رأي.. بشار جرار يكتب عن اللاءات الأردنية فيما يخص الدولة والتوطين
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لغة مختلفة ونبرة خاصة تميز به الخطاب الملكي وحديث ملك الاردن عبدالله الثاني خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، والتي اقتصرت على نيويورك بصفتها مقرا للأمم المتحدة.
وكأن في الأمر إرادة بتقوية الإشارات الصادرة من عمّان للجميع، فيما يبدو وشيك الحدوث (صفقة إيران أو التطبيع بين السعودية وإسرائيل)، أو صار أمرا واقعا كما يظن البعض، (استيعاب اللاجئين السوريين والفلسطينيين).
الخطاب كان باللغة الإنجليزية بنبرة حاسمة حازمة، بما لا يمكن إساءة تفسير معانيه ومراميه، ولا يسمح أيضا بالحد من شدته، لأي اعتبار كان. لا يجامل الأردن -كما هو معروف تاريخيا- فيما يخص قضايا السيادة والأمن والكرامة. تلك خطوط حمر تفرض عادة مصير كل "نعم ولا" صادرة عن الملك ورجاله، عن الأردنيين كافة وبخاصة -الجيش والأمن- "الأصدق قولا و الأخلص عملا" كما جاء في خطاب العرش السامي العام الماضي.
يعدون منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن برؤية الدولتين، والعرب ما فتئوا يجددون تمسكهم بمبادة السلام العربية منذ عهد خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز، والفلسطينيون ما انفكوا منذ قمة الرباط العربية، وفك الارتباط، وأوسلو، وغزة-أريحا أولا، وحتى الآن، ما انفكوا يطالبون بحق العودة والتعويض لا (أو)..
لم يغير الأردن موقفه رغم تعاقب الإدارات والقيادات والقرارات العلنية وغير العلنية، تقريبا مع كل الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية، وهي بشكل أو بآخر، في صميم ما يعني الأردن سيادة وكرامة ورسالة..
في آخر شهور ولاية الرئيس جو بايدن الطامح لولاية جديدة، تتزاحم الأولويات. بين أموال بعشرات المليارات تغدق على أوكرانيا وأخرى يعد لها العدة لتايوان من جهة، وبين هرولة باتجاه إيران والسعودية اللتين نجحت بكين في سحب البساط الأمريكي برعايتها اتفاقا تاريخيا لن ينهي حرب اليمن عمليا فحسب، بل أذرع إيران كلها، جملة واحدة أو تباعا من سورية ولبنان إلى العراق. تريد إدارة بايدن بأي ثمن -وإن نفت ذلك مرارا- تريد اتفاقا مع إيران يكون عصيا على التمزيق فيما لو عاد الرئيس السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض، أو اتفاقا مع السعودية وإسرائيل، يفوق كل ما حققه ترامب في "اتفاقات إبراهيم".
من جديد، يرى الأردن أن من واجبه نحو نفسه أولا، ومسؤولياته أمام الشقيق والصديق والحليف، أن يحذر من وضع العربة قبل الحصان. استخدم الملك عبدالله الثاني تعبيرات قوية تحذر من مغبة "القفز" على حقوق الفلسطينيين أو تجاوز مصالح الأردن الذي طفّ كأسه وطفح كيله..
للأسف، هناك في الداخل وبعض الجوار، وبعض من المرتبطين بين الداخل والخارج من خلال أجندات فكرية أو سياسية، من يعيدون "إرخاء ربابة" مقطوعة الوتر! تارة ترانسفير، وتارة وطنا بديلا، وتارة تجنيس من طال لجوؤهم، وتارة غض الطرف عن استقبال المزيد من اللاجئين أو تعطيل عودتهم للضغط على لاعب إقليمي هو الآخر مرتبط بشكل أو بآخر بالانفكاك من الحلف الإيراني، أو الإقبال على التطبيع العربي والخليجي مع دمشق، بعد الآمال التي لاحت في الأفق جراء سياسة الخطوة-خطوة في بناء الثقة وتغيير السلوك التي كان أول من تحدث بها في واشنطن هو الملك، في قمته الأولى مع الرئيس بايدن كأول زعيم عربي وشرق أوسطي يلتقيه بعد توليه الحكم.
