تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي الآن.. أو سيسبقك الجميع
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
ربما تعتقد أن هذا تقرير آخر يتحدث عن الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل، وكيف ستؤثر تلك التقنيات الحديثة على وظائفنا، وهل سنخسر تلك الوظائف بسبب هذا الروبوت الجديد الذي يطلقون عليه "شات جي بي تي" فعلا؟ أولا، هذا فعلا تقرير آخر عن الذكاء الاصطناعي ومستقبل الوظائف، لكنه تقرير يتحدث عن إيجابيات تلك التقنية الحديثة التي بدأت تظهر الآن.
بالطبع هذا ليس رأيا شخصيا لكاتب التقرير، لكنه أمر بدأ في الظهور فعلا، وربما اختبرته بنفسك إن كنت تداوم على استخدام هذا الروبوت في عملك خلال الأشهر الماضية. لكن بعيدا عن الانطباعات الشخصية، ما أكد الأمر هو ورقة بحثية جديدة، لم تخضع بعد لمراجعة الأقران، أصدرها فريق من علماء الاجتماع من كليات الأعمال في جامعات هارفارد ووارويك وبنسلفانيا (1).
عمل الفريق مع 7% من مستشاري إحدى أشهر الشركات الاستشارية في العالم، وهي مجموعة بوسطن للاستشارات (Boston Consulting Group)، هذه النسبة تساوي 758 مستشارا داخل الشركة. اختار الفريق 18 مهمة مختلفة ضمن أعمال هؤلاء المستشارين اليومية، وتوصلوا إلى نتيجة -استعد للمفاجأة- أن مَن استخدموا نسخة روبوت المحادثة "GPT-4" تفوقوا على نظرائهم ممن لم يستعينوا بخدمات الروبوت الاستشارية. هذا التفوق كان بنسبة فارقة وواضحة، وفي كل الجوانب، وبكل الأساليب التي قاس بها الفريق أداء هؤلاء المستشارين في الشركة.
تأثير حقيقي!
الهدف الأساسي من هذه الدراسة اختبار التأثير الحقيقي للذكاء الاصطناعي التوليدي على مجال الأعمال المعرفية، أو التي تحتاج إلى إبداع وتفكير واستخدام العقل، لهذا اختاروا العمل مع واحد من أهم وأصعب المجالات في هذا السياق وهي خدمة استشارات الأعمال. قسّم الفريق البحثي هؤلاء المستشارين عشوائيا، وسمحوا لجزء منهم باستخدام نموذج "GPT-4" في أعمالهم، بينما الجزء الآخر لم يستخدمه واعتمد على أسلوب عمله المعتاد نفسه.
بعد ذلك، طُلب من كل المستشارين المشاركين في التجربة تنفيذ مجموعة مختلفة من الخدمات لشركة أحذية، وهو جزء من طبيعة أعمالهم فعلا. تنوعت المهام بين مهام إبداعية مثل اقتراح ما لا يقل عن 10 أفكار لتصميم حذاء جديد يستهدف سوقا لا يصله هذا المنتج، ومهام تحليلية مثل تقسيم السوق في هذا المجال بناء على المستهلكين، بجانب مهام الكتابة والتسويق للمنتجات.
بعد الانتهاء من المهام ووضعها تحت التقييم البشري، جاءت النتيجة بأن مَن استخدموا نموذج الذكاء الاصطناعي كان أداؤهم أفضل كثيرا في مختلف المهام، مثلا مَن استعانوا بخدمات "شات جي بي تي" تمكَّنوا من إنجاز مهام أكثر بنسبة 12.2% في المتوسط، وأكملوا المهام بسرعة أكبر بنسبة 25.1%، وحققوا نتائج بجودة أعلى بنسبة 40% من أقرانهم الذين لم يستخدموا الروبوت (1).
الأمر لا يقتصر على مجال الاستشارات فقط، فهناك محاولات بحثية أخرى حاولت مؤخرا قياس تأثير تلك النماذج على الأعمال المعرفية، فمثلا وجدت ورقة بحثية أن استخدام المبرمجين لأداة "Copilot"، التي تطورها منصة "GitHub"، لمساعدتهم في كتابة الأكواد البرمجية واكتشاف الأخطاء بها، زادت من إنتاجيتهم في العمل بنسبة 55.8% (2).
في ورقة بحثية أخرى، طُلب من مجموعة من خريجي الجامعات مهمة كتابة مستندات ووثائق إستراتيجية وسياسات خاصة بالعمل، مع استخدام نصف المشاركين لروبوت "شات جي بي تي"، أظهرت النتائج أن استخدام الروبوت أدى إلى زيادة الإنتاجية بصورة ملحوظة، إذ انخفض متوسط الوقت المطلوب للكتابة بنسبة 40%، كما زادت جودة الناتج النهائي بنسبة 18% (3).
الفكرة أن تلك المكاسب ليست تدريجية ولكنها فورية، ومن شأن ذلك أن يسفر عن تأثيرات هائلة بإمكانها تغيير الطريقة التي نعمل بها من الأساس، والأمر المثير فيها أنها تأتي من أداة بأغراض استخدام عامة مثل "شات جي بي تي"، وليست عبر أدوات متخصصة في الذكاء الاصطناعي، ما يعني أن إمكانية زيادة الإنتاجية لن يقتصر على عدد محدود ومختار من الصناعات، بل يمكن تطبيقها عبر مجالات معرفية كثيرة ومتنوعة.
لا يمكننا أن نؤكد أو ننفي ما إذا كانت تلك الأرقام مبالغا في تقديرها أم أقل من الحقيقة، لكنها قد تعطينا نظرة عامة عن الأمر. لنضع تلك الأرقام في سياق تاريخي، يمكننا أن ننظر إلى الطاقة البخارية التي تُعَدُّ من أعلى التقنيات التي أدت إلى زيادة الإنتاجية في العمل. بنهاية القرن التاسع عشر، أدى استخدامها إلى زيادة الإنتاجية بنحو 25% تقريبا بالنسبة للمصانع الصغيرة في الولايات المتحدة، لذا فإن فارق الأرقام يبدو واضحا (4).
لكن هناك نتيجة أخرى مثيرة توصل إليها الفريق البحثي، وهي أن "شات جي بي تي" رفع معدلات أداء جميع المستشارين الذين استخدموه. عندما بدأوا التجربة، خضع الجميع لاختبار تقييم الأداء، مَن سجلوا أقل نتيجة في هذا الاختبار حققوا أعلى أداء بعدما استخدموا نموذج الذكاء الاصطناعي، بزيادة قدرها 43% في أدائهم، ومَن حققوا نتائج جيدة في الاختبار الأول حصلوا على دفعة أداء وصلت إلى 17%، وهو ما يعني أن الجميع تقريبا حصل على دفعة في الأداء بعد استخدام الروبوت (1).
حدود متعرجة
لا نعرف بعد النطاق الكامل لقدرات النماذج اللغوية الكبيرة، مثل نموذج "GPT-4″، كما لا ندرك فعلا أفضل أساليب استخدامها والاستفادة منها، أو حتى متى ستفشل وتقدم إجابات خاطئة تحديدا، لأننا ببساطة، كما يرى الفريق البحثي، لا نملك كتيب تعليمات أو إرشادات استخدام تلك النماذج.
قد يتفوق "شات جي بي تي" في بعض المهام، ويؤدي أداء جيدا، بينما في مهام أخرى يفشل تماما، وربما حتى لا نعرف أنه فشل فعلا. إن لم تكن تستخدم تلك النماذج كثيرا في عملك، فلن تتمكن من تحديد متى تنجح ومتى تفشل، وهو ما أطلق عليه الفريق البحثي "الحدود المتعرجة" لإمكانيات الذكاء الاصطناعي.
تخيل أنك تقف خارج قلعة من قلاع العصور الوسطى، يحيط بها جدار ضخم، ويبرز من داخلها أبراج محصنة وأسوار، بينما هناك أبراج أخرى تتجه إلى مركز القلعة، فتراها أبعد. حسنا، الجدار هنا هو قدرات الذكاء الاصطناعي، وكلما ابتعدت عن مركز القلعة زادت صعوبة المهمة عليه، كل شيء يقع داخل حدود الجدار يمكن لتلك النماذج تنفيذه، أي شيء يقع خارج حدود الجدار يصعب عليها تنفيذه.
كلام منطقي، لكن هناك مشكلة واحدة، أن هذا الجدار غير مرئي من الأساس. لهذا فإن بعض المهام التي قد تبدو منطقيا على المسافة نفسها من المركز، وبالتالي على القدر نفسه من الصعوبة بالنسبة للنموذج، تقع في الواقع على جوانب مختلفة من هذا الجدار. بعض المهام التي لا تتوقع أن ينفذها بدقة مثل توليد الأفكار تجده ينفذها بسهولة، في حين يفشل في مهام أخرى كالعمليات الحسابية المنطقية البسيطة، التي تتوقع أنها سهلة ويمكن لأي آلة حاسبة تحترم نفسها تنفيذها.
لاختبار هذه الفكرة صممت الشركة مهمة أخرى، واختارتها بعناية لتضمن ألا يصل نموذج "GPT-4" إلى الإجابة الصحيحة، ولا يتمكن من تنفيذها بنجاح. للمفارقة، لم يكن الأمر سهلا، كما ذكر الفريق البحثي في الدراسة، بعدما وجدوا صعوبة حقيقية في تصميم مهمة واحدة يمكن للبشر التفوق فيها على هذا النموذج، وتقع خارج حدود قدراته.
لكنهم تمكنوا في النهاية من تحديد مهمة تستفيد من النقاط العمياء لنموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، بحيث يقدم إجابة خاطئة ولكنها تبدو منطقية ومقنعة، وتحتاج إلى شخص خبير ليتمكن من حلها. وبالطبع، لحُسن حظ الجنس البشري إن جاز لنا التعبير، نجح المستشارون في إيجاد الحل الصحيح بنسبة 84% من الحالات دون مساعدة من نموذج الذكاء الاصطناعي، ولكن عندما استعانوا بالنموذج، كان أداؤهم أسوأ، وتمكنوا من إيجاد الحل الصحيح بنسبة 60% إلى 70% فقط من الحالات (1).
قد يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى نتائج عكسية، وهو ما أطلقت عليه ورقة بحثية أخرى، صدرت من مختبر علوم الابتكار التابع لكلية هارفارد للأعمال، مصطلح "النوم أثناء القيادة" (falling asleep at the wheel)، إذ وجدت حينها أن مَن اعتمدوا بالكامل على نموذج الذكاء الاصطناعي القوي تكاسلوا وأهملوا وانخفضت مهاراتهم القائمة على حكمهم البشري، بالإضافة إلى أن قراراتهم كانت أسوأ ممن استخدموا نماذج أقل في الإمكانيات، أو لم يستعينوا بأي مساعدة من تلك النماذج (5).
عندما يكون نموذج الذكاء الاصطناعي قويا ويقدم إجابات مفيدة، فلن يملك البشر حافزا لبذل أي مجهود عقلي إضافي، وبهذا يسمحون للذكاء الاصطناعي بتولي القيادة بدلا منهم، في حين أنه مجرد أداة مساعدة، ولا ينبغي منحه تلك القوة بإصدار الأحكام النهائية أو اتخاذ قرارات تخص العمل. وهو ما حدث في تجربة مجموعة بوسطن للاستشارات، إذ استسهل هؤلاء المستشارون الأمر ووثقوا في إجابات النموذج، ومن ثمّ وقعوا في فخ "النوم أثناء القيادة". موثوقية نماذج الذكاء الاصطناعي قد تكون خادعة إذا لم تعرف أين تقع حدود إمكانياته تحديدا.
ما عليك سوى استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي في مهام عملك بما يكفي، وستبدأ في رؤية شكل تلك الحدود المتعرجة، وحينها ستدرك المهام التي يتفوق فيها هذا النموذج جيدا، والمهام التي يفشل فيها.
التغيير يحدث الآن!
تاريخيا، كان اعتماد التقنيات التي تركز على الإنتاجية في مكان العمل عملية بطيئة وشاقة، ببساطة لأن الشركات والمؤسسات الكبيرة تحتاج إلى عدد كبير وقوي من الأدلة قبل أن تضع أي استثمار في أي تقنية جديدة تظهر في هذا المجال، وحتى بعد تنفيذ الاستثمار واعتمادها على هذه التقنية، قد يستغرق الأمر سنوات طويلة حتى تبدأ آثار هذا الاستثمار في الظهور على إنتاجية الموظفين. لهذا ربما أصبحت الاضطرابات والتغييرات الكبيرة السريعة أكثر ندرة بمرور الزمن.
لكن الدراسات الحالية تشير إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي سوف تغير من شكل وظائفنا وأعمالنا قريبا جدا، نحن لا نتحدث هنا عن تقنية جديدة ستغير العالم خلال خمس أو عشر سنوات، أو تتطلب أموالا طائلة للاستثمار وموارد ضخمة من الشركات، بل نتحدث عن تقنية بدأت الآن وأصبحت متاحة للجميع. تلك التقنية نفسها التي استخدمها المستشارون في أعمالهم متاحة لكل مَن يقرأ هذا التقرير. الفكرة أن حدود إمكانيات تلك الأدوات تتوسع وتتغير سريعا، لهذا علينا أن نستعد لها دائما.
مع هذه المكاسب المتوقعة في الإنتاجية، ينبغي لكل شركة الآن أن تطلب من موظفيها البحث عن كيفية الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لكي يطوروا من أدائهم في العمل. وينبغي للموظف نفسه أن يبذل مجهودا ويخصص وقتا ليعرف كيف يستخدم تلك الأدوات لمصلحته، مثلا كيف تساعده في التخلص من المهام الروتينية المملة في وظيفته، وربما قد يبدأ أيضا في التفكير في الاستفادة من الوقت الإضافي الذي ستمنحه له تلك الأدوات.
عموما، نحن في أول أيام ثورة الذكاء الاصطناعي، ولكن التغيير بدأ يحدث فعلا، لا يوجد كتيب تعليمات أو إرشادات، ولا نملك إجابات كاملة أو واضحة حتى الآن؛ ننطلق جميعا من خط البداية نفسه، السر هو أن نتعلم سريعا مما يحدث ونحاول الاستفادة منه قدر الإمكان.
———————————————————————————————————————
المصادر:1) Navigating the Jagged Technological Frontier: Field Experimental Evidence of the Effects of AI on Knowledge Worker Productivity and Quality
2) The Impact of AI on Developer Productivity: Evidence from GitHub Copilot
3) Experimental evidence on the productivity effects of generative artificial intelligence
4) Steam power, establishment size, and labor productivity growth in nineteenth century American manufacturing
5) Falling Asleep at the Wheel: Human/AI Collaboration in a Field Experiment on HR Recruiters
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: نموذج الذکاء الاصطناعی زیادة الإنتاجیة شات جی بی تی المهام التی فی مهام وهو ما فی هذا
إقرأ أيضاً:
الجابر: التفوق في الذكاء الاصطناعي يعتمد على إمدادات الطاقة
أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، الرئيس التنفيذي لشركة «XRG»، أن العالم بحاجة إلى تبني نظرة إيجابية وشاملة لقطاع الطاقة، واتخاذ خطوات لنمو الاقتصاد العالمي ودعم تطور وأدوات الذكاء الاصطناعي، التي يعتمد التفوق فيها على إمدادات الطاقة.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها ضمن فعاليات أسبوع "سيرا" للطاقة المنعقد في مدينة هيوستن الأميركية، والتي دعا فيها إلى تطبيق سياسات مستقرة وطويلة الأمد لتلبية الطلب العالمي المتنامي على الطاقة.
كما أوضح أن "العالم أصبح يدرك أن الطاقة هي مفتاح الحل، والمحرك الرئيس لنمو الاقتصادات وتحقيق الازدهار ودعم كافة جوانب التطور البشري، مؤكدا أهمية اتخاذ خطوات عملية لتشجيع النمو والاستثمار وتطوير سياسات داعمة لقطاع الطاقة بما يساهم في تمكين الأفراد والمجتمعات من النمو والتقدم".
