سودانايل:
2024-12-23@11:34:39 GMT

لَكِ يامَنازِلُ

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

للبُيُوتِ حُظُوظٍ مِثل البشر، سَيِّئةُ الطالع منها، صَيِّرتها الحرب خراباً، بالقنابلِ والقذائفِ والحَريقِ. والتي إحتفظتَ بِكاملِ هيئتهِا وقَوَامُها المُتَمَاسِك، تَمَّ تَجْرِيدُها من كلِ مَنْقُول ومُتَحَرِّك مَحْمُول.
ثُمَّ البيوتٌ التي تَمَّ الاسْتِيلاَءُ عَلَيها غزواً وقَهْراً لسَاكِنِيهَا الذين قَعَدُوا على حَافَةِ الموتِ فيها.


مَهْمَا الخَيَالُ تَطَرَّفَ في تَشَاؤمِه، فلن يُدرِك إلا القليل من السُّوءِ الذي آلتَ إليه جُملة آثَار الحرب، ومَهْمَا شَطَحَ في تَخَيُّلِهِ، فلن يَصل لِمَدَى الضُّرّ والأَذِيَّة التي حَاقَتَ بِبيوتِ النَّاسِ في مُدْنِ الحربِ.

تَوَافَقَتْ البَشَرِيَّةُ مُنذُ الأَزَلِ، أَن البيتُ هو المكان الذي يَخُصّ الإِنْسَانِ. إن كان في شَجَرِ الغَابِ أو نَاطِحاتِ السَّحَابِ، في كَهْوفِ الجبالِ، أو بظُهرِ المَرْاكَبِ الراسِياتِ فوق المياه. أينما كان مَوْقِعُه وكيفما كان شَّكْلُه، فكُلُّ البيوتِ جَوْهَرها واحد، وهو ذاك المُجَسَّمِ ذو الأبعاد المحددة، في المكانِ المُعَيِّن، بِظَاهِرٍ محسوس وتفاصيل مرئية، تجمعت وتراكمت في مركز البيت وأركانه عبر الزمان، ثم إمتزجت بذاكرةِ السُّكَّانِ مُنذُ الطُّفُولّةِ والصِّبَا، فصار البيت رَدِيفاً يتبع الإِنسان أينما رحل، من بَيتٍ لِبيتِ، ومِنْ بَلدٍ لآخر، ولو طاف أَرْجَاءِ الأرضِ وأركانها القَصِيَّة.

إيلاَفُ الأَمْكِنَةٌ، لايعني التَعَوُّد أو الاِرتَبِاط الحميم بأجسامِ الأَشْكَالِ الثابتة والمساحات التي تَتَخلَّلَها وتُحِيط بها. أُلْفَةُ المكان لاتَحدُث بمعزلٍ عن الإنسان الذي يَمتزِجُ بالفَرَاغَاتِ ويَمْلَأهَا بحيوية الحياة الفاعلة. البيت يتشكل بمُحَاوَرَةِ الانسان للمكان، حين يمتلئ الإطارٌ بِالصُوَرِ المُزَخْرَفَةِ المتحركة التي تلتصق بالذاكرةِ فتَحْتَشِد الذكريات. الذين بعد الحرب قَعَدُوا على حافةِ الموتِ في البُيُوتِ، ما كانوا عَالِقون بالمباني والْمَرَافِقِ والمنافِعِ وجملة اللواحق، لكنهم مُنْصَهِرون بجَوْهَرِ المكانِ الرَّمزيِّ المُجَرَّدِ، بِالحَيِّزِ الخاصِ الذي تَكَوَّنت في دَاخِلهِ الذَّاكِرَةِ والمِزَاجِ والوِجْدَانِ.

تَّهْجِيرُ السُكّان والسَاكِنات من البيوت بِالإِكْرَاهِ، كان بِدْعَة مِن ضَلال الدعم السريع، الذي جَعَلَ البيوت سَوَاتِراً للقتالِ وثُكُناتٍ للإِعاشَةِ. فهُجِرَت البيوت والأحياء والبلدات، وتَوَحَّشَ المكان وخَلاَ من الناسِ والأنيسِ. البُيُوتُ المُحْتَلُّة التي اِنْتَزعوا أحْشَاءهَا، اِسْتَحَالَت لكُتلٍ ماديةٍ صلبة، صُخُورٌ صَمَّاءٌ يَلْبُدُون وراءها في الأحياء السكنية التي قَلَبوُها لساحاتِ قتالٍ. وفي جانب المعركة الآخر، كان الجيش، لأسبابِ فنية وأخلاقية، وبمعاييرِ قِيمٍ إجتماعية لَا يُدرِكُهَا جِنود الدعم السريع، ينظر للبيوت كعَوَائِقٍ حالت دون تحقيقه لإنجازٍ عَسْكَريِّ حاسمٍ. رغم ذلك، ظلت البيوت من منظار كلا الطرفين، مَنظرها واحد، فهي سَاتِرُ او عَائِق، البيوت التي كانت عَامِرةٌ بحَيَوِيَّةِ النَّاسِ، تحولت لمجرَّدِ أجسامٌ وأشياءِ مَادِّيَّةِ، مَوْجُودُة بالفعلِ، خارج الذهن، في أرضِ المعاركِ.

الفيلسوف الفرنسي، غاستون باشلار1، بِإسلوبهِ اَلسَّهْل اَلْمُمْتَنِع، في تنظيره حول المكان، قال أنه بالتحديد يريد فحص الصور البسيطة للمكان المناسب، وهو أساس بحثه من أجل (تحديد القيم الانسانية لانواع المكان الذي يمكننا الامساك به، والذي يمكن الدفاع عنه ضد القوى المعادية،.
أي المكان الذي نحب. وهو مكان ممتدح ويرتبط بقيمة الحماية التي يمتلكها المكان والتي يمكن ان تكون قيم ايجابية، قيم متخيلة، سريعاً ماتصبح هي القيم المسيطرة. ان المكان الذي ينجذب نحوه الخيال لايمكن ان يبقى مكاناً لا مبالياً، ذا أبعاد هندسية وحسب. فهو مكان قد عاش فيه بشر ليس بشكل موضوعي فقط، بل بكل مافي الخيال من تحيز. نحن ننجذب نحوه لانه يكثف الوجود في حدود تتسم بالحماية.)2 هذا الإقْتِطَاف يَرْوَقُ لي، لما فيه من سُلْوَان، وحيِلَةٌ لِدَفعِ الأحزانِ، قولُ رجل مُجرِّب ومفكر خاض الحرب العالمية الاولى وحضر الثانية، رَأَّى دَمَارَ المُدْنِ وفُقْدَان البُيُوت ومَصَائِب الحروب، وبعد كل ذلك كتب (جماليات المكان).
كمال الجزولي3، قبل عقود من الزمان، نُشِرت له هذه القصيدة، (مثقف… صياغة جديدة لأمثولة
قديمة)
( قالوا له: الحريق في البلد،
هل مس – قال –
في شارعنا أحد؟!

قالوا له: النيران في شارعكم
تلتهم الأشجار والحجارة،
أطارت – قال – منها
صوب بيتنا شرارة؟!
… … …
قالوا له: رمادا صار بيتكم،
هذا المساء
صاح: غرفتي،
وأجهش بالبكاء!)…
قال باشلار (الشاعر لايمنحني ماضي صورته، لكن هذه الصورة تتجذر في داخلي)4 وصورة كمال الجزولي الشِعرية تلك، ترسخت في داخلي، لم تكن خامدة، كانت تتحرك وتقفز من حين لآخر كلما ظهر لها شبيه أو نظير، وماأكثر الأَشْبَاه والنَّظائِر في وَاقِعِنا الشَّائِكِ المُتنَاحرِ، الذي مِنْ فَرْطِ التَضَادِّ والاِستقطاب بين قُطْبِيه، اِنْفَجَرَتْ الحربِ المُؤَجَّلةِ. حَربٌ بعدها خرج الحريق من مَجَازِ القصيدة للإشتعال في الحقيقةِ. ولو تَمَّ إِخْمَادِ نِّيرانِ الفِتْنَةِ وتَوْقيفِ هذه الحرب، ستظل تلك الصورة، تتقافز هاربة كغزالٍ من أَبَدِ هذه القصيدة، مِنْ الحريقِ الذى شَبَّ ببَيْتِ الشِّعرِ فبَكَى صَاحِبَهُ عَلَيْهِ ولم يبكِ الوطن. بيتُ المثقف الْغَشِيم، سيكون مَثَلُهُ كَمَثَلِ البيوتِ الأخرى دُونَ تَمْيِيزٍ، فهو مكان شَكَّلَه الناس في سَنواتٍ طِوالٍ، بالأشياءِ الصغيرةِ التي اِنتَظَمتَ في اِتِّسَاقٍ مِثلُ مُنَمْنَمةٍ زَاهِية بَهِيَّة.
﴿ لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ۚ فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [ سورة النور: 61]
بهذهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، تَمَّ رَفْعَ الحَرَجَ، عن المُسلمينِ ومِنْ ضِمْنِهِمْ ذوي الإحتياجات الخاصة، بِالسَّمَاحِ لهم بتَنَاوُلِ الأكل في البيوت التي تم تحديدها لهم بوضوحٍ، او بإلحاقٍ ضِمْنِيٍّ يزيد من عددها. لم تُجْمِل الآية البيوت في إِطارِ القَرَابَةِ بِاِتِّسَاعٍ، ولكن تَمَّ تحديدها، كلُّ بَيْتٍ وَحْدَهُ، قَائِمٌ بِذاتِه، وهذه دَلالَة تَأَكِيد مُبَاشِرة على ضَبَطِ البَيتِ، بِصِفتَهِ وَحْدَةِ سَكَنِيِّة، ومكانُ الأُسْرةُ الذي يخصها، مع الإلتزام بتوجيه الآية، وهو تَوْسِيعُ المشاركة في الطعامِ. والآية، بِحَسَبِ سيد قطب5،
آية تشريع ( نلحظ فيها دقة الأداء اللفظي والترتيب الموضوعي والصياغة التي لاتدع مجالا للشك والغموض)6

سيد قطب، فَصَلَ آيات التشريع من التَّصويِرِ الفني في القرآن، لكن هذه الآية، فيها كثير من اِحْتِمَالاتٍ كَامِنَة لامُتَناهِية، يمكن تَخَيُّلُ صُورَتِها المتحركة حولَ البيوتِ والطُّرُقَاتِ التي يتنقل بينها المسلمين، بهيئة أجسادهم واحوالها المتباينة، أَشَتَّاتٌ وجماعات، يأكلون هنا، ثم يدخلون ويخرجون من هناك، مَوْقِعُ تصوير مفتوح، يتسق مع نَزْعَاتِ سيد قطب الفنية البليغة، قال( قليل من صور القرآن هو الذي يُعَرض صامتاً ساكناً، أما أغلب الصور ففيه حركة مضمرة أو ظاهرة، حركة يرتفع بها نبض الحياة، وتعلو بها حرارتها،…ويجب أن ننبه الى نوع هذه الحركة، فهي حركة حيَّة مما تنبض به الحياة الظاهرة للعيان، أو الحياة المضمرة في الوجدان، هذه الحركة هي التي نسميه "التخييل الحسي"، وهي التي يسير عليها التصوير في القرآن لبث الحياة في شتى الصور )7

سيد قطب في شبابِهِ وباشلار في شيخوخته، رغم تفاوت أعمارهم، كان بينهما تقارب حول مفهوم الصورة، وهي من النقاط المركزية في مباحثهما التي كانت في ذاتِ الحِقْبةِ الزمنية، منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي ومابعدها. ودون قصد إجتمعا هنا، في مقالٍ عن البيوت، التي تَشابهت دون قصد أيضاً، منذ بيوتِ المدينة المنورة في فجرِ الاسلام إلى بيوتِ اوربا في القرنين الماضيين أمَّا البيوت التي فَرَرْنَا من حِيشانِها وحُجُراتها الآن، فقد كانت مثل بيوتهم، لكن الذي حدث فيها ولها مع الحرب، أَقْعَدَها خارج سِياق المُقَارنة، مع بيوت الآخرين ومع تاريخها ذاته.

