٢٦ سبتمبر نت:
2025-10-29@07:39:25 GMT

عبقرية الرسول في القيادة العسكرية

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

عبقرية الرسول في القيادة العسكرية

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدا عسكريا محنكا ومميزا, بحيث أنه يتفوق على جميع العسكريين المحترفين الذين تدربوا في الكليات والمعاهد العسكرية وامضوا جل أعمارهم في المعارك العسكرية وهذا هو مبلغ عظمته ونبوغه عليه وعلى آله الصلاة والسلام كونه كان شخصاً أمياً لم ير حرباً من قبل سوى حرب الفِجار التي كانت نزاعاً محدوداً، ولم يشترك في تلك الحرب بشكل فعلي بل قام بنقل السهام إلى أعمامه فيها, وبعد الرسالة يقود معارك لها استراتيجياتها وينتصر في جميعها ويتفوق فيها تفوقاً يعجز عنه كبار القادة العسكريين المحترفين، وهذا من أدلة نبوته فقد كان صلى الله عليه وسلم يبصر قريب الأمور كما يبصر بعيدها ويدرس كل احتمالات المعركة التي سيدخلها ويهيئ جميع استحضار اتها ويبذل كل ما في وسعه من جهد ويشاور أصحابه ويأخذ بكل الأسباب الدنيوية التي تمكنه من تقدير الموقف السليم لتحقيق التفوق على عدوه.

وبصفته صلى الله عليه وسلم القائد الأعلى لجيوش الحق كان لا يخوض القتال إلا بعد أن يضع استراتيجية محكمة من حيث اختيار مكان المواجهة بدقة, والتهيئة العامة لصفوف الجيش والشعب قبل بداية الحرب، كذلك اهتمامه بالعمليات الاستخبارية من حيث جمع المعلومات والتمويه والإخفاء، فكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها لتحقيق مبدأ المباغتة والكتمان وكان صلى الله عليه وسلم يستعين في الحرب بالعيون والمراقبين يبثهم بين الأعداء ليكتشف عدتهم وعددهم وخطتهم.

وكان يعتبر أن بناء المعنويات وتعزيز الحالة النفسية للمقاتلين أكبر دافع للاستبسال في القتال سعياً إلى تحقيق النصر أو الشهادة. كذلك عكس صلى الله عليه وسلم مبدأ القائد القدوة كنموذج للقوة والحكمة والشجاعة والمبادرة.. معتبراً التخطيط السليم للمعركة على أحدث المعلومات عن العدو وتحركاته وقوته وخططه، أولى ركائز النصر.

وكان صلى الله عليه وسلم يشجع جنوده علي القتال ويرفع معنويات جيشه ويقوي عزائمهم ولا يكره أحدا علي القتال استنادا أعلى قوله تعالى: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلا) [النساء : 84] وكان صلى الله عليه وسلم يتقدم جنوده بنفسه في المعارك وكان مثالا يحتذى في الشجاعة قال علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه كنا إذا حمي الوطيس نلوذ ونحتمي برسول الله فما يكون أحد اقرب الي العدو منه.

 كما ادخل صلى الله عليه وسلم أسلوبا جديدا في القتال لم تعرفه العرب من قبل هو أسلوب الصفوف (كانوا يقاتلون بأسلوب الكر والفر) كما كان لا يبدا أحدا بالعدوان ولكن إذا علم بعزم الأعداء على قتاله لم يمهلهم حتى يهاجموه بل يبادرهم بالهجوم لأنه أبدا لم تكن الحرب غاية من غاياته وفي أي مرحلة من مراحل حياته، بل كانت الوسيلة الأخيرة التي يطرق بابها، إذ كان يقدم البدائل للطرف الآخر على الدوام، أما البديلان الأولان فكان إما الدخول إلى الإسلام أو إعطاء الجزية. وكان صلى الله عليه وآله سلم يذكّر القواد والجنود الذين يرسلهم إلى القتال بعدم التعرض للنساء والأطفال والشيوخ ومن لا يحمل السلاح، وكان شعاره صلى الله عليه وسلم "الهجوم أحسن وسيلة للدفاع."

