قوافل دعم لولايات دارفور وعدد من الولايات
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
اكد الأستاذ جمال النيل عبدالله رئيس اللجنة المتخصصة للطواريء الانسانية وكيل وزارة التنمية الاجتماعية أن الاجتماع الدوري الذي عقد اليوم ببورتسودان قد أمن على تسيير قوافل لولايات دارفور وعدد من الولايات الاخرى. وقال جمال في تصريح (لسونا) إن القوافل تشمل مواد صحية وايوائية ودقيق ومواد غذائية وانها ستكون في قافلتين، مؤكدا انها ستكون محمية بصورة كبيرة من خلال قوات أمنية كبيرة في اطواف حتى يتم ضمان وصولها وتوزيعها للمستحقين بالاضافة الي ضمان حماية العربات حتى تصل لجميع الولايات المستهدفة.
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
وطن أم أوطان
عبد المجيد دوسة المحامي
اعتاد المتأسلمون من الكيزان، جرنا الى المزيد من الانصرافية عما نحن فيه.
بالأمس القريب استوثقت عروة العقل الجمعي لشعبنا بان لا محيص ولا مخرج من هذه الحرب سوى الدعوة لإيقافها-عدا قبيلهم- ، حين تعالت الأصوات بلا للحرب، نعم للسلام. بالطبع لم يعجبهم هذا المسلك العقلاني، فإعمال العقل عندهم ترف يجب وأده ان لم يلامس تقسيم هذه البلاد الى دارفور بحدود سلطنتها القديمة التي انتهت على يد الانجليز عام 1956 بمقتل السلطان على دينار، يضاف اليها كردفان الغرة باعتبار تاريخهما المشترك ابان حكم السلطان تيراب على كامل دارفور وكردفان... هم لا يعرفون من تاريخ دارفور وكردفان سوى هذا الخيط الرفيع من العلاقة، ومع ذلك لا نود هنا فتح موسوعة العلاقات الأزلية التي تربطهما، لأننا لن نزداد بذاك كيل بعير.
هنا يبرز السؤال الكبير، لماذا مرد الانصرافيون الكذبة من الكيزان صمّ آذاننا دوما بفصل دارفور؟ ذهب السودانيون في الإجابة عن هذا السؤال الى تيارين اثنين: البعض يعتقد أن دارفور هي أكثر المناطق تمردا وأكثرها شراسة في حربها على الكيزان.. وقال آخرون، أن دارفور وبالأخص نخبتها رأت العزة في سلطنة آبائهم وأجدادهم بدلا من العيش تحت حكم من أذلوهم وآبادوهم ولا زالوا للمنكر فاعلون. ولكن الحقيقة لا هذا ولا ذاك.. ملخص الأمر كله يكمن في أن دارفور قد دوخّت الكيزان كما فعل الجنوبيون من قبل.. وحين اكتفى الجنوبيون بالحرب فقط، دون مطاردة من ارتكبوا فظائع الإبادة الجماعية، أنبرت نخب دارفور وطاردوا القتلة واقتادوهم الى المحاكم الدولية، وقدموا أكثر من 6800 شاهد، فقط في قضية الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها أكثر من 340 ألف قتيل، وكانوا في مقدمة الفرق والمنظمات الدولية التي وثقت الأحداث في أرض المعارك. أساطين الكيزان يدرون تماما أن لا محيص من مثول من ارتكبوا تلك الجرائم يوما ما، ان بقوا على قيد الحياة، ممثلة فيمن تخبئهم قادة الجيش بعيدا عن عين العدالة الدولية الساهرة دوما في تعقبهم ليل نهار.. أنا لا اشك البتة أن نرى يوما البشير المائع الرقّاص، الذي طغى وتجبّر قائلا ... (المحكمة الجنائية تحت جزمتي دي) ، ذليلا مطأطأ الرأس لسلطان تلك المحكمة. وكذلك أحمد هارون، الذي قال.. (أنا لا تقلقني مسألة المحكمة الجنائية) وثالث الملاعين عبد الرحيم محمد حسين الذي هو مهين ولا يكاد يبين... وإذا كانت كل هذه البلاوي تنتظر الكيزان، ناهيك عن جرائم مماثلة يرتكبها قادة الجيش الأربع الحاليين، من حرق قرى ونجوع وبوادي دارفور، مدارسها وأسواقها وما جريمة قصف سوق كبكابية ببعيد. كيف لا يرغب هؤلاء من فصل دارفور التي جرّت وستجر عليهم الويلات؟
هم الآن يتفاوضون سرا مع الدعم السريع عن أمر فصل دارفور، ولكن أمر دارفور الان ليس في يد الدعم السريع ولا يحزنون، هم كلهم كذبة مجرمون، فأمر دارفور عادت الى سلاطينها، نظارها وملوكها ممثلة في اداراتها الأهلية، التي قام أحد الأغبياء بإصدار قرار فصل البعض منهم، غريب أمرك يا مسكين، من أنت حتى تفصلهم، أنت لا تقرأ حتى الأحداث القريبة، فقد فعلها من قبل جعفر نميري، بكل جبروته لم يستطع لذلك سبيلا.
