لافروف: الولايات المتحدة وأوروبا إمبراطورية الأكاذيب واعتادتا على "النظر بازدراء إلى بقية العالم"
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن "نظاما عالميا جديدا يولد أمام أعيننا مباشرة"، حيث يتشكل مستقبل البشرية من خلال "الصراع الحاصل بين الأغلبية العالمية، التي تدعو إلى توزيع أكثر عدالة للمنافع العالمية والتنوع الحضاري، وأولئك القلائل الذين يستخدمون أساليب القهر الاستعمارية الجديدة للحفاظ على هيمنتهم الزائلة".
جاء ذلك في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث قال لافروف إن الولايات المتحدة وأوروبا اعتادتا على "النظر بازدراء إلى بقية العالم" وغالبا ما تقدمان وعودا وتتعهدان بالتزامات لا تفيان بها، واقتبس من الرئيس فلاديمير بوتين وصفه للغرب بأنه "حقا إمبراطورية الأكاذيب" حسب تعبيره.
وشدد وزير الخارجية الروسي على أن القادة الغربيين "انتهكوا تعهداتهم التي تنص على عدم تعزيز أمنهم على حساب أمن الآخرين وعدم السماح بالهيمنة العسكرية والسياسية في أوروبا لأي دولة أو مجموعة دول أو منظمة"، وذلك من خلال توسيع عضوية تحالف الناتو نحو حدود بلاده.
وأشار إلى أن مقترحات روسيا في عام 2021 لإبرام اتفاقيات بشأن ضمانات الأمن المتبادل في أوروبا دون تغيير وضع أوكرانيا خارج التحالف "تم رفضها بوقاحة" وقال إن الغرب استمر في "عسكرة نظام كييف المعادي لروسيا بشكل منهجي".
ووصف التدريبات المشتركة الأخيرة بين الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك اختبار سيناريوهات استخدام الأسلحة النووية على أراضي الاتحاد الروسي، بالـ "غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة".
وأضاف وزير خارجية روسيا أن: "دول الناتو بقيادة واشنطن لا تقوم ببناء وتحديث قدراتها الهجومية فحسب، بل تحاول أيضا نقل المواجهة المسلحة إلى الفضاء الخارجي والمجال المعلوماتي".
واتهم السيد لافروف واشنطن بالعمل على إنشاء "تحالفات عسكرية وسياسية صغيرة تابعة لها" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما "يستهدف روسيا والصين ويهدف إلى انهيار البنية الإقليمية الشاملة التي تطورت حول دول الآسيان. وهذا يخلق خطر ظهور بؤرة متفجرة جديدة من التوتر الجيوسياسي – إلى جانب بؤرة التوتر الأوروبية الساخنة بالفعل".
وأضاف: "هناك انطباع مستمر بأن الولايات المتحدة، و"الجماعة الغربية التابعة لها تماما، قررت إعطاء مبدأ مونرو طابعا عالميا. هذه الخطط وهمية بقدر ما هي خطيرة للغاية، لكن هذا لا يوقف أيديولوجيي النسخة الجديدة من السلام الأمريكي".
وقال السيد لافروف إن حلف الناتو أعلن صراحة أن الشراكة المتنامية بين روسيا والصين تمثل تهديدا له، ويرى أن توسع مجموعة البريكس أمر خطير. ومع ذلك، أكد أن الاتجاه السائد بين "أغلبية دول العالم" هو الرغبة في تعزيز السيادة والدفاع عن المصالح والتقاليد الوطنية و"عدم الرغبة في العيش تحت إملاءات أحد".
وقال إنه ربما للمرة الأولى منذ تأسيس الأمم المتحدة، هناك فرصة لإرساء ديمقراطية حقيقية في الشؤون العالمية، لكن الولايات المتحدة "والجماعة الغربية التابعة لها تواصل توليد الصراعات التي تقسم الإنسانية بشكل مصطنع إلى كتل معادية وتعيق تحقيق الأهداف المشتركة".
وأضاف: "إنهم يبذلون قصارى جهدهم لمنع تشكيل نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب. إنهم يسعون جاهدين لإجبار العالم على اللعب وفقا لقواعدهم الأنانية الضيقة".
وقال إن أحد المظاهر الواضحة "للغرور لدى الأقلية الغربية هو المحاولات المهووسة لإضفاء الطابع الأوكراني على أجندة المناقشات الدولية، مما يدفع إلى الخلفية عددا من الأزمات الإقليمية التي لم يتم حلها، والتي ظل الكثير منها مستمرا لسنوات عدة".
وفيما يخص المنطقة العربية، رحب السيد لافروف بالدور المكثف لجامعة الدول العربية وعودة سوريا إلى صفوفها. كما رحب ببدء عملية التطبيع بين دمشق وأنقرة، وقال إن هذه التطورات الإيجابية تعزز جهود مسار أستانا لتعزيز التسوية السورية على أساس استعادة سيادة البلاد.
كما أعرب عن أمله في أن يتمكن الليبيون من الإعداد لانتخابات عامة بمساعدة الأمم المتحدة في بلد عانى كثيرا "ولم يتمكن، بعد أكثر من 10 سنوات، من التعافي من عواقب عدوان الناتو، الذي دمر دولتهم وفتح الأبواب أمام انتشار الإرهاب في منطقتي الصحراء والساحل".
ووصف التطور المأساوي للوضع في السودان بأنه "ليس أكثر من نتيجة أخرى لتجارب الغرب الفاشلة في تصدير العقائد الديمقراطية والليبرالية إلى هذا البلد".
وقال وزير الخارجية الروسي إن الفلسطينيين ينتظرون منذ أكثر من 70 عاما وعد قيام دولتهم، "إلا أن الأمريكيين، الذين احتكروا عملية الوساطة، يبذلون قصارى جهدهم لمنع ذلك" حسب قوله.
ودعا جميع "الدول المسؤولة" إلى توحيد جهودها من أجل تهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة، مشيرا إلى أن التطبيع الكامل للوضع في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق دون حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال لافروف إن هناك حاجة إلى نوع جديد من الإصلاح في الأمم المتحدة، "حيث لا يوجد قادة وأتباع، ومعلمون وطلاب، ويتم حل جميع القضايا على أساس التوافق، مما يعكس توازن المصالح".
وقال إنه يتم صد الاتجاهات الإيجابية بين الدول النامية من خلال "المحاولات العدوانية المتزايدة من قبل الغرب للحفاظ على هيمنته على السياسة والاقتصاد والمالية العالمية".
وقال: "اليوم، تقف البشرية مرة أخرى، كما حدث في كثير من الأحيان في الماضي، عند مفترق طرق. إن مسار تطور التاريخ يعتمد علينا فقط. من المصلحة المشتركة منع الانزلاق إلى حرب واسعة النطاق ومنع الانهيار النهائي لآليات التعاون الدولي التي أنشأتها أجيال أسلافنا".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجمعية العامة للأمم المتحدة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة وأوروبا الأسلحة النووية الولایات المتحدة لافروف إن وقال إن
إقرأ أيضاً:
كيف خدع الأسد مساعديه في القصر الجمهوري قبل فراره إلى روسيا؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا، عن اللحظات الأخيرة في عمر نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، مشيرة إلى أنه مع تقدم المعارضة نحو دمشق في 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، كان الطاقم في القصر الجمهوري مشغولا بالتحضير لخطاب كان من المؤمل أن يؤدي إلى حل سلمي للحرب الأهلية السورية.
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة أشخاص مطلعين، أنّ "مساعدي الأسد كانوا يتبادلون الأفكار حول الرسائل الواجب تضمينها في الخطاب. وكان فريق تصوير قد نصب كاميرات وأضواء في مكان قريب. وكانت محطة التلفزيون السورية التي تديرها الدولة مستعدة لبث المنتج النهائي: خطاب الأسد يعلن فيه عن خطة لتقاسم السلطة مع أعضاء المعارضة السياسية".
وبحسب أحد المطلعين على القصر الرئاسي الذي يقع مكتبه بالقرب من مكتب الرئيس، فإن الأسد الذي حكم بالخوف والنار لم يظهر أي علامة انزعاج لموظفيه، وذلك من خلال عمله من القصر. وقال المصدر المطلع إن دفاعات العاصمة تم تعزيزها، بما في ذلك من قبل الفرقة الرابعة المدرعة القوية في الجيش السوري، بقيادة شقيق الرئيس، ماهر الأسد.
وذكرت الصحيفة أنه "تم خداعهم جميعا، وبعد غروب الشمس، تسلل الرئيس خارجا من العاصمة وطار سرا إلى قاعدة عسكرية روسية على الساحل السوري ومن ثم إلى موسكو"، وذلك حسب ستة مسؤولين إقليميين ومسؤولي أمن.
ولفتت إلى أن "ماهر الأسد هرب يائسا في ذلك المساء مع عدد من القيادات العسكرية البارزة وقطعوا الحدود إلى الصحراء العراقية، حيث لا يعرف مكان وجودهم، حسب مسؤولين عراقيين".
وقال مصدر مطلع إن "بشار الأسد غادر بلاده في سرية تامة حتى أن بعض مساعديه ظلوا في القصر لساعات بعد مغادرته، في انتظار خطاب لم يلق بعد. وبعد منتصف الليل، وردت أنباء تفيد برحيل الرئيس، ففروا في حالة من الذعر، تاركين أبواب القصر مفتوحة على مصراعيها لقوات المعارضة التي اقتحمته بعد بضع ساعات".
ووفقا لتقارير سرية اطلعت عليها "نيويورك تايمز"، فقد "أنهى هروب الأسد حكم عائلته على سوريا والذي امتد لأكثر من خمسين عاما، وهي فترة اتسمت بالديكتاتورية والقمع والقتل. وقد حاول الأسد في أيامه الأخيرة الحصول على مساعدة عسكرية من روسيا وإيران والعراق وبدون جدوى حيث وثقت أجهزة الاستخبارات العسكرية التابعة لجيشه انهيار قواته المتتابع".
وسعى دبلوماسيون من عدة دول إلى إيجاد طرق لإبعاده عن السلطة سلميا، من أجل تجنيب مدينة دمشق القديمة معركة دامية للسيطرة عليها، وذلك حسب أربعة مسؤولين بالمنطقة شاركوا في المحادثات.
وقال أحد المسؤولين إن أحد المقترحات هي تسليم السلطة إلى قائد الجيش، ما يعني القبول وبشكل فعلي بانقلاب ضده.
وبنت الصحيفة روايتها عن سقوط الأسد، والذي أصبح معظمها معروفا، من خلال مقابلات مع سوريين وإيرانيين وعراقيين وأتراكا، إلى جانب دبلوماسيين في دمشق ومقربين من الأسد ومعارضة شاركت بالإطاحة به.
ويحرس مقاتلو المعارضة القصر الجمهوري الآن، أما بيته فقد نظف ما فيه النهابون، وسط غضب السوريين الذين ظلوا موالين له طوال الحرب، حيث تركهم بدون كلمة وسلمهم لمصير مجهول.
وقال مقرب من القصر الذي فر قبل لحظات من دخول المعارضة عن الأسد: "ضحيت من أجل سلامتك الشخصية بكل الشعب". ولا يزال الشخص الذي اختبأ في دمشق من سادة العاصمة الجدد غير فاهم أو لا يستطيع فهم هروب الرئيس المفاجئ ويضيف: "إنها خيانة لا أصدقها".
وبناء على رواية ستة مسؤولين إيرانيين، فقد واصل المسؤولون الإيرانيون الدعوة لحل دبلوماسي، لكن القيادة في طهران، خلصت إلى نتيجة وهي أن الأسد لن ينجو، وبدأت إيران وبهدوء سحب الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين من دمشق.
وفي مذكرة داخلية للحرس الثوري اطلعت عليها الصحيفة: "أخبرونا أن المقاتلين سيصلون إلى دمشق بحلول يوم السبت ولا توجد خطة للقتال. إن الشعب السوري والجيش غير مستعدين لحرب أخرى. لقد انتهت".
وبحسب المصدر من القصر، فإن الشعور بالذعر لم يصل بعد إلى القصر . وكان الأسد ومساعدوه في مكاتبهم يحاولون إدارة أزمة لم يدركوا خطورتها.
وقال: "كان الناس لا يزالون يرسمون السيناريوهات، ولم يقترح أحد فكرة سقوط دمشق".
وأمضى موظفو القصر اليوم في انتظار الخطاب الذي كان من المفترض أن يسجله الأسد، على أمل أن يوقف تقدم المتمردين بطريقة أو بأخرى. وقال المصدر المطلع: "كان هناك الكثير من الناس في القصر الذين قالوا إن الوقت قد حان لظهوره، لدعم الجيش وطمأنة الناس".
ولكن التصوير كان يتأجل باستمرار دون تفسير. وقال المصدر المطلع إنه بحلول الغسق، لم يعد أحد من الموظفين متأكدا من مكان الأسد.
وفي ذلك المساء، دخلت المعارضة حمص، ما أدى إلى تفاقم المخاوف من أن دمشق هي التالية. وقال المصدر المطلع في القصر إنه "بعد سقوط حمص، أصبح كل شيء متوترا جدا للغاية ولم يكن أحد يعرف شيئا، لا في القصر ولا خارجه".
وكان الأسد قد اختار العيش في فيلا بحي المالكي ولم يسكن العديد من القصور المتوفرة. وقال السكان إنهم سمعوا الجنود وهم يصرخون "الهريبة، الهريبة، لقد وصلوا"، وتذكر جار للأسد صراخهم "لعنة الله عليه لقد تركنا".
وسادت الفوضى في فرع الاستخبارات الجوية في أماكن أخرى من المدينة، وبحسب جندي لم يذكر سوى اسمه الأول، محمد، قال إنه مع اقتراب المعارضة، جاءت الأوامر للدفاع عن العاصمة. لكن الجنود رأوا على هواتفهم صورا لرفاقهم في أماكن أخرى وهم يخلعون زيهم العسكري ويهربون.
وبحلول الليل تغيرت الأوامر. وقيل لهم حسبما يتذكر محمد: "احرقوا كل شيء: الوثائق والملفات والأقراص الصلبة. في هذه اللحظة، شعرت أنا وزملائي جميعا أن النظام ينهار"، وقال إنه ارتدى ملابس مدنية وخرج. وفي داخل القصر، مرت الساعات بينما كان مساعدو الأسد ينتظرون الخطاب، كما يتذكر المصدر المطلع و "لم تخطر ببالي فكرة فراره أبدا".
وفي منتصف الليل تلقى مكالمة قالت إن الرئيس هرب، ثم جاء رئيس الأمن بالمنطقة وأخبره أن الحرس فروا وأنه سيغادر. وتسلل الخوف للمصدر حيث سارع إلى سيارته حيث كان القصر هادئا والبوابات مشرعة، وتوصل لنتيجة أن الخطاب لم يكن سوى حيلة لحرف انتباه المسؤولين في القصر حتى يتسلل الأسد هاربا و"لقد خدعنا" و "هل لا يزال محبوبا بين شعبه، لا، على العكس لقد خاننا".