الزعيم البريطاني ووهم السياسة الخضراء
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
أخيراً، استبدل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بقبعة التكنوقراطي، قبعة زعيم يرفع راية الأغلبية الصامتة الذين تتجاهلهم النخبة الليبرالية المسيطرة على مؤسسات صناعة الرأي.
اتخذ سوناك خطوة لم يجرؤ عليها سابقوه الأربعة
إعلان رئيس حكومة المحافظين الأربعاء الماضي، تعديل خطط الحكومات الأربع المتعاقبة حسب قانون التغيير المناخي، جاء لصالح طبقات الدخل المحدود لإنهاء الضرائب والرسوم التي فرضتها خطط القانون الذي أصدرته آخر حكومة عمالية في 2008.
في أهم إجراء منذ دخوله رقم 10 دوانينغ ستريت قبل أحد عشر شهراً، اتخذ سوناك خطوة لم يجرؤ عليها سابقوه الأربعة، ليس بتوجهه إلى عقول وقلوب الناخبين فحسب، بل أيضاً بوضع فاصل واضح بين سياسة حزبه المحافظ وسياسة المعارضة العمالية (وحلفائها كالديمقراطيين الأحرار والقوميين الأسكوتلنديين).
خاطب العقول -التي تضع العلامة على البطاقة الانتخابية بحسابات المصالح الاقتصادية والخدمات والنقود اللازمة لدفع المصروفات الأساسية- بذكره الحقائق والأرقام عن التكلفة الحقيقية للسياسة الخضراء، لإنهاء عوادم المحروقات بمعادلة الصفر البيئي (التي لا يفهمها غالبية الناخبين حسب الاستطلاعات)، والتي تتحملها الطبقات الأفقر في المجتمع.. أعلن سوناك قراره بتأجيل حظر بيع السيارات والشاحنات بمحركات الاحتراق الداخلي لخمسة أعوام (من 2030 إلى 2035)، وجعل عدة التزامات أخرى اختيارية لا إجبارية.
خاطب القلوب بكشف التضليل الذي مارسته المؤسسات الصحافية وشبكات البث الكبرى (التي تستحوذ على أكثر من ثلاثة أرباع أرقام المشاهدين والمستمعين والقراء، وتقع تحت سيطرة اليسار الليبرالي المهووس آيديولوجياً بقضايا البيئة، ما منحه مصداقية وقبولاً شعبياً لدى أغلبية لا تثق في هذه الوسائل الصحافية أصلاً.
كما أعلن إلغاء الالتزامات الإجبارية التي فرضتها سياسة التوصل إلى معادلة الصفر، ومنها: تغيير غلايات التدفئة المنزلية بالغاز والزيت إلى أخرى كهربائية بالهواء الساخن، وإلزام ملاك عقارات الإسكان بإجراء تعديلات وتحديثات تتكلف مصاريف باهظة كشرط لاستصدار شهادة خضراء للسماح بتأجيرها.. وقال سوناك إن الأمر سيكون متروكاً لقرار الناس اختيارياً عندما يوازنون بين العائد من تغيير الأدوات المنزلية والسيارات، وأنماط الاستهلاك، وبين التكلفة الاقتصادية لهذا التغيير فيختارون الوقت المناسب.. والإنجليز قوم يفضلون الحكومة التي تعاملهم كبالغين كبار تترك لهم حرية الاختيار على الحكومة التي تتدخل في شؤون حياتهم وتفرض عليهم سياسات إجبارية.
في استطلاع للرأي بعد خطاب سوناك، قال أكثر من خمسين في المائة من الناخبين إنهم مغتبطون من تغييرات سوناك، مقابل 23 في المائة فقط غير موافقين على ما وصفته الصحافة اليسارية بـ "التراجع في التزامات البيئة".
مقابلة مذيع شهير من محطة راديو بي بي سي السياسية مع رئيس الحكومة سوناك صباح الخميس، كانت بمثابة عدسة مكبرة كشفت الهوة التي تفصل بين مؤسسة صناعة الرأي العام بحملتها المهووسة بالتغيير المناخي، وبقية الشعب، عندما عكس الزعيم البريطاني الهجوم، إذ كان مسلحاً بالأرقام والحقائق، والمذيع يحاول إيقاعه بمراوغة كلامية وشعارات آيديولوجية عن البيئة.. فمثلاً أوضح سوناك أن تكلفة استبدال غلاية التدفئة التقليدية من الغاز إلى الكهرباء، تتراوح بين 13 ألفاً و17 ألف دولار، والاعتماد كلية على توربينات توليد الطاقة من الرياح والاستغناء عن الغاز والبترول من الحقول البريطانية، يعني بطالة آلاف العاملين البريطانيين، لأن أجزاء التوربينات تصنع في الصين التي تستخدم الفحم والمحروقات في إنتاجها، أوضح أيضاً ما لم تذكره بي بي سي وأخواتها أن كندا وأمريكا وبلدان أوروبا، وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، أجلت حظر إنتاج سيارات محركات الاحتراق الداخلي إلى 2035 قبل بريطانيا، وأن بريطانيا في الأعوام العشرين الأخيرة سبقت بلدان أوروبا وكندا وأمريكا في تخفيض إنتاج عادم المحروقات إلى نحو سبعين في المائة مما كان عليه، بينما البلدان الأخرى تتراوح ما بين ثلاثين وخمسين في المائة.