سنتحدث عن بعض الأمثلة عما تكلمنا عنه من الأساليب التي اعتمدها عليه وآله الصلاة والسلام في مغازيه ومعاركه فعن اعتماده الكتمان والمباغتة في تحركاته، نأخذ غزوة خيبر كمثال واضح على هذا، فقد أظهر أنه متوجه نحو غَطَفَان ولكنه سار إلى خيبر، وظنت غَطَفَان أنه سائر إليها فتحصنت خلف أسوارها، واعتقدت خيبر أن الأمر لا يهمها وبعيد عنها، فباغتهم صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح.

ودخل مكة بالمبدأ نفسه، إذ لم يكن حتى أبو بكر رضي الله عنه يعلم وجهة الرسول صلى الله عليه و سلم, وكانت مفاجأة أهل مكة كبيرة، وعندما علموا بالموقف لم يجدوا مجالاً سوى للاستسلام والقبول بدخول النور المحمدي إلى مكة.

كان صلى الله عليه وسلم يختار الوقت المناسب والمكان المناسب للدخول في القتال مع العدو بحيث يكون وقت المعركة ومكانها في صالح المسلمين وفي غير صالح العدوً، فقد أطال زمن معركة الخندق حتى هجم الشتاء على الأعداء فاضطروا إلى التراجع، كما كان اختيار موضع المعركة( الخندق) أيضا في صالح المسلمين. كما أن توقيت معركة حُنين كان توقيتاً رائعاً، فلو حصل هناك أي تأخير لما وجد المسلمون فرصة للهجوم بل لاضطروا إلى الدخول في معركة دفاعية تحت ظروف غير مواتية لهم.، وكذلك الاختيار الموفق لمكان معركة بدر حيث نزل المسلمون في موضع يتوفر فيه الماء بينما تم حرمان المشركين من الماء.

أما عن حرصه صلى الله عليه وسلم على مبدأ الاستخبارات فكان يجمع معلومات متكاملة عن عدوه ففي غزوة بدر خرج صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه في دورية استطلاعية للحصول علي معلومات عن قريش فسأل الشيخ الذي لقياه في الطريق عن عدد القوم فلما لم يعرف سأله عن عدد الجزور التي يذبحونها كل يوم.. فقدر صلى الله عليه وسلم عدد الجيش بضوء مقدار الطعام الذي يحتاج إليه الجيش.

وفي غزوة الأحزاب أرسل صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان ليكتشف خبر الأعداء كما كلف نعيم ابن مسعود بعد إسلامه بتخذيل جيش المشركين وبذر الشكوك والفرقة بين صفوفهم فاستطاع (نعيم) أن يفرق من تكتل بني قريظة مع قريش وغطفان.

وكان القائد العام صلى الله عليه وسلم يستشير ضباط ركنه من الصحابة رضوان الله عليهم ففي غزوة بدر قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي الخباب ابن المنذر الذي أشار (بعد أن استوثق أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك المكان لم يكن بوحي من الله) بالتحول إلي مكان آخر وهو عيون بدر كونه أصلح وآمن للمسلمين, وفي غزوة احد استشار صلى الله عليه وسلم أصحابه وخيرهم بين الخروج لملاقاة العدو أو البقاء في المدينة كما اخذ صلى الله عليه وسلم برأي الصحابي سلمان الفارسي في حفر الخندق.

 وبسبب الحنكة والعبقرية العسكرية التي وهبها الله لحبيبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد حقق انتصارات باهرة في كل المعارك التي خاضها حتى ليعجز المنطق العسكري أن يتخيلها ففي يوم بدر كان عدد جنود قريش 1000 مقاتل وعدد المسلمين 314رجل والمسافة بين بدر والمدينة160 كلم ولم تكن مع رسول صلى الله عليه وسلم غير فرسان و70 بعيرا يتعاقبون على ركوبها ومع ذلك فقد هزموا قريش ..

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: کان صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

هل كل من اسمه محمد لا يدخل النار؟.. الإفتاء: الحديث صحيح

لاشك أن الاستفهام عن هل كل من اسمه محمد لا يدخل النار ؟، أو بصيغة أدق هل حديث كل من اسمه محمد لا يدخل النار صحيح؟، يعد من المسائل التي تهم الكثيرون خاصة وقد أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أن خير الأسماء ما حُمد وعُبد ، لكن هل يمكن للأسماء أن تشفع لأصحابها ، وهذا ما يطرح السؤال عن هل كل من اسمه محمد لا يدخل النار كرامة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟، و هل حديث كل من كان اسمه محمد لا يدخل النار صحيح؟، حيث إن اسم محمد من الأسماء الشائعة بين المسلمين بل إن غالبيتهم اسمه محمد.

هل صعوبة دخول الميت إلى قبره وسقوط نعشه سوء خاتمة؟.. انتبههل يشترط الطهارة عند ترديد الأذكار وما ثوابها حال عدم الوضوءهل كل من اسمه محمد لا يدخل النار؟

قالت دار الإفتاء المصرية ، إنه ورد حديث صحيح المعاني وردت ألفاظه ومعانيه بروايات متعددة، أمثلها حسنٌ كما قرره أئمة الحديث وغيرهم من جماهير العلماء والفقهاء، فمن كان اسمُه محمدًا أو أحمدَ تبركًا باسمه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم فقد حصَّل سببًا من أسباب الكرامة والشفاعة في الدنيا والآخرة.

وأوضحت " الإفتاء" في إجابتها عن سؤال: ( هل كل من اسمه محمد لا يدخل النار ؟، أو بصيغة أخرى هل حديث كل من كان اسمه محمد لا يدخل النار صحيح؟، وما مدى صحة حديث: «إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا لِيَقُمْ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَلْيَدْخُلِ الجَنَّةَ كَرَامَةً لِنَبِيِّهِ»؟)، أن الحديث صحيح المعاني وردت ألفاظه ومعانيه بروايات متعددة، أمثلها حسنٌ كما قرره أئمة الحديث وغيرهم من جماهير العلماء والفقهاء.

اختصاص النبي بأحسن الأسماء وأشرفها

وأضافت أنه اختص اللهُ تعالى نبيَّه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بأحسن الأسماء وأعلَاها شرفًا، وأكثرها رفعة؛ فهو عليه الصلاة والسلام محمدٌ وأحمدُ، سمَّاه الله تعالى بهما، وهما مشتقان من اسمه سبحانه وتعالى؛ فقد ورد عن محمد بن جُبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِي الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ» متفقٌ عليه.

ونوهت بأنه قد بوَّب الإمام جلال الدين السيوطي في "الخصائص الكبرى" (1/ 134، ط. دار الكتب العلمية) لذلك بقوله: "بَابُ اخْتِصَاصِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِاشْتِقَاقِ اسْمِهِ الشَّرِيفِ الشَّهِيرِ مِنَ اسْمِ اللهِ تَعَالَى"، وقال القاضي عياض في "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (1/ 229، ط. دار الفكر): [قد سمَّاه الله تعالى في كتابه محمدًا وأحمدَ؛ فمن خصائِصه تعالى له: أن ضمَّن أسماءه ثناءه فطَوَى أثناء ذكرِه عظيمَ شكرِه.. 

وواصلت: هو صلى الله عليه وآله وسلم أجلُّ من حَمِدَ، وأفضلُ من حُمِد، وأكثرُ الناس حمدًا، فهو أحمدُ المحمودين، وأحمدُ الحامِدين، ومعه لواءُ الحمدِ يوم القيامة، وليتمَّ له كمال الحمد، ويَتَشَهَّر في تلك العرصات بصفةِ الحمد، ويَبْعَثه ربُّه هناك مقامًا محمودًا كما وعَدَهُ، يحمَدُه فيه الأوَّلون والآخِرون؛ بشفاعتِهِ لهم، ويفتح عليه فيه من المحامِد] اهـ.

