مقال في فورين بوليسي: لماذا الكل يخطب ود موريتانيا؟
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا تناول بالتحليل الأسباب التي تجعل من موريتانيا محط أنظار الأطراف الإقليمية والدولية، وأكد كاتبه أن الكل يتودد إليها.
وأوضح صامويل راماني أستاذ السياسة والعلاقات الدولية في جامعة أكسفورد البريطانية، في مقاله بالمجلة الأميركية أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) والصين وروسيا، والقوى الإقليمية جميعها تسعى لعلاقات أوثق مع موريتانيا، التي يصفها بأنها دولة مستقرة في غرب أفريقيا، وتتمتع بإمدادات طاقة حيوية وموقع ذي قيمة إستراتيجية.
وأشار إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ التقى نظيره الموريتاني محمد ولد الغزواني مرتين، الأولى في 28 يوليو/تموز الماضي في مدينة شينغدو الصينية، والأخرى إبان القمة الصينية العربية التي عُقدت بالعاصمة السعودية الرياض في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2022، والتي أعقبها إبرام الصين اتفاقية تعاون في مجالات الزراعة والأسماك والطاقة الخضراء. كما منحت الصين موريتانيا 21 مليون دولار لتخفيف عبء الديون عنها.
وفي 14 أغسطس/آب، زارت وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه مقر وكالة الأمم المتحدة للاجئين في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وهو ما اعتبره كاتب المقال بمثابة إقرار ضمني باستضافة الدولة الواقعة في أقصى شمال غرب أفريقيا لما يصل إلى 100 ألف لاجئ من دول الجوار.
وتؤكد هذه اللقاءات مكانة موريتانيا باعتبارها "قلعة" الاستقرار السياسي النسبي في منطقة الساحل، المكونة من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، التي تحكمها "طغم عسكرية"، حسب تعبير راماني الذي يعمل أيضا زميلا مشاركا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة.
يعول الاتحاد الأوروبي على الغاز الموريتاني لمساعدته في تقليص عجز الطاقة الذي يعانيه (شترستوك) الغاز والطاقة الخضراءكما أن اللقاءات تشي بكثافة التنافس الجيوإستراتيجي في موريتانيا، الذي غالبا ما يتم التغاضي عنه. ويتمحور هذا التنافس -برأي المقال- حول احتياطيات موريتانيا من الغاز الطبيعي وإمكاناتها في مجال الطاقة الخضراء التي توفرها تضاريسها الصحراوية الشاسعة، ناهيك عن موقعها الإستراتيجي على ساحل المحيط الأطلسي.
ويُعد تودد الصين لموريتانيا -برأي الكاتب- انعكاسا لمبادرات موازية من قبل قوى عظمى وإقليمية أخرى في الشرق الأوسط. وتمتد هذه المبادرات من مكافحة الإرهاب إلى تطوير الهيدروجين الأخضر، ومن المرجح أن تزداد هذه المحاولات إذا ما قررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التدخل عسكريا في النيجر.
ورغم تاريخها الحافل بالانقلابات، فقد تميزت جهود مكافحة الإرهاب والتحول الديمقراطي في موريتانيا بأنها من بين "قصص النجاح القليلة" في منطقة الساحل.
ونوَّه الكاتب إلى فوز مرشح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، محمد ولد الغزواني، في انتخابات الرئاسة التي جرت في يونيو/حزيران 2019. فرغم المخاوف من حملات القمع التي شنها الجيش على المتظاهرين عقب الانتخابات، فقد أشادت فرنسا بفوزه، واصفة ذلك بأنها "لحظة ديمقراطية تاريخية". كما أشاد الاتحاد الأوروبي بـ"أجواء السلام والهدوء التي أحاطت بعمليات الاقتراع".
ويرى راماني أن تحول موريتانيا إلى "ملاذ آمن" في منطقة الساحل المضطربة جعلها في مرمى تهافت القوى الخارجية.