وشدد على حاجة العالم إلى كافة خيارات الطاقة، وضرورة تنويع مزيج مصادرها لتلبية النمو السريع في الطلب العالمي عليها.
وقال الجابر: "بحلول عام 2035، سيصل عدد سكان العالم إلى نحو 9 مليارات شخص، وتماشيا مع هذا النمو، سيرتفع الطلب على النفط من 103 إلى 109 ملايين برميل على الأقل يوميا، كما سيزيد الطلب على الغاز الطبيعي المسال والمواد الكيمياوية بأكثر من 40 بالمئة وسيرتفع الطلب الإجمالي على الكهرباء من 9000 غيغاواط إلى 15000 غيغاواط، وهو ما يمثل زيادة كبيرة بنسبة 70 بالمئة لذا، سنحتاج إلى المزيد من الغاز الطبيعي المسال، والنفط المنخفض الكربون، والطاقة النووية السِلمية، والمزيد من مصادر الطاقة المتجددة القابلة للنشر والتطبيق على نطاق واسع".
وأردف، أنه "بفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة، كانت دولة الإمارات سباقة منذ عقود في تبني نظرة إيجابية وشاملة لقطاع الطاقة، مما ساهم في ترسيخ دورها في مختلف مصادر الطاقة، بما فيها النفط والغاز، والطاقة المتجددة، والطاقة النووية السلمية، والكيماويات، والطاقة المستقبلية منخفضة الكربون".
وبين أن دولة الإمارات، بناء على خبرتها الممتدة لسبعة عقود كمنتج مسؤول للنفط والغاز، قامت في عام 2006 بتأسيس شركة "مصدر"، التي تبلغ قدرتها الإنتاجية الحالية من الطاقة النظيفة والمتجددة القابلة للنشر والتطبيق على نطاق واسع عالمياً 51 غيغاواط، لتقطع نصف الطريق نحو هدفها للوصول إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2030، كما أضافت دولة الإمارات الطاقة النووية السِلمية إلى مزيج الطاقة لديها عبر أربعة مفاعلات تولد حالياً 5.6 غيغاواط من الكهرباء لتوفر 25 بالمئة من احتياجاتها من الطاقة.
وأشار إلى أن الإمارات نجحت في نقل منهجيتها الواقعية والعملية من قطاع الطاقة إلى منظومة العمل المناخي العالمي خلال استضافتها لمؤتمر COP28، مما ساهم في التوصل إلى "اتفاق الإمارات" التاريخي الذي شكل أهم إنجاز مناخي واقعي في السنوات الأخيرة، ونجح في توحيد جهود المجتمع الدولي لاعتماد منهجية عملية تراعي متطلبات السوق بدلا من التركيز على تبني قرارات غير قابلة للتنفيذ، كما أكد الاتفاق أهمية ضمان أمن الطاقة وتوفيرها بتكلفة ميسرة من مصادر موثوقة لتحقيق التقدم المستدام.
وسلط الضوء على الإمكانيات الكبيرة للذكاء الاصطناعي التي تتيح له المساهمة في إعادة صياغة مستقبل العالم، وقال: تستهلك تطبيقات مثل "تشات جي بي تي" طاقة تزيد عشر مرات مقارنة بما تستهلكه عملية بحث بسيطة على "غوغل"، ومع ازدياد استخدام هذه التطبيقات بشكل متسارع، من المتوقع أن يرتفع استهلاك الطاقة في مراكز البيانات في الولايات المتحدة ثلاث مرات بحلول عام 2030، ليشكِّل أكثر من 10% من إجمالي استهلاكها للكهرباء.
وأضاف أن توفير الطاقة يعد شرطا أساسيا لتوسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي، لأن التكلفة الحقيقية لحلول وأدوات الذكاء الاصطناعي لا تشمل فقط صياغة برمجياتها وأكوادها، بل تتمثل في حجم الطاقة التي تحتاجها، موضِّحاً أن التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل كبير على الطاقة، وأن النجاح سيكون حليف من يضمن الوصول إلى إمدادات الطاقة وشبكة توزيعها وبنيتها التحتية.