واستندت لما قال الحافظ ابنُ حجر العسقلاني في "فتح الباري" (6/ 556، ط. دار المعرفة): [الذي يظهَرُ أنه أراد أنَّ لي خمسةَ أسماء أختصُّ بها، لم يسمَّ بها أحدٌ قبلي، أو معظَّمة، أو مشهورة في الأمم الماضية، لا أنه أراد الحصْرَ فيها.

 قال عياض: حَمَى الله هذه الأسماء أن يُسَمَّى بها أحد قبله، وإنما تَسمَّى بعضُ العرب محمدًا قُرب ميلاده؛ لما سمعوا مِن الكهَّان والأحبار أن نبيًّا سيُبعث في ذلك الزَّمان يُسمَّى محمدًا، فرَجَوْا أن يكونوا هم، فسمَّوا أبناءهم بذلك] اهـ.

من تسمَّى باسم محمد قبل النبي

وأشارت إلى أنه لما قَرُب زمان ظهور النبي صلى الله عليه وآله وسلم سَمَّى بعض العرب أبناءهم باسمه؛ رجاء أن تكون النبوة فيهم، والله أعلم برسالته، وهم نحو ثمانية عشر واحدًا.

وأردفت : و عدَّ العلَّامة عبد الباسط البلقيني ستة عشر في نَظْمٍ ذكره العلَّامة الصالحي في "سبل الهدى والرشاد" (1/ 411، ط. دار الكتب العلمية): [وقد نَظَمَ أسماءهم العلامة الشيخ عبد الباسط البلقيني رحمه الله تعالى في "الشرح" فقال: إنَّ الَّـــذِينَ سُمُــوا بــاسْمِ مُـحَـــمَّدٍ .. مِن قَبْلِ خَيْرِ الـخَلْـقِ ضِعْفُ ثَـمَانِ.. ابـنُ لَبرِّ مُـجــَاشِـــعُ ابـْنُ رَبِـيعَـــةَ.. ثُـمَّ ابنُ مَسْــلمَ يُـحْـمِدِيْ حَزْمـــــانِ.. لَـيْثِـيْ هُوَ السُّلَـمِـيُّ وابــنُ أُسَـامَـةَ.. سَعْـــدِيٌّ وابـنُ سُوَاءَةَ هَـمْـــــدَانِـي.. وابْنُ الجُلاح مَعَ الأُسَيدِيْ يا فَتَى.. ثُمَّ الفُقَيـمِيْ هَكَذَا الـحُمْــراني] اهـ.

ونبهت إلى أنه جاء في "حاشية المدابغي على شرح الأربعين للعلامة ابن حجر الهيتمي" أن بعضهم قد زاد اثنين آخرَين، ونظمهما في بيت يضم إلى الأبيات السابقة: [وابنًا لِـحَارث زِدْ لِـعَدِّهِم ... وزِدْ اِبْنَ الـمُغَفَّلِ جاءَنَا بِبَيَانِ] اهـ.

فضل التسمية باسم محمد أو أحمد

وأفادت بأنه من المعلوم أن التسمية باسم محمد أو أحمد من الأمور المندوبة؛ طلبًا لحصُول بركة اسمه صلواتُ الله وسلامه عليه؛ فقد ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي» متفقٌ عليه، فقال الإمام بدرُ الدين العَيْني في "عمدة القاري" (15/ 39، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه إباحةُ التسمِّي باسمه؛ للبركةِ الموجُودة منه، ولما في اسمِه من الفالِ الحَسَنِ من معنى الحمد؛ ليكون محمودًا من يسمَّى باسمه] اهـ.

ولفتت إلى أنه قد ألَّف بعضُ أهل العلم رسائلَ في فضل التَّسمية بالاسم الشَّريف؛ كما فعل المُطَّوعِي في "حمد من اسْمه أَحْمد". ينظر: "يتيمة الدهر" للثعالبي (4/ 500، ط. دار الكتب العلمية)، بل ونصَّ بعضهم على تفضيل اسمي: أحمد ومحمد على سائر الأسماء.

ودللت بما قال العلَّامة صدر الدين المُناوي [ت: 803هـ] في "كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح" (4/ 204، ط. الدار العربية للموسوعات): [أحب أسمائكم إلى الله إذا تسميتم بالعبودية: عبد الله، وعبد الرحمن؛ لأنهم كانوا يسمون بعبد الدار وعبد شمس، أو يكون محمولًا على غير اسم محمد، وإلا فمحمد وأحمد وجميع أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحب إلى الله من جميع الأسماء غيرها، فإن الله تعالى لم يختر لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وآله وسلم إلا ما هو أحب إليه؛ هذا هو الصواب، ولا يجوز حمله على الإطلاق] اهـ.

هل حديث كل من كان اسمه محمد لا يدخل النار صحيح

وبينت مدى صحة حديث: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا ليقم من اسمه محمدًا فليدخل الجنة كرامة لنبيه» ، بأن الحديث محل السؤال ذكره القاضي عياض في "الشفا" (1/ 176) فقال: [وَرُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: "إذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ ألَا لِيَقُمْ مَنِ اسْمُهُ.."] اهـ، وذكر مثل هذا تمامًا الإمام عبد الرحمن الصفوري في "نزهة المجالس" (1/ 190، ط. المطبعه الكاستلية).

 وكذا أورده الإمام ابن سبع السبتي [ت: 591هـ] في "الخصائص"؛ كما نقله عنه كثير من العلماء منهم: كمال الدين الدَّمِيري في "النجم الوهاج" (9/ 531، ط. دار المنهاج)، والإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (9/ 373، ط. المكتبة التجارية الكبرى)، وشمس الدين الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (4/ 295، ط. دار الفكر)، وأورده أبو عمرو الزاهد [ت: 345هـ] في "اليواقيت".

ونوهت بأنه نص هذا الحديث وإن لم يذكر المحدثون له حكمًا ولم يشتهر في رواياتهم بهذا النص إلا أن معناه ثابت بروايات عديدة؛ منها:

- ما أخرجه الإمام الطَّبَرَاني في "المعجم الكبير" عن واثلة رضي الله عنه، قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ وُلِدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ فَلَمْ يُسَمِّ أَحَدَهُمْ مُحَمَّدًا؛ فَقَدْ جَهِلَ».

- ما رواهُ الإمام أبو عبد الله الصيرفي في "فضائل التسمية بأحمد ومحمد" عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، قال: "مَا مِنِ امْرَأَةٍ حُبْلَى جَعَلَتْ فِي نَفْسِهَا إِنْ وُلِدَ لَهَا غُلَامٌ أَنْ تُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا إِلَّا وَلَدَتْ غُلَامًا، وَمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ فِيهِمُ اسْمُ مُحَمَّدٍ إِلَّا لَمْ يَزَالُوا يَتَعَارَجُونَ مَا دَامَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ".

- وورد فيه أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُنَادِي مُنَادٍ: مَنْ كَانَ اسْمُهُ أَحْمَدَ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ لِكَرَامَةِ اسْمِهِ".

- وورد فيه أيضًا عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا تَبَرُّكًا بِهِ كَانَ هُوَ وَمَوْلُودُهُ فِي الْجَنَّةِ»، وكذا أخرجه قاضي المارستان في "مشيخته".

و"هذا أمثل حديث ورد في الباب، وإسناده حسن"؛ كما قرره الحافظ جلال الدين السُّيوطي في "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" (1/ 97، ط. دار الكتب العلمية).

