يمكن أن يكون لاتفاق تبادل السجناء الأخير بين الولايات المتحدة وإيران تداعيات معقدة ومتضاربة على أمن الخليج وسوق النفط، بحسب الدكتور أومود شكري، وهو خبير في السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة ومقيم في واشنطن.

والأسبوع الماضي، أفرجت إيران عن 5 سجناء أمريكيين مقابل إفراج الولايات المتحدة عن 5 سجناء إيرانيين، بالإضافة الإفراج عن 6 مليارت دولار دولار لصالح طهران كان قد تم تجميدها في كوريا الجنوبية بموجب عقوبات أمريكية.

وتابع شكري، في تحليل بـ"منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "على الرغم من تدابير وقف التصعيد، إلا أن احتمال التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران لا يزال قائما، مما يشكل تهديدا للمرور الآمن لناقلات النفط، وربما يزعج سوق النفط، مما سيؤثر على الأرجح على أسعاره".

في المقابل أضاف أنه "إذا أدى الاتفاق إلى فترة أوسع من الهدوء بين الولايات المتحدة وإيران، فإنه يمكن أن يبشر بالخير بالنسبة لآفاق الطاقة العالمية".

شكري زاد بأن "الاتفاق أثار نقاشا واسع النطاق داخل مجتمع السياسة الخارجية الأمريكية. والمحافظون وبعض الأمريكيين الإيرانيين هم المنتقدون الرئيسيون للاتفاق، الذي يزعمون أنه يشبه دفع الفدية".

وأوضح أنهم "يعربون عن قلقهم من أن تقديم المساعدة المالية لإيران قد يدعم النخبة الحاكمة في وقت الضعف الواضح الناجم عن الاحتجاجات الأخيرة على مستوى البلاد"، في إشارة إلى تداعيات مقتل الشابة مهسا أميني قبل عام داخل مركز للشرطة؛ بزعم انتهاك قواعد اللباس.

وأردف أنه "حتى لو تمت مراقبة الأموال المفرج عنها (بشرط استخدامها في أغراض إنسانية) بعناية لمنع إنفاقها على تطوير الأسلحة، فيمكن للحكومة ببساطة إعادة تخصيص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية إلى المجالات الخاضعة للعقوبات، مثل برامج الصواريخ الباليستية والبرامج النووية واستخدام الأموال المفرج عنها حديثا للتعويض عن هذه الأموال".

و"حتى أن بعض المعلقين والجمهوريين يجادلون لصالح استراتيجية "الضغط الأقصى" الأكثر صرامة، زاعمين أن الأموال المحررة يمكن استخدامها في عمليات إرهابية أو لمهاجمة الجنود الأمريكيين المتمركزين في المنطقة في حالة التصعيد"، كما أضاف شكري.

وتتهم عواصم إقليمية وغربية، في مقدمتها واشنطن، طهران بامتلاك أجندة توسعية في الشرق الأوسط والسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول إيران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار وإن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

اقرأ أيضاً

إيران لا تستبعد عودة جميع الأطراف للاتفاق النووي.. وأمريكا تشكك

تداعيات معقدة

وعلى الرغم من أن الاتفاق يهدف إلى تسوية العديد من النزاعات بين الولايات المتحدة وإيران، وفقا لشكري، إلا أن "تداعياته الأوسع على الأمن وسوق النفط في الخليج معقدة".

وأضاف أنه "قد يكون للقدرة على الوصول إلى الأصول المجمدة تأثير على الاستقرار الاقتصادي في إيران، وربما تؤثر بعد ذلك على تصرفاتها الإقليمية".

وأردف أن "الأعمال العدائية المستمرة بين البلدين، إلى جانب المخاوف بشأن الأمن الإقليمي، تخلق وضعا متوترا قد يستمر في التأثير على استقرار سوق النفط والوضع الأمني العام في منطقة الخليج".

وزاد بأن "مضيق هرمز يعد طريقا بحريا مهما يمثل حوالي 20٪ من حركة النفط العالمية، مما يجعل منطقة الخليج مركزا رئيسيا لإنتاج النفط العالمي ونقله".

