عون يصوّب الحملات.. والتسوية المتوقعة تبقي الواقع الراهن مع بعض الاصلاحات
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
لا يكاد يمر اسبوع من دون أن يحدث اي تطور أمني في لبنان، بخاصة بعد الأحداث الامنية في عين الحلوة وما يقوم به الجيش من توقيفات لنازحين سوريين على الحدود الشمالية مرورا بتفكيك خلايا داعشية، وصولا الى الاعتداء على السفارة الأميركية في عوكر، هذا فضلا عن الحوادث الأمنية المتنقلة والتي تصنف في خانة الشخصية، لكنها باتت تشكل قلقا وتثير ريبة المواطنين في عدد من المناطق.
ووسط هذا المشهد المعقّد الذي ينذر بعظائم الأمور إذا تقرر عن سابق تصور وتصميم إخراج الوضع في البلد عن السيطرة، فإن الأزمة الرئاسية تراوح مكانها، وبينما تشير مصادر حزب الله إلى أن الاخير لا يزال متمسكا بترشيح رئيس "تيار المرده" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، تقرأ مصادر سياسية في "8 آذار" المشهد وفق الآتي: ترشيح فرنجية انتهى ، رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل سيكون الخاسر الأول من اي تسوية خارجية مع الداخل. وهنا تدعو المصادر إلى ترقب خلاصة اجتماع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مع الوفد القطري لا سيما وان الملف الرئاسي كان الحاضر الأبرز في اللقاء المطوّل الذي جمعهم.
في هذا الوقت بدا واضحا، وفق مصدر سياسي بارز، أن قائد الجيش الذي يحظى بدعم خارجي غربي وعربي للوصول الى بعبدا والذي لا يضع حزب الله فيتو على اسمه ايضا، قرر التصويب على رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل من البقاع الشمالي من دون أن يسميه، فقال "نسمع بعض الأصوات المشككة بدور الجيش في حماية الحدود انطلاقًا من مواقف سياسية معروفة. لم نرَ هؤلاء يبادرون إلى دعم الجيش بل يحاولون عرقلة عمله وإثارة الشبهات حوله، ولم نرَ لهم مشاركة فاعلة في معالجة أزمة النزوح السوري. نقول لهم أننا مستمرون لأن هدفنا هو الوطن ومصلحته، فيما هدفكم مصلحتكم الشخصية. نحن نموت ليحيا الوطن، وأنتم تُميتون الوطن من أجل مصالحكم".
وأكد أن "نزوح السوريين يمثل خطرًا وجوديًّا يهدد لبنان واللبنانيين ولا بد من معالجته على مستوى الأفراد والمؤسسات جميعها".
وفي هذا الوقت، ثمة من حاول الربط بين الحل الرئاسي في لبنان وملف النازحين، إلا أن أوساطا سياسية اعتبرت أن هذا الأمر لا يمكن حله داخليا، فمعالجة أزمة النازحين السوريين أكبر من لبنان وسوريا، وهي ترتبط بالحل السياسي في دمشق، ولذلك لا يمكن لأي مكوّن في لبنان أن يراهن على هذا الأمر لإقتناع الجميع أن الحل في سوريا لا يزال بعيدا، وأن الوضع الأمني في لبنان ليس بألف خير وهذا من شأنه أن يهدد الاستقرار إذا طال أمد الفراغ.
وبدا واضحا أن القائد قرر الدخول على خط المواجهة بعد الهجمات المنظمة التي يتعرض لها من قبل مكوّن سياسي، بعد ذهاب قوى محلية تقاطعت مع واشنطن والسعودية وقطر على اعتباره مرشحا وسطيا ومرشح تسوية وليس مرشح محور ضد الآخر.