الحَنِينُ للأوْطَانِ والبيوتِ والأَصْحَابِ، سِمةُ لازِمة لِشَجْنِ المَهَاجِرِ والمَنَافِي والاِغْتِرَابِ. بِالصَّبرِ والتَّحَمُّلِ كان الناس يَتَغَلَّبُون عليه، ثم صاروا يتَجمَّلُون بِسُلْوَانِ وسائط التواصل الإجتماعي، وفيها يُشاهِدون أطفالِ الأُسْرةِ وعجائز البيت، ينظرون لوجوهِ أَهْلَهم ويلمحون خلفهم أثاث البيت القديم المُحَبَّب الصامد، يرون الكَراكِيب مخبأة في الزُّقَاقِ ، والشَّجَرةُ العَجُوُز التي ضَمَّت في جِذْعِها تاريخ البيت وروحه، مازالت واقِفة بجنب باب الشارع. المكان المحمول في الخاطر والذاكرةِ لم ينفصل عن مَنْبَتِه، بِدفقِ المنابِع الحَيَّويِةِ فيه، وبِقُوِّةِ البَثِّ التي تَنْدَاح موجاتها الأثِيريَّة منه، فقد كانت البيوت المفتوحة العَامِرة بالناسِ، هي العَزَاءِ والسَّلْوَى لِلمُسَافِرِين والمهاجرين بَعِيدِ عنها. هذا ماكان…

أَمَّا الآن، البُيُوتٌ مُحْتَلَّةٌ، ومُوحِشةٌ مُخِيفَة، بجوارِها بُيُوتٍ مَهْجُورَةٍ مَنْهُوبة، في حَيِّ خالٍ مِنْ السُكُّانِ، كل شئ فيه يُثِيرُ الذُّعرَ، كأنه خَرَابَاتٌ مَسْكُونة بالجِنِّ. أينما ذهبتَ في مدن الحرب، يُعَادّ لِنَاظِرِكَ هذا المَشْهَدِ الجَارِجِ. فقد توقف نَبَض البيوت الذي كان يَضُخُّ دَفَقِ الحياةِ في شرايينِ المهاجرينِ في أقاصي الأرض. إنقطع رَنين الهواتف، لاصوتُ سِوىَ عُوَاءُ الكِلابِ المَسعُورّةِ الذي يَشقَّ السُّكُون عندما تَسكُّتَ آلات الحرب.

جِراحُ التَّهْجِيرُ القَسرِيَّ مِنْ الأَماكِنِ والبيوتِ قد تَلتَئِم بمرورِ الأيامِ وشَوَاغِلِ الحياة المُلِحَّة.
وببصِيرةِ النساء الحكيمات اللواتي تَحَمَّلَن وَيْلُ الحرب، وسوف يحَملِّنَ أَعْبَاءِها الثقيلةِ، فربما تَخُفتَ الآلام وتَندَاح سحائب الكآبة من سَماءِ الوطنِ والبِلاد والأمكِنَة المَحْبُوبة. (حتَّام نرجوا إنفراج الأَذَى)8 بعد الطَعَنَةِ النَجْلاَءِ التي سَدَّدَتها قوات الدعم السريع للمجتمِعِ في قلبِ بيوتهِ.
هذا الفِعل سوف يُخَلَّدُهم في التراثِ الشعبي، بمَأثُورَاتٍ مِنْ قَصَصِ المَآسِي والطرائف، وبِأَمثَالٍ وقصائدٍ ومَنَاحَاتٍ، بإِيقَاعِ الغناءِ ونغماتهِ. فالأَدَبُ الشَّعْبِيُّ، يَنَابِيعه فَوَّارَة، ليس لتَدَفُّقِها حدود، ولا لتَوَقُّفِها زمن. غاستون باشلار، حِين اِمْتَدَحَ المكان الجاذب وتحيَّز للحيوية الإنسانية التي تُكَثِّف الوجود داخله، كان ذلك بِشَرْطِ أن يكون له حُدُود تتوفر بها الحماية ضد القوى المُعادِية، وقد قال الحقيقة. فالمساكن بنات السَّكِينَة، والبيوت أخواتها التي تَهَب السُكَّان الطُمَأْنِينَةِ وثَبَات
القُلُوب، والقُلوب مازالتَ تَرتجِفُ من أَثَرِ اللَّدغَةِ الأُوْلَى.

