مدينة قلهات؛ هل باحت بكل أسرارها؟
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
مسقط-أثير
إعداد: مروة سيف العبرية- باحثة في التاريخ
يلف الغموض تاريخ هذه المدينة العريقة، التي تنضح بحضارة تليدة وعمق حتى في تسميتها، ولا يزال المؤرخون والباحثون في ديمومة التقصي عن واحدة من أهم حواضر عمان منذ أزل بعيد؛ إنها مدينة قلهات الواقعة بمقربة من درة الساحل الشرقي “صور” في محافظة جنوب الشرقية.
كل من يُيَمِّم الوجهة إلى المدينة الأثرية قلهات، الواقعة على بحر العرب، يعود إلى تاريخ ازدهارها اقتصاديا نظير مكانها الإستراتيجي على طرق التجارة البحرية منذ الأزل، فكانت نقطة توقف للسفن القادمة من الهند والسند واليمن وظفار، وهو الأمر الذي أدى إلى ازدهار المدينة، وبلا منازع كانت العاصمة الاقتصادية الأولى، وقد اتخذها مالك بن فهم مقرا.
وما يؤكد أهمية مدينة قلهات تعاقب الملوك والممالك على حكمها، بل ومن أجناس عدة، حيث حكمها السلاجقة الأتراك لمدة جاوزت الـ 100 عام ما بين عام ١٠٦٣ و ١١٦٧م، ومن بعد ذلك حطت أسرة الهرامزة الفرسية موطأ قدم في قلهات فحكمتها، كيف لا وهي ذات الموقع الحساس على خارطة التجارة البحرية.
تشير المصادر التاريخية إلى أن محمود الكوشي القلهاتي الذي حكم هرمز المملكة أسهم بصورة كبيرة في تطوير الميناء الذي أصبح ينضح بنشاط كبير، وهذا من ذكره الباحث ناصر بن سالم بن راشد القلهاتي.
والمتتبع للتاريخ يتضح له أن ملوك هرمز القديمة كانوا من أصولا عربية، وملوكهم الأوائل أسماؤهم عربية صرفة، لكن مع مرور الزمن انتشرت الأسماء الفارسية، نظير الاختلاط الثقافي والاجتماعي بالفرس، وقد أشارت المصادر أيضا إلى زواج الملك سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني من ابنة أحد ملوك هرمز، وهو دليل واضح على الارتباط الاجتماعي.
ولا ريب أن الإنسان القلهاتي اعتمد على الصيد في معاشه على مر العصور، فيما النشاط التجاري كان سائدا على المدينة التي تعاقبت عليها الحضارات وسكنتها أجناس وأعراق، تضم طوائف الهرامزة والفرس بالإضافة إلى المكون الرئيسي من العرب، وهو لأمر طبيعي لمدينة ذات ميناء مزدهر، ويمكن القول بأنه البوابة التجارية للعالم الخارجي، حيث تعدد المهن ما بين الصيادين والمزارعين والحرفيين إلى جانب التجار الذين ينشطون استيرادا وتصديرا لمختلف البضائع.
ومن دلائل عظمة مدينة قلهات تاريخيا، وأنها كانت تعج بالحياة، بل شاهد عيان على حضارة عريقة للإنسان العماني، وقوف ضريح صمد في وجه الزمن حتى يومنا هذا، وهو بناء مذهل يفوق الوصف من دقة بنائه، بنته المرأة الصالحة بيبي مريم، ودفن فيه زوجها بهاء الدين إياز، الذي كان قائدا عسكريا في مملكة هرمز العربية منذ عهد محمود القلهاتي، حيث تمكن من السيطرة على الحكم، واعتزل إلى قلهات ليدير منها شؤون مملكته وتوفي فيها عام 1312م.
لا يمكن تسمية مدينة قلهات إلا جوهرة مفقودة، فمع تعاقب الملوك على حكمها ما بين السلاجقة الأتراك والهرمزيين إلى جانب البرتغاليين الذين بسطوا ذراعهم على سواحل عمان، وكانوا سببا في اندثار حركة وازدهار النشاط الاقتصادي في قلهات، ستظل التساؤلات مفتوحة في عالم الحضارات الإنسانية، كيف لا وقلهات واحدة من المدن العربية التي وفدت إليها أعراق وأجناس واستقرت فيها، لولا الظروف التي ألمت بها تارة لأسباب طبيعية تمثلت في وقوع زلزال في سنة ١٤٩٨م، وقد أثبت ذلك علماء الجيولوجيا، حيث لا يمكن استبعاد ذلك نظرا لوقوع مدن الساحل العماني وقربها من خط صدع إيران مكران.
لكن بقيت المدينة تنبض بالحياة حتى أغسطس ١٥٠٧م حين غزاها البوكيرك القائد البرتغالي ودمرها وقتل أهلها ونكّل بهم بعد أن مر على مصيرة ورأس الحد وصور، وهذا الغزو الغاشم الذي تعرضت له أجهز عليها نهائيا لتظل غائبة عن نشاطها السياسي والاقتصادي، في مدينة مدرجة على لائحة التراث العالمي باليونسكو؛ فهل ستعود مدينة قلهات لتعج بالحياة من جديد؟
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
اكتمال وصول أول دفعة من معتمري برنامج خادم الحرمين الشريفين إلى المدينة المنورة
اكتمل اليوم الخميس، وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة، الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد إلى المدينة المنورة والبالغ عددهم 250 معتمرًا ومعتمرة من 12 دولة، وسط خدمات مميزة قدمتها اللجان العاملة بالبرنامج.خدمات متميزة للمعتمرينوفي التفاصيل، أكملت وزارة الشؤون الإسلامية كافة خدماتها المتميزة منذ وصول المستضافين إلى جانب البدء في تنفيذ الأنشطة والبرامج الثقافية والدينية المصاحبة لأداء مناسك العمرة ومنها وزيارة المسجد النبوي الشريف، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وزيارات عدد من المعالم التاريخية بالمدينة المنورة إلى جانب اللقاءات العلمية بأئمة المسجد النبوي وعدد من العلماء.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تشمل الدفعة 250 معتمرًا ومعتمرة من 12 دولة - اليوم var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
أخبار متعلقة الدفاع المدني يؤكد أهمية الحفاظ على سلامة الأطفال من مصادر الخطر بالمنازلحساب المواطن يعلن نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبرالجدير بالذكر أن الدفعة الأولى لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة من هذا العام نحو 250 معتمراً ومعتمرة من الشخصيات الإسلامية البارزة يمثلون 12 دولة من: ماليزيا، اليابان، كوريا، تايلند، ميانمار، كمبوديا، الفلبين، تايوان، منغوليا، هونج كونج، إندونيسيا، فيتنام.توجيهات خادم الحرمين الشريفينوكان قد صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- يحفظه الله- باستضافة 1000 معتمر من 66 دولة حول العالم خلال العام الحالي 1446هـ، يتم استضافتهم على 4 دفعات كل دفعة تمثل 250 معتمراً، بإشراف ومتابعة وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وتقدم لهم خدمات نوعية وبرامج متنوعة ثقافية ودينية واجتماعية ضمن استراتيجية اعتمدتها الوزارة بمتابعة دقيقة من معالي الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ المشرف العام على البرنامج.
ويحظى البرنامج باهتمام واسع وتقدير كبير من المسلمين بالعالم حيث مكن الآلاف المسلمين من أداء مناسك العمرة وزيارات المعالم الإسلامية ولقاء أئمة الحرمين الشريفين والعلماء بالمملكة بدعم سخي من القيادة الرشيدة.