وكثيرا ما اتهمت دول إقليمية وغربية إيران بتهديد أمن الملاحة في الممرات البحرية الحيوية عبر مضايقة والاستيلاء على ناقلات نفط وسلع، بينما تحمّل طهران مسؤولية التوترات لوجود قوات غير إقليمية، ولاسيما أمريكية، في هذه الممرات.  

شكري قال إن "المخاوف تزايدت بشأن انقطاع إمدادات النفط عبر هذه القناة الحيوية بسبب الأعمال العدائية المستمرة بين إيران والولايات المتحدة".

وأضاف أن "الاتفاق قد يشير إلى وقف التصعيد، لكنه لا يؤكد ذلك؛ بل على العكس من ذلك، فإن حالة عدم الاستقرار التي أدت إلى التوصل إلى الاتفاق لم تتم معالجتها بعد، كما أن تصور إيران بأنها قادرة على تخفيف العقوبات عبر السلوك الخبيث قد يشجعها على القيام بالمزيد من الشيء نفسه".

ولفت إلى أنه "ردا على النشاط الإيراني الأخير، زادت الولايات المتحدة من وجودها العسكري في الخليج العربي، مما يؤكد المخاطر الأمنية المستمرة التي قد تعيق نقل النفط".

اقرأ أيضاً

بعد تبادل السجناء.. قطر تسعى للتوصل إلى "تفاهمات" نووية بين أمريكا وإيران

دور قطر

و"للاتفاق تداعيات أمنية متضاربة، فقد يكون تبادل السجناء خطوة في الاتجاه الصحيح للدبلوماسية، لكن تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران يظهر مدى خطورة مثل هذه الاتفاقات"، كما زاد شكري.

وتابع أن "التوترات الجيوسياسية كانت مرتفعة بشكل خاص في منطقة الخليج، مع الحروب بالوكالة، وإطلاق الصواريخ، والمواجهات البحرية التي تشمل إيران ومنافسيها".

وشدد على أن "تبادل السجناء يعد مجاملة دبلوماسية، لكن لا يضمن تخفيفا دائما للأعمال العدائية ولا إزالة المخاطر الأمنية".

و"مشاركة قطر (كوسيط) جديرة بالملاحظة في الصفقة، وكذلك توجيه المدفوعات المجمدة من خلال بنكها المركزي، وباعتبارها صديقا لكل من الولايات المتحدة وإيران، فإن وجود قطر قد يعزز الاستقرار في تنفيذ الصفقة"، كما ختم شكري.

اقرأ أيضاً

5 مقابل 5.. هؤلاء هم السجناء العشرة في صفقة التبادل بين إيران وأمريكا

المصدر | أومود شكري/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا إيران صفقة قطر الخليج النفط أمن بین الولایات المتحدة وإیران تبادل السجناء

إقرأ أيضاً:

ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟

تناولت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية التقارير الأجنبية عن "هجوم إسرائيلي مُخطط على إيران"، ونقلت تحليل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بشأن تلك القضية، موضحة أن طهران تحاول إخفاء وضعها الاقتصادي البائس.

 

وقالت "غلوبس" تحت عنوان "الانهيار الاقتصادي الإيراني يشعل فتيل البرنامج النووي.. على الورق على الأقل"، إن التقارير الأجنبية بشأن النووي الإيراني أثارت استغراب الكثيرين في إسرائيل، وجاء في أحدها بصحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، أن إيران رفعت مستوى التأهب في نظام الدفاع الجوي بمنشآتها النووية، خوفاً من هجوم إسرائييل أمريكي، مشيرة إلى أنه على الورق، يبدو توقيت مثل هذا الهجوم مثالياً من حيث الأمن الإقليمي، لأن حركة حماس الفلسطينية ضعفت بشكل كبير، وأصبح حزب الله في وضع حرج، وفي الوقت نفسه سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتعطلت سلاسل الإمداد الإيرانية بالأسلحة والأموال.
ونقلت عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه منطقياً وعسكرياً، هذا هو الوقت المناسب لضرب إيران، ولكن يبدو أن طهران تسيء تفسير نوايا إسرائيل التي لن تهاجم وحدها، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي يفرض عقوبات في وقت ينفتح فيه على المفاوضات مع طهران.

