عبقرية الرسول في القيادة العسكرية
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدا عسكريا محنكا ومميزا, بحيث أنه يتفوق على جميع العسكريين المحترفين الذين تدربوا في الكليات والمعاهد العسكرية وامضوا جل أعمارهم في المعارك العسكرية وهذا هو مبلغ عظمته ونبوغه عليه وعلى آله الصلاة والسلام كونه كان شخصاً أمياً لم ير حرباً من قبل سوى حرب الفِجار التي كانت نزاعاً محدوداً، ولم يشترك في تلك الحرب بشكل فعلي بل قام بنقل السهام إلى أعمامه فيها, وبعد الرسالة يقود معارك لها استراتيجياتها وينتصر في جميعها ويتفوق فيها تفوقاً يعجز عنه كبار القادة العسكريين المحترفين، وهذا من أدلة نبوته فقد كان صلى الله عليه وسلم يبصر قريب الأمور كما يبصر بعيدها ويدرس كل احتمالات المعركة التي سيدخلها ويهيئ جميع استحضار اتها ويبذل كل ما في وسعه من جهد ويشاور أصحابه ويأخذ بكل الأسباب الدنيوية التي تمكنه من تقدير الموقف السليم لتحقيق التفوق على عدوه.
وكان يعتبر أن بناء المعنويات وتعزيز الحالة النفسية للمقاتلين أكبر دافع للاستبسال في القتال سعياً إلى تحقيق النصر أو الشهادة. كذلك عكس صلى الله عليه وسلم مبدأ القائد القدوة كنموذج للقوة والحكمة والشجاعة والمبادرة.. معتبراً التخطيط السليم للمعركة على أحدث المعلومات عن العدو وتحركاته وقوته وخططه، أولى ركائز النصر.
وكان صلى الله عليه وسلم يشجع جنوده علي القتال ويرفع معنويات جيشه ويقوي عزائمهم ولا يكره أحدا علي القتال استنادا أعلى قوله تعالى: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلا) [النساء : 84] وكان صلى الله عليه وسلم يتقدم جنوده بنفسه في المعارك وكان مثالا يحتذى في الشجاعة قال علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه كنا إذا حمي الوطيس نلوذ ونحتمي برسول الله فما يكون أحد اقرب الي العدو منه.
كما ادخل صلى الله عليه وسلم أسلوبا جديدا في القتال لم تعرفه العرب من قبل هو أسلوب الصفوف (كانوا يقاتلون بأسلوب الكر والفر) كما كان لا يبدا أحدا بالعدوان ولكن إذا علم بعزم الأعداء على قتاله لم يمهلهم حتى يهاجموه بل يبادرهم بالهجوم لأنه أبدا لم تكن الحرب غاية من غاياته وفي أي مرحلة من مراحل حياته، بل كانت الوسيلة الأخيرة التي يطرق بابها، إذ كان يقدم البدائل للطرف الآخر على الدوام، أما البديلان الأولان فكان إما الدخول إلى الإسلام أو إعطاء الجزية. وكان صلى الله عليه وآله سلم يذكّر القواد والجنود الذين يرسلهم إلى القتال بعدم التعرض للنساء والأطفال والشيوخ ومن لا يحمل السلاح، وكان شعاره صلى الله عليه وسلم "الهجوم أحسن وسيلة للدفاع."
سنتحدث عن بعض الأمثلة عما تكلمنا عنه من الأساليب التي اعتمدها عليه وآله الصلاة والسلام في مغازيه ومعاركه فعن اعتماده الكتمان والمباغتة في تحركاته، نأخذ غزوة خيبر كمثال واضح على هذا، فقد أظهر أنه متوجه نحو غَطَفَان ولكنه سار إلى خيبر، وظنت غَطَفَان أنه سائر إليها فتحصنت خلف أسوارها، واعتقدت خيبر أن الأمر لا يهمها وبعيد عنها، فباغتهم صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح.
