توفي السبت، عن عمر يناهز (72 عاما) القاضي معتز خفاجي، الشهير في أوساط المعارضين المصريين من كافة الأطياف، بأنه صاحب الأحكام القضائية الأشد قسوة عبر رئاسته لمحاكم "الإرهاب" التي استحدثها رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، في مصر.

 وأصدر القاضي الراحل، نحو 30 حكما بالإعدام ومئات الأحكام بالسجن المؤبد وغيرها بالسجن المشدد بحق معتقلين من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، وعلى الجانب الآخر قام بتبرئة وزير داخلية نظام الرئيس الراحل حسني مبارك الشهير، حبيب العادلي، ليواصل أحكامه القاسية بحق النشطاء ومعارضي النظام.



وسبق أن وصفت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي "DAWN" في تقرير لها عام 2021، المستشار  خفاجي رئيس محكمة جنايات أمن الدولة الأسبق، بأنه "من أولئك المستشارين الذين يدمرون نظام العدالة في مصر".



 وقالت المنظمة الأمريكية التي تأسست في أيلول/ سبتمبر 2020، وتدعو إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان بالشرق الأوسط، إنه "أداة من أدوات السلطة لقمع الأصوات المستقلة بإلقاء النشطاء وشخصيات المعارضة والصحفيين في الحبس الاحتياطي اللانهائي في إطار حملة ترهيبهم واسكاتهم".

 وأكد متحدثون لـ"عربي21"، أن هذا القاضي وأمثاله صاحب أحكام الإعدام المسيسة من منفذي أوامر السلطة يعدون سببا من أسباب انهيار المنظومة القضائية وضياع مفهوم العدالة في مصر، وسبب سجن أكثر من 60 ألف معتقل جلهم قضى نحو عقد من الزمان في ظروف احتجاز غير إنسانية.

"خدم وعبيد.. لا قضاة"
وفي تعليقه على تاريخ القاضي خفاجي، من القسوة والأحكام الجائرة بحق آلاف المعتقلين، قال أحد القضاة المصريين إن "أي متابع أو راصد لتاريخ ما يطلق عليهم قضاة دوائر الإرهاب، يعلم أن جميعهم واحد في أفعالهم وأحكامهم".

وأضاف القاضي الذي تحدث لـ"عربي21"، شريطة عدم ذكر اسمه، "أن قضاء دوائر الإرهاب هم عبيد للنظام الحاكم، وأحكامهم خير دليل على ذلك".

وحول وجود إجراءات يمكن اتخاذها لنقض ما أصدره المستشار من أحكام جائرة؟، لا يظن القاضي المصري أن "هناك وسيلة فعالة مضمونة النتائج في ظل نظام الحكم الحالي".

"فساد وظلم بين"
وفي تعليقه، قال الباحث المصري في الشؤون القانونية والتشريعية عباس قباري: "عمد الانقلاب منذ اليوم الأول لامتلاك أدوات القضاء، واتخذ في هذا الشأن مجموعة من القرارات، أبرزها تشكيل دوائر خاصة بالإرهاب، وانتقاء قضاة ممن يكرهون التنظيمات الإسلامية بشكل خاص".

ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "يأتي في مقدمتهم قضاة محاكم أمن الدولة طوارئ"، مبينا أن  خفاجي واحد منهم"، ومؤكدا أنه "أظهر كمّا غريبا من التشفي والتهكم على المحكوم عليهم حال نظره الدعوى ثم الافتراء عليهم زورا وبهتانا رغم كونه أكثر من يعلم طرق التلفيق وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب".

وأضاف، أنه "أمر مقبول أن يختار أحدهم منهجا قاسيا ضد اتجاه سياسي، لكن أن يُضَمِّن ذلك أحكام قضائية تودي بالمتهم لحبل المشنقة فهذا فساد وظلم بين للمجتمع بأسره وليس للمتهم فقط".

 وفي رصده لأهم ما ارتكبه ذلك القاضي، من مفارقات ومخالفات والتي كان بينها حبس الناجين من مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، أكد الباحث المصري، أن "للقاضي خفاجي أحكام بالإعدام أشهرها الحكم بقضيتي كرداسة، ومكتب الارشاد".

واستدرك: "لكن ما لفت نظري في تاريخ تصريحاته أمرين: الأول، ترحيبه بالتعديل الذي تم في قانون محكمة النقض، والذي يحرم المتهم من بعض حقوق النقض".

والثاني، "ادعائه على الرئيس الراحل محمد مرسي رحمه الله، بأن سبب وفاته كان مفاجأته بتسجيلات بينه وبين حركة حماس أصابته أزمة قلبية أودت بحياته".

 وألمح قباري، أن "هذا التشدد الذي يظهره  يقابله تساهل في قضايا نظام حسني مبارك"، موضحا أنه "القاضي الذي حكم ببراءة حبيب العادلي المتهم في قتل متظاهري ثورة يناير 2011 وقضايا فساد مالي وتربح".

 وختم بالقول: "في الأخير هناك مظالم معلقة في رقبته وأناس لا زالوا في السجن بأحكامه الجائرة لا يكفون عن الدعاء على من ظلمهم".



"أكذوبة الشامخ"
من جهته قال البرلماني المصري السابق الدكتور عز الدين الكومي في حديثه لـ"عربي21": "خلال العشرية السوداء انهارت كل مؤسسات الدولة ومنها القضاء والعدالة لأسباب منها أن معظم القضاة الذين ظهروا بتلك الفترة هم بالأساس ضباط شرطة انتقلوا بعقلية ضابط الشرطة".

 وأشار إلى حديث وزير العدل في عهد مبارك، المستشار ممدوح مرعي، عن حال القضاء المصري، أمام لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس الشعب كانون الثاني/ يناير 2007.

ولفت إلى قول الوزير حينها إن "المحاكم بدأت تنهار بسبب المجاملات والترقيات الاستثنائية"، مبينا أنه وصف القضاء المصري بـ"المتردي"، وقال: لدينا أكثر من ألفي قاض ورئيس محكمة وأغلبهم دون المستوى".

وقال الكومي: "وعلى غرار المقولة الخادعة بأن الشعب المصري (متدين بالفطرة)، تأتي مقولة (القضاء شامخ)"، مؤكدا أنها "في الحقيقة أكذوبة، ليس لها سند من الواقع، حيث يستغل النظام الانقلابي القضاء الشامخ لمعاقبة المعارضين، والتنكيل بهم"، متسائلا: "أين الشموخ؟".

وأضاف: "واليوم تقام الأفراح والليالي الملاح للقضاة الشامخين، خاصة بالوزارات والهيئات التي تتعامل مباشرة مع القضاة، حيث أصبحت تُخصص ميزانيات لإقامة الحفلات على شرف العدالة".

 وأشار إلى أن "داخلية الانقلاب، من أكثر الوزارات التي تُقيم حفلات للقضاة، ناهيك عن أن عددا كبيرا من ضباط الشرطة، تم تعيينهم في سلك النيابة والقضاء بزمن مبارك".

 وأكد أن "عملهم أصبح مقتصرا على تنفيذ الأوامر التي تصدر إليهم من أسيادهم وأولياء نعمتهم، وانتهى الأمر بعدم صدور الأحكام إلا بعد المكالمة"، في إشارة إلى تعليمات أمنية تصل القضاة وتشمل الحكم الصادر، وفق حقوقيين.

ولفت السياسي المصري، إلى قول أحد فقهاء القانون، بأن "ضباط الشرطة الذين اقتحموا النيابة العامة وهي بداية السلم للتدرج في السلك القضائي، عقليتهم وتكوينهم النفسي والسلوكي يتسم بالعنف".

وأضاف: "ومن ثم كان منتج سلوكياتهم عدم التعامل بما يجب أن يكون عليه مع المتقاضين والمحامين أو حتى مع زملائهك، لكنهم لا يزالون يتعاملون بهيئة ومنطق ضباط الشرطة".

"الحكم بعد المكالمة"
وأشار إلى أن أكثر ما ارتكبه القضاة من مفارقات على الهواء مباشرة كان خلال "مرافعة الشاب المحكوم بالإعدام وجرى التنفيذ فيه محمود المحمدي، أمام قاضى الإعدامات حسن فريد، الذي قال لمحمود في المحكمة: أنت اعترفت يا محمود".

وألمح إلى الرد الشهير لمحمود، وقوله للقاضي: "ادّيني (أعطيني) صاعق وأنا أخلي (أجعل) أي حد في القاعة يعترف حتى بقتل السادات (الرئيس أنور السادات)، احنا اتكهربنا كهربا تكفي مصر 20 سنة".

وذكًر بطلب رئيس المخابرات عباس كامل، من اللواء ممدوح شاهين، "التدخل لتبرئة ضابط الشرطة المجرم إسلام عبدالفتاح حلمي نجل ضابط الجيش السابق، في قضية سيارة الترحيلات التي قُتل بها 37 معتقلا حرقا وخنقا آب/ أغسطس 2013، ما اصطلح عليها المصريون يومها بوصف (الحكم بعد المكالمة)".

"30 حكما بالإعدام"
وكلف النظام المصري خفاجي بأهم القضايا عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس الراحل محمد مرسي، منتصف 2013، رئيس النظام الحالي عبدالفتاح السيسي، (قائد الجيش حينها)، وما ترتب على ذلك من اعتقال أكثر من 60 ألف من أنصار مرسي، ومحاكمتهم في محاكمات وصفها حقوقيون بالمسيسة.

ومن تلك القضايا، "عمليات رابعة"، و"اعتصام النهضة" الذي تنحى عنه لاحقا عام 2016، و"مكتب الإرشاد"، وأحداث "العياط"، و"أطفيح"، و"خلية أكتوبر"، و"خلية عين شمس"، و"خلية الصعيد"، و"أحداث منطقة الألف مسكن"، ومقتل اللواء "نبيل فراج"، ومحاولة اغتيال مرتضى منصور رئيس نادي "الزمالك" السابق.

 كما تولى العديد من قضايا المعتقلين وأصدر فيها نحو 30 حكم بالإعدام كان أشهرها وأكثرها قسوة حكمه بقضية "أجناد مصر" التي قضى فيها بإعدام 13 مصريا دفعة واحدة، يوم 7 كانون الأول/ ديسمبر 2017، بجانب إعدام اثنين من المتهمين في قضية "خلية الوراق"، تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

?autoplay=1" width="400" height="300" frameborder="0" allowfullscreen="allowfullscreen">
 

"رسائل للقضاة"

الكاتب المعارض جمال سلطان، أشار إلى أن خفاجي، "قضى بسجن وإعدام عدد من قيادات جماعة الإخوان، وذبح العدالة في قضية مذبحة رابعة حتى أنه حكم بسجن من نجوا من المذبحة، كما نكل بمشجعي فريق الزمالك".

وأكد أنه "مدد حبس نشطاء مدنيين وصحفيين لسنوات مثل سلافة مجدي، وهيثم محمدين، وإبراهيم عزالدين، وخالد داوود ، كما برأ وزير داخلية مبارك حبيب العادلي وحكم عليه بغرامة مضحكة 500 جنيه (15 دولار)".

وخاطب قضاة مصر، بالقول: "من كان يريد واعظا، فالموت يكفيه".


 
وكتب الحقوقي هيثم أبوخليل، عبر "فيسبوك" : "مات قاضي من أسوأ قضاة مصر، مات القاضي الظالم الفاسد، مات القاضي صاحب شهادات الزور، مات القاضي صاحب أحكام الإعدام المسيسة".
 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصريين السيسي قضاء مصر الإنقلاب السيسي قضاء سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الراحل أکثر من فی مصر إلى أن

إقرأ أيضاً:

كشف أثري جديد بسقارة يبرز أسرار وتاريخ المنطقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لا تزال منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية عن مصاطب ومقابر ودفنات تكشف المزيد عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية الهامة.

وثمن شريف فتحي وزير السياحة والآثار مجهود البعثات الأثرية المصرية والأجنبية لإزاحة الستار عن مزيد من الاكتشافات الأثرية التي تساهم بدورها في الكشف عن مزيد من تاريخ وأسرار الحضارة المصرية القديمة.

وخلال أعمال الحفائر الأثرية بالمنحدر الشرقي لمنطقة سقارة، اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة كانازاوا اليابانية عن أربعة مقابر يرجع تاريخها إلى أواخر عصر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة وأكثر من عشر دفنات من عصر الأسرة الثامنة عشر من الدولة الحديثة.

وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار، على أهمية هذا الكشف والذي يشير إلى أن منطقة سقارة الأثرية لا تزال تحمل في طياتها العديد من الأسرار التي لم تبوج بها بعد، لافتا إلى أن هذا الكشف الجديد يشير إلى أن جبانة سقارة الحالية تمتد شمالاً لمساحة أكبر مما هو معروف حالياً، كما إن اكتشاف دفنات تعود إلى أوائل عصر الأسرة الثامنة عشر يثبت أن استخدام سقارة كجبانة للدولة الحديثة بدأ عندما إُعيدت مدينة ممفيس كعاصمة للدولة المصرية بعد طرد الهكسوس.

ومن جانبه قال محمد عبد البديع رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، أن هذه المقابر تعود إلى عصر الأسرتين الثانية والثالثة عبارة عن مصطبتين من الطوب اللبن ومقبرتين منحوتتين في الصخر أحدهما تقع بالقرب من حافة هضبة سقارة الشمالية ولها بناء علوي وبئر محصن بسده من الحجر الجيري على مدخل الممر المؤدي لحجرة الدفن، أما المصطبة الأخرى فمتاخمة للمنحدر الصخري وتتكون من جزء علوي من الطوب اللبن وبئر مستطيل في وسطها، كما تم الكشف عن عدة أوعية في المنطقة المجاورة لها تشمل على طبق من الالباستر المصري ووعاء إسطواني مصمت ربما يعود تاريخه إلى أواخر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة، بالإضافة إلى سده من الحجر الجيري، والتي ستقوم البعثة  بالمزيد من أعمال الحفائر خلال المواسم القادمة للكشف عن ما تحويه داخلها.

أشار الدكتور نوزمو كاواي رئيس البعثة من الجانب الياباني، أن البعثة قامت كذلك خلال موسم حفائرها الحالي بأعمال الترميم والتنظيف للكتاكومت اليوناني الروماني والذي كشفت عنه البعثة خلال مواسم حفائرها السابقة، كما تمكن فريق العمل خلال أعمال التنظيف من الكشف عن بقايا آدمية محنطه ومجمعة من القطع الأثرية من بينها نماذج "تيراكوتا" لمقاصير جنازيه وكسرات من تيراكوتا من رأس الآلهتين إيزيس وأفروديت، وكذلك كسرات من توابيت خشبية وقطع من الفخار. وسوف تستكمل البعثة أعمالها خلال موسم الحفائر القادم في محاولة فك المزيد من أسرار هذه المنطقة الأثرية المهمة.

WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.37 PM (1) WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.34 PM WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.35 PM (1) WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.35 PM WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.36 PM (1) WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.37 PM (2) WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.37 PM WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.38 PM (1) WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.38 PM WhatsApp Image 2024-12-28 at 1.23.39 PM

مقالات مشابهة

  • كان حريصاً أكثر من نصرالله.. من هو الشبح الذي تراقبه إسرائيل؟
  • الرئيس السيسي يصدر قرارا بإعادة تشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير
  • عمر جابر: المصري فريق منظم وقوي.. ولاعبي الزمالك يبذلون قصارى جهدهم للتتويج بجيع البطولات التي يشارك بها الأبيض
  • بقرار من الرئيس السيسي .. إعادة تشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير
  • الرهوي يعزي في وفاة القاضي محمد علي الخولاني
  • كشف أثري جديد بسقارة يبرز أسرار وتاريخ المنطقة
  • خبير: التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يلعبان دورا في خدمة التراث المصري
  • الإمام الطيب عن حرب غزة: لماذا هذه القسوة؟ والبابا تواضروس: صناعة السلام ثقيلة
  • تجديد تعيين أشرف القاضي أميناً لجامعة سوهاج
  • 31 شخصًا.. ننشر أسماء مصابي انقلاب أتوبيس مطروح