عرض صنعاء العسكري ومظاهره الطائفية الصارخة
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
يوم الخميس الماضي نظمت جماعة الحوثي الانقلابية في صنعاء عرضاً عسكرياً، لمعدات عسكرية سبق أن استخدمتها خصوصاً في الحرب العابرة للحدود، وأخص بالذكر هنا الصواريخ والطائرات المسيرة، مستغلة ذكرى سقوط صنعاء التي تصادف 21 من أيلول/ سبتمبر 2014، لإظهار نيتها لممارسة الاستنزاف المعنوي المفترض للمملكة العربية السعودية.
العرض بتنوعاته المدنية والعسكرية والعقائدية، استفاد لا شك من خبرات الدولة اليمنية، واستخدم بكل سهولة التركة الموروثة من عهد صالح وبالأخص التشكيلات العسكرية البشرية واللوجستية، والتي كانت تقدم عروضاً أكثر كفاءة وتنوعاً في مظاهر القوة العسكرية في فترة حكم الرئيس علي عبد الله صالح. والقاسم المشترك هو أن هذه التركة كانت تتكئ على الهوية الزيدية والجهوية المشتركة ذاتها، وقد رأينا كيف سقط هذا الجيش خلال ست ساعات يوم 26 آذار/ مارس 2015، فخرج عن الجهوزية المفترضة وذهب ليقاتل بأسلوب حرب العصابات.
الخطاب الإعلامي الذي رافق العرض العسكري حمل عبارات غير ودية تجاه المملكة العربية السعودية؛ التي أشير إليها وإلى كل من الإمارات ودول التحالف الأخرى بـ"دول العدوان"، بل إن الكلمة المنفلتة التي ألقاها وزير دفاع الحوثيين حملت تهديداً باستهداف محتمل للسعودية والإمارات، وهو ما لا يتفق مع النتائج الإيجابية التي عاد بها وفد جماعة الحوثي من الرياض في أول زيارة معلنة له إلى العاصمة السعودية
الخطاب الإعلامي الذي رافق العرض العسكري حمل عبارات غير ودية تجاه المملكة العربية السعودية؛ التي أشير إليها وإلى كل من الإمارات ودول التحالف الأخرى بـ"دول العدوان"، بل إن الكلمة المنفلتة التي ألقاها وزير دفاع الحوثيين حملت تهديداً باستهداف محتمل للسعودية والإمارات، وهو ما لا يتفق مع النتائج الإيجابية التي عاد بها وفد جماعة الحوثي من الرياض في أول زيارة معلنة له إلى العاصمة السعودية.
دعونا نسلّم أولاً بأن هذا العرض ليس رمزياً، فالأسلحة التي تم عرضها ربما تكون هي المتاح من المخزون المتبقي الذي تركه صالح أو ذلك الذي يصل إلى هذه الجماعة عبر سلسلة من عمليات التهريب المعقدة، أو من الشحنات التي تتغاضى عنها البحرية الغربية، في إطار سياسة هدفت إلى إبقاء معادلة الردع بمستويات مؤذية للمملكة لحملها على التخفيف من وطأة تدخلها العسكري؛ والحيلولة دون أن تؤدي الحرب إلى نهاية الوجود السياسي لجماعة الحوثي ومشروعها الإمامي الزيدي.
وهناك ملاحظات جديرة بالاهتمام فيما يتعلق بالعرض العسكري لجماعة الحوثي، فقد رصدت الكاميرات مجسمات تحاكي الصواريخ، في محاولة لإظهار أن لدى هذه الجماعة ما يكفي من القدرة على إيذاء الجار السعودي الذي يتمتع باقتصاد مزدهر ويدخل مرحلة طموحة من التنمية؛ تقوم على جذب المستثمرين والشركات الكبرى ولا تحتمل أي تهديد عسكري من جانب حلفاء إيران في شمال اليمن.