1/ غاستون باشلار، ١٨٨٤-١٩٦٢، فيلسوف وكاتب فرنسي، بدأ حياته العلمية والعملية بالعلوم التجريبية ثم تحول لاحقاً لحقل التخيل والادب ومنه نال شهرته
2/ غاستون باشلار : جماليات المكان، ترجمة غالب هلسا صفحة ٣١
3/ كمال الجزولي ١٩٤٧م مفكر سوداني، باحث وشاعر، حقوقي مصادم للانظمة الشمولية، له مسهامات عديدة منشورة، لتفاصيل اكثر يمكن الرجوع ل ويكيبيديا الموسوعة الحرة.
4/ جماليات المكان صفحة ١٨
5/ سيد قطب: ١٩٠٦ _ ١٩٦٦م مفكر مصري، أديب وناقد أدبي متميز، تحول للدراسات الاسلامية، ثم الاسلام السياسي القتالي، تم إعدامه في سنوات حكم عبدالناصر.
6/ سيد قطب : في ظلال القرآن تفسير سورة النور الاية ٦١
7/ سيد قطب: التصوير الفني في القرآن صفحة ٧٢
8/ النور عثمان ابكر

osman.amer@icloud.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المکان الذی سید قطب ة التی التی ت الذی ی

إقرأ أيضاً:

اليوم نرفع راية استقلالنا (1)

تعود ذكری الاستقلال من داخل البرلمان، وبلادنا تخوض حرب الكرامة لكن ذلك لا يمنعنا من الذكری فالذكری تنفع المٶمنين.

يحُقّ لأهل السودان أن يَتَباهوا علی ساٸر أهل أفريقيا طُرَّاً، وعلی كثيرٍ من أهل الدول العربية، بأنهم قد عرفوا سُبُل الحضارة قبلهم، وخَبِروا أساليب الحكم قديمها وحديثها، منذ عهودٍ موغلة فی القِدَم، بل منذ نشأة البشرية علی كوكب الأرض!!

وقد أثبت علماء التاريخ والآثار ذلك فی دراسات كثيرة، تنوء بها أرفف المكتبات القديمة، وتتداولها وساٸط الإعلام الحديثة، ويحتفي بها أُولو العزم من الدارسين، وقد ينكرها بعض المتعصبين من أصحاب الغرض، والغرض مرض !!

وقد يقول قاٸل (هب إن إنسان السودان كان أقدم البشر، وكان هو الإنسان الأول، وأن الجميع جاءوا من نسلهم – من لدن أبينا آدم عليه السلام وحتی يرث الله الأرض ومن عليها- !! فأين هو السودان، وإنسان السودان، وحكومات السودان من ذلك؟؟؟)

– منذ أن نال السودان استقلاله من دولتي الحكم (الثناٸی) -إنجلترا/مصر- فی الأول من يناير عام 1956م ، جَرَّب (ثلاثة) أنواع من الحكومات، فصلت بينها (ثلاث) ثورات شعبية وتخللتها (ثلاث) فترات إنتقالية۔

حكومة حزبية منتخبة۔حكومة يأتی بها إنقلاب عسكری ۔حكومة إنتقالية۔

ويمكن الحديث شيٸاً ما ولو شكلياً، عن نظام (حكم ملكي) فُرِضَ علی السودان الذي كانت تستعمره انجلترا (الملكية)، بالٕاشتراك مع مصر (الملكية) أيضاً، يديره حاكم عام إنجليزي تختاره (ملكة) إنجلترا ويُصدر (الخديوی) فی مصر فرماناً بتعيينه، وفي خِضَم التنازُع بين دولتي (الحكم الثناٸی)، نُودي ب (الملك فاروق ملكاً علی مصر والسودان) مع كون مصر نفسها كانت مستعمرة بريطانية حينذاك !!

تسلمت أول حكومة وطنية مقاليد الحكم من الإستعمار ، وكانت حكومة حزبية منتخبة برٸاسة السيد الأستاذ إسماعيل الأزهری، بعدما ذاب مٶتمر الخريجين – طليعة الوطنيين المنادين بإستقلال السودان – فی الحزبين الكبيرين، أو فی الطاٸفتين الكبيرتين علی وجه الدِّقة، فمٶتمر الخريجين الذی أنشِٸَ علی غرار حزب المٶتمر الهندی- القاٸم إلی يوم الناس هذا – وجد نفسه أمام (إنتخابات عامَّة) تتطلب ميزانيات ضخمة، ومعينات كثيرة، وتجربة جديدة كليَّاً، لا قِبَل له بها، خاصة بعد المعركة الإنتخابية عام 1943م لاختيار الهيٸة الستينية للمٶتمر والتی أدت لانقسام حاد، بين مجموعتين الأولی بزعامة الأزهري يساندهم الأبروفيون، والثانية مجموعة الشوقيين بزعامة محمد علی شوقي ومجموعة من أبناء الأنصار يساندهم بطبيعة الحال السيد عبد الرحمن المهدی، ووسط جماهير تدين بالولاء للسيدين الكبيرين، السيد (السير) علي الميرغنی زعيم طاٸفة الختمية، وسليل العترة النبوية !! والسيد عبد الرحمن المهدی زعيم طاٸفة الأنصار، ونجل السيد الإمام محمد أحمد المهدی مُفجر الثورة المهدية، الذی خاض غمار حرب ضروس ضد المستعمر وحرر البلاد من ربقة الإستعمار بحد السيف (حرفياً) بمساندة واسعة من جماهير الشعب السوداني الذی بذل الغالي والنفيس في سبيل نيله حريته. فقد كان من المحتم علی عضوية مٶتمر الخريجين أن ينضووا تحت عباءة أحد السيدين ربما تُقيةً، لكنه ليس عن قناعة حتماً، وعندها تفرق مٶتمر الخريجين أيدي سبأ، وحُرم السودان من تجربة حديثة لبناء دولة ديمقراطية حديثة، ونالت البلاد إستقلالها، بعد سودنة جميع الوظاٸف فی الدولة، وكانت السودنة هی الشرارة التي أطلقت التمرد فی جنوب السودان من عقاله، في اْغسطس 1955م، قُبيل إعلان الإستقلال إحتجاجاً علی إبدال الإنجليز الرحماء!! بالعرب القساة تجار الرقيق !! كما قالت بذلك الدعاية الإستعمارية (رمتني بداٸها وانْسَلَّتِ)، والذی أفضی في نهاية الأمر – بعد حرب أهلية هی الأطول فی القارة الأفريقية – إلی انفصال جنوب السودان بعد الإستفتاء الذی أقرته إتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) الموقع فی نيروبی يناير 2005م۔ وأدت ل(ثناٸية) جديدة !!

ونواصل إن أذِن الله لنا بالعودة.

-النصر لجيشنا الباسل.

-العِزة والمِنعة لشعبنا المقاتل.

-الخِزی والعار لأعداٸنا، وللعملاء.

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
  • مايا الشربيني تعلق على تريند “تدليك الزوج لرجل زوجته”: أرحموا البيوت من التفكك وعيشوا الواقع
  • في عكّار.. ما الذي ضبطه الجيش؟
  • أول صورة للمُجرم الذي دهس الدراج في بيروت.. شاهدوها
  • إسرائيل تواصل خرق وقف إطلاق النار في لبنان.. جرفت البيوت والأراضي الزراعية 
  • تعرف على المكان الأكثر أمانا في الطائرة لتجنب انتقال الأمراض
  • خبير يكشف “المكان الصحيح” لحفظ البيض
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • ليس باب الثلاجة.. خبير يكشف "المكان الصحيح" لحفظ البيض
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري