عاد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اليوم إلى البلاد بعد مشاركته في إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. وكان في استقباله بمطار بورتسودان الدولي عضو مجلس السيادة الفريق بحري مهندس إبراهيم جابر والأمين العام لمجلس السيادة وعدد من السادة الوزراء. وكان رئيس مجلس السيادة قد أجرى لقاءات مكثفة مع عدد من الرؤساء والمسؤولين الأمميين ووزراء خارجية عدد من الدول.

تطرقت للقضايا الاقليمية والدولية . حيث التقى رئيس الاتحاد الافريقي رئيس جمهورية جزر القمر ورئيس افريقيا الوسطى والرئيس الاوكراني ، بجانب وزراء خارجية كل من روسيا والمملكة العربية السعودية والأمين العام للامم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي ومدعي المحكمة الجنائية الدولية. وقد كانت هذه اللقاءات بمثابة سانحة طيبة لإطلاع هؤلاء القادة والمسؤولين على مجريات الاوضاع في السودان على خلفية تمرد مليشيا الدعم السريع على الدولة وقيامها بانتهاكات واسعة في حق المدنيين والمرافق العامة. كما كان لمخاطبة رئيس المجلس السيادي للمشاركين في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة صدى واسع بإعتبار انه وضع العالم امام مسؤولياته من خلال تقديمه لإحاطة كاملة حول ما يتعرض له السودان من مؤامرة تستهدف أمنه وسلامة اراضيه على يد مليشيا الدعم السريع المتمردة . حيث طالب المجتمع الدولي بتصنيف هذه المليشيا كجماعة ارهابية بالنظر للممارسات الاجرامية التي ارتكبتها في حق المدنيين والانتهاكات الجسيمة ضد الشعب السوداني في مختلف انحاء السودان.فضلا عن أن استمرار هذه المهددات الامنية من شأنها ان تلقي بظلال سالبة على السلم والامن الإقليمي والدولي لما لها من عواقب وخيمة علي أمن واستقرار شعوب المنطقة. وقد جدد الفريق اول البرهان تأكيداته أمام العالم بإبتعاد المؤسسة العسكرية من العمل السياسي ونقل السلطة للشعب عبر تراضي وطني واسع وعريض يحقق السلام والاستقرار في السودان. سونا

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ذاكرة الخيانة: حين يصير الحلم العسكري موتًا مؤجلاً

"قراءة في بنية الانقلابات في السودان من عبود إلى البرهان وحميدتي"

إهداء

إلى الذين لم يكفوا عن الإيمان بأن الحلم أكبر من البندقية،
وأن الوطن لا يُؤخذ بيانًا، بل يُصنع صبرًا.

…………………………….

مفتتح

ثمة خيبات لا تسقط فجأة، بل تنمو، مثل داء خفي، في بطانة البزة العسكرية، قبل أن تنفجر بيانًا يبتلع ما تبقى من الحلم.

………………………….

في أعماق كل ضابط جيش سوداني، ترقد بذرة صامتة:
أن يقود انقلابًا، ويُصبح الحاكم الذي كتب له التاريخ مكانه بين أضرحة الخراب.

وكما نبّهت حنة أرندت، فإن “غواية السلطة المطلقة ليست امتياز الطغاة وحدهم، بل لعنة كامنة في كل بنية سلطوية غير خاضعة للمساءلة”.
وفي السودان، حيث اختلطت البنادق بالأوهام، صار الحلم بالاستيلاء على الوطن نزعة تتخلق باكرًا في مؤسسات أُقيمت لا لصناعة المواطنين، بل لصناعة الحكام.

منذ انقلاب الفريق عبود (1958)، مرورًا بنميري (1969)، وصولًا إلى انقلاب البشير (1989)، كانت الدبابة تكتب التاريخ بالحبر الأسود قبل أن تسطره الشعوب بدمائها.
لم يكن الوطن ساحةً للحرية، بل ساحةً للمناورات؛ تُمحى خرائطه مع كل بيان أول، ويُعاد رسمه كغنيمة معلقة على كتف جنرال.

لم تكن الانقلابات عارضًا، بل سلوكًا بنيويًا، تجد جذوره في الخيال السياسي المشبع بثقافة “الزعامة” لا ثقافة “الشراكة”.
شعارات مثل “الإنقاذ”، و”تصحيح المسار”، و”الثورة”، كانت مجرد أقنعة فضفاضة لغريزة التملك: غريزة تختصر الوطن في رقعة يسودها البيان العسكري لا العقد الاجتماعي.

ولو تعمقنا أكثر، لاكتشفنا أن هذه الغواية العسكرية ليست ابنة اليوم،
بل ابنة مجتمع رعوي تاريخي رفع من شأن السيطرة على القطيع أكثر من شأن بناء المؤسسات.
فالبنية الاقتصادية الاجتماعية، حيث يُنظر إلى الزعامة باعتبارها غنيمة، تقاطعت مع العقلية العسكرية التي ترى الحسم فوق التعاقد، والولاء الشخصي فوق الشرعية الدستورية.

