لم يكن محمد حسنين هيكل، مجرد صحفي كبير أو مسئول في حقبة تاريخية، بل كان نموذج رائع للصحفي القدير والمعلم في بلاط صاحبة الجلالة، مؤسسة متكاملة تدرك قيمة الكلمة ومن يحملها، ورغم أنني من جيل سيئ الحظ فلم أكن من تلاميذه، لكنني كنت سعيد الحظ أيضًا أن أستمع لمن عملوا معه لكي أدرك مدى اهتمامه بأبناء المهنة وحرصه عليهم وأذكر حكاية بسيطة ذكرتها لي المغفور لها فايقه عبده مدير الأهرام بالإسكندرية خلال التسعينيات عندما طلبت الأذن بإجازة للسفر للخارج عشرة أيام فإذا بالأستاذ هيكل يرفض ويطلب لقائها وبالفعل ذهبت إليه لتكون المفاجأة أنه جعل الإجازة مأمورية عمل ومنحها بدل سفر لتزداد الدهشة فهي ستسافر للنزهة، لكنه قال لها إنه يعلم ذلك وليس مطلوب منها الكتابة سوي عن انطباعات الرحلة فقط درس من صحفي كبير يريد لكل زملائه الصعود والتألق والمتعة أيضًا.
تحدث عدد كبير ممن عملوا معه عن دروس في أهمية دقة المعلومةـ وكيف ذكر لهم أن أجندة تليفون الصحفي هي أهم مرجعًا له، ويخطئ من يظن أن هيكل لم يكن سابقًا لعصره فمع مطلع القرن الواحد وعشرين تحول بسرعة لأدوات العصر الحديث وكأن أول من يظهر علي الشاشات ليقدم برامج سياسية تحليلية بشكل دائم على إحدى القنوات الإخبارية من خارج مصر، فقد كان محللًا وكاتبًا وسياسيًا ومحاورًا من الطراز الأول، مؤسسة إعلامية ومصنع إنتاج ونهر لا ينضب من العطاء الفكري والصحفي، ربما يكون هناك سعداء الحظ باللقاء معه والجلوس في نقاش، لكن سعيد الحظ أكثر من فهم عن واع تاريخ صحفي كان مسئولًا، لكنه فضل أن يظل صحفي حتى النهاية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: طارق إسماعيل محمد حسنين هيكل
إقرأ أيضاً: