صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-04@21:59:19 GMT

عودة الشيطان إلى الجحيم

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

عودة الشيطان إلى الجحيم

 

عودة الشيطان إلى الجحيم

حمور زيادة

 

“في الماضي كنّا صامتين. ولكن بعد تعرّضنا للقتل والاغتصاب وانتهاك إنسانيتنا، وإصابتنا بالأمراض، ومراقبة أطفالنا وعائلاتنا تدمّر، علمتنا الحرب أن المستقبل يكمن في القول: لا للعنف ونعم للسلام” … بيان من نساء ليبيريا.
لم تكد الحرب الأهلية الليبيرية الأولى تنتهي في العام 1996، حتى شبّت الحرب الأهلية الثانية في 1999.

لم يكمل الرئيس الجديد فترته الانتخابية التي أتت بالسلام وأنهت حرباً أودت بحياة مائتي ألف مواطن. واضطرّ للفرار إلى نيجيريا. أدّت الحرب الليبيرية التي خاضها الجيش الحكومي ضد مليشيات معارضة مدعومة من غانا إلى دمار كبير، ونزوح المواطنين من المدن الكبرى.

ووسط مبادرات المجتمع الدولي ووساطاته لإنهاء القتال كانت هناك “كتلة نساء ليبيريا لأجل السلام”. وهي مبادرة مجتمعية استطاعت أن تجتذب اهتماما من النساء ضد الحرب ومشاركة واسعة منهن.

من التوصيفات شبه المعتادة للصراعات الأهلية أن أطرافها لا تقبل الدعوات للسلام، وتصم مطلقيها بالخيانة أو معاونة الأعداء. لكن كتلة نساء ليبيريا صمدت في وجه هذه الاتهامات، وواصلت التوسّع، واكتساب مزيد من العضوية من أديان وأعراق وثقافات وطبقات مختلفة. نظمت الكتلة النسوية صلوات جماعية للدعاء من أجل السلام ووقف الحرب. وفي مواجهة حملة الاعتقالات والتنكيل، أطلقت الكتلة النسوية حملات للغناء في الأسواق لأجل السلام. أجبر نشاط الكتلة الذي استمر شهورا الرئيس الليبيري، تشالرز تايلور، على الاجتماع بهن وسماع أصواتهن. ومع انعقاد محادثات السلام، انتقلت الناشطات إلى لقاء الوفود المتفاوضة، وواصلن الضغط عليها من أجل الوصول إلى اتفاق.

وبلغ التزام قواعد الكتلة النسوية بإحلال السلام درجة إعلان الزوجات الإضراب عن الجنس مع أزواجهن المنخرطين في الحرب! كانت تلك علامة قوية على مدى تأثير العمل النسوي المنظّم، وبشكل ما، أدركت الأطراف المتحاربة أن عليهم الخضوع لضغط وقف الحرب. وهو ما حدث في 2003 بتوقيع اتفاق أكرا للسلام.

أصبحت التجربة الليبيرية ملهمة لنساء القارّة الأفريقية. وحازت ليما غبوي، إحدى مؤسّسات “كتلة نساء ليبيريا لأجل السلام” على جائزة نوبل للسلام. وبدأت الأمم المتحدة ومنظمّات المجتمع المدني تسعى إلى تكرار تجربة تنظيم النساء الأفريقيات على نحو واسع من أجل النضال لانتزاع حقوقهن أو لأجل إحلال السلام في مناطق النزاعات.

ولكن حتى هذه اللحظة، بعد مرور 20 عاماً على التجربة الليبيرية المدهشة، والتي وثّقها فيلم “نصلّي ليعود الشيطان إلى الجحيم”، لم تتكرّر تجربة بالنجاح ذاته. تحتاج الحروب الأفريقية لاجتراح حلول جريئة وجديدة لإيقافها. وقد كان الحلّ النسوي الليبيري خلّاقاً في تلك الحالة. لكن ليس بالضرورة استنساخه. أما ما يعلّمنا له هذا الحل قدرة أصحاب المصلحة والمتضرّرين على فرض رغبتهم في السلام على جنرالات الحرب، إذا ما أُحسن التنظيم والتشبيك وتوسيع مظلّة المشاركة.

تسعى الأحزاب المدنية في السودان إلى وقف الحرب عبر التواصل مع طرفي الصراع، ومع المجتمعين الدولي والإقليمي. لكن ذلك السعي يفتقر إلى استصحاب أصحاب المصلحة الأصليين، كما أنه سعي يفتقر إلى قوة الإلهام، فبعكس تجربة “تجمّع المهنيين السودانيين” وقت الثورة السودانية، والتي كانت ملهمة للملايين، تبدو تحرّكات القوى السياسية المدنية عبر كيانات وقف الحرب ومبادراته شديدة العزلة ومحدودة التأثير. وليس ذلك لضعف القضية، وإنما لعجز حملتها عن حُسن تقديمها وعدم استقطاب أصحاب المصلحة وعدم تنظيمهم.

تحتاج جهود وقف الحرب في السودان أن تتعلّم من التجربة الليبيرية وغيرها من التجارب لتنتج نسختها الخاصة من الضغط الشعبي والمجتمعي لوقف الحرب. وهو ضغط يجب أن يوجّه ضد الحكومة العسكرية، وقيادة الدعم السريع، والمجتمعين الإقليمي والدولي. لكن للأسف ما زالت الحالة السودانية تراوح مكانها في الحديث المكرّر عن “أهمية وحدة الكيانات السياسية”، مع وجود لتحرّكات ما زالت صغيرة، ولم تبلغ درجة تأثير كافية لمجموعات شعبية تنهض ضد استمرار القتال.

