلوف مخلوف مدير ملتقى أوتار الأدبي بقصيدة “بين بين” وهي قصيدة فكرية فلسفية صوفية، مؤكداً على جمالية التنوع الفكري الثقافي الذي أثرى وأغنى الملتقى، بينما شارك عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين الشاعر ماهر محمد بقصيدتين “عشق التراب” و”على مين يا شوق”، مؤكداً من خلالهما أن سورية هي القلعة الأخيرة التي دافعت وحمت القضية الفلسطينية وأن الولاء لسورية جعلنا نجتاز المسافات ونشارك ونوجه رسائل محبة الوطن الأسمى.
كما شاركت الشاعرة ثناء سفكوني بثلاثة نصوص شعرية “يا شام” و”قيامة” و”شجن” وهي قصائد تحمل وترسم ملامح العز والمجد والحضارة والتجدد لسورية الأبية.
كما شاركت الشاعرة فاطمة قدار بقصيدتين “وطني الجمال” و”عنك سورية”، مبينة أن فعل الكلمة التي تصدر من الشاعر كفعل الطلقة لها وقعها وأثرها في المتلقي.
ومن خلال رسالة محبة وعرفان لقائد الوطن والجيش العربي السوري أكد الشاعر وسيم عدنان صالح بكلماته وحروفه المفعمة بعشق الوطن على أهمية الترابط والتماسك الوطني.
وجاءت مشاركة الشاعر ثائر يوسف بقصيدة منسوجة بحروف من حب وأمل مهداة إلى وطن الإشراق والشمس والأمل عنوانها “بيت الندى”، والشاعرة مها شقرا بقصيدة تنبض بكل معاني الحب والوفاء بعنوان “وأسميناه عليا”، كما فاح من نصوص الشاعرة أحلام الرفاعي عبق الكرامة والمحبة.
وبين المهندس المتقاعد والمهتم بالشأن الثقافي أكرم رنجوس أن ما يميز هذه الفعالية هو التلاقي ما بين الشعبين السوري والفلسطيني والذي يؤكد أن القضية الفلسطينية هي بوصلة النضال.
وبين المشرف العام على نشاط منظمة الشبيبة الفلسطينية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين زياد حريري أنهم شاركوا باسم منتدى الشهيد غسان كنفاني بالفرقة النحاسية بتقديم معزوفات وطنية وفنية تقديراً وعرفاناً لسورية الأبية.
كما أكد مسؤول مكتب جبهة النضال في مخيم العائدين أحمد جميل جخلب على أهمية مشاركة فرقة “يافا” لشبيبة النضال بإحياء التراث السوري من خلال هذه الملتقيات ووفاء من الشعب الفلسطيني لسورية التي وقفت ودافعت عن القضية الفلسطينية.
غفار ديب
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
مخاطبة الشرع للشعب السوري… مؤجّلة
الحيرة في قراءة السلوك السياسي لقائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، ليست نابعة من قوله أموراً يصعب فهمها. بل النظرة إلى كونه قادماً من عالم الإسلام السياسي الجهادي، الذي له قواعد فكرية وفقه يفترض أن يمنعه عن غالبية الأمور التي يقولها اليوم، وعند هذه النقطة، يتحوّل السؤال إلى حقيقة التبدّل الذي طرأ على عقله خلال السنوات العشر الماضية، علماً أن خصومه يقولون إنه يعتمد مبدأ «التمكين أولاً».
وإذا كان الباحثون في العلوم السياسية يعتقدون بأن قوى الائتلاف السوري، ولا سيما الإسلامية منها، التي تعود أصولها إلى حضن «الإخوان المسلمين»، هي الأقرب إلى الراعي التركي، فإن تطورات حصلت في العراق وبلاد الشام كما في شمال أفريقيا، دلّت على أن أنقرة تتصرف وفق حسابات من نوع مختلف، تماماً كما يفعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لم يخف رغبته في استعادة دولة الخلافة، ولكنه وجد أن الأمر ليس يسيراً كما ظن، فبقي يجلس تحت صورة كمال أتاتورك، رغم أنه يلعنه آخر كل صلاة.
هنا، لا يمكن الاعتماد على نفس آلية التحليل لفهم ما يجري في سوريا، صحيح أنه يمكن لأي مراقب أن يريح نفسه، وأن يقرأ مشكلات هذا البلد، ويعرض لحجم الأطراف المتدخّلة في أموره من دول كبرى ودول صغرى، حتى يقول إن مهمة توحيد سوريا تحت راية الحكم الجديد، سوف تكون مهمة شبه مستحيلة. لكن، هل هذا هو القدر المحتوم؟
في حالة الشرع تحديداً، قد لا يكون منطقياً الركون إلى ما يقوله هو في الإعلام فقط. كونه حتى اللحظة، لم يتحدّث مع الشعب السوري، وكل تصريحاته ومقابلاته الصحافية، هدفها التحدث مع الخارج، مع الغرب أولاً، ودول الخليج ثانياً، وإسرائيل ثالثاً، ودول الجوار رابعاً، من دون إهمال الأطراف النافذة في سوريا، بما في ذلك الدول التي قاتلها مثل إيران وروسيا وحتى العراق، وكل ما قاله الشرع حتى اللحظة، يندرج في توضيح أنه ليس هو الرجل الذي تعرفتم إليه من قبل، وهو كان صريحاً للغاية عندما أعلن انتهاء الثورة السورية في لحظة سقوط بشار الأسد، كما لم يكن كثير الضعف في مخاطبة الغرب، فهو يعرب بقوة عن الرغبة بعلاقات جيدة مع العالم، لكنه اضطر مراراً، إلى القول إنه لن يبقى منتظراً العالم حتى يصدّقه، لكونه يهتم الآن لأن تكون أموره ميسّرة مع الشعب السوري، ومع ذلك فهو حدّد جملة من الثوابت التي يبدو أنها محل توافق غالبية قوى الحكم الجديد:
أولاً: إن سوريا في وضع لا يمكّنها من مخاصمة أحد، وإنها أمام تحديات داخلية، توجب عليها مصادقة الجميع، من أجل ضمان استقرارها ومن أجل الحصول على بيئة صديقة لورشة الإعمار.
ثانياً: إن سوريا تعترف بإسرائيل كدولة، وإن لم يكن الوقت قد آن لبناء علاقة معها. لكنّ الشرع تحدّث بهدوء عن الاتفاقات بين الدولة السورية وإسرائيل، وعن أن الأمم المتحدة هي الناظم للعلاقات الحدودية، وأضاف إلى ذلك، أن سوريا الجديدة لا تفكر في محاربة إسرائيل، بل قال إن من كان يزعج إسرائيل تمّ ترحيله من سوريا. وأشار بالاسم إلى إيران وحزب الله، علماً أنه بادر إلى إبلاغ الفلسطينيين بضرورة تسليم سلاحهم.
ثالثاً: لم يذكر الشرع في أي تصريح على ما يجري في قطاع غزة، ولا هو أشار إلى العدوان على لبنان، وهو لم يأت على ذكر حركة حماس أو المقاومة الفلسطينية، كما لم يعلن وقوفه إلى جانب مقاومي إسرائيل، لا في فلسطين ولا خارجها، وكلامه الذي ردّده في وقت سابق على سقوط النظام، عن القدس والمسجد الأقصى غاب تماماً. وهو يتصرف كمن لا يتوقّع أن يحاسبه أحد من السوريين على ذلك، علماً أن قوى المقاومة لم تتوجه إليه بالعتاب أصلاً.
رابعاً: قال الشرع صراحة إنه يريد أن تكون العلاقة مع الغرب واقعية، وإنه يطالب الغرب برفع العقوبات عنه وعن سوريا، وإنه مستعد للأخذ في الاعتبار الكلام العام للدول الغربية عن حقوق الأفراد والأقليات (وهو أصلاً لا يصدّق بأنها محل اهتمام الحكومات الغربية)، وقال إن سوريا الجديدة، لن تكون مصدر إزعاج لأحد في العالم، فلا تصدير للثورة، ولا حضن للإرهاب كما يراه الغرب، ولا مأوى لأعداء إسرائيل، وفوق ذلك، هو أعلن حل النظام الاشتراكي والقيود التي كانت موجودة (ولو نظرياً) في ظل النظام السابق، وأعلن استعداده (وفق معلومات عن اجتماعات عُقدت بعيداً عن الأضواء مع مسؤولين في حكومته) لفتح الباب أمام استثمارات أجنبية، ولو كان من شأنها الدخول في عملية الخصخصة.