ومع أن موريتانيا انضمت إلى برنامج الشراكة في الحوار المتوسطي التابع لحلف الناتو في عام 1995، فإن سلسلة الانقلابات التي شهدتها أدت إلى تقييد التعاون مع الدول الغربية. لكن العلاقات بين موريتانيا والغرب تحسنت في أكتوبر/تشرين الأول 2009 بعد لقاء الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بنظيره الفرنسي آنذاك نيكولاي ساركوزي وكبار رجال الأعمال في باريس.
ووجدت تلك الأخبار ترحيبا من الشركات الغربية، مثل شركة "ريد بلاك" الكندية لتعدين الذهب، وشركة "مورشيسون يونايتد" الأسترالية لاستخراج اليورانيوم.
تكهنات بإنشاء قاعدة
ومع تحسن الوضع الأمني في موريتانيا وتحول نظامها السياسي إلى "شبه ديمقراطي"، تعززت علاقاتها مع حلف الناتو على نحو مثير. واضطلع الناتو بمهمة تدريب عسكريين موريتانيين، وأنشأ 4 مراكز لإدارة الأزمات في البلاد، مما ساعد في قدرة الحلف على مكافحة التهديدات على الأمن والصحة العامة.
وأثارت دعوة موريتانيا لحضور قمة مدريد في يونيو/حزيران 2022، باعتبارها شريكا من خارج الناتو، تكهنات بإمكانية إنشاء قاعدة للحلف في ساحلها على المحيط الأطلسي.
ثم إن الدافع لتوسيع مجال التعاون الأمني بين الناتو وموريتانيا، مردُّه أيضا إلى رغبة الدول الأوروبية في كبح جماح تدفقات الهجرة "غير النظامية" إليها من منطقة الساحل. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أبرمت إسبانيا اتفاقا ينص على تقديم مساعدة لوجيستية لدعم جهود موريتانيا في الحد من دخول مهاجرين غير نظاميين إليها.
ويمضي مقال فورين بوليسي إلى التأكيد على أن موريتانيا اكتسبت أهمية إستراتيجية جديدة في ظل سعي الدول الأوروبية للبحث عن موردين للطاقة البديلة. وتضيف المجلة أن موريتانيا تتأهب لأن تصبح مصدرة للغاز إلى أوروبا بنهاية 2023، مع اكتمال المرحلة الأولى من مشروع "السلحفاة/أحميم" العظيم، بقيادة شركتي "بريتيش بتروليم" و"كوسموس إنرجي".
ويعرج الكاتب إلى القول إن روسيا، هي الأخرى، تبحث عن دور في موريتانيا، بزيادة انخراطها مع نواكشوط في بحثها لتحسين شروط عمل الصيادين الروس في المنطقة الاقتصادية الخالصة لموريتانيا، كما قدمت الدعم لها ضد الإرهاب في منطقة الساحل.
ويختم راماني تحليله بالقول إن قدرة الغزواني على المزاوجة بين الملف الدبلوماسي المتعاظم لبلاده مع نموها الاقتصادي على المدى الطويل، والتدابير الفعالة لمكافحة الإرهاب، من شأنها أن تحدد ما إذا كان بالإمكان تجنب الانجرار إلى حزام الانقلابات في غرب أفريقيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی منطقة الساحل فی موریتانیا غرب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
برلماني: تطوير الساحل الشمالي الغربي يجذب الاستثمارات ويعزيز الاقتصاد
أكد النائب علي الدسوقي، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، أهمية الخطوات التي تتخذها الحكومة لدفع جهود التنمية في منطقة الساحل الشمالي الغربي، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة تمثل كنزًا استثماريًا واعدًا يعزز من قدرات الاقتصاد الوطني.
وأوضح الدسوقي في تصريح لـ"صدى البلد أن المزايا الطبيعية الفريدة التي تتمتع بها المنطقة، مثل الواجهة الشاطئية الممتدة والمعالم البيئية المميزة، تتيح فرصًا غير مسبوقة لإقامة مشروعات اقتصادية متنوعة تشمل السياحة، والتنمية العمرانية، والمشروعات البيئية.
وأضاف أن المشروعات الجاري تنفيذها، مثل شبكات الطرق، والقطار السريع، والمرافق الحديثة، تمثل حجر الزاوية في تحسين البنية التحتية وجعل المنطقة أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والدوليين.
مصر على خريطة السياحة العالمية كمقصد سياحيوأشار الدسوقي إلى أن تعزيز المكون الفندقي في المنطقة و يُعد نقلة نوعية لتلبية الطلب المتزايد من السياح، ما يسهم في زيادة الدخل السياحي وخلق فرص عمل للشباب، مضيفًا: "هذا التوجه يضع مصر على خريطة السياحة العالمية كمقصد سياحي مستدام على مدار العام".
وفي ختام تصريحه، دعا الدسوقي إلى ضرورة استمرار التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق أقصى استفادة من هذه المشروعات، مؤكدًا أن النجاح في تنمية الساحل الشمالي الغربي سيكون نموذجًا يُحتذى به لمناطق أخرى في مصر.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء أكد أهمية دفع جهود التنمية في منطقة الساحل الشمالي الغربي، لتعظيم العائد، في ضوء المزايا والفرص الواعدة التي تتميز بها، والتي تتيح آفاقاً واسعة لجذب الاستثمارات وخلق نشاطات اقتصادية مُتعددة على مدار العام.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده لاستعراض موقف الأراضي وأعمال التنمية بالساحل الشمالي الغربي، وذلك بحضور المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، واللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، واللواء ناصر فوزي، رئيس المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة، والدكتورة مها فهيم، رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني، والمهندس أحمد موسى، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لقطاع التخطيط والمشروعات، وعددٍ من المسئولين.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع شهد استعراض موقف الأراضي بالقطاعات التنموية الواعدة بالساحل الشمالي الغربي وسيوة، وحتى الحدود مع مدينة السلوم، لمختلف جهات الولاية، ومقترحات التنمية بها، مع الإشارة إلى المزايا التي يتمتع بها كل قطاع؛ وبخاصة الواجهة الشاطئية المُميزة، والمعالم الطبيعية الفريدة، بالإضافة إلى المقومات الداعمة لتنفيذ مشروعات اقتصادية مهمة، من منشآت سياحية، وتجمعات تنموية، ومناطق بيئية جاذبة، وغيرها، وفي مقدمة ذلك المشروعات التي تعزز قيمة هذه المنطقة، وأهمها شبكات الطرق، والسكة الحديد، ومسار القطار السريع، والمطارات.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الاجتماع شهد التأكيد على ضرورة الاهتمام بالمكون الفندقي في القطاعات التنموية المستهدفة، وذلك في ضوء الإقبال الكبير الذي شهده الساحل الشمالي في الآونة الأخيرة، وزيادة عدد السياح الوافدين، بما يدعم توجه الدولة لزيادة القدرة من الغرف الفندقية بطول الساحل الشمالي الغربي، مع التأكيد أيضاً على ضرورة التزام الكيانات المختلفة بتنفيذ هذه الفنادق وفق البرامج الزمنية المقررة، وبالمعايير التي تلائم هذه المنطقة.
وأضاف الحمصاني أن الاجتماع تطرق لمتابعة الموقف التنفيذي لأعمال تطوير مدينة رأس الحكمة وإعادة تسكين العائلات داخل منطقة "شمس الحكمة"، بما في ذلك موقف تنفيذ الطرق وشبكات المرافق وكذلك الخدمات بـ "شمس الحكمة"، وكذا موقف تقنين الأراضي الخاصة بالعائلات المُستحقة للتعويض واستخراج تراخيص البناء، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في إطار الحرص على سرعة الانتهاء من تسكين العائلات المُستحقة في أقرب وقت ممكن.