سوناك شرح أيضاً سياسة إلغاء إلزام أصحاب العقارات الإسكانية (الذين تشيطنهم الصحافة اليسارية) بإنفاق آلاف الجنيهات على "الإصلاحات الخضراء"، لأنها تضر بالمستأجرين، فصاحب العقار إما يضطر إلى تعويض ما أنفقه برفع إيجار المسكن، أو لا يعرض المسكن للإيجار أو يبيع العقار، ما يؤدي إلى نقص العدد المعروض من المساكن، ونقص العرض مع زيادة الطلب يعني أيضاً رفع سعر الإيجار.. مع ذكر سوناك أمثلة كثيرة لا يتسع المجال لعرضها، كلها يطيب لها إسماع الطبقات الأقل حظاً في المجتمع والمتضررين من السياسة الخضراء.
المنتفعون من تطبيقات مشروعات الطاقة الخضراء (الممولة من ضرائب الفقراء والرسوم الإضافية على فواتير الطاقة) والتزامات يفرضها قانون التغير المناخي لعام 2008، يلوحون باللجوء للقضاء لمنع تطبيق إجراءات سوناك الإصلاحية على السياسة، بحجة أنها تخرق القانون.. الوسائل الصحافية الليبرالية واليسارية تقارن المنازلة السياسية المتوقعة بالمعركة حول "بريكست"، عندما فصلت المحكمتان العليا والسامية، وأغلب قضاتهما من الليبراليين، في القضايا لصالح البقائيين في الاتحاد الأوروبي.
سوناك، في هذه الحالة غالباً سيواجه التحديات من تيارات المنتفعين من السياسة الخضراء ومن المهووسين بها آيديولوجياً في المحكمة.. وحتى إذا خسرت حكومته القضايا، فيمكنه التوجه مباشرة إلى الشعب بخوض الانتخابات المقبلة على هذه التذكرة، فلا سلطان فوق إرادة الشعب في صناديق الاقتراع.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني فی المائة
إقرأ أيضاً:
وزير الدفاع يستقبل وزير الدفاع البريطاني
المناطق_واس
استقبل صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع، في مكتبه بالرياض اليوم، معالي وزير الدفاع البريطاني جون هيلي.
وجرى خلال الاستقبال استعراض الشراكة الإستراتيجية السعودية البريطانية، وسبل تعزيزها وتطويرها في مجالات التعاون العسكرية والدفاعية.
أخبار قد تهمك رويترز: فريق ترامب يعد قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم 14 نوفمبر 2024 - 11:46 مساءً مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُكرّم الفائزين في مسابقة “حرف” 14 نوفمبر 2024 - 10:54 مساءًكما بحث الجانبان الجهود المشتركة تجاه التحديات التي تواجه المنطقة، ورؤية البلدين في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
حضر الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن سلطان بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة، وصاحب السمو الأمير عبدالرحمن بن محمد بن عياف نائب وزير الدفاع، ومعالي مساعد وزير الدفاع المهندس طلال بن عبدالله العتيبي، ومعالي مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية الدكتور خالد بن حسين البياري، ومدير عام مكتب وزير الدفاع هشام بن عبدالعزيز بن سيف، والملحق العسكري بسفارة المملكة العربية السعودية في لندن ودبلن اللواء الطيار الركن رياض بن محمد أبو عباة.
كما حضره من الجانب البريطاني سفير المملكة المتحدة لدى المملكة نيل كرومبتون، والمديرة العامة للصناعة والتجارة والأمن الاقتصادي بوزارة الدفاع أفريل جوليفي، ونائب مستشار الأمن القومي ماثيو كولينز، والملحق العسكري في سفارة المملكة المتحدة لدى المملكة العميد بن وايلد، ومدير عمليات الحرب الجوية المستقبلية بوزارة الدفاع ريتشارد بيرثون.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط 14 نوفمبر 2024 - 11:09 مساءً شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد14 نوفمبر 2024 - 10:50 مساءًإسرائيل: سنهاجم أي محاولة لتهريب الأسلحة لحزب الله من سوريا أبرز المواد14 نوفمبر 2024 - 10:44 مساءًولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي أبرز المواد14 نوفمبر 2024 - 10:10 مساءًاستشهاد خمسة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي على خيمة للنازحين وسط قطاع غزة أبرز المواد14 نوفمبر 2024 - 10:07 مساءًالخدمات الطبية بوزارة الداخلية تنظم فعاليات توعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري أبرز المواد14 نوفمبر 2024 - 9:40 مساءًمنتزهات وحدائق رفحاء تستقبل زوارها وسط أجواء معتدلة14 نوفمبر 2024 - 10:50 مساءًإسرائيل: سنهاجم أي محاولة لتهريب الأسلحة لحزب الله من سوريا14 نوفمبر 2024 - 10:44 مساءًولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي14 نوفمبر 2024 - 10:10 مساءًاستشهاد خمسة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي على خيمة للنازحين وسط قطاع غزة14 نوفمبر 2024 - 10:07 مساءًالخدمات الطبية بوزارة الداخلية تنظم فعاليات توعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري14 نوفمبر 2024 - 9:40 مساءًمنتزهات وحدائق رفحاء تستقبل زوارها وسط أجواء معتدلة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُكرّم الفائزين في مسابقة "حرف" مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُكرّم الفائزين في مسابقة "حرف" رويترز: فريق ترامب يعد قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم رويترز: فريق ترامب يعد قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن