عربي21:
2025-02-04@22:56:02 GMT

عرض صنعاء العسكري ومظاهره الطائفية الصارخة

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

يوم الخميس الماضي نظمت جماعة الحوثي الانقلابية في صنعاء عرضاً عسكرياً، لمعدات عسكرية سبق أن استخدمتها خصوصاً في الحرب العابرة للحدود، وأخص بالذكر هنا الصواريخ والطائرات المسيرة، مستغلة ذكرى سقوط صنعاء التي تصادف 21 من أيلول/ سبتمبر 2014، لإظهار نيتها لممارسة الاستنزاف المعنوي المفترض للمملكة العربية السعودية.



العرض بتنوعاته المدنية والعسكرية والعقائدية، استفاد لا شك من خبرات الدولة اليمنية، واستخدم بكل سهولة التركة الموروثة من عهد صالح وبالأخص التشكيلات العسكرية البشرية واللوجستية، والتي كانت تقدم عروضاً أكثر كفاءة وتنوعاً في مظاهر القوة العسكرية في فترة حكم الرئيس علي عبد الله صالح. والقاسم المشترك هو أن هذه التركة كانت تتكئ على الهوية الزيدية والجهوية المشتركة ذاتها، وقد رأينا كيف سقط هذا الجيش خلال ست ساعات يوم 26 آذار/ مارس 2015، فخرج عن الجهوزية المفترضة وذهب ليقاتل بأسلوب حرب العصابات.

الخطاب الإعلامي الذي رافق العرض العسكري حمل عبارات غير ودية تجاه المملكة العربية السعودية؛ التي أشير إليها وإلى كل من الإمارات ودول التحالف الأخرى بـ"دول العدوان"، بل إن الكلمة المنفلتة التي ألقاها وزير دفاع الحوثيين حملت تهديداً باستهداف محتمل للسعودية والإمارات، وهو ما لا يتفق مع النتائج الإيجابية التي عاد بها وفد جماعة الحوثي من الرياض في أول زيارة معلنة له إلى العاصمة السعودية
الخطاب الإعلامي الذي رافق العرض العسكري حمل عبارات غير ودية تجاه المملكة العربية السعودية؛ التي أشير إليها وإلى كل من الإمارات ودول التحالف الأخرى بـ"دول العدوان"، بل إن الكلمة المنفلتة التي ألقاها وزير دفاع الحوثيين حملت تهديداً باستهداف محتمل للسعودية والإمارات، وهو ما لا يتفق مع النتائج الإيجابية التي عاد بها وفد جماعة الحوثي من الرياض في أول زيارة معلنة له إلى العاصمة السعودية.

دعونا نسلّم أولاً بأن هذا العرض ليس رمزياً، فالأسلحة التي تم عرضها ربما تكون هي المتاح من المخزون المتبقي الذي تركه صالح أو ذلك الذي يصل إلى هذه الجماعة عبر سلسلة من عمليات التهريب المعقدة، أو من الشحنات التي تتغاضى عنها البحرية الغربية، في إطار سياسة هدفت إلى إبقاء معادلة الردع بمستويات مؤذية للمملكة لحملها على التخفيف من وطأة تدخلها العسكري؛ والحيلولة دون أن تؤدي الحرب إلى نهاية الوجود السياسي لجماعة الحوثي ومشروعها الإمامي الزيدي.

وهناك ملاحظات جديرة بالاهتمام فيما يتعلق بالعرض العسكري لجماعة الحوثي، فقد رصدت الكاميرات مجسمات تحاكي الصواريخ، في محاولة لإظهار أن لدى هذه الجماعة ما يكفي من القدرة على إيذاء الجار السعودي الذي يتمتع باقتصاد مزدهر ويدخل مرحلة طموحة من التنمية؛ تقوم على جذب المستثمرين والشركات الكبرى ولا تحتمل أي تهديد عسكري من جانب حلفاء إيران في شمال اليمن.

تدرك السعودية أكثر من غيرها أن بقاء جماعة الحوثي كمشروع سياسي قابل للحياة في صنعاء هو تهديد مزعج لطموحاتها الإقليمية والدولية، وإسناد غير مستحق لاستراتيجية طهران في التأثير السلبي أو التحكم بمصير الدول الواقعة على الضفة الغربية من الخليج العربي، لكنها لم تُظهر ما يكفي من الإشارات التي تفيد بأنها عازمة على إعادة بناء شراكة ذات مصداقية مع الطيف اليمني الواسع وقواه السياسية بعيداً عن الفرز الأيديولوجي، والمخاوف التي تعززت بفعل المؤامرة متعددة الأطراف التي مكنت للقوى الشيعية المسلحة في هذا البحر السني الأعزل ومنحتها هذه القدرة على سلب إرادة ملايين الحالمين بالديمقراطية والازدهار والسلام.

لقد طغت على مشهد العرض العسكري للحوثيين في صنعاء المسحة الطائفية الشيعية الصارخة، مقترنة بمحاولات مستميتة لتعزيز الهالة السياسية والعقائدية لقائد الجماعة عبد الملك الحوثي، وشقيقه حسين الذي قُتل في حرب صعدة الأولى عام 2004 وأبيهما الشيعي المتطرف بدر الدين، ومجسمات للقرآن الذي يمتلكون هم وحدهم فقط الأحقية أو القدرة على تأويله، وهو غير ذلك القرآن الذي أحرقه مسلحو الجماعة في المساجد وأهالوا عليه التراب، وقتلوا حُفّاظَهُ ودمروا مدارسه وجامعته الرئيسة في صنعاء جامعة القرآن الكريم.

انعدام الحساسية السعودية لتفاقم الظاهرة الشيعية المتطرفة في شمال اليمن، قد يكون واحداً من أسوأ المداخل التي سيتعاظم من خلالها تأثير جماعة الحوثي المدعومة من إيران، في المجتمع السعودي المنسحب من التزامه العقائدي بتأثير السياسة الجديدة، لأن الحوثيين ومن ورائهم إيران يشعرون بأن لديهم ثأر عقائدي لن يهدأ إلّا بإعادة صياغة الهوية الثقافية والعقائدية للشعب اليمني أولاً، وإعادة تصديرها إلى الداخل السعودي
ولعمري فهذا هو التهديد الحقيقي الذي يواجه اليمنيين اليوم وهم على موعد لمواجهته في السنوات الخمس المقبلة، سواء بقي الدعم الإشكالي والمخادع للأشقاء أو استناداً إلى إرادة الشعب وإمكانياته واستقلالية قراره.

قد لا تظهر الرياض في هذه المرحلة حساسية تجاه هذه المسحة العقائدية الشيعية لاستعراضات الحوثيين وشعاراتهم والمتصلة حركياً بالحرس الثوري الإيراني، لأن السعودية تكاد تكون قد غادرت عملياً مربع الهوية العقائدية وتحللت منها، وربما تعمدت سلوكَ طريقٍ تنأى بالسعودية الجديدة عن الوهابية التي كان لها التأثير العميق في صياغة العلاقة بين البلدين خلال العقود الماضية، وألقت بظلالها القاتمة على المرحلة الحالية وكانت سبباً في الكارثة والانقسامات التي يعاني منها اليمنيون.

