خبراء لـ24: تساؤلات حول مفاوضات سد النهضة وتحذير من "كارثة"
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
انطلقت في أديس أبابا، السبت، جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة بحضور الوزراء المعنيين من مصر، والسودان، وإثيوبيا، ووفود التفاوض من الدول الثلاث، ولا تزال التساؤلات قائمة: ماذا يعني استئناف المفاوضات؟، وهل ستفضي إلى اتفاق، أم ستكون مثل الجولات السابقة؟.
وهذه الجولة من المفاوضات تأتي استكمالاً للجولات التفاوضية التي بدأت في القاهرة يومي ٢٧ - ٢٨ أغسطس (آب)، بناءً على توافق الدول على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة خلال 4 أشهر، في أعقاب لقاء قيادتي مصر وإثيوبيا في ١٣ يوليو (تموز) الماضي.
بدء جولة جديدة من مفاوضات #سد_النهضة في #أديس_أبابا https://t.co/1cWcS3Tihi
— 24.ae (@20fourMedia) September 23, 2023
من جانبه، أكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن انطلاق الجولة الجديدة من مفاوضات سد النهضة، جاء دون إعلان مسبق بموعدها رغم الإعلان أنها ستكون أواخر سبتمبر (أيلول) الجاري، كما حدث من قبل مع جولة المفاوضات السابقة في القاهرة، التي تم الإعلان عن انطلاقها بشكل مفاجئ أيضاً.
وقال شراقي لـ24: "كنا نتوقع أن تكون هناك تهيئة للأجواء، وخط سير لكيفية سير المفاوضات، وهل ستشارك أطراف دولية أم لا، في المفاوضات السابقة كانت هناك أطراف دولية ولكنهم كانوا مراقبين فقط، ولم يكن لهم دوراً فاعلاً، ومصر والسودان طالبا بأن يكون دور الأطراف الدولية أكثر فاعلية، ومجلس الأمن أوصى بوجود أطراف دولية لتسهيل عملية التفاوض والتوفيق بين الآراء".
وتابع "فجرت إثيوبيا مفاجأة في المفاوضات السابقة بطلب حصة من المياه التي تحصل عليها مصر والسودان، وهذا ما زاد الأمر تعقيداً، وأخذ المفاوضات في منحى آخر، كما أن عدم وجود تهيئة مناخ للمفاوضات يظهر أن التوصل لاتفاق أمر ليس سهلاً".
وأضاف "تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا آبي احمد الأخيرة حول سد النهضة غير صحيحة بالمرة، سواء في حديثه عن أن الملء الرابع لن يضر بمصر والسودان، أو حول حديثه أن إثيوبيا دولة تحترم جيرانها وتحافظ عليهم، فإثيوبيا لها مشاكل متعددة مع كل جيرانها، فهناك نزاع مع السودان حول أرض الفشقة، ومع كينيا بسبب السدود، ومع الصومال باحتلال إقليم أوجادين، ومع إريتريا، وخلافات حدودية مع جنوب السودان، وبذلك فإن إثيوبيا لها خلافات وصراعات ونزاعات مع كل جيرانها، عكس ما يدعي آبي أحمد".
وأشار أستاذ الموارد المائية، إلى أن الكثير من المناطق على النيل الأزرق في السودان توقفت عن الزراعة بسبب الملء الرابع لسد النهضة، ورأينا جفاف في السودان وخزانات السدود شبه خاوية هناك، ومصر لم يصلها أي مياه من النيل الأزرق هذا العام، والموسم على وشك الانتهاء بعد أيام، كل هذا ورئيس الوزراء الإثيوبي لا يرى أي ضرراً على مصر والسودان بسبب سد النهضة، فكيف ذلك؟.
وزير الخارجية المصري: نرفض أي إجراءات أحادية الجانب في إدارة الموارد المائية عبر الحدود وعلى رأسها #سد_النهضة pic.twitter.com/jB7ly04R3P
— 24Live (@20fourLive) September 23, 2023مفاوضات الفرصة الأخيرة
واختتم شراقي حديثه، قائلاً: "هذه الجولة من المفاوضات "فرصة أخيرة"، إذا لم يتم التوصل لاتفاق وهذا هو الأقرب من وجهة نظري، سيكون ليس أمام مصر سوى الذهاب لمجلس الأمن للمرة الثالثة والأخيرة، ليقوم بدوره، لأن هذا السد أصبح تهديداً حقيقياً لحياة شعوب، كما أنه يمثل "قنبلة مائية"، خاصةً بعدما رأينا ما حدث في درنة الليبية، بعد انهيار سدود صغيرة ليست بحجم سد النهضة".
وقال شراقي: "الأمر الآن ليس قضية مياه، لكنها قضية مصير شعوب، فمصر والسودان تدافعان في هذه القضية عن حياة الشعبين، وهذه هي وظيفة مجلس الأمن، بحماية الأمن والسلم في العالم".
من جهته، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي، أن إثيوبيا في أزمة داخلية وعادة الدول في أوقات الضعف داخلياً تسعى لتعويضها في معركة بالسياسة الخارجية.
الأزمة سياسية
وقال السفير بيومي لـ24: "الموقف بخصوص سد النهضة ليس فنياً، بل سياسياً، وهناك نوع من السذاجة السياسية لدى الجانب الإثيوبي، فبالتالي لو هناك أُذن تدرك حقيقة الأمور، فمن الممكن أن تستمع إثيوبيا للنصيحة، وأعتقد أن كل الدول التي لها علاقة مع إثيوبيا قدمت لها النصيحة في هذا الشأن".
