صراحة نيوز:
2025-04-18@20:33:49 GMT

حالة إنكار

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

حالة إنكار


صراحة نيوز- حاتم الكسواني

ليس أسوأ  من الإنسان الذي يعيش حالة إنكار  للقرارات والأحداث والحقائق التي يرفضها والتي يتمنى عدم  حدوثها .

ويبدو أن  معظم افراد مجتمعنا يعيشون حالة الإنكار هذه لدرجة انه يمكننا أن ندرجها تحت عنوان “السلوك المرضي” فمثلا يمكننا ملاحظة كثير من السائقين في شوارعنا مازالوا يستخدمون هواتفهم أثناء القيادة ، ويعاكسون السير ، و يقطعون الإشارات الضوئية وهي حمراء .


وهذا يشكل حالة إنكار لصدور قانون السير ، فالأصل في سلوكنا السوي أن نحترم القانون وإن كنا نتمنى عدم صدوره ونرى عدم العدالة فيما جاء به  .

شغب الملاعب حالة إنكار لقيمنا الرفيعة ومشاعر الأخوة النبيلة التي شكلت ركائز قوة مجتمعنا عبر الزمان .

إطلاق الأعيرة النارية وقتل الآخرين من أبناء مجتمعنا حالة إنكار للحقيقة العلمية التي تؤكد بأن الاعيرة النارية ترتد  بنفس قوة إنطلاقها من أقصى مسافة تصلها في عنان السماء ولابد أن تستقر خلال عودتها في جسم ما ، وهي عادة تشكل حالة إنكار لقناعاتنا بعدم قتل النفس البشرية دون وجه حق .

وحالة إنكار أخرى متفشية في مجتمعنا وتتمثل بإنكار كثير منا لتفوق الآخرين علينا ، وتميزهم عنا،  الذي نرده للواسطة والمحسوبية وصلة القربى و لكل الأسباب إلا سبب انهم اكفأ وأفضل منا ،ونبدأ  بمهاجمتهم وتقريعهم ومحاربتهم بشكل ممنهج في محاولة لإسقاطهم وإثبات سلامة ظننا بهم .

اما أخطر وأسوأ حالات الإنكار فهي حالة الإنكار الوطني عندما نتملص من دورنا في خدمة الوطن  والحفاظ عليه وعلى مقدراته  وممتلكاته والدفاع عن قضاياه وثوابته واولوياته ، فنبذل من أجله أرواحنا واموالنا و كل غال ونفيس مما نملك. و لا نسلك أي سلوك سلبي يؤذيه وينال من سمعته وقيمته بين الأمم .

جلد الذات الوطنية حالة إنكار لقدرة الوطن  على التطور والتقدم  والمنافسة في كل القطاعات … فنحن ننكر أن  قطاعاتنا الصناعية و الصحية والتعليمية والعلمية و الزراعية  والتجارية و الخدمية قادرة على المنافسة والتفوق ، ولا نعمل على دعمها ومؤازرتها

إعادة رواية أعدائنا حول تخلفنا وضعف نفوسنا حالة إنكار لوجود كثير من الشرفاء والمناضلين الذين يعشقون اوطانهم أكثر من حبهم لأنفسهم .

التطبيع مع عدونا الصهيوني  على حساب قضيتنا المركزية”  قضية فلسطين ” حالة إنكار لحقنا الأبلج وثوابت الأجداد ومشاعرهم النبيلة إتجاهها  ، وانكار لقدرتنا على المقاومة وتحقيق النصر السياسي والعسكري إذا أقتضت الضرورة …  فالتطبيع مع عدونا الصهيوني بحجة أن الفلسطينيين اول من طبع معهم حالة إنكار لواجباتنا في ترجمة قناعاتنا  ، لأن واجب كل منا أن يقوم بواجبه بمثالية وان لا يقيس على الآخر ، وإن كان فريق من الفلسطينيين قد إختار طريق التطبيع ، فهناك فرق أخرى رفضت التطبيع وقاومته وفي النهاية ” كل إناء ينضح بما فيه ” .

أن حالة الإنكار التي تصيبنا  لا يمكن لها أن تشكل حالة إيجابية تدفعنا إلى الأمام ،بل انها مكون من مكونات قوى الشد العكسي التي تبقينا في حالة التخلف والتراجع إلى الخلف

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة

إقرأ أيضاً:

السودان وتشاد: الفرصة التي لا ينبغي تفويتها

تدخل الحرب المفروضة على السودان وشعبه عامها الثالث، وقد تغيّر كثيرٌ من معالم المعركة، وتغيّر ميزان القوى في ميدان القتال، وأثّر ذلك على مواقف الفاعلين الإقليميين والدوليين بشكل ملحوظ.

فقد أدّت انتصارات القوات المسلحة السودانية الباهرة، والهزيمة النكراء التي لحقت بمليشيا الدعم السريع، إلى فرض إرادة الدولة السودانية التي كادت أن تُختطف، وتعزّزت السردية الحقيقية لهذه الحرب، والتي تهدف إلى السيطرة على الدولة، وتهجير سكانها وفرض واقع اجتماعي مختلف تمامًا. ويؤكد ذلك ممارسات مليشيا الدعم السريع غير الأخلاقية تجاه المدنيين الأبرياء وممتلكاتهم.

وغالبًا ما تدفع التحولات الجيوسياسية الكبيرة في الصراعات كل اللاعبين الفعليين والثانويين إلى إعادة التموضع، ومحاولة تلمُّس الخطى واستبانة الطريق القويم.

ولما كانت السياسة لا تعرف العداءات الدائمة، فإن مراجعة الدول لسياساتها وتصحيح مواقفها يُعتبر من الحكمة الدبلوماسية والفطنة السياسية المحمودة، وهي سُنّة ماضية في السلوك السياسي للأنظمة والدول.

ولما نشاهده اليوم من أن كثيرًا من الدول والجماعات تسعى لتصحيح موقفها من الحرب المفروضة على الدولة والشعب السوداني، فإن هذا المقال هو نداء صارخ لكل من السودان وتشاد لتصفير المشكلات، وإعادة ضبط إيقاع العلاقة التاريخية بينهما، والعودة إلى الوضع الطبيعي لهذه العلاقات، التي ظلّ التعاونُ والتكامل وحسن الجوار هو الأصلَ فيها، والخلاف والنزاع شأنًا عابرًا.

إعلان الثابت والمتغير في العلاقات

من أهم الثوابت في هذه العلاقة أنها علاقات قديمة ضاربة الجذور في التاريخ والثقافة والموروث الاجتماعي بين المجموعات العرقية والقبائل المشتركة، وهي علاقة ذات ديناميكية اجتماعية متجددة.

يربط السودان وتشاد حدود طويلة تزيد عن 1.400 كيلومتر، وهي أطول حدود تربط السودان بدول جواره السبع بعد حدوده مع دولة جنوب السودان.

والحدود بين البلدين مفتوحة لا تعيقها تضاريس وعرة، مما جعل حركة السكان سهلة وميسّرة ويصعب السيطرة عليها. فهي أرض شاسعة، منبسطة وخصبة، تمتد في شكل حزام طويل واسع ومتداخل من منطقة موندو وأبشي وأدري في تشاد، مرورًا بولايات دارفور وحتى غرب كردفان في السودان.

هذا السهل الشاسع تسكنه أكثر من عشرين قبيلة مشتركة بين البلدين، ولها امتدادات اجتماعية عميقة، تعززت بالزواج والمصاهرة والنظم والتقاليد القبلية الصارمة لدى هذه المجتمعات.

وفي الواقع، فإنّ التداخل القبلي والاندماج المجتمعي والتواصل الأسري الميسور بين مواطني السودان وتشاد هو حالة متفرّدة، بالنظر إلى علاقات السودان مع جميع جيرانه الآخرين.

الثوابت القوية والمتعددة في العلاقة بين البلدين جعلت الأصل في العلاقة بينهما هو التعاون والتكامل والتنسيق في كل المجالات، وجعلت العداء هو الاستثناء.

وباستعراض تاريخ البلدين نجد أن الدبلوماسية السودانية ظلّت دومًا ناشطة وفاعلة في تعزيز العلاقات بين البلدين وفي ترسيخ السلم والأمن في تشاد، أثناء الحروب الطويلة التي شهدتها منذ استقلالها عن فرنسا في العام 1960، وحتى وصول الرئيس الراحل إدريس ديبي إلى السلطة في العام 1991، وهي أطول فترة استقرار نسبي تعيشها تشاد في تاريخها المعاصر.

وقد أسهم السودان بشكل كبير في استقرار تشاد، واستضاف العديد من مؤتمرات السلام والمصالحة بين الفرقاء التشاديين.

لذلك، فإنّ حالة الجفاء التي سادت العلاقات بين السودان وتشاد بسبب الحرب المفروضة على السودان، هي حالة عابرة، لأنّها تنافي ثوابت العلاقة التاريخية بين البلدين.

إعلان

ومن مصلحة قيادة وشعب البلدين التحلّي بالشجاعة والكياسة السياسية للعودة بالعلاقات إلى طبيعتها المسالمة، والطريق الأسهل لذلك هو العمل على تصفير المشكلات، مهما كان دافعها.

تشاد ومعضلة الأمن والاستقرار

يؤكد تاريخ جمهورية تشاد المعاصر أنها دولة مليئة بالاضطرابات والنزاعات والصراعات السياسية والأمنية منذ الاستقلال وحتى اليوم. يُعتبر الرئيسُ فرانسوا تمبلباي، أبا الاستقلال وأول زعيم للدولة الحديثة، لكنه لم يكن محل إجماع وطني، مما دفع القوميات الشمالية إلى الثورة.

وهكذا بدأت الحرب في الدولة الوليدة منذ العام 1963 تقريبًا، واستمرت سلسلة الحروب والتمرّد والعصيان على الدولة حتى يوم الناس هذا.

وتختلف الصراعات والحروب في تشاد عن نظيرتها في السودان، حيث ينحصر الصراع في السودان في إقليم معين، وغالبًا في الأطراف، ولا يكاد المواطن العادي في العاصمة والمدن الكبرى يشعر بذلك. ولم تنجح أي حركة تمرّد على الدولة في تاريخ السودان في الوصول إلى العاصمة، أو انتزاع السلطة المركزية بقوة السلاح.

بالمقابل، فإن الحروب في تشاد تستهدف العاصمة مباشرة، وتنتزع السلطة في المركز بالقوة، وتقوم بإعادة بناء الدولة من جديد. هكذا فعلت حركة فرولينا بقيادة جوكوني عويدي، التي أسقطت نظام الرئيس مالوم وسيطرت على العاصمة، وحكمت تشاد بقوّة السلاح.

وعلى ذات النهج سار الدكتاتور حسين حبري، الذي تمرّد على جوكوني ونظّم حرب عصابات قوية استطاعت أن تُسقط الحكومة المركزية، وتدخل بالقوّة إلى العاصمة نجامينا، وتستبيحها، وحكم حسين حبري بقوة الحديد والنار حتى أطاح به وزير دفاعه الجنرال إدريس ديبي في العام 1990 بثورة مسلّحة.

إن حالة الفوضى والاضطراب السياسي المتكرر في تشاد أدّت إلى هشاشة الدولة، وضعف المؤسسات المدنية والعسكرية، وطغيان الروح القبلية، لأن كل حركة كانت تعتمد على قبائل بعينها تُشكّل العمود الفقري لقواتها.

إعلان

ويؤكد ذلك أنه، ومنذ استقلال تشاد عن فرنسا في العام 1960، جرت استباحة العاصمة نجامينا ثلاث مرّات، وحُلّ الجيش الوطني ثلاث مرّات، وأُعيد بناء الخدمة المدنية ثلاث مرّات على الأقل.

أما النقطة الأهم، والجديرة بالنظر، فهي أنّ كل الحركات التي نجحت في انتزاع السلطة في نجامينا جاءت عن طريق شرق تشاد، أي غرب السودان.

ويعلم العسكريون جيدًا أن الحدود الوحيدة التي يمكن أن تهدد الأمن والاستقرار في تشاد هي حدودها مع السودان. ويؤكد ذلك أنه طوال تاريخ تشاد المضطرب لم تسلك أي حركة عسكرية الحدود الجنوبية مع أفريقيا الوسطى، بل إن ليبيا القذافي، وفي صراعها الطويل مع تشاد، احتلت شريط أوزو، وتمدّدت في المناطق الصحراوية في شمال تشاد، ولكنها لم تنجح في الوصول إلى العاصمة. حتى هزمها وزير الدفاع حينها، إدريس ديبي، في معركة مشهورة أكدت العبقرية العسكرية لهذا القائد التشادي، وجرى القبض على الجنرال خليفة حفتر، قائد القوات الليبية، في شريط أوزو، قبل أن يُفرج عنه في صفقة معروفة.

تمدّد الحركات السالبة

تواجه تشاد تحديات أمنية كبيرة في منطقة حوض بحيرة تشاد، وذلك بسبب النشاط المتزايد لجماعة بوكو حرام وأخواتها من الحركات السالبة. وقد ساهمت السياسات الخاطئة التي اعتمدتها الدول المتشاطئة على البحيرة في تعظيم نفوذ هذه الجماعة الإرهابية.

وبالرغم من أنّ الحركات السالبة في منطقة البحيرة وعلى امتداد الحدود بين تشاد والنيجر من جانب، وبين تشاد والكاميرون ونيجيريا من جانب آخر، تُعتبر مهددًا لكل دول منطقة الساحل، فإن تشاد تعاني أكثر من الدول الأخرى، وذلك ربما لأنّ جيشها هو الأكبر في المنطقة بعد نيجيريا، وقد قام بعمليات كبيرة ناجحة ضد هذه الجماعات، مما جعلها تستهدف تشاد بشكل أكبر.

ومن شأن استمرار التوتر والحروب في ولايات دارفور، أن يشكل مهددًا أمنيًا إضافيًا لمناطق شرق تشاد المكتظة بالسكان، ومثل هذا الجو الموسوم بالانفلات الأمني يمكن أن يشجع جماعة بوكو حرام وأخواتها على التمدد إلى جبهة شرق تشاد، وحينها ستُشكل تهديدًا أكبر، لا سيما في ظل حالة السيولة الأمنية في الحدود بين تشاد وأفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى الوجود القديم والمستمر لحركات معارضة تشادية في المناطق الصحراوية الشمالية.

إعلان

إن تعدد بؤر التوتر في تشاد سيؤدي إلى تشتيت جهود المؤسسات العسكرية والأمنية، مما يهدد بقاء الدولة المركزية.

خيارات تجارية أكبر

ومن شأن الخلاف السياسي والمشكلات المتصاعدة بين تشاد والسودان أن يحرما تشاد من تعظيم تعاونها التجاري والاقتصادي مع السودان، وهو تعاون مهم ومربح ومفيد جدًا لكلا البلدين، لكنه أكثر أهمية لتشاد لأنها دولة حبيسة.

وقد شهد التعاون الاقتصادي تطورًا كبيرًا في عهد الرئيس السابق إدريس ديبي إتنو، لدرجة أنه بدأ التفكير عمليًا في إنشاء خط أنابيب ناقل للبترول التشادي عبر ميناء بورتسودان.

وقام الرئيس التشادي بعدة زيارات إلى بورتسودان لتخصيص ميناء للواردات والصادرات التشادية، وبدأت فعليًا عملية نقل الواردات التشادية عبر ميناء بورتسودان إلى ميناء أدري الجاف في عام 2016.

وتفيد الدراسات التي أُجريت أن استخدام تشاد ميناءَ بورتسودان يقلل مدة وصول البضائع إلى نصف المدة، مقارنة مع الطريق الحالي الذي تستخدمه تشاد عبر ميناء دوالا في الكاميرون.

وفي الواقع، فإن فكرة استخدام تشاد ميناءَ بورتسودان فكرة قديمة بدأت فور استقلال تشاد، حيث وقّع الرئيسان التشادي فرانسوا تمبلباي والسوداني إسماعيل الأزهري مذكرة تفاهم؛ لتعبيد الطريق البري بين البلدين من نيالا إلى أبشي في تشاد، وذلك في عام 1967.

أزمة المجال الحيوى السوداني

تؤثّر الخلافات بين تشاد والسودان بشكل كبير على السودان أيضًا، ويشمل ذلك التأثير المجالَ الأمني والاقتصادي والثقافي والاجتماعي على السواء، لكنه في المقام الأول يؤثر على تمدد النفوذ السوداني نحو منطقة الساحل الأفريقي الممتدة من تشاد وحتى تخوم المحيط الأطلسي في السنغال وموريتانيا. وهذه قضية ذات بُعد إستراتيجي يجب ألا يهملها صانع القرار السياسي السوداني.

معلوم أن لكل بلد نطاقًا حيويًا يؤثر فيه بشكل واضح ويُعدّ منطقة نفوذ أساسية، تخدم رؤيته ومصالحه الإستراتيجية في المنطقة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الولايات المتحدة الأميركية، مهما عظم نفوذها في العالم، تعتبر أن أميركا الجنوبية هي منطقة نفوذ حيوي لها، والصين مهما تمددت لن تسمح بالمنافسة في بحر الصين الجنوبي، وكثير من الصراعات الدولية الكبيرة – كما في أوكرانيا الآن – إنما هي في المقام الأول للحفاظ على مناطق النفوذ الحيوي التي يُعدّ الحفاظ عليها جزءًا من الحفاظ على الأمن القومي.

إعلان

وبالنظر إلى السودان، فإن مجاله الحيوي القاري يمتد شرقًا وغربًا وليس شمالًا وجنوبًا كما يعتقد البعض. وإذا كان الأمر كذلك، فإن تشاد تمثل البوابة الأساسية لانفتاح السودان نحو نطاقه الحيوي الخصيب في غرب أفريقيا عامة ودول الساحل الأفريقي خاصة.

إن التأثير الثقافي والاجتماعي للسودان على دول الساحل الأفريقي كبير جدًا وملحوظ، وله جذور تاريخية ضاربة تعود لحقبة الحضارة النوبية الأولى في شمال السودان، وهناك شواهد كثيرة على ذلك يضيق هذا المقال عن ذكرها.

ويستطيع السودان أن يلعب دورًا أكثر حيوية في هذه المنطقة ثقافيًا واقتصاديًا وأمنيًا. من أجل ذلك، وحتى لا يعزل السودان نفسه عن نطاقه الحيوي، فإن الحفاظ على علاقات التعاون وحسن الجوار مع تشاد يكتسب أهمية إستراتيجية بالغة.

الأمن لا يتجزأ

كما هو معلوم، فإن الأمن كل لا يتجزأ، لأن أمن جارك من أمنك، بل إن أمن الإقليم الذي تنتمي إليه هو جزء من أمنك، لأننا نعيش في عالم متداخل، والعلاقات فيه متشابكة.

لقد أكدت الحرب الجارية في السودان الآن صدق هذه المقولة، فقد ظل إقليم الساحل الأفريقي ساحة مليئة بالنزاعات والصراعات المختلفة، مما ساعد في ظهور حركات سالبة عابرة للحدود، وتطورت الجريمة المنظمة، وأصبحت تجارة الأسلحة غير المشروعة وتهريب البشر والجماعات المسلحة المستعدة لبيع بندقيتها لمن يدفع، ظاهرة بارزة في المنطقة.

وربما لم يكن المواطن السوداني البسيط في قرى ولاية الجزيرة يتوقع يومًا أن هذه الجماعات البعيدة جغرافيًا عنه، يمكن أن تصبح مهددًا حقيقيًا لأمنه، وتُصوّب بندقيتها المأجورة لإخراجه من داره والسيطرة على ماله وممتلكاته.

لقد كان هناك قادة عظام في كل من تشاد والسودان أدركوا أهمية، بل قدسية، علاقات حسن الجوار بين بلديهما وشعبيهما، من أمثال فرانسوا تمبلباي، وإدريس ديبي، وجعفر نميري، وعمر البشير، كانوا يتغاضون عن الخلافات الصغيرة من أجل المصالح الكبيرة.

إعلان

ويشهد على ذلك أنه رغم حدة الأزمة الأمنية بين البلدين في عام 2008، بعد عملية الذراع الطويلة، وعملية محاصرة قصر الرئاسة في نجامينا، فإن البلدين سرعان ما تجاوزا هذه الأزمة، وعَمِلا على تطويقها باعتماد أكبر مبادرة لتعزيز الأمن الجماعي، وهي تجربة قوات الحدود المشتركة.

وتُعدّ تجربة القوات المشتركة لمراقبة وحفظ أمن الحدود بين تشاد والسودان، التي بدأت في عام 2010، واحدة من أهم مبادرات التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، وقد أتاحت الحدود الآمنة سهولة انسياب حركة البضائع والبشر، وعزّزت التعاون المشترك بشكل غير مسبوق.

وفي هذه المرحلة الحرجة التي تمرّ بها علاقات البلدين، فإن الثوابت المشتركة والعميقة بينهما كفيلة بفتح آفاق جديدة، أكبر وأوثق، للتعاون والشراكة وحسن الجوار، يبدأ ذلك بتصفير المشكلات العالقة.

وهذا ليس عسيرًا إذا توفرت الإرادة السياسية، والابتعاد عن الاعتماد على الخارج، لأن قبول أجندة الخارج له ثمن، وربما يكون صعبًا ومكلفًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • نعيم قاسم: الفرصة التي نمنحها للدبلوماسية ليست مفتوحة
  • أحمد بن سعيد: «روّاد العطاء» يعبّر عن روح التكاتف والتلاحم في مجتمعنا
  • العبيدي: أغلقوا باب 170 من السفارات والملحقيات العبثية التي تهدر المال العام
  • أردوغان: يجب أن تنتهي حالة الجنون هذه التي تهدد دول المنطقة
  • السودان وتشاد: الفرصة التي لا ينبغي تفويتها
  • عصام سالم: الزمالك خسر كثيرًا برحيل جوزيه جوميز عن تدريب الفريق
  • سوريا.. “إنكار الجرائم الأسدية” يطيح بسلاف فواخرجي من نقابة الفنانين
  • شطب قيد سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين في سوريا لـإصرارها على إنكار الجرائم الأسدية
  • مصر تدين المخططات الإرهابية التي تهدف المساس بأمن واستقرار الأردن
  • هل الدعاء يرد القضاء فعلا؟ اعرف هذه الكلمات التي لا ترد