في أول تعليق له.. محمد جواد ظريف يكشف كواليس استقالتهhttps://t.co/jFwmRVqVik

— 24.ae (@20fourMedia) March 3, 2025  تأثير العقوبات الأمريكية

وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن سياسة العقوبات التي ينتهجها دونالد ترامب تسير على قدم وساق، مشيرة إلى أنه قبل نشر تقرير "ذا تلغراف"، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أكثر من 30 تاجراً ومشغلا لناقلات النفط وشركات الشحن المشاركة في أسطول الظل الذي يخدم صناعة النفط الإيرانية، وتشمل القائمة عقوبات على تجار النفط في عدد من الدول، بالإضافة إلى مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية، ومديري ناقلات النفط من الصين.
وتحدثت الصحيفة عن تأثير عقوبات النفط على الوضع الاقتصادي في إيران، التي يعيش أكثر من ثلث سكانها تحت خط الفقر، في الوقت الذي يقدم النظام الإيراني أكثر من 10 آلاف دولار لأسر أعضاء حزب الله الذين أصيبوا في الحرب، فيما ظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس في 22 من محافظات إيران البالغ عددها 31 مغلقة اليوم الإثنين بسبب عدم توفر الكهرباء اللازمة لتشغيلها.


تقدم البرنامج النووي

وعلى النقيض تماماً من حالة الاقتصاد المحلي، فإن البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن في أكثر مراحله تقدماً على الإطلاق، وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت غلوبس عن المعهد أنه "من الممكن أن يكون هذا نابعاً من مصلحة داخلية في إيران لإظهار قدرتها على الصمود في الخارج، بعد التصريحات الإسرائيلية بشأن القضاء على الدفاع الجوي الإيراني، وليس من المستحيل أن يرغب النظام، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، في إيصال رسالة مفادها أنه على الرغم من أن الوضع الداخلي رهيب، فإن التهديد الخارجي أعظم، كما كانت الحال خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن العشرين".
في السياق ذاته، أجرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية حواراً مع بيني سباتي، الباحث البارز في برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والذي عكس في حديثه صورة قاتمة عن إيران، مؤكداً أن الأزمة الحالية أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية.

هل يُسقط تعدين البيتكوين النظام الإيراني؟https://t.co/tepd2E95XR

— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025  إقالة دون تأثير

وعلى الرغم من أن إقالة وزير الاقتصاد الإيراني عبد الناصر همتي تثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المستمرة، إلا أن سباتي يقول إن هذه الإطاحة لن يكون لها أي تأثير تقريباً، وأن "حكومة هذا الرئيس لا تتخذ القرارات حقاً، ولا تتمتع بأي تأثير حقيقي، ولكن من يتمتع بتأثير حقيقي هو الزعيم، في إشارة للمرشد علي خامنئي، ومستشاريه، وغالبيتهم من الحرس الثوري.
وبحسب سباتي، فإن إشارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أن الوضع الحالي أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية، تكشف عن الضعف الإيراني.
ورأى أن رفض خامنئي استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية يسبب أضراراً جسيمة، لأنه يحط من قدر الدولة الإيرانية والاقتصاد الإيراني، والمجتمع أيضاً، ويذهب بكل شيء نحو الهاوية على شكل كرة من الثلج.

مقالات مشابهة

  • روسيا توافق على لعب دور الوسيط بين ترامب وإيران
  • إيران تلتف على العقوبات الأميركية عبر سفن نفط صغيرة
  • الكرملين يدعو لإجراء محادثات بين الولايات المتحدة وإيران
  • هيغسيث: ملتزمون بأمن إسرائيل.. وإيران تهديد للأمن الإقليمي
  • إسرائيل و أمريكا وجهان لعملة واحدة.. التفنن المشترك في مختلف أنواع الجرائم في فلسطين والمنطقة
  • ترامب: أمريكا لن تتسامح مع زيلينسكي وأوروبا لا تستطيع دعم أوكرانيا دون الولايات المتحدة
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • مؤسسة النفط الليبية تطالب برفع وتيرة الإنتاج في شركة "الخليج العربي"
  • زيلينسكي يعلن استعداده لتوقيع صفقة المعادن مع الولايات المتحدة
  • «الخليج العربي» تُكرّم رئيس مؤسسة النفط على جهوده في تعزيز الإنتاج