وأشار إلى وجود فرص كبيرة متاحة أمام شركة "XRG" شركة الطاقة الدولية الاستثمارية الرائدة، لتنفيذ المزيد من الاستثمارات النوعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتطوير الشراكات عبر مختلف القطاعات، بما في ذلك مجالات الترابط بين الذكاء الاصطناعي والطاقة، وقال إن "XRG" تركز على تلبية متطلبات الطاقة اللازمة لدعم نمو وتطور حلول وأدوات الذكاء الاصطناعي بالاعتماد على مزيج متنوع من المصادر، موضِحاً أن التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي يعتمد على الطاقة التي تعد عاملاً أساسياً يمكّن حلوله وأدواته من المساهمة في إعادة صياغة مستقبل العالم.
وقال: بدأت "أدنوك" منذ خمس سنوات الاستفادة من أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في أعمالها، ونجحت في إدماجها بشكل متكامل على امتداد سلسلة القيمة، بداية من غرف التحكم وصولاً إلى غرف اجتماعات الإدارة التنفيذية.
ولفت إلى أنه: "بالتعاون مع "إيه آي كيو"، مشروعنا المشترك مع "بريسايت"، قمنا بتطوير حلول مبتكرة عالمية المستوى لتلبية احتياجاتنا المتخصصة، وتقوم "أدنوك" حالياً باستخدام أكثر من 200 أداة وتطبيق للذكاء الاصطناعي عبر مختلف عملياتها بما يشمل الاستكشاف والتكرير والخدمات اللوجستية واتخاذ القرارات الاستراتيجية، كما طورت أدنوك حل "ذكاء اصطناعي لطاقة المستقبل"، القائم على استخدام أنظمة "وكلاء الذكاء الاصطناعي" وبدأت تطبيقه على نطاق غير مسبوق ولأول مرة في العالم، كما نجحت الشركة في استخدام حلول الذكاء الاصطناعي لتسريع عمليات التحليل الجيوفيزيائي في مجال الاستكشاف والتطوير والإنتاج لتصل إلى عدة ساعات بعد أن كانت تستغرق شهوراً، مشيرا إلى مواصلة تحسين دقة التنبؤات المتعلقة بعمليات الإنتاج لتصل إلى 90%، وذلك ضمن التركيز على ترسيخ مكانة "أدنوك"، لتصبح شركة الطاقة الأكثر استفادة من الذكاء الاصطناعي في العالم.
كما أكد على أهمية تحويل النظرة الإيجابية والشاملة لقطاع الطاقة إلى خطوات فعالة وملموسة، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وقال: "صباح أمس، أوضح كريستوفر رايت وزير الطاقة الأمريكي، أن العالم بحاجة إلى المزيد من الطاقة، وأتفق معه تماما في هذا الرأي، وأضيف أننا نحتاج أيضا إلى نظرة أكثر إيجابية للطاقة، لذا، أدعوكم إلى زيارة أبوظبي لحضور معرض ومؤتمر أديبك 2025 لتحويل هذه النظرة الإيجابية الشاملة إلى خطوات ملموسة وفعالة، فالطاقة هي المحرك الرئيس للحياة في العالم المعاصر، وكذلك لبناء مستقبل أفضل، داعيا الجميع للمساهمة في بناء عالم أفضل قائم على نظرة إيجابية لقطاع الطاقة".
جدير بالذكر، أن فعاليات "أسبوع سيرا للطاقة" تقام في الفترة من 10 إلى 14 مارس الجاري، فيما تقام فعاليات معرض ومؤتمر "أديبك 2025" الذي يجمع أبرز قادة الفكر في قطاع الطاقة لتبادل الأفكار والرؤى والحلول الجديدة للتحديات الكبرى التي تواجه مستقبل الطاقة والبيئة والمناخ في الفترة من 3 إلى 7 نوفمبر القادم.