في القضايا الكبرى والقرارات المصيرية، لا مجال للمجاملة السياسية ولا التماهي الإعلامي مع قوى صاعدة وأخرى تبدو إلى أفول. يبدو أن فكا للارتباط على مستويات أخرى، قد صار واقعا بالنسبة لجميع القضايا التي أثقلت كاهل المواطن الأردني، لحفيد الحفيد.. يبدو أن الأردن يملك خططا وبرامج جاهزة في التعامل مع الاحتمالات كافة، بما فيها انتفاضة ثالثة أو فوضى غير مسبوقة أو قيادة جديدة على الساحة الفلسطينية أو الإسرائيلية أو الأمريكية، تعيد خلط الأوراق بما يخفف العبء، في بلد ثلث سكانه من اللاجئين، فيما تلوك ألسنة بلغات عدة، ما يثير الضغائن والمخاوف من ترحيل الأزمات مكانيا لا زمانيا فقط، واهمين أن كسب الوقت لصالح من يظن أنه قوي، سيفرض أمرا واقعا هو في حقيقة الأمر مرفوض شعبيا ورسميا في الحاضر أكثر من الماضي وقياسا بتجربتي استيعاب اللاجئين الفلسطينيين والسوريين.
ليس بعد.. هذا ما تلمسه في الخطاب الملكي بوضوح بعد اللاءات العبدلية الثلاث: لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا للتفريط بعروبة القدس الشرقية والوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الأراضي الفلسطينية الملك عبدالله الثاني
إقرأ أيضاً:
أبو مازن يصل العاصمة الأردنية للقاء الملك عبد الله لبحث آخر تطورات القضية الفلسطينية
وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن ، يرافقه رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، إلي العاصمة الأردنية عمان للقاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وفي سياق آخر؛ أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية عن رفضهما الشديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس رداً على الدعوات الأمريكية للتهجير: "إننا لن نسمح بالمساس بحقوق شعبنا التي ناضلنا من أجلها عقوداً طويلة وقدمنا التضحيات الجسام لإنجازها، وهذه الدعوات تمثل انتهاكا خطيراً للقانون الدولي، ولن يتحقق السلام والاستقرار في المنطقة، دون إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، على أساس حل الدولتين".
وأضاف الرئيس الفلسطيني أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أرضه وحقوقه ومقدساته، وأن قطاع غزة هو جزء أصيل من أرض دولة فلسطين إلى جانب الضفة الغربية، والقدس الشرقية المحتلة، منذ عام 1967.
وأكد أن الحقوق الفلسطينية المشروعة غير قابلة للتفاوض، ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني المؤتمنة على ثوابته، وهي صاحبة القرار الفلسطيني المستقل، ولا يحق لأحد اتخاذ قرارات بشأن مستقبل الشعب الفلسطيني نيابة عنها.
وجدد ، تقديره للمواقف العربية الثابتة والراسخة ضد التهجير والضم، والتمسك بتجسيد الدولة الفلسطينية كمتطلب أساس لتحقيق السلام في المنطقة وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مثمناً في هذا الإطار، مواقف كل من الأشقاء في مصر والأردن الرافضة للتهجير والمساس بالحقوق الفلسطينية المشروعة.
كما ثمن، موقف الأشقاء في المملكة العربية السعودية الرافض للاستيطان والضم والتهجير والتمسك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وطالب عباس الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياتهما والتحرك العاجل من أجل حماية قرارات الشرعية الدولية المجمع عليها، وحماية الشعب الفلسطيني والحفاظ على حقوقه غير القابلة للتصرف، وحقه في تقرير مصيره وبقائه على أرض وطنه، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد الرئيس محمود عباس، أن الشعب الفلسطيني وقيادته ملتزمان بالشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية اللتين تؤكدان تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على أرض قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية عاصمتها الأبدية.