يبدو مستقبل العلاقة المتدهورة بين الجارتين إيران وأذربيجان محكوما إما بشراكة اقتصادية وتجارية أو تصعيد عسكري، بحسب أيبانيز إسماعيلوف في تحليل بموقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي (Modern diplomacy) ترجمه "الخليج الجديد".

أيبانيز أضافت أن "الاضطرابات الداخلية في إيران، والضغوط الدولية المتزايدة والعزلة، والمشهد الجيوسياسي المتغير في جنوب القوقاز، أضافت المزيد من التعقيد إلى العلاقة المتوترة بين أذربيجان وإيران في السنوات الثلاث الماضية".

وتابعت أنه "على الرغم من حدوث تراجع طفيف في التصعيد مؤخرا في العلاقات بين باكو وطهران، إلا أنه لم يتم بعد تحقيق شراكة سلسة داخل المنطقة مبنية على الثقة المتبادلة، فعوامل مثل الشراكات الاقتصادية والتجارية يمكن أن تكون عوامل تغيير لقواعد اللعبة من أجل إعادة تأسيس الحوار الإقليمي واستعادة الشراكة العملية".

واستدركت: "لكن إذا لم ينجح الخطاب الإيراني العدواني ضد أذربيجان، فقد يجبر الأخيرة على اتخاذ إجراءات صارمة إضافية لحماية حدودها واستقرارها الإقليمي، ما قد يؤدي بدوره إلى رد فعل عسكري من إيران بهدف تأمين حدودها مع أرمينيا (جارة أذربيجان أيضا)؛ لأن هذا هو النفوذ الحاسم الوحيد لطهران على باكو".

اقرأ أيضاً

إسرائيل تتهم إيران بالوقوف وراء محاولة استهداف سفارتها في أذربيجان

علاقات متدهورة

و"بالنسبة لأذربيجان، فإن إيران ليست مجرد دولة عادية، فهي واحدة من أكبر الجيران في الجنوب، حيث يبلغ طول حدودها البرية حوالي 618 كيلومترا"، كما زادت أيبانيز.

وأردفت أنه "كان لاستراتيجية الحرب الهجينة المدمرة التي اتبعتها طهران منذ فترة طويلة تجاه جيرانها المباشرين وما وراءها لسنوات عديدة، تأثير سلبي على العلاقات مع باكو وأثارت غضب الأخيرة".

واستدركت: "مع ذلك، أنشأت باكو وطهران شراكة عملية تنطوي على مشاريع بنية تحتية إقليمية مختلفة، وخاصة خطوط النقل، لكن الفترة بين 2020 و2023 شهدت التوترات الأكثر تصاعدا في العلاقات بين إيران وأذربيجان، مع عواقب مميتة لكلا الجانبين".

أيبانيز أوضحت أن "العلاقات الأذربيجانية الإيرانية توترت منذ انتصار أذربيجان في حرب 2020 مع أرمينيا، حيث اتهم الجانبان بعضهما البعض بالتورط في الإرهاب والتجسس".

وقالت إن "العلاقات المتدهورة بين إيران وأذربيجان تحظى باهتمام كبير، مما يثير المخاوف بشأن التأثير المحتمل على منطقة جنوب القوقاز، وتشمل العواقب المحتملة للتوترات المتصاعدة الاضطرابات الاقتصادية والاشتباكات الحدودية بمشاركة جهات فاعلة إقليمية وغير إقليمية مثل تركيا وروسيا وإسرائيل وربما الغرب".

اقرأ أيضاً

لحفظ مصالحها.. هل تمنع دول الخليج حربا بين إيران وأذربيجان؟

دور إسرائيلي

ومن وجهة نظر إيران، بحسب أيبانيز، أدت عوامل مهمة إلى تدهور العلاقات مع أذربيجان، مثل "ادعاءات طهران بأن باكو تأوي الاستخبارات الإسرائيلية على أراضيها، وكذلك تعزيز محور باكو-أنقرة على أعتابها (إيران)".

وتابعت: "وفي محاولة من طهران لاستعراض عضلاتها وترهيب أذربيجان، أجرى الحرس الثوري الإسلامي مناورات عسكرية على الحدود مع أذربيجان في أكتوبر (تشرين الأول) 2022".

وزادت بأنه "على عكس السنوات السابقة، أثارت التدريبات مشاعر معادية لإيران داخل أذربيجان؛  فخلال التدريبات التي أُطلق عليها اسم "إيران الجبارة"، تدربت القوات الإيرانية على إنشاء الجسور العائمة وعبور نهر آراس، الذي يشكل جزء منه قسما من الحدود بين البلدين".

"ووصلت التوترات إلى مستوى حرج عندما تعرضت السفارة الأذربيجانية في طهران لهجوم من قِبل مسلح، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة آخرين، فجمدت أذربيجان علاقاتها الدبلوماسية وأغلقت سفارتها، وبعد فترة وجيزة، طردت دبلوماسيين إيرانيين من البلاد؛ بحجة ممارستهم أنشطة غير دبلوماسية"، بحسب أيبانيز.

اقرأ أيضاً

أذربيجان.. اعتقال 9 متهمين بالتخطيط لانقلاب واغتيالات برعاية إيرانية

جنوب القوقاز

و"تشعر طهران بالقلق من أن الثلاثي أذربيجان وتركيا وإسرائيل سيبذل كل ما في وسعه في فترة ما بعد الحرب (بين أذربيحان وأرمينيا) لعزل إيران عن المنطقة، وبالتالي ترسيخ مكانتهم"، كما تابعت أيبانيز.

وأردفت: و"بينما تملأ باكو وأنقرة الفراغ في جنوب القوقاز الذي تتركه روسيا وراءها، تبقى إيران مع أرمينيا كشريك إقليمي رئيسي لها".

وزادت بأن "الوضع اشتعل عندما زار وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أذربيجان في أبريل (نيسان) 2023، قبل رحلة إلى تركمانستان لافتتاح أول سفارة لإسرائيل في البلاد، والتي تقع على بعد 20 كيلومترا فقط من الحدود الإيرانية".

وأضافت أيبانيز أن "تصريحات كوهين بشأن "الشراكة الوثيقة بين تل أبيب وباكو ضد إيران" أثارت خطابا قاسيا في طهران، لكن هذه المرة تجاهلت باكو إلى حد كبير جميع التهديدات من إيران".

وتابعت أن "محاولة باكو إعادة تنشيط التحالفات الإقليمية مع العالم التركي في آسيا الوسطى، وإنشاء طرق عبور جديدة تتجاوز إيران، عززت مخاوف الأخيرة بشأن التوحيد المحتمل للأقليات".

و"في حين أن إيران لديها العديد من الأقليات، فإن الأذريين والتركمان والأكراد هم الأكثر أهمية لاستقرار النظام. ويشهد الأكراد تمردا كامنا ضد النظام، في حين ظل الأذريون والتركمان هادئين نسبيا"، كما أوضحت أيبانيز.

اقرأ أيضاً

أذربيجان.. اعتقال 9 متهمين بالتخطيط لانقلاب واغتيالات برعاية إيرانية

المصدر | أيبانيز إسماعيلوف/ مودرن دبلوماسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران أذربيجان شراكة تصعيد عسكري إسرائيل تركيا جنوب القوقاز اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

كيف انعكس الاعتدال الربيعي على السياحة الرمضانية في إيران؟

طهران – خلافا للتراجع النسبي الذي تسجله السياحة الإيرانية خلال شهر رمضان في الأعوام الماضية، فإن تزامن العشر الأواخر من الشهر الفضيل هذا العام مع عطلة رأس السنة الفارسية ساهم في تنشيط السياحة الرمضانية، إذ يعتبر الاعتدال الربيعي من أبرز فترات الذروة السياحية في البلاد.

والاعتدال الربيعي يبدأ في 20 مارس/آذار من كل عام، وهو أول أيام الربيع، وفيه يتساوى تقريبا طول الليل والنهار في معظم الكرة الأرضية.

وقد أعلن المدير العام لدائرة تنمية السياحة الداخلية بوزارة السياحة والتراث الثقافي مصطفى فاطمي عن تسجيل أكثر من 17 مليون زيارة حتى اليوم الثالث من السنة الجديدة (بدأت في 21 من الشهر الجاري)، رغم تزامن إجازة عيد النيروز (رأس السنة الإيرانية) مع شهر رمضان، وهطول أمطار غزيرة في عدد من المحافظات.

محافظة مازندران من المحافظات التي تتصدر قائمة المناطق الإيرانية الأكثر استقطابا للزوار (غيتي)

وفي تصريح صحفي نقلته وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، أوضح فاطمي أن محافظات مازندران وكيلان (شمال) وخوزستان (جنوب غرب)، وخراسان الرضوية (شمال شرق) وهرمزكان (جنوب) تتصدر قائمة المحافظات الأكثر استقطابا للزوار حتى الآن.

وفي السياق ذاته، ذكر سعيد رسولي مساعد مدير شؤون النقل في وزارة الطرق والتنمية الحضرية أن السياحة الداخلية زادت بنسبة 4% حتى اليوم الرابع من عطلة عيد النيروز، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وتوقع رسولي -في تصريح نقلته وكالة أنباء إرنا الرسمية- ارتفاع مؤشرات السياحة خلال الأسبوع الثاني من العطلة الوطنية.

إجازة وطنية

وفي مطار مهرآباد غربي العاصمة طهران، يقول لطيف (43 عاما) وهو مواطن عربي يعمل مدرسا للغة العربية، إنه يستغل فرصة إجازة رأس السنة الجديدة لزيارة أقاربه في مدينة الأهواز جنوب غربي إيران كل عام.

إعلان

وأضاف لطيف في حديث للجزيرة نت أن تزامن إجازة رأس السنة الإيرانية وشهر رمضان هذا العام تمكنه وأفراد أسرته من إحياء ذكريات الماضي، حيث كانوا يقضون عطلة عيد الفطر في مدينته ذات الأغلبية العربية.

الإيرانيون يحرصون على بسط مائدة السينات السبع (سفرة عيد النيروز) رغم تزامن عيد رأس السنة مع رمضان (الجزيرة)

أما الحاج محمد علي (62 عاما) وزوجته فاطمة (57 عاما) فيحرصان على الاحتفال بعيدي النيروز والفطر في مدينة مشهد، لأنها تجمع بين الروحانية والمعالم الثقافية والتراثية، ويؤكد محمد وزوجته في تصريح للجزيرة نت أن هذه المدينة التي تعتبر العاصمة الدينية للبلاد تحظى بمكانة مميزة، بفضل احتضانها مرقد علي بن موسى الرضا الإمام الثامن لدى الشيعة.

أما مهرداد (48 عاما) الذي يعمل أستاذا بجامعة تبريز فيرى في تزامن الشهر الفضيل وعطلة رأس السنة الإيرانية "توفيقا إجباريا" للإقامة 10 أيام في العاصمة ليتمكن من إتمام صلاته وصيامه خلال فترة السفر، مضيفا -في حديث للجزيرة نت- أنه لا يحتمل المكوث في طهران طيلة السنة، بسبب تلوث أجوائها وزحمة السير فيها، لكنه يتوق لتفقد معالمها خلال إجازة رأس السنة حيث يخرج ملايين السكان منها.

الحكم الشرعي

وبحثا عن الحكم الشرعي للصائم في السفر لدى الإيرانيين، توجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى الأستاذ في حوزة قم العلمية الشيخ مهدي مسائلي، والذي قال إن "الشخص الذي يقصد المكوث لفترة لا تقل عن 10 أيام في منطقة محددة فإن صلاته كاملة، وليست قصرا وعليه فإن الصوم سيكون واجبا عليه".