حتى لا نقع في مستنقع الكيزان الآسن، وهو تقسيم السودان، كان لزاما علينا غور سبر آلياتهم لذلك التقسيم، كيف بداؤها، بالأمس القريب بثت حكومة الأمر الواقع في بورتسودان هذه الآلية المتمثلة في التعليم، تغيير العملة ومنع اصدار الأوراق الثبوتية من جنسية الى شهادات الميلاد والوفاة، وانتهاء بقانون ابعاد الوجوه الغريبة من مناطق سيطرتها، وهي ست ولايات بالتحديد.. ما عداها من مواطني الولايات الأخرى ليسوا بسودانيين بل غرباء يلزم طردهم الى حيث أتوا منها، هناك ممن ولدوا في الولاية الشمالية أو نهر النيل أو الجزيرة، تربوا فيها بل لديهم أملاك وانصهروا مع قبائل تلك المناطق قبل فجر الاستقلال ومع ذلك هم غرباء، أيّ عقل هذا وأي عنصرية نتنة هذه.. في قصص الأبرتايد في جنوب افريقيا، لم يقل الزنوج هناك أن الهجين من الهنود والأفريكان ذوي الأصول الأوربية والآسيوية بأنهم ليسوا جنوب افريقيين، بل طالبوهم بالكف عن التفرقة العنصرية ليعيشوا معا في وطن جامع.
قلنا من قبل ان تعجب فعجب هوس الكيزان، ومن يدري غدا سوف يخرجون علينا بانصرافية أخرى، تلهينا المضي قدما في تشخيص تاماتهم الثلاث الشهادة السودانية، العملة والأوراق الثبوتية.. قبل كل ذلك دعونا نسبر غور هذه التامات وآثارها على السودان فإلى تلك الأضابير:
أولا: العملة الجديدة
نحن نتكلم عن العملة، فقط في إطار تداولها المحلي، لعلمنا بأنها لا تعدو كونها أوراق تكرر طباعتها مرات ومرات وعلى الدوام دون تغطية، وبالتالي هي صفرية القيمة خارج حدود البلاد، والمستفيد الأول من وجود هذه الأوراق المسماة بالعملة هي حكومة الكيزان، ومن بعدها الرباعية العسكرية الفاشلة. وحتى لا ندور في فلك من المستفيد وكيف، نحصر مقالنا هذا حول خطورة وتداعيات تغيير العملة في هذا الوقت العصيب.
اذ لم نر ولم نسمع في التاريخ الحديث أن أقدمت دولة في تغيير عملتها أثناء الحرب، خاصة إذا كانت حربا داخلية مثل الوضع الذي نحن فيه. اذ لا يعقل أن تصدر عملة جديدة مبرأة للذمة في ست ولايات يسيطر عليها الجيش من ضمن ثمانية عشر ولاية، الا إذا كان القصد هو تقسيم الدولة. فالعملة ليست مجرد أوراق يتداولها الناس فيما بينهم، بل هي عنوان لتماسك الدولة ورمز لسيادتها، والا لما سميت العملات مقرونة بأسماء الدول، فنقول مثلا الدولار الأمريكي، والجنيه السوداني والدينار الكويتي الخ، فقط في بعض الأحيان قد تمثل العملة منطقة جغرافية متماسكة اقتصاديا، ولها مصالح مشتركة فيما بينها، وبالتالي تتنازل الدول في هذا الإطار الجغرافي طواعية عن سلطان عملتها الى ما فيه مصلحة المجموعة المنضوية تحت هذا الإطار الجغرافي، كما هو الحال في اليورو.
أما في الحالة السودانية هذه، فان تغيير العملة ستكون بلا شك سببا من أسباب الانقسام، سيما وأن البلاد تتقاسمها قوتان، ست ولايات يسيطر عليها الجيش، وحوالي ثمانية يسيطر عليها الدعم السريع، والولايات الأربع الباقية متنازع عليها، بحيث لا يمكن أن تعمل فيها العملة الجديدة، الا إذا اتفق الطرفان المتحاربان. فإلى جانب ما قلناه عن التقسيم، فان المواطن الغلبان على أمره أصبحت ما لديه من أوراق غير مبرأة للذمة وبالتالي دخل في افلاس لا فكاك منه، هذا يدفعه الى المزيد من البغض تجاه هذه الدولة التي يتحكم فيها الكيزان، بل ويدفعه الى طرح السؤال البريء ما جدوى الانتماء الى هكذا وطن؟ بل يجد راغبو اثارة فتنة الكراهية من أبناء الهامش مرتعهم ويمهد لهم السبيل الى المناداة بتحرير السودان، كنا نقول تحرروه ممن؟ الآن لديهم الإجابة جاهزة مفصلة.. من الكيزان الذين أفقروا أهلنا ومصوا دمه ورزقه وأبادوه من قبل، فماذا نحن فاعلون؟
ثانيا: امتحان الشهادة السودانية
حكومة الأمر الواقع في بورتسودان والتي يحركها الكيزان، بل هي في واقع الأمر حكومة الضباط الأربعة، اذ البقية ممن اسموهم بالوزراء المكلفين (يعني نص وزير) ما يملكون من قطمير.
أتتنا هذه الحكومة ببدعة أخرى، هي مسألة أنها معنية بتعليم أبناء الولايات الست التي تبقت في يدها بدعوى أن الآخرين هم من أبناء حواضن الدعم السريع، والمتعاونين معهم ... وبذلك أوقعت في البلاد قسمة ضيزى بين الطلاب يصعب رتقها.
ثالثا: الأوراق الثبوتية وقانون ابعاد الوجوه الغريبة
الأوراق الثبوتية، المتمثلة في منح الجنسية، جوازات السفر، شهادات الميلاد والوفاة للولايات الستة فقط، معنى هذا أن سودانيتك تحدده بقاءك في أماكن سيطرة الجيش، بل وحتى ان ذهبت لتسكن هناك أملا في منحك الجنسية، يطردونك من تلك المناطق بقانون الوجوه الغريبة التي لا تشبه وجوهم، وهو قانون ساري المفعول ومعلن عنه، معنى هذا بالواضح أنك لست بسوداني..
ثم أن شهادات الميلاد والوفاة، هي أوراق تدخل في أدق شئون الانسان من الانتماء العائلي الى أحكام المواريث والتركات. هل يعقل أن يعيش انسان في كوكبنا الأرضي هذا دون ورقة تثبت انتماءه، ناهيك عن الدولة بل حتى الانتماء الى عائلة محددة. حكومة رباعي الشّر لا تأبه لهذا ولا ذاك، همها استمرار الحرب حتى يقع المحظور وهو تقسيم السودان الى دويلات لا نعرف عددها، وان كنت ترغب في ذلك فأسال العاديين.
أمام هذا المشهد المريع الذي وضعنا فيه الكيزان وضباطهم الأربع، أثارت اللجنة الثورية، وهي كيان من الهامش (دارفور وكردفان) وفصيل منها، أمام تنسيقية تقدم المناهضة للحرب، والرافضة لمحاولات الكيزان، القذرة في تقسيم البلاد، ضرورة تكوين حكومة في مواقع سيطرة الدعم السريع لمجابهة الكيزان، الغريب انقسمت تنسيقية تقدم الى فريقين، وفي قراءة لخارطة انقسام تنسيقية تقدم، نلاحظ من دون عناء أن أبناء ما يسمى بمثلث حمدي، وقفوا ضد الطرح، فيما ذهب أبناء دارفور وكردفان الى الاتجاه المعاكس.. هكذا بعد أيام نرى تنسيقيتين، ليقف أخونا حمدوك بينهما حيرانا أسفا.
هذا هو المشهد كما نراه رأي العين، ونفرد سؤالنا المشروع أفنحن أمام وطن ام أوطان؟ قومية أم قوميات، بل حضارة أم حضارات؟ فلنجب عن هذه السؤال الخالي من الغرض، بعقول منفتحة وآذان صاغية، لنبحث معا مكمن الحق الذي فيه يمترون، بعيدا عن هوس الكيزان الظلاميين الانصرافيين الكذبة، اذ هم في حقّ الوطن كافرون، وفي الغيّ يعمهون، بل كانوا أكثر الناس للحق كارهون!
عبد المجيد دوسة المحامي
majeedodosa@gmail.com