جاء انقلاب البرهان، في 2021، كتجلٍ فج لهذا المسار الكارثي.
لم يكن انقلابًا ضد فساد سابق، بل كان نزاعًا مكشوفًا بين مشروعين صغيرين يتنازعان على جسد وطنٍ جريح.
البرهان الذي سُيّرته عقدة تحقيق “حلم الأب”، لا حلم الوطن،
و من خلفه الجبهة الإسلامية و حلمها ايضاً بالعودة إلي المشهد، وحميتي الذي ورث أدوات القوة دون أن يمتلك مشروعًا وطنيًا،
كلاهما كان وجهين لعملة اغتيال آخر لأمل الانتقال المدني.

كما وصف غوستاف لوبون: “الجماهير لا تطلب الحرية، بل مخلصًا”،
وقد ظلت الجماهير في السودان، تحت وطأة الدبابة، تختار سجانيها الجدد،
ربما تحت إكراه، وربما تحت إرث نفسي أعمق من أن يمحوه بيان ثورة عابر.

ما يجعل المؤسسة العسكرية أكثر خطورة ليس فقط امتلاكها للبندقية،
بل قناعتها الداخلية أن الوطن مشروع امتياز شخصي، لا فضاءً مشتركًا.
المدنيون في هذا المخيال، مجرد "مَلَكِية" يفتقرون للصرامة؛
أما الضابط فهو، في أسوأ تجلياته، المنقذ الذي لا يعرف سوى لغة النار.

ليس غريبًا إذًا أن يخرج الضباط من ثكناتهم حاملين هذا الحلم الدفين:
أن يُصبح البيان الأول طريقًا معبدًا نحو القصر، لا نحو الشعب.

وكما قال نيتشه: “من يحارب طويلاً من أجل الغلبة قد يصير الغلبة نفسها”،
فقد تحولت المؤسسة العسكرية السودانية، عبر الأجيال، إلى جهاز يعيد إنتاج نزعته الخاصة في التشبث بالغلبة، حتى لو كان الثمن وطنًا آخر يُضاف إلى خرائط الخراب.

والحق أن فترات الحكم المدني في السودان، مهما تألقت ومضت ساطعة لحظات،
كانت دومًا استثناءات هشة، محاطة بثكنات تنتظر فرصة الانقضاض.

من عبود إلى البرهان، ليس مسارًا سياسيًا فقط، بل مسارًا نفسيًا أيضًا:
خيبات متكررة، كأن الوطن لا يُكتب له إلا أن يكون صدى لحلم البزة لا حلم الجماعة.

وفي كل مرة، كانت الحرية تُدهس تحت جنازير الدبابات،
وكان الأمل يقتل برصاصة صادرة من حلمٍ فردي قصير النظر و الأفق.

وحين أشعل البرهان حربه مع مليشيا الدعم السريع، لم يكن يدافع عن وطن،
بل عن موقع في سُلم الغنائم.
وكذلك فعل حميدتي: صعد على جماجم الأبرياء ليعقد صفقاته باسم “الهامش” و”التحرير”.

واليوم، يتسكع الوطن بين أنقاضه كطفل يتيم، لا يجد حتى ظله.
وفي الأفق، لا تزال البزات مكوية، تنتظر من يحلم من جديد بالانقلاب الموعود.

ليس السؤال كيف نوقف البيان الأول،
بل كيف نوقف الحلم به قبل أن يُكتب.
وليس العدو بندقية،
بل الخيال المريض الذي يُقدّسها.

في انتظار معجزة من معجزات الوعي،
سيبقى السودان معلقًا بين فوهتين:
فوهة الحلم المعطوب، وفوهة الخيانة المؤجلة.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
  • رئيس مجلس النواب يهنئ رئيسة الجمعية الوطنية بتنزانيا بالعيد الوطني
  • رئيس مجلس السيادة الانتقالي يبعث برقية تعزية في وفاة بابا الفاتيكان
  • رئيس مجلس السيادة يتلقى دعوة من الرئيس العراقي للمشاركة في القمة العربية في بغداد في مايو المقبل
  • ذاكرة الخيانة: حين يصير الحلم العسكري موتًا مؤجلاً
  • هل يعود الحزب الديمقراطي للحكم مجددًا في أميركا؟
  • رئيس الوزراء يلتقى رئيس جمهورية أوغندا على هامش مشاركته في القمة غير العادية بالصومال
  • خور عبد الله.. ملف السيادة المسلوبة يعود للواجهة وتحركات نيابية لكشف خفايا “الاتفاقية الغامضة”
  • بن غفير في أميركا.. كُنس رفضت استقباله ويهود وطلاب تظاهروا ضده
  • التقى السلطان.. رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة يزور منطقة مايرنو بولاية سنار