خامساً: وعد الشرع العالم، بأنه سيفسح المجال أمام آليات لكي يختار الشعب السوري ممثّليه إلى الحكم، متحدّثاً بصورة عامة عن دستور جديد وعن قوانين جديدة، وأبقى مسألة قواعد الشريعة الإسلامية في حيز من الغموض، ليس لأنه لا يريد إغضاب الغرب إن تحدّث عن ضرورتها، بل لأن «الوصفة التركية» تتيح له، أن يتزعم حزباً إسلامياً، ويتولى حكم دولة مدنية، ويقدر على اجتراح الوصفات القانونية التي تتيح تمرير «قواعد تشريع تستند إلى روح النص الإسلامي» دون إثارة حفيظة من يعتبر نفسه غير مُلزم بذلك.
كل ما سبق، يعيدنا إلى السؤال المركزي: هل نحن أمام نموذج سوري من حزب العدالة التركية؟
الأكيد، أنه يوجد اليوم استحقاق مركزي أمام الشرع. والحديث هنا، ليس عن طريقة تشكيل لجنة الحوار الوطني، أو نوع التسويات التي تسمح لأطياف المعارضة السورية بالتمثّل في مؤسسات الحكم، بل يتعلق بمهمة مركزية لأي مشروع يراد له أن يعيش طويلاً في بلد مثل سوريا. والمقصود هنا، آلية بناء المؤسسات العسكرية والأمنية في سوريا. وشعار «توحيد السلاح بيد الدولة»، سبق للشرع أن فرضه بالحديد والنار في مناطق حكم «هيئة تحرير الشام» في إدلب، عندما خاض معركة «توحيد البندقية الجهادية» وأطاح بكل من حاول البقاء خارج سلطته، وهو ما يريد اليوم تحقيقه، ولذلك، فهو يحتاج إلى تعاون خارجي لا يقف عند حدود تركيا وقطر، بل يحتاج إلى تعاون أمريكي أساسي، يتيح له، معالجة «المسألة الكردية» من جهة، ويريد من واشنطن، منع إسرائيل من تحريض الدروز على إقامة حكم ذاتي أو المطالبة به، وهو لا يريد الدخول في صدام مع الأردن والإمارات والسعودية، التي يمكنها تشجيع الفصائل المحسوبة عليها، سواء في الجنوب السوري أو بعض مناطق البادية أو الشمال الشرقي، إضافة إلى العشائر القريبة من الحدود مع العراق، وهي فصائل كثيرة، لكنّ الشرع لا يعتقد بأنها قادرة على الائتلاف معاً في مواجهته. ومع ذلك، فهو سيبدأ من نقطة أولية تخص مقاتلي «الهيئة» ومقاتلي «الجيش الوطني»، لأجل تشكيل نواة قوة عسكرية قادرة على إجبار تلك الفصائل على ترك السلاح طوعاً أو غصباً إن لزم الأمر.
كل ما سبق، يجعل من الصعب التكهن بمآلات الأمور، لكن قد لا يكون من الحكمة، الجزم مسبقاً بأن الصدام حاصل حتماً، لأن البناء على هذه الفرضية قد يخلق سياسات من شأنها تعقيد المشهد السوري أكثر مما هو عليه الآن، مع العلم، أنه يجب على محبّي أو مبغضي الشرع، الإقرار بأن الغالبية السورية، تقف اليوم إلى جانب فكرته عن الحياد، والسعي إلى إعادة ورشة الحياة في بلد لم يبق منه إلا بعض هياكل سلطة لم يكن بمقدور أحد جعلها تعيش أكثر مما عاشت.