موضوع خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف.. مظاهر رحمة النبي
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
حددت وزارة الأوقاف المصرية موضوع خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف، حيث جاء موضوع خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف حول مظاهر رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمته، وتؤكد وزارة الأوقاف على جميع السادة الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة القادمة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، مع مراعاة ألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة.
وحول نص خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف فجاءت كالتالي:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
فإنَّ الرحمةَ مِن عظيمِ الأخلاقِ التي تحلَّى بها نبيُّنَا مُحمدٌ ﷺ وقد تجلتْ الرحمةُ في حياةِ نبيِّنَا (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ) في أعلَى صورِهَا وأبهَى معانِيهَا، واتسعتْ آفاقُهَا لتشملَ جميعَ أمتِهِ، بل جميعَ المخلوقاتِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ عن نفسِهِ: (إنَّمَا أنَا رحمةٌ مُهداةٌ).
فكان نبيُّنَا ﷺ رحيمًا بالضعفاءِ وذوِي الهممِ واليتامى والمساكين، يوصِي برحمتِهِم وإكرامِهِم، ويسعَى في قضاءِ حوائجِهِم، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (ليس مِنَّا مَن لم يرحمْ صغيرَنَا، ويُوَقِّرْ كبيرَنَا)، ويقولُ (عليهِ الصلاةُ والسلامُ) لِمَن جاءَهُ يشكو قساوةَ قلبِهِ: (أتحِبُّ أنْ يلينَ قلبُك) فقال: نعم، قال ﷺ: (ارحَمِ اليتيمَ وامسَحْ رأسَه وأطعِمْهُ مِن طعامِك يلِنْ قلبُكَ وتُدرِكْ حاجتَكَ)، ويقولُ سيدُنَا عبدُ اللهِ بنُ أبِي أوفَى (رضي اللهُ عنه): “كان النبيُّ ﷺ ولا يأنفُ أنْ يمشيَ مع الأرملةِ والمسكينِ فيقضِي لهُ الحاجةَ (كما جعلَ النبيُّ ﷺ عبدَ اللهِ بنَ أمِّ مكتوم (رضي اللهُ عنه) – وكان ضريرًا – مؤذنًا لهُ، واستخلفَهُ ﷺ على المدينةِ ليصلِّي بالناسِ.
رحمة الرسول بالرضيعوكان الطفلُ لهُ نصيبٌ وافرٌ مِن رحمتِهِ ﷺ، فحينَ يسمعُ (عليهِ الصلاةُ والسلامُ) بكاءَ الطفلِ الرضيعِ يُنهِي صلاتَهُ على عجلٍ؛ رحمةً بالرضيعِ وبأمِّهِ، يقولُ ﷺ: (إِنِّي لأَدْخُلُ الصَّلاَةَ أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأُخَفِّفُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ بِهِ)، وحينَ قبَّلَ رسولُ اللهِ ﷺ حفيدَهُ الحسنَ بنَ عليٍّ (رضي اللهُ عنهمَا) وعندَهُ الأقرعُ بنُ حابسٍ التميمِي فقالَ الأقرَعُ بنُ حابِسٍ: إنَّ لي عَشَرةً مِن الوَلَدِ، ما قبَّلتُ منهم أحَدًا. فقال رسولُ اللهِ ﷺ: (مَن لا يَرحَمْ، لا يُرحَمْ(.
كما كان نبيُّنَا ﷺ رحيمًا بالمذنبينَ والعصاةِ، يأخذُ بأيديهِم ويرشدُهُم إلى الحقِّ، فحينمَا أتَى شابٌّ إلى النبيِّ ﷺ وقال: يا رسولَ اللهِ، ائذنْ لِي بالزنَا! قرّبَهُ النبيُّ ﷺ منهُ وحاورَهُ: قائلًا لهُ: أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ . قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ . قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ . قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ . قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ . قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ).
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
إنَّ رحمةَ نبيِّنَا ﷺ بأمتِهِ لم تقفْ عندَ حدودِ الحياةِ الدنيا فقط، وإنَّمَا شملتْ الحياةَ الآخرةَ، فحينمَا تَلا النبي ﷺ قَوْلَ اللهِ عزَّ وجلَّ في إبْراهِيمَ: {رَبِّ إنَّهُنَّ أضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فمَن تَبِعَنِي فإنَّه مِنِّي} [إبراهيم: 36] الآيَةَ، وقالَ عِيسَى عليه السَّلامُ: {إنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنَّهُمْ عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لهمْ فإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتي أُمَّتِي، وبَكَى، فقالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، ورَبُّكَ أعْلَمُ، فَسَلْهُ ما يُبْكِيكَ؟ فأتاهُ جِبْرِيلُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَسَأَلَهُ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بما قالَ، وهو أعْلَمُ، فقالَ اللَّهُ: يا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ، ولا نَسُوءُكَ).
ولا شكَّ أنَّ هذه الصورَ العظيمةَ للرحمةِ التي أسكنَهَا اللهُ (عزَّ وجلَّ) قلبَ نبيِّهِ ﷺ أكبرُ دليلٍ على سماحةِ الإسلامِ، ورحمتِهِ ويسرِهِ، فلنتراحمْ فيمَا بينَنَا، ولنجعلْ الرحمةَ رسالةَ الإسلامِ للعالَمِ كلِّهِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (الرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ؛ ارحَموا مَن في الأرضِ يرحَمْكم مَن في السَّماءِ).
اللهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وباركْ على سيدِنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمْ واحفظْ مصرَنَا وارفعْ رايتَهَا في العالمين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: خطبة الجمعة الأوقاف وزارة الأوقاف ج ع ل ن ی الل ن ا م حمد لا الن لا و الل سید ن ا
إقرأ أيضاً:
عبد الله مشنون يكتب..إستفحال مظاهر العنصرية في الجزائر ضد ذوي البشرة السمراء
عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم بايطاليا
تُعاني الجزائر من تفشٍّ واضح للعنصرية ضد ذوي البشرة السمراء، سواء كانوا من أبناء الجنوب الجزائري أو من المهاجرين الأفارقة. رغم الخطاب الرسمي الذي يُنادي بالمساواة ومناهضة التمييز، إلا أن الواقع يُظهر أن هذه الفئة ما زالت تواجه العديد من مظاهر الإقصاء، سواء في الحياة السياسية أو الاجتماعية، مما يطرح تساؤلات حول الأسباب العميقة لهذه الظاهرة وتأثيراتها على تماسك المجتمع الجزائري.
في المؤسسات الرسمية، لا يزال حضور الجزائريين ذوي البشرة السمراء في المناصب العليا محدودًا. فرغم تعيين شخصيات بارزة من هذه الفئة، مثل عبد القادر مساهل ونور الدين بدوي، إلا أن ذلك يبقى استثناءً وليس القاعدة. كما أثار تعيين حسن دردوري ردود فعل عنصرية، ليس بسبب مؤهلاته، ولكن بسبب لون بشرته، ما يعكس استمرار النظرة الدونية تجاه أبناء الجنوب. أما في المؤسسة العسكرية، التي تُعد من أكثر المؤسسات نفوذًا في البلاد، فيندر أن نجد تمثيلًا لهذه الفئة، مما يعمق الشعور بالتهميش لدى الجزائريين السود ويؤكد أن الفرص ليست متساوية للجميع.
إلى جانب الإقصاء السياسي والمؤسسي، يواجه أبناء الجنوب الجزائري مظاهر تمييز صارخة عند انتقالهم إلى مدن الشمال. كثيرون يعانون من مضايقات يومية، وأحيانًا إساءات لفظية بسبب لون بشرتهم ولهجتهم المختلفة. حتى في الجامعات، طُلب من بعض الطلاب القادمين من الجنوب الخضوع لفحوصات طبية قبل استلامهم غرفهم في الإقامات الجامعية، في إجراء لم يُفرض على غيرهم، وهو ما يعكس وجود تمييز مؤسساتي قائم على أساس العرق والانتماء الجغرافي. هذه الممارسات جعلت الكثير من أبناء الجنوب يترددون في الاستقرار في الشمال، خوفًا من مواجهة معاملة غير عادلة أو شعور دائم بالغربة داخل وطنهم.
في الإعلام، لا يختلف الوضع كثيرًا، حيث يبدو أن الوجوه ذات البشرة السمراء غائبة إلى حد كبير عن البرامج التلفزيونية، وكأنها لا تمثل جزءًا من الهوية الجزائرية. حادثة عارضة الأزياء والمؤثرة الجزائرية بركة مزراية تُجسد هذا التهميش، حيث تعرضت لتعليقات عنصرية مؤلمة جعلتها تبكي بحرقة، ما كشف عن حجم التنمر الذي يواجهه الجزائريون السود في الفضاء العام. غياب التمثيل العادل في وسائل الإعلام يعزز الصورة النمطية السلبية عن هذه الفئة، ويُكرّس فكرة أنها ليست جزءًا من النسيج الوطني، رغم أنها من أقدم المكونات السكانية في الجزائر.
العنصرية لم تقتصر على أبناء الجنوب، بل امتدت أيضًا إلى المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، الذين يُنظر إليهم أحيانًا على أنهم عبء أو تهديد ديموغرافي. كثير منهم يعملون في ظروف صعبة دون أي حماية قانونية، ويواجهون رفضًا اجتماعيًا واضحًا. في بعض الحالات، تعرض هؤلاء المهاجرون لاعتداءات عنيفة وحوادث قتل وخطاب كراهية متصاعد، دون أن يكون هناك رد فعل رسمي حازم لحمايتهم أو الحد من هذه الظاهرة.
حتى في الخارج، حمل بعض الجزائريين معهم هذه النزعات العنصرية، كما ظهر مؤخرًا في حادثة جزائرية في باريس قامت بتصوير الجناح المغربي في معرض الفلاحة، ووصفت المشاركين فيه بأنهم “مجموعة من السود”، في مشهد يعكس كيف تسربت هذه العقلية إلى بعض فئات المجتمع الجزائري حتى خارج حدوده. هذه التصرفات لا تسيء فقط إلى صورة الجزائر على المستوى الدولي، بل تعكس مشكلة عميقة تتعلق بالهوية والتقبل الاجتماعي.
على الجانب الآخر، يبدو أن المغرب الجار يقدّم نموذجًا أكثر انفتاحًا وتسامحًا فيما يتعلق بالتنوع العرقي. لا تشهد المملكة نفس الحدة من الممارسات العنصرية، حيث تتعامل الثقافة المغربية بشكل أكثر طبيعية مع التنوع العرقي واللغوي. هذا الاختلاف لا يعود إلى عوامل اقتصادية أو جغرافية، بل إلى سياسات اجتماعية وثقافية عززت التعددية والتعايش بشكل أكثر فاعلية.
تاريخيًا، تعود جذور العنصرية في الجزائر إلى الحقبة الاستعمارية، حيث سعى المستعمر الفرنسي إلى تطبيق نموذج فصل عنصري يشبه ما حدث في جنوب أفريقيا. رغم الاستقلال، لم تختف هذه الذهنية بالكامل، بل استمرت في بعض مؤسسات الدولة والمجتمع، مما جعل التمييز العرقي أمرًا شائعًا وإن كان غير مُعلن بشكل رسمي. والمفارقة أن النظام الجزائري، الذي يدّعي الدفاع عن حقوق سكان جنوب المغرب، لم يُبدِ نفس الحرص تجاه سكان جنوب الجزائر أنفسهم، الذين يعانون من الإقصاء والتهميش المستمر. هذا التناقض يثير تساؤلات جدية حول مدى مصداقية الشعارات التي يرفعها النظام في قضايا حقوق الإنسان.
إن تفشي العنصرية في الجزائر يُشكل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق مجتمع أكثر عدالة وانسجامًا. معالجة هذه الظاهرة تتطلب وعيًا جماعيًا، وإصلاحات قانونية تضمن المساواة الفعلية بين جميع المواطنين، وتجريم التمييز بكل أشكاله. من دون هذه الخطوات، ستبقى الفجوة قائمة، وسيستمر الجزائريون السود في مواجهة عراقيل غير مبررة داخل وطنهم، في تناقض صارخ مع المبادئ التي قامت عليها الثورة الجزائرية، والتي كان أحد أهدافها القضاء على كل أشكال الظلم والتمييز.