تدرك السعودية أكثر من غيرها أن بقاء جماعة الحوثي كمشروع سياسي قابل للحياة في صنعاء هو تهديد مزعج لطموحاتها الإقليمية والدولية، وإسناد غير مستحق لاستراتيجية طهران في التأثير السلبي أو التحكم بمصير الدول الواقعة على الضفة الغربية من الخليج العربي، لكنها لم تُظهر ما يكفي من الإشارات التي تفيد بأنها عازمة على إعادة بناء شراكة ذات مصداقية مع الطيف اليمني الواسع وقواه السياسية بعيداً عن الفرز الأيديولوجي، والمخاوف التي تعززت بفعل المؤامرة متعددة الأطراف التي مكنت للقوى الشيعية المسلحة في هذا البحر السني الأعزل ومنحتها هذه القدرة على سلب إرادة ملايين الحالمين بالديمقراطية والازدهار والسلام.
لقد طغت على مشهد العرض العسكري للحوثيين في صنعاء المسحة الطائفية الشيعية الصارخة، مقترنة بمحاولات مستميتة لتعزيز الهالة السياسية والعقائدية لقائد الجماعة عبد الملك الحوثي، وشقيقه حسين الذي قُتل في حرب صعدة الأولى عام 2004 وأبيهما الشيعي المتطرف بدر الدين، ومجسمات للقرآن الذي يمتلكون هم وحدهم فقط الأحقية أو القدرة على تأويله، وهو غير ذلك القرآن الذي أحرقه مسلحو الجماعة في المساجد وأهالوا عليه التراب، وقتلوا حُفّاظَهُ ودمروا مدارسه وجامعته الرئيسة في صنعاء جامعة القرآن الكريم.
انعدام الحساسية السعودية لتفاقم الظاهرة الشيعية المتطرفة في شمال اليمن، قد يكون واحداً من أسوأ المداخل التي سيتعاظم من خلالها تأثير جماعة الحوثي المدعومة من إيران، في المجتمع السعودي المنسحب من التزامه العقائدي بتأثير السياسة الجديدة، لأن الحوثيين ومن ورائهم إيران يشعرون بأن لديهم ثأر عقائدي لن يهدأ إلّا بإعادة صياغة الهوية الثقافية والعقائدية للشعب اليمني أولاً، وإعادة تصديرها إلى الداخل السعودي
ولعمري فهذا هو التهديد الحقيقي الذي يواجه اليمنيين اليوم وهم على موعد لمواجهته في السنوات الخمس المقبلة، سواء بقي الدعم الإشكالي والمخادع للأشقاء أو استناداً إلى إرادة الشعب وإمكانياته واستقلالية قراره.
قد لا تظهر الرياض في هذه المرحلة حساسية تجاه هذه المسحة العقائدية الشيعية لاستعراضات الحوثيين وشعاراتهم والمتصلة حركياً بالحرس الثوري الإيراني، لأن السعودية تكاد تكون قد غادرت عملياً مربع الهوية العقائدية وتحللت منها، وربما تعمدت سلوكَ طريقٍ تنأى بالسعودية الجديدة عن الوهابية التي كان لها التأثير العميق في صياغة العلاقة بين البلدين خلال العقود الماضية، وألقت بظلالها القاتمة على المرحلة الحالية وكانت سبباً في الكارثة والانقسامات التي يعاني منها اليمنيون.
لكن انعدام الحساسية السعودية لتفاقم الظاهرة الشيعية المتطرفة في شمال اليمن، قد يكون واحداً من أسوأ المداخل التي سيتعاظم من خلالها تأثير جماعة الحوثي المدعومة من إيران، في المجتمع السعودي المنسحب من التزامه العقائدي بتأثير السياسة الجديدة، لأن الحوثيين ومن ورائهم إيران يشعرون بأن لديهم ثأر عقائدي لن يهدأ إلّا بإعادة صياغة الهوية الثقافية والعقائدية للشعب اليمني أولاً، وإعادة تصديرها إلى الداخل السعودي، بإمكانيات الدولة التي تقع تحت تصرفهم والامتدادات العقائدية الزيدية والاثني عشرية في جنوب المملكة وشرقها على وجه الخصوص.
twitter.com/yaseentamimi68
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السعودية اليمنية العرض العسكري الحوثيين الطائفية السعودية اليمن الحوثيين الطائفية عرض عسكري مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العرض العسکری جماعة الحوثی فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
اجتماع بمحافظة صنعاء يناقش الإشكاليات التي تواجه قطاع الأشغال
الثورة نت|
ناقش اجتماع مشترك للهيئة الإدارية وقطاع الأشغال بمحافظة صنعاء اليوم، برئاسة المحافظ عبد الباسط الهادي، المواضيع المتعلقة بتطوير الأداء بقطاع الأشغال خلال الفترة المقبلة.
واستعرض الاجتماع الذي ضم أمين عام المجلس المحلي للمحافظة عبد القادر الجيلاني، وأعضاء الهيئة الإدارية عبد السلام الجائفي ومهيوب مهدي وعلي السهيلي، ووكيل المحافظة للشؤون الفنية المهندس صالح المنتصر، ومستشاري المحافظة عبد الله المرتضى وعبد الرحمن المرتضى، ومديري مديريات الطوق ومسؤول قطاع الأشغال بالمحافظة وفروع الأشغال في المديريات الإشكاليات التي يواجهها قطاع الأشغال.
وتناول إشكالية البناء العشوائي وتأخير إنزال المخططات العمرانية في مناطق التوسع العمراني في مديريات الطوق ومراكز المديريات، وعدم تحديث مخططات وحدات الجوار التي تم إنزالها سابقا وكذا الاعتداءات على حرم الطرق الاسفلتية الرئيسية والفرعية.
وتطرق الاجتماع، إلى الإزدحامات المرورية الناتجة عن البسطات والأسواق العشوائية على الطرق الرئيسية وتواجد الخلاطات المركزية والمناشير ومصانع البلك ضمن المناطق السكنية، وكذا إشكالية عدم وجود مقالب لجمع المخلفات في مديريتي سنحان وبني بهلول، وصنعاء الجديدة.
كما تطرق إلى إشكالية تزايد محطات الغاز في الأحياء السكنية، وكذا إشكالية المباني العشوائية القائمة في الشوارع الرئيسية قبل نزول المخططات.
وناقش الاجتماع الوضع القائم للشوارع التي تم شقها والمسفلتة وشبه المكتملة، إضافة إلى وضع المباني السكنية القائمة غير المطابقة لاشتراطات ومعايير قانون البناء فيما يخص المساحة والكثافة البنائية والإرتدادات.
وخرج الاجتماع بعدد من القرارات والتوصيات لتجاوز الصعوبات التي تواجه قطاع الاشغال من أبرزها إلزام مديري المديريات والأشغال بعمل قاعدة بيانات بالحجوزات الحكومية.
وأقر إنزال المخططات وفق المرجعيات القانونية والفنية، وحصر مخططات وحدات الجوار القديمة التي تحتاج إلى تحديث والرفع بها لمعالجتها مع الجهات المعنية، وكذا مخاطبة الجهات التي لها حجوزات في المخططات ووحدات الجوار الجديدة بتسويرها، وكذا منع أي بناء أو توسع في حرم الطرق الإسفلتية الرئيسية والفرعية.
وأكد الاجتماع على أهمية وضع آلية مناسبة لمعالجة الازدحامات المرورية على الطرق الرئيسية نتيجة البسطات والأسواق العشوائية.
وفيما يخص الخلاطات المركزية ومناشير الأحجار ومصانع البلك في الأحياء السكنية، أقر المجتمعون تكليف لجنة للعمل على تهيئة المنطقة الصناعية المحددة مسبقا، وشق الشوارع إليها وإلزام مالكي الخلاطات والمناشير ومصانع البلك بالنقل إليها بعد استكمال البنية التحتية لها.
وأقر الاجتماع تحديد معايير واشتراطات إنشاء محطات بيع الغاز المنزلي بما يكفل عدم حدوث أي كوارث لا قدر الله.
وخلال الاجتماع أكد محافظ صنعاء أهمية تحسين وتطوير العمل في قطاع الأشغال، مشددا على ضرورة الحد من المخالفات والعمل على إبراز المحافظة بالمظهر اللائق.
وحث مدراء المديريات ومسؤولي قطاع الأشغال على ضرورة منع وإزالة أي مخالفات للبناء العشوائي وتحمل المسؤولية عن أي مخالفة يتم استحداثها أو عدم تطبيق اشتراطات البناء مستقبلا.
وأكد المحافظ الهادي على أهمية ردم الحفر أولا بأول، وإزالة العشوائيات والمظاهر المشوهة من الشوارع والأسواق والحفاظ على المظهر العام للمحافظة ومراكز المديريات.