وقال العلَّامة محمد طاهر الفتَّني في "تذكرة الموضوعات" (ص: 89، ط. المنيرية): [رجاله كلهم ثقات معروفون، ورمي بعضهم بالقدر وهو غير قادح] اهـ.

فيظهر من ذلك أن الحديث المسؤول عنه ثابتٌ في معناه؛ كما أكدته الروايات والأحاديث الأخرى المذكورة، وأعظمها حديث أبي أمامة الذي حسَّنه الإمام السيوطي.

كما تواردت أقوال الفقهاء وعباراتهم على تأكيد هذا المعنى وتقريره، وعلى رأسهم الإمام مالك الذي نقل ذلك عن أهل المدينة؛ قال الإمام ابن رشد في "البيان والتحصيل" (17/ 541-542، ط. دار الغرب الإسلامي): [في بركة اسم النبي عليه السلام قال الإمام مالك رحمه الله: سمعتُ أهل مكة يقولون: "ما مِن أهل بيت فيهم اسمُ محمد إلَّا رُزقوا، ورُزق خيرًا". قال محمد ابن رشد: يحتملُ أن يكونوا عرفُوا ذلك بكثرةِ التجربة له، وأن يكون عندهم في ذلك أثرٌ مروِي] اهـ.

وقال المُلا علي القاري في "شرح الشفا" (1/ 385، ط. دار الكتب العلمية): [(إذا كان يوم القيامة نادى مناد) أي: في الموقف؛ كما في رواية: (ألا ليقم من اسمه محمد فليدخل الجنة؛ لكرامة اسمه) صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أي: لإظهار كرامته وإشعار شفاعته.

 وإليه أشار صاحب "البردة" بقوله: فَإِنَّ لِيْ ذِمَّةً مِنْهُ بِتَسْمِيَتِي.. مُحَمَّدًا وَهْوَ أَوْفَى الْخَلْقِ بِالذِّمَمِ)، (وروى ابن القاسم).. (فِي جَامِعِهِ عَنْ مَالِكٍ: سَمِعْتُ أَهْلَ مَكَّةَ) أي: بعض علمائهم (يَقُولُونَ: مَا مِنْ بَيْتٍ فِيهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ إلَّا نما) من النمو أي: زاد وزكا يعني كثر بركته.. 

وفي أخرى: إلا قد وُقُوا بضم واو وقاف أي: حُفِظُوا (ورزقوا ورزق جيرانهم) أي: ببركة أسمائهم وإيمانهم وإيقانهم وإحسانهم (وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:) أي: على ما رواه ابن سعد من حديث عثمان العمري مرفوعًا: (مَا ضَرَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ محمَّد ومحمَّدان وثلاثة) أي: وأكثر، ويميز بينهم مثلًا بالأصغر والأوسط والأكبر] اهـ.

طباعة شارك هل كل من اسمه محمد لا يدخل النار كل من اسمه محمد لا يدخل النار هل كل من اسمه محمد من اسمه محمد لا يدخل النار هل من اسمه محمد لا يدخل النار من اسمه محمد

مقالات مشابهة

  • هل كل من اسمه محمد لا يدخل النار؟.. الإفتاء: الحديث صحيح
  • أذكار الصباح.. اللهم صل وسلم على نبينا محمد
  • سنن الرسول بعد صلاة الفجر.. داوم عليها واغتنم ثوابها
  • أذكار بعد صلاة العشاء.. لا تفوّت سنة النبي واغتنم ثوابها
  • الأزهر: تربية الطفل بالمعايشة من حقوقه في الإسلام
  • انطلاق قمة الرائدات 2025 تحت شعار «القيادة التي تُحدث فرقًا» برعاية السيدة بسمة بنت فخري آل سعيد
  • أدعية النبي في الصلاة.. احفظها كما جاءت في سنة الرسول
  • نعيم قاسم: استهدفنا منزل نتنياهو وكان إنجازا استراتيجيا
  • القيادة التي لا تسمع.. لا تتعلّم!
  • حكم قول خد الشر وراح .. دار الإفتاء توضح