والجدير بالذكر أن النائب جبران باسيل سمع كلاما واضحا من عدد من الدبلوماسيين مفاده أنه لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن من خلال تسوية توصل رئيسا يحظى بثقة الخارج الذي يفترض أنه سيساهم في إنقاذ لبنان إذا تمكن مسؤولو هذا البلد من تحقيق الإصلاحات وتمكن الرئيس العتيد من تنفيذ برنامجه، كما أنه سمع تمسكا قطريا بدعم جوزاف عون لرئاسة الجمهورية.
وعليه، الأكيد وفق المصدر، أن الخارج مهتم برئاسة الجمهورية، وهناك اهتمام أميركي قوي أيضا بقيادة الجيش، لكن الواضح للمصدر، أن اي تسوية جديدة لن تقلب الطاولة وتكرّس واقعا جديدا، انما من المرجح أن يبقى الوضع على ما هو عليه مع بعض الإصلاحات التي ستقر تحت ضغط خارجي عندما يحين وقتها، فضلا عن ان الاهتمام الأميركي بحزب الله ودوره لا يزال خارج إطار البحث، ومن المبكر الحديث عنه لاقتناع الاميركيين قبل سواهم أن حل هذا الملف هو إقليمي، وأن بند الاستراتيجية الدفاعية لن يوضع على طاولة النقاش في المستقبل القريب أيا كان الرئيس.
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی لبنان
إقرأ أيضاً:
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء ، على سؤال يقول: ما هو التناجي الذي نهى عنه الرسول؟، حيث حث الشرع على مراعاة مشاعر الآخرين وعدم إلحاق الأذى بالغير، مشيرة إلى أنه مِن المقرَّر أن المحافظة على ترك ما يؤذي الإنسان ويُحزِنه مطلوبة شرعًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن".
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول؟
وبينت أن هذا الحديث أصلٌ عامٌّ في تقرير وجوب ابتعاد الإنسان عن الأمور التي قد تؤذي غيره، ويندرج تحتها " التناجي أو النجوى"، وذلك بالكلام الخفيُّ الذي يناجِي به المرء صاحبه كأنه يرفعُه عن غيرِه، كما في "تاج العروس" لمرتضى الزبِيدي (40/ 29-31، ط. دار الهداية)، ويظهر تأذي الغير خاصة إذا كان الحاضرون ثلاثة من قصر الكلام الخاص على اثنين منهم بأحد معنيين: "أحدهما: أنه ربَّما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له، والمعنى الآخر: أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزِنٌ صاحبه" كما قاله أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (4/ 117، ط. المطبعة العلمية).
وتابعت: لذا فقد جاء النهي عن هذا الفعل، فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك يُحزِنه» متفقٌ عليه، ووجه الدلالة مِنه: أن هذا النَّهي ظاهِرٌ في التحريم، بدليل ترتُّب التعليل -وهو الإحزان- عليه بالفاء، كما في "دليل الفالحين" لابن علَّان الصدِّيقي (8/ 438، ط. دار المعرفة).
والأصل في التناجي: الكراهة والقُبح، كالمكر والخديعة، إذا لم يُقصد به أمرٌ حسن في الشرع، وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ أن النجوى لا تحسنُ إلا في وجوه مستثناة، فقال تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].
وقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المجادلة: 9].
قال ابنُ عطية الأندلسي في "تفسيره" (5/ 277، ط. دار الكتب العلمية): [وصَّى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بأن لا يكون لهم تناجٍ في مكروه، وذلك عام في جميع الناس إلى يوم القيامة، وخصَّ الإثم بالذكر لعمومه، والعدوان لعظمته في نفسه، إذ هي ظلاماتُ العباد، وكذلك معصية الرسول ذكرها؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك] اهـ.