وأضاف عالم الدين الإيراني أنه "لا يجوز صوم المسافر عندما يتوجب عليه القصر في الصلاة، فيجب عليه القضاء بعد ذلك"، موضحا أن المسافر الذي يتم في صلاته، سواء كان كثير السفر أو يقيم في وطنه ومسقط رأسه أو يقصد البقاء 10 أيام على أقل تقدير في مدينة أخرى فإن صومه صحيح وصلاته كاملة.

إعلان

وختم الشيخ مسائلي بالقول إن مراجع الدين الشيعة يكاد يجمعون على أن الصوم صحيح عند قصد الصائم البقاء 10 أيام أو أكثر في منطقة محددة، شريطة عدم تجاوزه حد الترخص أثناء تلك الفترة، موضحا أن حد الترخص الشرعي هي المسافة التي تتوارى عنها جُدران بيوت المدينة ويخفى فيها صوت الأذان.

الشركات تتسابق

ومن أجل تنشيط السياحة الرمضانية وتسهيل البقاء 10 أيام متتالية على الصائمين، تتسابق الشركات السياحية على إطلاق حملات سياحية تتناسب والأجواء الرمضانية وظروف الصائمين؛ فتعد خططا متكاملة لإقامة الصائمين لفترة لا تقل عن 10 أيام، وتحرص على إثراء الحملات بفعاليات دينية ومهرجانات شعبية وطقوس فلكلورية.

تتسابق الشركات السياحية في إيران على إطلاق حملات تتناسب والأجواء الرمضانية وظروف الصائمين (غيتي)

كما تحرص البلديات الإيرانية على إطلاق فعاليات سياحية وثقافية بالمجان خلال ساعات النهار وبرامج دينية تبدأ مع موعد الإفطار، وتستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، كما تحث هذه البلديات الفنادق والمطاعم على تقديم عروض خاصة في شهر رمضان المبارك، لتكون الفترة الممتدة من الإفطار حتى السحور نابضة بالحياة.

البلديات تنظم فعاليات لكي يزور الإيرانيون المعالم التراثية والمتاحف ومعارض القوميات الموجودة في البلاد (الجزيرة)

فعلى سبيل المثال، أطلقت بلدية طهران 100 محطة لاستقبال السياح وبسط موائد الإفطار في ربوع العاصمة، فضلا عن فعاليات دينية أخرى تقتصر على الأماكن المقدسة لدى الشيعة (العتبات)، وكبريات المساجد والحسينيات لتنشيط الحياة الليلية فيها.

في السياق نفسه، يقول أمين لجنة السياحة في بلدية طهران أمير قاسمي إن البلدية أطلقت 30 حملة سياحية مجانية بشكل يومي طيلة إجازة رأس السنة والعشر الأواخر من رمضان، لكي يزور الإيرانيون المعالم التراثية والمتاحف ومعارض القوميات.

إعلان

ورغم الانتعاشة التي تشهدها إيران بفعل ما يسمى السياحة الرمضانية خصوصا في العشر الأواخر، إلا أن السياحة في البلاد لا تزال تعاني تراجعا منذ ما يعرف باحتجاجات مهسا عام 2022.

مقالات مشابهة

  • مصدر عماني: إيران وامريكا أقرب إلى اتفاق من أي وقت مضى
  • هكذا يتوعد ترامب إيران حال فشل الاتفاق النووي
  • ترامب يتوعد إيران بـالأمور السيئة
  • انطلاق مسيرات يوم القدس العالمي في إيران
  • عراقجي: إيران أرسلت رداً على رسالة ترامب
  • عراقجي: أرسلنا رد إيران على رسالة ترامب عبر سلطنة عمان
  • مساعد خامنئي: إيران لم تغلق الأبواب أمام واشنطن
  • مستشارو ترامب مختلفون حول كيفية احتواء إيران
  • إيران تفتح باب التفاوض مع أمريكا.. ولكن!
  • كيف انعكس الاعتدال الربيعي على السياحة الرمضانية في إيران؟