ودخل مكة بالمبدأ نفسه، إذ لم يكن حتى أبو بكر رضي الله عنه يعلم وجهة الرسول صلى الله عليه و سلم, وكانت مفاجأة أهل مكة كبيرة، وعندما علموا بالموقف لم يجدوا مجالاً سوى للاستسلام والقبول بدخول النور المحمدي إلى مكة.
كان صلى الله عليه وسلم يختار الوقت المناسب والمكان المناسب للدخول في القتال مع العدو بحيث يكون وقت المعركة ومكانها في صالح المسلمين وفي غير صالح العدوً، فقد أطال زمن معركة الخندق حتى هجم الشتاء على الأعداء فاضطروا إلى التراجع، كما كان اختيار موضع المعركة( الخندق) أيضا في صالح المسلمين. كما أن توقيت معركة حُنين كان توقيتاً رائعاً، فلو حصل هناك أي تأخير لما وجد المسلمون فرصة للهجوم بل لاضطروا إلى الدخول في معركة دفاعية تحت ظروف غير مواتية لهم.، وكذلك الاختيار الموفق لمكان معركة بدر حيث نزل المسلمون في موضع يتوفر فيه الماء بينما تم حرمان المشركين من الماء.
أما عن حرصه صلى الله عليه وسلم على مبدأ الاستخبارات فكان يجمع معلومات متكاملة عن عدوه ففي غزوة بدر خرج صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه في دورية استطلاعية للحصول علي معلومات عن قريش فسأل الشيخ الذي لقياه في الطريق عن عدد القوم فلما لم يعرف سأله عن عدد الجزور التي يذبحونها كل يوم.. فقدر صلى الله عليه وسلم عدد الجيش بضوء مقدار الطعام الذي يحتاج إليه الجيش.
وفي غزوة الأحزاب أرسل صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان ليكتشف خبر الأعداء كما كلف نعيم ابن مسعود بعد إسلامه بتخذيل جيش المشركين وبذر الشكوك والفرقة بين صفوفهم فاستطاع (نعيم) أن يفرق من تكتل بني قريظة مع قريش وغطفان.
وكان القائد العام صلى الله عليه وسلم يستشير ضباط ركنه من الصحابة رضوان الله عليهم ففي غزوة بدر قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي الخباب ابن المنذر الذي أشار (بعد أن استوثق أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك المكان لم يكن بوحي من الله) بالتحول إلي مكان آخر وهو عيون بدر كونه أصلح وآمن للمسلمين, وفي غزوة احد استشار صلى الله عليه وسلم أصحابه وخيرهم بين الخروج لملاقاة العدو أو البقاء في المدينة كما اخذ صلى الله عليه وسلم برأي الصحابي سلمان الفارسي في حفر الخندق.
وبسبب الحنكة والعبقرية العسكرية التي وهبها الله لحبيبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد حقق انتصارات باهرة في كل المعارك التي خاضها حتى ليعجز المنطق العسكري أن يتخيلها ففي يوم بدر كان عدد جنود قريش 1000 مقاتل وعدد المسلمين 314رجل والمسافة بين بدر والمدينة160 كلم ولم تكن مع رسول صلى الله عليه وسلم غير فرسان و70 بعيرا يتعاقبون على ركوبها ومع ذلك فقد هزموا قريش ..
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: کان صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث في أول ليلة في رمضان؟ 5 عجائب ونفحات ربانية للصائمين
ماذا يحدث في أول ليلة في رمضان؟ شهر رمضان تجاب فيه الدعوات، وترفع الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وأمر الناس بصيامه، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم.
وأخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن هناك أمورًا تحدث في السماء مع أول يوم في رمضان، منها: أولًا: تفتح فيه أبواب الجنة ثانيًا: تغلق أبواب النار، ثالثًا: تصفد الشياطين، رابعًا: ويُنَادِى مُنَاد ٍكلَّ ليلةٍ يا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ويا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، خامسًا: يعتق الله تعالى يوميًا أناسًا من النار.
وعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَاب، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَاب، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ».
فضل شهر رمضانخصَّ الله عز وجل عبادةالصياممن بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:أولًا:أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ثانيًا:إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا:إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا:إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا:إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
سادسًا:إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا:إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».
دعاء استقبال شهر رمضان.. ردده الآن يأتيك الخير من حيث لا تحتسب
دعاء نية صيام الشهر الفضيل.. اللهم إني نويت صوم رمضان كاملا
دعاء وتهنئة وبوست شهر رمضان المبارك.. لا تنس أحبابك| صور
دعاء رؤية هلال شهر رمضان.. 16 كلمة رددها النبي تقضي الحوائج وتفتح أبواب الخيرات
أولًا:يتعلم المسلم من خلال الصيام السيطرة على شهواته؛ فيتحكم بها ومن ثم يكون قادرًا على التحكم برغباته دون الإضرار بحاجاته الجسدية.
ثانيًا: الصوم مدرسة للجود؛ فيجود المسلم بماله للمحتاجين، فهو يشعر بجوعهم وحاجتهم، ويجود بوقته في مساعدة الآخرين ومد يد العون لهم.
ثالثًا:يُنمي الصيام في النفس حب عمل الخير، ويدربها على الإكثار منه وملازمته كلما أُتيحت الفرصة؛ فالعمل الصالح في هذا الشهر تتضاعف، الأمر الذي يُشجع المسلم على الإكثار من الأعمال الصالحة طمعًا في الأجر.
رابعًا:يساعد الصيام على الالتزام بالقواعد والقوانينواحترام الحدود المرسومة دون زيادة أو نقصان.
خامسًا:يكسر الصيام الكِبَر في القلب؛ فيرى الصائم الأعداد العظيمة من المسلمين المقبلين على العبادات؛ فيقوم بدوره بالسعي إلى المزيد من العبادات ليلحق بمن سبقوه دون النظر إلى مكانتهم الاجتماعية.
سادسًا:يُشجع الصيام على السرية في أعمال الخير؛ فالصيام مبني على العلاقة بين العبد وربه دون تدخلات أو حاجة إلى أن يعرف الجميع بذلك؛ فيتصدق صمتًا في مساعدة الآخرين.
سابعًا:الصيام في رمضان يهدف إلى تجديد النية، وتنقيتها مما عَلِق بها، واحتساب هذه النية عند الله - تعالى-؛ لقول الرسول - عليه السلام-: (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ).
ثامنًا:تتجدد العلاقة بين المسلم وربه في رمضان، من خلال قراءة القرآن الكريم، والابتعاد عن المُحرّمات، وتطبيق السّنة النبويّة، والإقبال على صلاة التراويح وقيام الليل.
تاسعًا:تجتمع أركان الإيمان في الصيام: قول القلب الذي يكون بالتصديق والإيمان بالصيام، وعمل القلب الذي يكون بالاحتساب، وفعل الجوارح الذي يكون بالابتعاد عن المحرّمات.
عاشرًا:يساعد الصيام المسلم على التأقلم بسرعةعند تغير الظروف؛ فيصبح أكثر مرونة وتقبُّلًا لتقلبات الحياة السريعة.
أحد عشر:يزيد الصيام من روحانية المسلم، ونقاء روحه، وارتقائه عن الشهوات والحاجات الماديّة.
اثنا عشر:يُعلم الصيام المسلم فقه الأولويات؛ فيعرف أهمية الأعمال الصالحة ومستوياتها، فيرتبها حسب ذلك السُلم، كما يُربيه على فقه الاختلاف.
فضل شهر رمضان
أولًا:خص الصائمين بباب في الجنة يُسمى باب الريان، وحتى يحصل الأجر العظيم ينبغي للصائم اجتناب أعمال السوء كلها، والبعد عن الرفث والفسوق، مصداقًا لِما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ).
ثانيًا:فيه ليلة القدر: فقد فضّل الله -تعالى- شهر رمضان بأن جعل فيه ليلة عظيمة، تُغفر فيها الذنوب والآثام، وتتضاعف فيها الأجور، مصداقًا لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، بالإضافة إلى ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبِهِ).
ثالثًا:شهر العتق من النار، والعتق من النار أسمى أمنيات المسلم، لا سيما أن العتق يعني اجتناب عذاب النار، ودخول الجنة، ومن فضل الله -تعالى- ورحمته بعباده أنه يصطفي منهم في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار، مصداقًا لِما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ).
رابعًا: شهر نزول القرآن الكريم،من أعظم فضائل شهر رمضان المبارك أن الله -تعالى- اصطفاه من بين شهور العام وأنزل فيه القرآن الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، بل إن جميع الكتب السماوية نزلت في شهر رمضان، مصداقًا لِما رواه واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، وأُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، وأُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ).
خامسًا:من فضائل شهر رمضان أن فيه صلاة التراويح، لا سيما أن الإجماع انعقد على سنيّة قيام ليالي رمضان، وقد أكّد الإمام النووي -رحمه الله- أن المقصود من القيام يتحقق في صلاة التراويح، وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قيام رمضان مع التصديق بأنه حق، واعتقاد فضيلته، والإخلاص بالعمل لوجه الله تعالى، واجتناب الرياء والسمعة، سبب لمغفرة الذنوب، حيث قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).
سادسًا:اختص الله -تعالى- شهر رمضان بأن تُفتح أبواب فيه الجنة، وتُغلق أبواب النيران، وتصفّد الشياطين عند دخوله، كما ورد في الحديث الذي رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ).
سابعًا:شهر الجود في كل شيء،فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أجود ما يكون في شهر رمضان.
ثامنًا:رمضان من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، ويُكرم الله فيه عباده بالعديد من الكرامات، ويعطيهم المزيد من فضائل رحمته وعطياه؛ فصيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، حيث صامه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وأمر الناس بصيامه، وأخبرهم أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما حث فيه على المبادرة إلى التوبة من الذنوب والخطايا، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع الأخلاق التي تُرضي الله، وتُقرب العبد من ربه.
تاسعًا:العمرة في رمضان ثوابها مضاعف،وقد أخبر رسول الله أنّ العمرة في رمضان تعدل الحج في الأجر والثواب.
عاشرًا:الصدقة في رمضان أجرها عظيم، فقد كان رسول الله أجود الناس في رمضان.
أحد عشر:من فضائل الصيام أن الله -تعالى- قد أضافه إليه، فكل أعمال العباد لهم، إلا الصيام فهو لله وهو يجزي به، وقد قال العلماء في سبب اختصاص الصوم بهذه المزية أنّه من الأعمال التي لا يقع فيها الرياء، وقيل لأن الله هو فقط العالم بمقدار ثوابه ومضاعفة حسناته، وهو من أفضل الأعمال التي لا مساوي لها عند الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة الباهلي: (عليك بالصَّوم فإنَّه لا مثل له)، وهو وقاية من شهوات الدنيا، فيمنع صاحبه من الوقوع في الشهوات والمعاصي، وهو وقاية من عذاب الآخرة كذلك.
اثنا عشر:يحصل الصائم على أجر الصبر على طاعة الله، والصبر في البعد عن المعصية، والصبر على ألم الجوع والعطش والكسل وضعف النفس، وفيه يكفر الله الخطايا والذنوب، ويشفع لصاحبه يوم القيامة، ويدخله الجنة من باب الريان، ويعيش الصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، وإنّ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وقد بشّر رسول الله بأنّ دعوة الصائم من الدعوات المستجابة، فقال: (ثلاثُ دعواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائم، ودعوةُ المظلُوم، ودعوةُ المسافر).