قد يكون من الصحيح القول إن هناك يوفوريا شعبية مؤيدة للحرب، لكن سبب ذلك غياب الخطاب الجاذب الداعي إلى السلام. حتى لحظة صياغة هذا الخطاب ستكون سردية البنادق هي التي تحظى بتأييد شعبي، لأنها الأمل الوحيد في السلام للمواطنين عبر الحسم العسكري. وهو حسم أجمع الفاعلون المحليون والدوليون في القضية السودانية على أنه غير ممكن في الأفق القريب. لذلك سيكون على السودانيين اجتراح طريقهم الشعبي والمجتمعي الخاص الذي يعيد الشيطان إلى الجحيم، ويجبر أطراف الحرب على وقفها.

الوسومالسلام الشيطان الصراعات الأهلية تسوية حرب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السلام الشيطان تسوية حرب

إقرأ أيضاً:

مسؤولون صهاينة: عودة الحرب والهجمات اليمنية ستؤثر على الاقتصاد “الإسرائيلي”

يمانيون../
لا زالت أصداء تأكيدات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي بشأن الاستعداد لاستئناف العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي تتعالي داخل كيان العدو كاشفة عن التأثير الكبير والمستمر الذي تمتلكه الجبهة اليمنية في الصراع وعجز العدو عن التخلص من هذا التأثير أو احتواءه.

ونشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، الثلاثاء، تقريرا جديدا ذكرت فيه أن مسؤولين اقتصاديين كبار في كيان العدو تحدثوا مؤخرا مع خبراء في شركات التصنيف الائتماني العالمية، وخرجوا بانطباع مفاده أن “انهيار وقف إطلاق النار في غزة سيؤدي إلى تجدد التصعيد في ساحات أخرى مثل الشمال، واليمن، وسيؤدي ذلك إلى تخفيض جديد للتصنيف الائتماني لإسرائيل”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول اقتصادي كبير قوله “إن عناصر في المؤسسات الدولية الكبرى في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن شركات التصنيف الائتماني، تدق ناقوس الخطر بشكل صريح، ووفقاً لهم، فإن استئناف القتال في غزة سيعيد الصواريخ إلى سماء إسرائيل، سواء من غزة أو اليمن، وربما أيضاً من لبنان والعراق، وربما حتى من إيران”.

ووفقا لهذا المسؤول فإن تأثير التصعيد وعودة الهجمات اليمنية “سيكون فوريا، حيث ستختفي شركات الطيران ورجال الأعمال على الفور من إسرائيل، وسيتذكر العالم مرة أخرى أن إسرائيل منطقة حرب خطيرة للاستثمار، بكل ما يعنيه ذلك”.

وقال مسؤول اقتصادي كبير آخر في كيان العدو إن “التوقعات سلبية بالفعل اليوم، ويجب على إسرائيل أن تفكر في العواقب التي قد تترتب على الاقتصاد والميزانية إذا عادت إلى الحرب الآن” وفقا لما نقلت الصحيفة.

وتعكس هذه التعليقات نجاح الجبهة اليمنية في تثبيت التأثير الاقتصادي الكبير لدورها المباشر والمتصاعد في الصراع بشكل دائم، بحيث يعجز العدو عن إزاحته عن المشهد أو تجاهله في حسابات أي جولة قادمة.

كما تؤكد هذه التصريحات تكامل التأثير الاقتصادي للجبهة اليمنية مع التأثيرات الأمنية والعسكرية حيث كانت تقارير عبرية قد نقلت يوم الاثنين عن مسؤولين في كيان العدو تأكيدات واضحة على أن تعاظم قلق المؤسسة الأمنية “الإسرائيلية” بسبب احتمالات عودة الهجمات اليمنية، بعد تأكيدات السيد القائد على أن كامل الأراضي المحتلة، بما في ذلك “يافا” (تل أبيب) ستكون تحت النيران.

وقد كشف أولئك المسؤولون أن كيان العدو لا يملك أي وسيلة لمواجهة هذا التهديد، سوى الاعتماد على دعم إدارة ترامب فيما يتعلق بتكثيف الهجمات على اليمن، وهو ما يعني استمرار مأزق انعدام الخيارات الفعالة في مواجهة التهديد الذي لا يتوقف خطره عن التصاعد مع استمرار تطور القدرات العسكرية اليمنية.

مقالات مشابهة

  • مسؤولون صهاينة: عودة الحرب والهجمات اليمنية ستؤثر على الاقتصاد “الإسرائيلي”
  • صحيفة عبرية: عودة الحرب والهجمات اليمنية ستؤثر على الاقتصاد “الإسرائيلي”
  • هل احتمال عودة إسرائيل للحرب على غزة وارد؟ محللان يجيبان
  • زيلينسكي: وجود ضمانات أمنية فعالة تجعل عودة العدوان الروسي مستحيلة
  • رئيس النواب الأمريكي: نأمل عودة زيلينسكي للمفاوضات لتحقيق السلام
  • باراك يستبعد عودة الحرب على غزة خلال الأسابيع القادمة…ما السبب؟
  • عبد الملك الحوثي: عودة الحرب على غزة ستجعل كل كيان العدو تحت النار
  • الحوثي: عودة الحرب على غزة ستجعل كل كيان العدو تحت النار
  • بن جفير: حان الوقت لفتح أبواب الجحيم على غزة
  • نتنياهو يماطل في تنفيذ الاتفاق وغوتريش يحذَّر من عودة الحرب