خبيرة صينية: قمة شي والأسد فرصة لتعزيز الاستقرار في المنطقة|خاص
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
في أول زيارة له منذ نحو عشرين عاما، وصل الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصين يوم الخميس، في زيارة تاريخية بحسب وسائل الإعلام الصينية، التي أكدت أنها تأتي بعد فترة طويلة من العزلة الدولية التي تعرضت لها سوريا بسبب الأزمة الأمنية والسياسية فيها، وفق ما نقلت عنها وكالة "رويترز".
وفي يوم التالي من وصوله إلى هانجتشو، عقد الرئيس الصيني شي جين بينج مباحثات مع نظيره السوري بشار الأسد يوم الجمعة، وأعلن عن تشكيل "شراكة استراتيجية" جديدة بين البلدين، مؤكدا على دعم الصين الكامل لسوريا في مواجهة جميع التحديات.
وللوقوف على آخر المستجدات في العلاقات الصينية السورية، والنتائج التاريخية للقمة التي جمعت بين الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس السوري بشار الأسد يوم الجمعة، أجرى موقع "صدي البلد" حوارًا خاصًا مع حنان لي جيوان، الخبيرة في العلاقات الدولية والشؤون الصينية العربية.
كيف تري الصين عودة سوريا للجامعة العربية؟
إذا نظرنا إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية من منظور صيني، فإننا نرى ذلك كخطوة إيجابية تعكس جهودًا دولية للمصالحة والاستقرار في المنطقة.
الصين تؤيد حلاً سياسيًا للأزمة السورية ودعمها لعودة سوريا إلى الجامعة العربية تعكس التزامها بتحقيق الاستقرار في المنطقة. يمكن أن تلعب الجامعة العربية دورًا هامًا في تعزيز التعاون الإقليمي وحل النزاعات السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، العلاقات بين الصين وسوريا قد شهدت تعزيزًا في السنوات الأخيرة، وهذه العودة قد تعزز التعاون الثنائي بينهما في مجموعة متنوعة من المجالات بما في ذلك التجارة والاقتصاد.
وترى الصين عودة سوريا إلى الجامعة العربية فرصة لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، ولتعزيز التعاون الثنائي بين الصين وسوريا، مما يعود بالفائدة على الجميع.
كيف هي العلاقات بين الصين وسوريا؟
إن العلاقات بين الصين وسوريا علاقاتٍ ثنائية تمتاز بالتطور والتعاون عبر مجموعة متنوعة من القطاعات. منذ سنوات عديدة، أظهرت العلاقات بين هذين البلدين تطورًا إيجابيًا وازدهارًا.
تأسست أسس هذا التعاون على التفاهم المتبادل والمصالح المشتركة. الصين تلعب دورًا بارزًا في دعم الاقتصاد السوري من خلال الاستثمارات وتقديم المساعدات الاقتصادية. وفي الآونة الأخيرة، شهدت العلاقات السياسية بين البلدين تعزيزًا مع توقيع اتفاقيات واتفاقيات تعاون متعددة.
وصل الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء الأسد مدينة هانجتشو شرقي الصين أول أمس للمشاركة في افتتاح الألعاب الأسيوية التاسعة عشرة، وذلك في أول زيارة للرئيس السوري إلى الصين منذ عام 2004، وكانت الزيارة فرصة لتعزيز التبادل الثقافي والتعاون الرياضي بين الصين وسوريا.
والتقى الرئيس الصيني شي جين بينج الرئيس السوري بشار الأسد في مدينة هانجتشو حيث تُنظم الألعاب الآسيوية، وأعلن البلدان عن إقامة "شراكة استراتيجية" بين البلدين التي تعتبر محطة مهمة في تاريخ العلاقات الثنائية. كما تضمنت زيارة الأسد إلى الصين توقيع ثلاث وثائق تعاون، منها مذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق".
بالإضافة إلى ذلك، الصين تلعب دورًا مهمًا في دعم جهود السلام في سوريا وتشجيع الحلول السياسية للأزمة. تعكس هذه العلاقة التزام الصين بتحقيق الاستقرار في المنطقة وتعزيز التعاون الدولي.
ويمكن القول إن العلاقات بين الصين وسوريا تشهد تطورًا إيجابيًا وتعاونًا متزايدًا عبر مجموعة متنوعة من القطاعات، وهذا يعكس التزام كلا البلدين بتعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وما الدعم الذي ستقدمه الصين لسوريا؟
تعتبر إقامة الصين الشراكة الإستراتيجية مع سوريا خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون بين البلدين وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وتشدد الصين على حق سوريا في تقرير مصيرها بدون تدخل خارجي وتعارض أي تدخل غير قانوني في الشؤون الداخلية للبلاد. كما تسعى لتعزيز العلاقات العربية لسوريا ودعم جهودها في مجال إعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب.
ودعت الصين إلى رفع العقوبات "غير المشروعة والأحادية" عن سوريا تفهمها للتحديات التي تواجهها سوريا وتضرر الشعب السوري جراء هذه العقوبات.
وتدعم الصين التسوية السياسية في سوريا كوسيلة لحل الأزمة وتحقيق السلام المستدام، وتعمل على تعزيز التعاون مع الحكومة السورية في مجموعة متنوعة من القطاعات لبناء القدرة وتحقيق التنمية المستدامة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الرئيس السوري بشار الأسد الصين بشار الأسد عودة سوريا للجامعة العربية سوريا الرئيس السوري الجامعة العربية الرئیس السوری بشار الأسد الاستقرار فی المنطقة مجموعة متنوعة من الجامعة العربیة تعزیز التعاون بین البلدین تعزیز ا
إقرأ أيضاً:
سوريا وتركيا نواة لسوق مشتركة على غرار بدايات تأسيس الاتحاد الأوروبي
في عالم تتسارع فيه المتغيرات السياسية والاقتصادية، يصبح من الضروري أن تبحث الدول عن سبل التعاون والتكامل لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي. واحدة من أبرز الأفكار التي يمكن أن تساهم في تحقيق هذه الأهداف هي فكرة إنشاء سوق مشتركة شرق أوسطية شبيهة بالنموذج الأوروبي، حيث يمكن للدول الممتدة من كازاخستان شمالاً إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان غربًا إلى موريتانيا شرقًا، التي تمتلك موارد اقتصادية هائلة وقوة بشرية تقارب المليار نسمة، أن تشكل بنية اقتصادية وإقليمية قادرة على مواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التكامل الاقتصادي. وفي هذا السياق، يمكن أن تكون تركيا وسوريا النواة الأولى لهذا المشروع الطموح.
الجغرافيا السياسية.. الشرق الأوسط كجسر للتكامل
يمتد الشرق الأوسط من غرب آسيا إلى شمال إفريقيا، ويضم مجموعة واسعة من الدول التي تتنوع ثقافاتها وسياساتها واقتصاداتها. ورغم هذا التنوع، إلا أن هناك نقاط التقاء عديدة بين هذه الدول تجعل من المنطقة بيئة خصبة للتعاون والتكامل.
سوريا تتميز بتنوعها الإثني والقومي، وبعد انتصار ثورتها على نظام الأسد، سيكون لها دور هام في تغيير وجه المنطقة. وهي تشكل بوابة للعالم العربي، حيث وصفها نابليون بـ"قلب العالم"، فيما اعتبرها تشرشل "مفتاح الشرق الأوسط". وعلى الرغم من الأزمة الطويلة التي عانت منها، تبقى سوريا واحدة من المكونات الحيوية للمنطقة بفضل موقعها الجغرافي وتاريخها المشترك مع دول الجوار وثرواتها الباطنية والبشرية الهائلة. كما أن هذه التحديات يمكن أن تشكل حافزًا لإعادة النظر في أساليب التعاون بين دول المنطقة، حيث يمكن تحويل تسوية الأزمات إلى فرصة لتحقيق تقدم اقتصادي وسياسي مستدام.
إن فكرة تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية تمتد من كازاخستان شمالًا إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان شرقًا إلى موريتانيا غربًا، تمثل خطوة طموحة نحو تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة. ومن خلال تبني نموذج شبيه بالاتحاد الأوروبي، يمكن مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية بشكل جماعي والمساهمة في تحقيق الاستقرار والازدهار.أما تركيا فبحكم موقعها الجغرافي الذي يصل بين الشرق والغرب، رابطًا جغرافيًا وثقافيًا مهمًا بين القارتين الأوروبية والآسيوية، مما يجعلها نقطة انطلاق مثالية لأي مشروع تكامل إقليمي. وهي بوابة للجمهوريات التركية التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي. ولا شك أن التقدم التكنولوجي الكبير الذي حققته تركيا في العقدين الماضيين يعزز من أهميتها في هذا السياق، كما أن انضمامها المستقبلي المحتمل إلى الاتحاد الأوروبي سيزيد من تأثيرها الإقليمي.
نموذج الاتحاد الأوروبي.. درس مهم
عند النظر إلى الاتحاد الأوروبي الذي بدأ كاتحاد اقتصادي محدود في خمسينيات القرن الماضي، نجد أن تأسيسه اعتمد على عدة عوامل أساسية: الحاجة إلى تعزيز التعاون بين دول عاشت صراعات تاريخية طويلة، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في منطقة عانت من أزمات وحروب مدمرة.
في البداية، ضم الاتحاد الأوروبي عددًا محدودًا من الدول (ست دول مؤسسة)، لكنه سرعان ما توسع ليشمل دولًا أخرى، معتمدًا على مؤسسات مشتركة تقوم بحل الخلافات وتنسيق السياسات الاقتصادية.
بالنسبة للشرق الأوسط، يمكن تطبيق فكرة مشابهة من خلال إنشاء "سوق شرق أوسطي مشترك". بدلاً من التركيز على النزاعات والحروب، يمكن للدول أن تركز على التحديات الاقتصادية المشتركة مثل تحسين التجارة البينية، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمياه والموارد الطبيعية والبشرية والتكنولوجيا والتنمية المستدامة.
الاقتصاد والتكامل بين دول المنطقة
إن تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية يمكن أن يكون له أثر إيجابي كبير على النمو الاقتصادي للدول المشاركة، كما حدث مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويشمل هذا التكامل الجوانب التالية:
1 ـ تعزيز التجارة البينية: من خلال إزالة الحواجز الجمركية والقيود التجارية بين دول المنطقة، مما يسهل تدفق السلع والخدمات ويشجع الإنتاجية والاستثمار.
2 ـ تطوير البنية التحتية المشتركة: التعاون لتحسين شبكات النقل والطاقة، بما في ذلك بناء شبكات طرق وموانئ مشتركة وتطوير مشروعات الطاقة، ومنها المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
3 ـ استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي: العمل على معالجة التضخم، وتحقيق استقرار أسعار العملات، وتقليل البطالة، بالإضافة إلى تنسيق السياسات النقدية.
4 ـ تشجيع تدفقات الاستثمارات: توفير بيئة أكثر استقرارًا وتعاونًا لجذب المستثمرين المحليين والدوليين.
5 ـ حل مشكلات الأقليات: على غرار ما حدث في الاتحاد الأوروبي، حيث ساهم التكامل الاقتصادي في معالجة قضايا الأقليات وتعزيز التعايش السلمي.
تأسيس منظمة لحل الأزمات والمشكلات
أحد الدروس المهمة التي يمكن تعلمها من تجربة الاتحاد الأوروبي هو ضرورة وجود آليات لحل الأزمات والصراعات بين الدول الأعضاء. في هذا الإطار، يمكن لدول السوق المشتركة في الشرق الأوسط إنشاء منظمة مشابهة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OECO)، وكذلك مفوضية ومحكمة عدل لها، بحيث تكون منصات لحل النزاعات وتعزيز التعاون.
إن التاريخ يُظهر أن التعاون بين الدول هو السبيل الأنجع لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة. وستكون سوريا وتركيا النواة الصلبة لمشروع قرن الواحد والعشرين الواعد، وبدايته ستكون بخطوة مشابهة لتلك التي بدأ بها الاتحاد الأوروبي: خطوة مثل مسافة الألف ميل التي تبدأ بخطوة.1 ـ آلية تحكيم للنزاعات: إنشاء محكمة إقليمية أو لجنة دائمة لحل النزاعات بين الدول الأعضاء من خلال الحوار والمفاوضات، مما يساهم في تقليل التوترات السياسية.
2 ـ إدارة الأزمات: تطوير آليات لإدارة الأزمات الإنسانية والسياسية التي تهدد استقرار المنطقة، بهدف منع تفاقم الأزمات.
3 ـ التعاون الأمني: تعزيز التعاون في مجال الأمن، بما يشمل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، مما يعزز من استقرار المنطقة.
التحديات والصعوبات
رغم الفوائد المحتملة، يواجه مشروع إنشاء سوق مشتركة شرق أوسطية تحديات كبيرة، منها:
1 ـ الاختلافات السياسية: التنوع الكبير في الأنظمة السياسية بين دول المنطقة، مما قد يجعل الاتفاق على قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان صعبًا. ومع ذلك، يمكن للمشروع أن يبدأ بالتعاون الاقتصادي كخطوة أولى.
2 ـ الأزمات الأمنية: الصراعات المستمرة في بعض الدول مثل السودان واليمن، مما قد يشكل عقبة أمام تحقيق الاستقرار.
3 ـ التنمية غير المتوازنة: التفاوت في مستويات التنمية بين الدول يمثل تحديًا كبيرًا، لكنه يتيح أيضًا فرصة لتبادل الخبرات ودعم الدول الأقل نموًا.
إن فكرة تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية تمتد من كازاخستان شمالًا إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان شرقًا إلى موريتانيا غربًا، تمثل خطوة طموحة نحو تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة. ومن خلال تبني نموذج شبيه بالاتحاد الأوروبي، يمكن مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية بشكل جماعي والمساهمة في تحقيق الاستقرار والازدهار.
رغم التحديات وضخامة هذا المشروع الكبير، فإن التاريخ يُظهر أن التعاون بين الدول هو السبيل الأنجع لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة. وستكون سوريا وتركيا النواة الصلبة لمشروع قرن الواحد والعشرين الواعد، وبدايته ستكون بخطوة مشابهة لتلك التي بدأ بها الاتحاد الأوروبي: خطوة مثل مسافة الألف ميل التي تبدأ بخطوة.
*نائب ألماني سابق