آداب التناجي
وحول ضابط التناجي المنهي عنه شرعا، قالت الإفتاء: يتحصل من هذه المعاني أن ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا -وهو المسؤول عنه- يتحقق بجملةٍ من الأمور:
أولًا: أن يترك المتناجِيان واحِدًا منهم، ولو كانوا جماعة، فلو أبقوا أكثرَ مِن واحدٍ فلا مانِع اتفاقًا، فيجوز تناجي اثنين دون اثنين أو جماعة؛ لأن الثالث قد شاركه الباقون فيما يُستر عنه مِن الحديث، فيزول عنه سوء الظن، والحُكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًا، كما أفاده الإمام ابنُ بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/ 64، ط. مكتبة الرشد).
فقد جاء في "موطأ الإمام مالك" عن عبد الله بن دينار، قال: كنتُ أنا وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجلٌ يريد أن يناجيه، وليس مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أحدٌ غيري، وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلًا آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخِرَا شيئًا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يَتَنَاجى اثنان دون واحدٍ».
ثانيًا: أن تقلَّ الجماعة الحاضرة في مكان المحادثة، فإذا كان التناجي بحضرة جماعة كثيرة لم يُمنع؛ لأن ذلك أنفى للتهمة والرِّيبة؛ وذلك لما ورد في حديث جابرٍ رضي الله عنه أنه لما رأى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جوعًا شديدًا في غزوة الخندق ذهب إلى زوجته، ثم قال: فجِئتُه فسارَرْتُه، فقلت: يا رسول الله، إنَّا قد ذبحنا بُهَيْمَةً لنا، وطحنَّا صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفر معك. متفقٌ عليه.
ثالثًا: أن يكون التناجي بينهما بغير إذنٍ من بقيَّة الحاضرين سواء كان واحدًا منفردًا أو أكثر، فإن أذِن المنفرد أو الباقي في التناجي دونه أو دونهم: زال المانِع؛ لكون الحقِّ له، فإن أسقطه سقط، ولا يكون بذلك من التناجي المنهي عنه، كما في "الفواكه الدواني" للنفراوي (2/ 328، ط. دار الفكر).
والأصلُ فيه: ما أخرجه أحمد في "المسند" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا تَنَاجى اثنان فلا تجلِسْ إليهما حتى تستأذِنَهما».
رابعًا: ألَّا يكون الثالثُ هو الداخِل على المتناجَيين في حال حديثهما وكلامهما سِرًّا، فلو تكلم اثنان في السِّر ابتداء، ثم أتى ثالثٌ ليستمع إليهما، فلا يجوز ما لم يُؤذن له، كما لو لم يكن حاضِرًا معهما أصلًا، كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (11/ 84، ط. دار المعرفة).
ويدلُّ على هذا: ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن سعيد المقبري، قال: مررت على ابن عمر، ومعه رجل يتحدث، فقمتُ إليهما، فلَطَمَ في صدري فقال: إذا وجدت اثنين يتحدَّثان فلا تقم معهما، ولا تجلس معهما، حتى تستأذنهما، فقلت: أصلحك الله يا أبا عبد الرحمن، إنما رجوتُ أن أسمع منكما خيرًا.
خامسًا: أن يخشى المتناجيان أن يظن ثالثُهما أنهما يتحدثان في أمرٍ يكرهه، أو كان لا يعرِفُهما ولا يثق بهما، فيكون التناجي في هذه الحالة حرامًا، فإن أمِنَا من ظنِّه ذلك كُرِه تناجيهما؛ لأنه يغمُّ المنفرد مِن حيث الجملة، كما في "البيان والتحصيل" للإمام ابن رشد الجد (18/ 227، ط. دار الغرب الإسلامي).
وشددت بناء على ذلك: فلا مانع شرعًا مِن الكلام الخاصِّ مع شخصٍ في حضور ثالث، ولا يُعدُّ هذا من التناجي الممنوع إذا رُوعِيت الضوابط السَّابِقة، بأن يكون هذا الثالث على معرفةٍ وثقة بالمتناجِيَين، وأن يأذن لهما في هذا الحديث الخاص بينهما دونه، وألا يكون هو الداخلَ عليهما حال حديثهما سِرًّا.