لكن انعدام الحساسية السعودية لتفاقم الظاهرة الشيعية المتطرفة في شمال اليمن، قد يكون واحداً من أسوأ المداخل التي سيتعاظم من خلالها تأثير جماعة الحوثي المدعومة من إيران، في المجتمع السعودي المنسحب من التزامه العقائدي بتأثير السياسة الجديدة، لأن الحوثيين ومن ورائهم إيران يشعرون بأن لديهم ثأر عقائدي لن يهدأ إلّا بإعادة صياغة الهوية الثقافية والعقائدية للشعب اليمني أولاً، وإعادة تصديرها إلى الداخل السعودي، بإمكانيات الدولة التي تقع تحت تصرفهم والامتدادات العقائدية الزيدية والاثني عشرية في جنوب المملكة وشرقها على وجه الخصوص.

twitter.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السعودية اليمنية العرض العسكري الحوثيين الطائفية السعودية اليمن الحوثيين الطائفية عرض عسكري مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العرض العسکری جماعة الحوثی فی صنعاء

إقرأ أيضاً:

اليمن على شفا حرب جديدة.. تحركات لـدعم جهود العودة للصراع؟

عقب هدوء ميداني ساد اليمن لنحو 3 أعوام تجددت معارك دموية في اليمن وتصاعدت مخاوف محلية وخارجية من تصاعد أكبر للصراع، بينما تُجري القوى المحلية الموالية للتحالف السعودي الإماراتي اتصالات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من أجل إيجاد أرضية سياسية وميدانية لدعم جهود عودة النزاع.

وقالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن السعودية تحاذر استفزاز جماعة أنصار الله "الحوثي" حتى الآن، وغير المعلوم ما إذا كانت تلك الاتصالات تجري بغير علم كل من الرياض وأبو ظبي.

وأضافت الصحيفة "أن "أطراف المجلس الرئاسي، ولا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح، ينخرطوا في صراع جذري وإلغائي ضد صنعاء، ويقدّم فيه كل منهما نفسه كرأس حربة في أي مشروع غربي أو إقليمي استراتيجي للهجوم على الأخيرة، مستغلّين التغيّرات الإقليمية".

وقالت "يبدو التنظيمان مختلفين ومتصارعين في كل شيء، سوى مناصبة العداء لصنعاء، وهما يحرّكان ماكيناتهما السياسية والإعلامية والعسكرية كأنهما في سباق مع الزمن لإقناع الدول الكبرى باستغلال الفرصة المتاحة، بحسب زعمهما، لضرب أنصار الله، وخصوصا بعدما أعادت إدارة دونالد ترامب تصنيف الحركة منظمة إرهابية عالمية".


وأوضحت "على أن الأطراف المحلية المستعجلة لعودة الحرب، تدرك التحديات والمخاطر التي تواجهها، وهي لم تنجح حتى اللحظة في تطبيق مقترحاتها التي يعدّ أبرزها توحيد مركز القيادة السياسي والعسكري، وتعزيز قوات حكومة عدن بالقدرات الأساسية القتالية والتدريبية، وتأطيرها ضمن مراكز عمليات مشتركة متعددة الجنسيات، بحيث يسهل تنسيق العمليات في الداخل مع التحالف السعودي - الإماراتي في حال اتخاذ القرار بذلك".

وناحية أخرى نقلت قناة "العربية" السعودية عن مصادر مطّلعة في واشنطن على ما يتم الإعداد له في شأن اليمن، أن الولايات المتحدة، في ظل إدارة ترامب، تبحث مقترحات للتوصّل إلى حلّ جذري، ليس فقط لمشكلة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بل أيضاً لما تعدّها مشكلة يمثّلها وجود جماعة أنصار الله وقوتها. 

واعتبرت الصحيفة اللبنانية أن التصنيف الأخير "يندرج ضمن خطة أوسع تهدف الخطوة الأولى منها إلى معاقبة الأشخاص والمؤسسات الخارجية الذين يساعدون الحركة، وفرض طوق ضيّق على اليمن، أما الخطوة الثانية، فترمي إلى وضع الأسس القانونية المطلوبة للبدء في تشكيل تحالف عسكري يكون قادراً على ضرب قدرات الحركة بغطاء قانوني وعسكري كبير، ويكون لديه العتاد الجوّي والعديد الميداني، كما كانت حال التحالف ضد داعش".

وفي هذا الإطار، في سياق تحريضه على الاقتتال الداخلي في اليمن، طالب السيناتور الجمهوري الأميركي، جو ويلسون، بلاده بالعمل مع السعودية والإمارات لدعم توحيد جيش حكومة عدن لهزم جماعة الحوثي، قائلا: إن "السعودية شريك وثيق وبنّاء ضد النظام الإيراني".

وفي وقت سابق، سرّبت وسائل إعلام خليجية ويمنية معلومات عن توجّه لدى إدارة ترامب لإنهاء مهمة تحالف "حارس الأزدهار" البحري في الأسابيع المقبلة، في ما يرجعه الخبراء إلى الرغبة في التخلّص من النفقات المالية للتحالف المذكور، بإعادة صياغته على أسس مختلفة وتحميل دول الخليج نفقاته.

ويأتي هذا  مع تعزز الانطباع بأن المهمة البحرية – الجوية التي أطلقتها الإدارة السابقة فشلت في منع تهريب أسلحة إلى صنعاء، وأن إيران تمكّنت من خلال الكثير من الثغرات البحرية والبرّية من تهريب المئات، وربما الآلاف، من القطع التكنولوجية التي تحتاج إليها جماعة الحوثي لتطوير أداء المسيّرات والصواريخ التي تملكها، أو تعمل على تصنيعها محلياً. 

وبحسب تقييم المسؤولين الأميركيين، والمستمر حالياً، يعود هذا الفشل إلى أن الدول المشاركة في التحالف بفاعلية لم تتخطّ العشر، وأن الولايات المتحدة وحدها من نشرت قوات بحرية وجوية في المنطقة، وقامت بعمليات استطلاع فوق الأراضي اليمنية، وعملت على التصدي للمسيّرات البحرية والجوية والصواريخ التي كان يطلقها اليمن على السفن العسكرية والمدنية التي تحاول خرق الحصار المفروض على "إسرائيل".


وتتصاعد مخاوف محلية وخارجية من تصاعد أكبر للصراع في البلد العربي، الذي يعاني بالفعل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.

ومنذ نيسان/ أبريل 2022، شهد اليمن هدنة من حرب اندلعت قبل أكثر من 10 سنوات بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي التي تسيطر على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ أيلول/ سبتمبر 2014.

وفي سياق المعارك المتجددة، أعلن محور تعز العسكري الحكومي، عبر أن "اشتباكات عنيفة دارت بين قوات الجيش ومليشيا الحوثي في جبهة الأقروض بمديرية المسراخ جنوب شرقي محافظة تعز (جنوب غرب)".

وأضاف أن "قوات الجيش نجحت في إحباط محاولة تسلل عناصر الحوثي، ما أسفر عن قتلى وجرحى في صفوفهم"، دون ذكر عدد محدد.

مقالات مشابهة

  • منظمة حقوقية تدعو إلى تحرك عاجل لحماية الصحفيين في اليمن
  • ما مكان وقوف المرأة إذا صلت مع زوجها جماعة؟ .. الإفتاء تجيب
  • اليمن على شفا حرب جديدة.. تحركات لـدعم جهود العودة للصراع؟
  • من تكون الشابة السورية التي رافقت الشرع خلال زيارته إلى السعودية؟
  • الحوثي: نراقب تصريحات ترامب بشأن تهجير أهل غزة الى دول عربية 
  • قلق متزايد للإصلاح في مأرب بعد تلويح صنعاء بورقة الحسم العسكري
  • مليشيا الحوثي تقتل شاباً من قبيلة بني نوف في الجوف
  • الحوثي: نحن على جهوزية للتصعيد في حال نكث العدو بالاتفاق وعاد للتصعيد في غزة أو لبنان
  • جماعة الحوثي: تصنيف أمريكا لنا "منظمة إرهابية" تخبط ومآله الفشل
  • ساكو:الوجود المسيحي في العراق ما زال مهدداً بسبب الطائفية والمحاصصة