وتابع "من الناحية الفنية ليس هناك تعارضاً بين مصالح مصر المائية ومصالح إثيوبيا، فإثيوبيا أقامت السد من أجل توليد الكهرباء، ومصر على استعداد لشراء هذه الكهرباء، فهناك محاولة لدى الجانب الإثيوبي لإظهار أنه في موقف أقوى من مصر، وهذا سذاجة سياسية".
وأضاف "لم يحدث أي شئ حتى الآن يضر بمصر، ولكن تبقى مشكلتان، الأولى قرار إثيوبيا مضاعفة القدرة الاستيعابية للسد، ما يمثل ضغطاً مائياً على المنطقة، قد يؤدي إلى إحدى كارثتين، إما أن يتسبب في زلزال، أو في أن التربة الطفلية لا تتحمل المياه وينهار السد".
محكمة العدل الدولية
ونوه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إلى أن مصر لم تخف أنها تحتفظ بحقها في جميع البدائل، وفقاً للقانون الدولي الذي ينظم إدارة الأنهار، التي تعبر عدداً من الدول، والقانون في صالح مصر في هذا الشأن، وقد تذهب مصر لمحكمة العدل الدولية، أو الأمم المتحدة مرة أخرى.
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن سلامة، أن فكرة المفاوضات في حد ذاتها، إلى أمد غير منظور وغير واضح المعالم وغير واضح الأهداف، تحتاج إلى إعادة نظر.
وقال سلامة لـ24: "مصر دائماً تمد يدها بفكرة التنمية للجميع، لكن من الواضح جداً أن ذلك يحتاج إلى مراجعة، لأنه ليس كل الدول تأخذ ذلك على محمل الجد، والإعلان عن الملء الرابع وتصريحات آبي أحمد تظهر تعارض المصالح بين مصر وإثيوبيا".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني سد النهضة أزمة سد النهضة مفاوضات سد النهضة أديس أبابا مصر إثيوبيا مصر إثيوبيا مصر والسودان أطراف دولیة سد النهضة
إقرأ أيضاً:
استراتيجية تفاوضية.. باحثة في الشأن الافريقي تستبعد اندلاع حرب بين إثيوبيا وإريتريا
استبعدت إيمان الشعراوي، الباحثة المتخصصة في الشأن الإفريقي، تطور الصراع بين إثيوبيا وإريتريا إلى حرب شاملة، موضحة أن هناك عدة أسباب رئيسية لذلك، أبرزها التكلفة الاقتصادية الضخمة لهذه الحرب في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها كلا البلدين، والصراعات الداخلية التي تواجه الحكومة الفيدرالية الإثيوبية، مثل التوترات مع إقليم أمهرة ومنطقة أوروميا، وكذلك تداعيات حرب تيجراي التي أضعفت الجيش الإثيوبي، موضحة أن هذه الاسباب قد تجعل من غير المرجح أن يتصاعد الصراع إلى مواجهة شاملة.
وأضافت إيمان الشعراوي أنه كان هناك صراعات سابقة بين البلدين لم تحسم بشكل نهائي، مشيرة إلى الحرب الحدودية العنيفة التي دارت بين 1998 و2000 وأودت بحياة نحو عشرات الالاف ، دون أن تؤدي إلى حل نهائي للنزاع، موضحة أن الذاكرة الجماعية لتلك الحرب لا تزال حية في أذهان الشعوب والنخب، مما يدفعهم للتردد في خوض مواجهة مشابهة، كما أن الاشتباكات المحدودة أو الحرب بالوكالة تعد السيناريو الأكثر احتمالًا في العلاقات الإثيوبية-الإريترية، خصوصًا في ظل استمرار الخلافات التاريخية والعقبات التي تحول دون التوصل إلى تسوية دائمة.
وأشارت الباحثة في الشأن الأفريقي، إلى أن أي محاولة من إثيوبيا لفرض الوصول إلى البحر الأحمر من خلال الضغط العسكري أو السياسي، أو بتوقيع اتفاقيات مع أقاليم انفصالية، تعد انتهاكا صريحًا للقانون الدولي، مؤكدة أن إريتريا تعتبر أي مطالبة إثيوبية بالوصول إلى البحر الأحمر عبر أراضيها استفزازا مباشرا، خصوصا في ظل استمرار النزاع الحدودي حول مناطق مثل بادمي.
وعن مظاهر التصعيد بين أديس أبابا وأسمرة، ذكرت الشعراوي أبرز هذه المظاهر والتي تمثلت في وجود تعزيزات عسكرية إثيوبية على الحدود مع إريتريا، والتي تعتبر رسالة واضحة بقدرة إثيوبيا على التهديد الميداني إذا لزم الأمر، ووجود حملة إعلامية رسمية تؤجج المشاعر القومية الإثيوبية، عبر التذكير بـ"الحق التاريخي" في الوصول إلى البحر الأحمر، وربط هذا الملف بمسائل الهوية والكرامة الوطنية، فضلًا عن تصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد التي تصف الميناء بأنه قضية وجودية، مما يعطي الانطباع بأن إثيوبيا مستعدة لخوض صراع طويل الأمد لتحقيق هذا الهدف.
وفسرت الباحثة إيمان الشعراوي هذا التصعيد الإثيوبي الأخير تجاه إريتريا، على أنه استراتيجية مخططة تهدف إلى رفع سقف المطالب الإثيوبية وخلق ورقة ضغط استباقية قبل أي وساطة إقليمية أو دولية، مما يمنح أديس أبابا موقعًا أقوى في المفاوضات، وإجبار إريتريا على تقديم تنازلات مثل تسهيل الوصول إلى الموانئ أو إعادة ترسيم الحدود لتجنب مواجهة عسكرية مكلفة، وتحسين صورة آبي أحمد داخليا كزعيم قوي يدافع عن مصالح إثيوبيا الحيوية، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد.