الثورة نت:
2025-01-30@21:46:51 GMT

«أولوية» التحولات

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

 

على المدى، كانت رفاهية الشعوب مؤشر على استقرار البلد، وعلى حيوية العمل الإنمائي فيه.
في اليمن سحق تحالف الشر الناس، فسقطت الرفاهية من حساباتهم لتتصدر الهموم المعيشية كل الأهداف والغايات والأولويات لديهم.
وقبل نحو عام تطرق السيد القائد إلى «الوضع المزري» في مؤسسات الدولة، وفي مناسبة إحياء ذكرى الإمام زيد الماضية أكد على ضرورة التغيير الجذري في عمل هذه المؤسسات، ليتخذ قرار البدء بهذه التغييرات في كلمته بمناسبة العيد التاسع لثورة ٢١ سبتمبر، وسيطلق مرحلتها الأولى ليلة ذكرى المولد النبوي الشريف من اجل تحريك المياه الراكدة في تنمية حياة الناس.


يؤكد هذا المسار التصاعدي – الذي اتبعه السيد في هذا الجانب، والذي جعله أولوية ثانية بعد أولوية مواجهة العدوان في سياق بناء اليمن الحديث القوي – على إدراكه ضرورة التحرك فيه على النحو الذي يمكن أن ينتهي إلى تحولات في واقع معيشة الناس وفي إيقاع الحياة التطويري، وبما ينسجم مع أهداف الثورة وتطلعات اليمنيين.
وينطلق السيد القائد في هذا من حقيقة أن الإطعام من الجوع (الاقتصاد) والتأمين من الخوف (الأمن)، هما جناحا الاستقرار واستمرار الحياة وتعميرها وتحقيق التحولات فيها، ولذلك جاء إعلانه عن البدء في الإصلاح المؤسسي بتغييرات جذرية تلبي حاجة الناس، وتخفف عنهم وطء سنوات العدوان العجاف، كما تعكس الإرادة الوطنية باستمرار الحياة وتحقيق الإنجازات، واهتمام السيد القائد بالتغيير نحو الإصلاح، يأتي في سياق موضوعي وطبيعي تتطلبه المرحلة خصوصا مع النجاحات التي تحققها المؤسسة العسكرية والأمنية.
العمل على مبدأ الإصلاحات والتغيير الجذري إنما ينطلق من حاجة المرحلة إلى هذه المواكبة والتلازم في التحولات بين مبدأيّ (الأمن والاقتصاد)، ما يعني وجوب إعمال الاجتهاد في استغلال كل الطاقة المتاحة المادية والبشرية لإحداث اختراق في جدار الهموم المعيشية للناس، فلا تبقى إدارة المؤسسات مجرد تسيير لأعمال، لا تحل مشاكل قائمة ولا تستطيع أن تصنع البدائل.
في عرض العيد التاسع لثورة ٢١ سبتمبر، أثبتنا القدرة على قهر الصعاب والتحديات وتحويلها إلى فرص بصورة مثيرة لكل العالم، ولا يستقيم مع هذا الإنجاز والتحول المشهود أن تبقى غُصّة التأخر في إحداث تنمية تنعكس بصورة واضحة ومباشرة على حياة الناس، ولا نتحدث عن رفاهية في الوقت الراهن، وإنما (أطعمهم من جوع).
ومع الاتفاق على أننا نعاني من تخمة في المؤسسات، إلا أنه في حال لم تشمل عملية التغيير دمجاً لبعضها، فإنه بالإمكان التعامل معها كأمر واقع والاستفادة منها لتساهم في صنع التحولات إذا ما جرى توظيفها بشكله صحيح، وإخضاع المشاكل أو مواطن الضعف للنقاش ولو في إطار كادر الجهة ذاتها، مثل هذا الأمر كفيل بتفجير الطاقات والخروج برؤى يمكن العمل عليها.
الكثير جدا من الجهات لا تزال تعاني من مشاكل داخلية تتصدرها معاناة موظفيها بسبب تواطؤ المجتمع الدولي مع تحالف الشر في قطع وصول المرتبات اليهم، بالتالي فكادر يعمل بنفسية محبطة، من المستحيل أن ننتظر منه إبداعاً في الإنجاز أو نفسية هادئة ومستقرة في التعامل مع الناس من طالبي الخدمة.
السيد القائد يتحرك في توجهه بثقافة القرآن ويدرك أن هناك واقع مختلفاً وأفضل يمكن تحقيقه لكنه ربما يتطلب تغيير النظرة إلى مفهوم الإدارة للعمل، بحيث يغادر المدير حالة التكاُّس، في الروتين اليومي، ويستشعر أمانة المسؤولية بأداء مهام جهة العمل التي يديرها، على قاعدة التحديث والتطوير وإحداث التحولات على الصعيدين الداخلي متمثلا بأدوات العمل (كادر العمل)، والخارجي متمثلا بالمخرجات (الإنجاز)، التي ينتظرها الناس، بحيث يصير هناك معنى لتراكم الخبرة لجهة الاستفادة من مقترحاتها ورؤاها في إحداث أي تطوير ما.
الترحيب الرسمي والشعبي الذي لقيه حديث السيد القائد عن التغيير الجذري لعمل المؤسسات، يعكس من جهة اتفاقا على أنه لا يزال هناك ما ينبغي عمله لمواكبة هذه اللحظة من الشعور بالانتصار في امتلاك القوة الضامنة لأمن البلاد، بواقع ضامن لمعيشة المواطن واستقراره، وانتقاله من حالة التخلف المزمن التي يعيشها منذ عقود، وعلى الأقل أن يكون هناك حركة مترجمة لأي طموح أو تطلع ومغادرة الجمود.
ولعل انعكاس مثل هذا التوجه – الذي يأتي من قمة هرم البلاد – لا يقتصر فقط على سيادة العدل والنظام ومعالجة مكامن الضعف، لكنها ستؤسس لثقافة جديدة، هي ثقافة التغيير فلا يظن المسؤول أنه دائم في وظيفته، وأن مقياس نجاحة هو حالة الرضى لدى المواطن بالاستناد إلى النظام والقانون بطبيعة الحال.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

القائد الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي .. باعث العرفان العملي

من وجع المستضعفين.. ومن عين العاصفة، ومن بؤرة الوعي، ومن وضوح البصيرة، جاء السيد القائد الشهيد..
جاء متكئاً على سيف جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنّه النذير العريان، صارخاً في بريّة الأمّة التي غفلت واستكانت، وسلّمت قيادتها للطغاة العابثين، ليردّها إلى حوض ماء الحياة الحقّة الذي يمثّله كتاب الله، حيث هو المآل والمرجع، وهو الدواء الشافي لكل مرضٍ عضال، وفي الوقت الذي كان حاكم اليمن يسلّم فيه مفاتيح صنعاء للأمريكان وأدواتهم الإقليميين، دون أيِّ اعتراض وأمام القوى والأحزاب والشخصيات التي وقفت متفرجة على هذه الطامّة، جاء رجل من أقصى اليمن يسعى منبّهاً ومحذّراً من المصير الذي ينتظر اليمن أرضاً وإنساناً، في حال استمر هذا النهج المدمّر الذي سلكه الحاكم وزمرته..
الذي حدث هو أنّ أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001، قررت أن تبدأ مشروع تدمير المنطقة وإعادة تموضعها بشكل جديد، وتقويض بعض الأوضاع القائمة، ودفعها لصالح المشروع الصهيوني وأداته الأهم (أعني إسرائيل)، وكانت تلك الأحداث الذريعة التي تذرّعت بها الولايات المتحدة لإعادة احتلال المنطقة بدعوى مكافحة الإرهاب.
بات مصطلح “الإرهاب” السلاح الذي تهدّد به أمريكا المنطقة، وحسب مفهومها فإنّ “الإرهاب” يعني ويطول أيّة جهة ترفض الهيمنة والتسلّط الأمريكي، وتقاوم الكيان الصهيوني، وقد صُنّفت اليمن على قائمة الإرهاب الأمريكية من قبل أحداث سبتمبر2001م، وذلك إثر الهجوم على المدمّرة الأمريكية (يو.إس.إس.كول) في ميناء عدن في 12/أكتوبر/2000م وإعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن العملية التي أسفرت عن مقتل /17/ من أفراد طاقم المدمّرة وجرح /39/ من جنود المارينز، هذه العملية التي كانت بمثابة البوابة التي استغلّها الأمريكيون للدخول الوقح والاستفزازي لليمن وبمباركة وخضوع من السلطات وقتها..
وقد استغلّت الولايات المتحدة أحداث الـ11 من سبتمبر وقبله حادثة المدمّرة كول، والتعاطف العالمي لانتزاع تفويض المجتمع الدولي لها بالحرب على (الإرهاب) وابتزاز الأنظمة والحكومات العربية، والإسلامية بالذات، وإرغامها على التكيّف والتماهي مع مبدأ “من ليس معنا فهو ضدنا” الذي تبنّته إدارة بوش الابن في حربها العالمية على (الإرهاب)، واستهدفت إخماد أي صوت مناهض لأمريكا..
وفي هذا السياق أطلق السيد القائد الشهيد حملة توعية جماهيرية مكثّفة كان من ضمنها (الشعار) ((الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللّعنة على اليهود، النصر للإسلام)) معتبراً الشعار حرباً نفسية مضادة للحروب النفسية التي يشنّها أعداء الأمة لهزيمتها وإرهابها كما جرى في أفغانستان والعراق وفلسطين.. وفي إجابته على تساؤل البعض: ما قيمة مثل هذا الشعار؟ قال السيد القائد الشهيد: “هذا الشعار لا بدّ منه في تحقيق النصر في هذه المعركة، معركة أن يسبقنا الأمريكيون إلى أفكارنا، إلى أفكار أبناء هذا الشعب، وإلى أفكار أبناء المسلمين، وبين أن نسبقهم نحن، أن نرسخ في أذهان المسلمين أنّ أمريكا هي الإرهاب، أنّ أمريكا هي الشر” إضافةً إلى أنّ رسالة هذا الشعار هي الإدانة الأخلاقية والسياسية والقانونية لمساعي فرض الوصاية الأمريكية، وتطويع الوعي اليمني والإسلامي عموماً للقبول بها، وتحصين وعي المجتمع من الاختراق والتطويع لصالح المخططات والمشاريع التوسعية، وخلق رأي عام ممانع لمشروعها.
إنّ التحدّي الأكبر الذي واجهه السيد القائد الشهيد هو تبنّيه العودة إلى المرجعية القرآنية الحاكمة في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تصنّف القرآن بأنّه كتاب “الإرهاب” الأول، وقد تبعها في ذلك الغرب المستكبر، والأدوات الذليلة من أبناء المنطقة حكّاماً ونخباً وأحزاباً إلّا من رحم ربّي، ناهيك عن تجارب الحركات الإسلامية التي عجزت عن تقديم النموذج الذي يطمئن إليه الناس، وهذا التحدّي الذي خاضه السيد (رضوان الله عليه) قابلته استحقاقات لم تتأخر، وكانت السلطات الحاكمة حينذاك في اليمن مدعومة بالأمريكي جاهزة للانقضاض على المشروع الوليد الذي بزغ نجمه في منطقة مرّان في محافظة صعدة، وعلى مدى سنوات خاضت الجماعة الوليدة ومعها مشروعها القرآني مواجهات دامية، استخدم فيها النظام اليمني أسلحته وأدواته لاجتثاث الجماعة كما كان يصرّح رئيس البلاد في ذلك الوقت..
ولم تكن المواجهات العسكرية والإعلامية والثقافية والاجتماعية مع السلطة وحدها هي التي فرضت على الجماعة، بل كان هناك ما هو أخطر من ذلك، وهو توظيف ذات البيئة (المذهبية) التي خرج منها السيد القائد الشهيد لمواجهة المشروع الثقافي القرآني، واستخدمت السلطة لذلك العديد من علماء المذهب ووجوهه للرد على السيد باعتباره محرّفاً للمذهب وخارجاً عن أصوله ومبادئه، وذلك في محاولة خبيثة من النظام لضرب المشروع من داخله..
وكما فشلت الحملات العسكرية والأمنية والإعلامية، فقد فشلت كل محاولات السلطة الأخرى في إيقاف حركة المشروع القرآني المبارك، الذي تمكّن بفضل الله ورحمته وتأييده من تجاوز كل العقبات والابتلاءات بنجاح وصولاً إلى يوم الفتح الإلهي في الحادي والعشرين من سبتمبر2014م..
إنّ الشروط الموضوعية التي أوجدت المشروع القرآني لعبت دوراً مقدّراً في دفع هذا المشروع إلى ساحة الحضور في اليمن، لكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون هي أنّ ذات الشروط وأكثر على صعيد الإمكانات والعلاقات والارتباطات الداخلية والخارجية كانت متوفّرة لدى الآخرين من أبناء الحركات الإسلامية في اليمن كالإخوان المسلمين والسلفيين والصوفيين، ومع هذا ظلّت هذه الجماعات تراوح مكانها، وفي حالة حضور تقليدي باهت، وغير فاعل في واقع الحياة، وحتى الحالة الزيدية لم تكن أحسن حالاً من هذه الحالات، بل لربما كانت أكثر بؤساً، ورغم تأسيس الحزب الزيدي “حزب الحق” إلّا أنّ هذا الحزب تعثّر مبكّراً، ولم يلعب دوراً ذا بال في الوسط الزيدي فضلاً عن الوسط اليمني عامّة..
ولذا فإنني استطيع القول إن الشرط الذاتي الذي توفّر لجماعة المشروع القرآني كان هو العامل الحاسم فيما وصلت إليه هذه الجماعة أو هذا التيار، وهذا الشرط الذاتي يمكن تلخيصه في مؤسس هذه الجماعة ومنشئها وأعني السيد القائد الشهيد، ومعه الثلّة المؤمنة بالخط الذي اختطّه.
إنّ شخصية القائد هي التي منحت هذه الجماعة الفائض الإيماني والمعنوي، الذي برز في كل المحطات التي عبرتها، هذه الشخصية التي قدّمت النموذج المعرفي بالله المخالف للنماذج التاريخية التي تحدّث عنها العرفاء الذين وقفوا عند العرفان النظري ولم يتجاوزوه، بينما كان نموذج السيد القائد الشهيد المؤسس قائم على المعرفة، وهو من قاد هذه الجماعة للتعاطي مع آيات القرآن على أنّها حقائق وليس مجرّد جمل تتلى في الصلوات وفي المناسبات، وبذلك تحقّقت في الواقع مصاديق الثقة بالله والتوكّل عليه والتسليم بحتمية إنجازه وعده، وعلى هذا الأساس طبعت هويّة هذه الجماعة الفريدة الفذّة.
* كاتب وباحث

مقالات مشابهة

  • القائد الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي .. باعث العرفان العملي
  • وزير العمل: حزمة برامج الحماية الاجتماعية وتحقيق الأمان الوظيفي للعامل أولوية لدينا
  • 40 وزيرًا و8 إجراءات حاسمة في ختام المؤتمر الدولي لسوق العمل
  • 40 وزيرًا للعمل يشاركون في الاجتماع الوزاري ضمن النسخة الثانية للمؤتمر الدولي لسوق العمل
  • ختام اليوم الأول للاجتماع الوزاري بالمؤتمر الدولي لسوق العمل بالرياض
  • 8 إجراءات لتعزيز مرونة وشمولية أسواق العمل لمواجهة التحديات الراهنة
  • مؤتمر الرياض الدولي لسوق العمل يوصي بـ8 إجراءات لمواجهة التحديات الراهنة
  • اختتام أعمال الاجتماع الوزاري ضمن النسخة الثانية للمؤتمر الدولي لسوق العمل
  • السكوري: الطلب الدولي على اليد العاملة المغربية يتزايد وحماية الحقوق أولوية
  • شاهد| قراءة في خطاب السيد القائد في ذكرى  شهيد القرآن.. من الثورة إلى الطوفان