كيف انتزعت صنعاء الاعتراف بقوة اليمن واستقلاله وليَّنت لغات التخاطب المتعالية؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
YNP / إبراهيم القانص -
"لا يمكن أن يسود الأمن في المنطقة إلا إذا توفّر في اليمن"، هذا ما نقلته قناة الجزيرة عن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، الذي ظل حتى وقت قريب يؤيد عمليات التحالف العسكرية في اليمن، في تحول غير مسبوق للغة التخاطب السياسية مع اليمن، بعد العرض العسكري الكبير الذي نظمته قوات صنعاء في ميدان السبعين بأمانة العاصمة احتفاءً بما أسمته العيد التاسع لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
اللغة السياسية الجديدة لمجلس التعاون الخليجي تزامنت مع تصريحات القيادات العسكرية لقوات صنعاء، وعرضها العسكري غير المسبوق، من حيث ربط استقرار دول الخليج باستقرار اليمن، الأمر الذي يمكن اعتباره مؤشراً على مضي التفاوضات بين الرياض وصنعاء باتجاه تنفيذ شروط الأخيرة التي جاء في مُقَدَّمِها الملف الإنساني والاقتصادي وخروج القوات الأجنبية من اليمن، يقول مراقبون.
الإمارات بدورها سارعت إلى تقديم عرض إلى صنعاء عبر رئيس أكبر المكونات الموالية لها، عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك عقب الاستعراض العسكري غير المسبوق الذي شهدته العاصمة اليمنية صنعاء، الخميس الماضي.
الزبيدي، أفصح في تصريح صحافي عن رغبة مجلسه في التفاوض مع "الحوثيين" بشأن الجنوب، وأياً كان غرضه من هذا التصريح الذي جاء عقب مهاجمته السعودية في تصريح سابق، فهو يتحدث بلسان مموليه وداعميه الإماراتيين، الذين ليسوا في وضع جيد فيما يخص علاقتهم وشراكتهم مع السعوديين، وتزامن هذا التصريح مع العرض العسكري الكبير في صنعاء يحمل دلالة كبيرة في تغير المواقف، فالإمارات أيضاً في مرمى ذلك السلاح المهول الذي تم استعراضه وفي مرمى بنادق تلك القوة البشرية الهائلة ذات المستوى القتالي الميداني العالي.
الناشطون السياسيون علقوا على العرض العسكري لقوات صنعاء، حيث وصف الناشط والقيادي السابق في المقاومة الجنوبية، عادل الحسني، على منصة إكس، العرض العسكري كحدث غير مسبوق بأنه تاريخ جديد يكتب بعد سنوات من الحرب والدمار، قائلاً: "خطاب صنعاء هذا يوم له ما بعده، هنا الصرح الممرد، وهنا الفخر المشدد، هنا اليمن الكبير المتجدد"، مضيفاً: "تعلن اليوم صنعاء بصوت عالٍ أنَّ هذه لحظتها الفارقة التي قاومت لأجلها كثيراً، وسالت في سبيلها دماء غزيرة"، مشيراً إلى أن ذلك يُعدّ انتصاراً للجميع، ولحظة اعتزاز يماني بأنَّا صخور راسية لا تهزنا الأزمات أو تثنينا المؤامرات".
الحسني لفت إلى أن صنعاء تقود اليمن مرة أخرى نحو استعادة الدولة المفقودة، وأنها تبدأ بشكل لافت مرحلة أكثر قوة، ولم تعد رقماً صعباً في المشهد اليمني فحسب، وإنما على مستوى المنطقة، بحكم يمني وإدارة يمنية وقرار يمني كامل- في إشارة سلب التحالف قرار وإرادة الشرعية بمجلسها الرئاسي وحكومتها- وإثبات صنعاء أنها استطاعت التخلص والاستقلال من الوصاية الأجنبية بكل أشكالها.
الناشط الإعلامي الجنوبي، الصحافي أنيس منصور، قال إن صنعاء أثبتت قوتها وإنجازاتها وانتصارها، على عكس ما وصفها بحكومة التحالف، التي قال إنها تقود وتنفذ مشاريع انتهاك السيادة من خلال بيع الاتصالات والموانئ وغيرها من مقدرات اليمن، مهاجماً الناشطين الموالين للتحالف الذين حاولوا التقليل من العرض العسكري والقوة والتصنيع الذي يحسب لقوات صنعاء، واعتبرها سفاسف طفولية، عجزت عن أن تمتلك الشجاعة لتحليل: ما الذي جعل صنعاء تنتصر وتفاوض للسلام كطرف منتصر وأمر واقع فرضته واضطرت السعودية القبول به ودعمه، واختتم حديثه بالقول: "نحن لدينا حليف وتحالف غادر فاجر كاذب ماهي إلا أيام ويترككم في المجهول"، في إشارة إلى القوى والفصائل الموالية للتحالف.
المصدر: البوابة الإخبارية اليمنية
كلمات دلالية: العرض العسکری
إقرأ أيضاً:
يديعوت أحرونوت: إسرائيل تسعى لحل مع حزب الله بالضغط العسكري
أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الخميس، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يهدف من خلال حربه على حزب الله بلبنان إلى التوصل لترتيبات سياسية على أساس القرار الأممي رقم 1701، ولكن من خلال استمرار وتصعيد الضغط العسكري في منطقة جنوب لبنان والقصف المكثف على بيروت.
وجاء ذلك في تقرير للمحلل العسكري للصحيفة رون بن يشاي الذي يرافق قوات الاحتلال في الجنوب اللبناني، حيث تحدث فيه عن أهداف إسرائيل من حربها على لبنان، كما ركز فيه على الصعوبات التي يواجهها جنود الاحتياط من خلال خدمتهم التي طالت في الحرب على غزة ولبنان.
وتكمن أهمية هذا التقرير أنه يأتي بعد تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس أمس المثير للجدل، والذي قال فيه إن إسرائيل لن توقف الحرب على لبنان إلا بعد نزع سلاح حزب الله.
فشل الأهداف يلين المطالبويقول بن يشاي في مقدمة تقريره إن الجيش الإسرائيلي يعمل في لبنان على تحقيق 3 أهداف رئيسية "الهدف الأول زيادة الضغط العسكري لإجبار حزب الله ولبنان على قبول ترتيب أمني مشابه لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، بل وأكثر صرامة".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الميزة الإضافية لهذا الترتيب ستكون قدرة الجيش الإسرائيلي على فرض الأمن بالقوة في حال تقاعس الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل عن أداء دورهما".
ويقول أيضا إن حزب الله يحاول عرقلة هذا الهدف من خلال شن "حرب استنزاف" ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهو ما يراه وسيلة من الحزب للضغط على الحكومة اللبنانية لعدم تقديم تنازلات في المفاوضات، خاصة فيما يتعلق بفرض منطقة خالية من السلاح بالجنوب اللبناني حتى نهر الليطاني، وهو الهدف الثاني الذي يحاول الجيش الإسرائيلي تحقيقه من هذه الحرب.
وزعم بن يشاي أن إسرائيل "دمرت نحو 80% من ترسانة حزب الله الصاروخية" إلا أنه استدرك قائلا إن "حزب الله لا يزال يملك من الأسلحة ما يكفي لدفع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ بشكل يومي، وهو ما يمثل استنزافا لقوة إسرائيل، وقد يُلين مطالبها في المفاوضات الجارية بوساطة أميركية عبر المبعوث آموس هوكشتاين، ويفشل جهود إسرائيل في سعيها لتحقيق الهدف الثالث، وهو ضمان عودة الإسرائيليين إلى الشمال".
وفي إطار العمليات العسكرية المستمرة، يقول المحلل الإسرائيلي إن قوات الإسرائيلية "تتكبد خسائر بشرية كبيرة، خصوصا في المعارك البرية المكثفة داخل القرى اللبنانية" حيث كشف أن "حزب الله استعد جيدا على الخط الثاني من القرى، حيث عمد إلى تحصين قواته هناك بعد رصد أساليب الجيش مما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى بين صفوف الجنود الإسرائيليين في المعارك الأخيرة".
ويشير بهذا السياق إلى المعركة التي وقعت داخل قرية لبنانية، حيث نصب مقاتلو حزب الله كمينا لجنود لواء غولاني، مما أسفر عن مقتل 6 منهم وجرح آخرين، ولكنه في الوقت ذاته يقول "يأمل الجيش الإسرائيلي أن يؤدي استمرار تقدمه إلى تقليل عدد الهجمات الصاروخية القصيرة المدى باتجاه الشمال الإسرائيلي".
وحسب التقرير، فإن جيش الاحتلال "يولي جهدا كبيرا لتدمير القرى التي تعد أساسية" بالنسبة لحزب الله، من خلال فرض ثمن باهظ عليها، حيث توسعت هذه العمليات العسكرية لتشمل قصفا جويا مكثفا مستهدفا مناطق هامة للمجتمع الشيعي في الضاحية الجنوبية وبيروت".
ويضيف أن "الجيش الإسرائيلي بدأ بنقل قواته من القرى الحدودية إلى الخط الثاني من القرى اللبنانية، لإيصال رسالة إلى المجتمع الشيعي بأن حرب الاستنزاف التي يقودها حزب الله ستكلفهم ثمنا باهظا سياسيا وجسديا".
ويشير بن يشاي إلى أن الجيش يركز الآن على تدمير منصات إطلاق الصواريخ قصيرة المدى، حيث يُقدر أن هذا سيؤدي إلى تراجع وتيرة الهجمات على شمال إسرائيل في الأيام المقبلة، كما يزعم أن قدرات الجيش تحسنت في التصدي للطائرات بدون طيار التي يستخدمها حزب الله، مشيرا إلى أن نسبة الاعتراضات قد بلغت نحو 90% مؤخرا.
معنويات جنود الاحتياطإضافة إلى التحديات الميدانية، يواجه الجيش الإسرائيلي تحديا آخر يتمثل في الحفاظ على معنويات جنود الاحتياط الذين يتحملون وطأة القتال البري في جنوب لبنان. ويرى بن يشاي أن "هذا التحدي يظهر بوضوح بسبب طول الخدمة وضغوطها النفسية على الجنود وعائلاتهم، وخاصة مع استمرار العمليات العسكرية على جبهات متعددة".
وأشار إلى أن العديد من جنود الاحتياط الذين قابلهم أعربوا عن رغبتهم في "إكمال المهام" التي كلفوا بها، لكنهم يعانون من مشكلات مرتبطة بطول مدة الخدمة والضغوط العائلية، خاصة على النساء اللواتي يتحملن مسؤوليات إضافية في غياب أزواجهن.
كما أن الوضع الاقتصادي لبعضهم يتدهور، حيث قال قائد الكتيبة شارون زيلينغر "لقد كنت أعمل محاميا، لكن منذ أن تم استدعائي للخدمة الاحتياطية، لم أعد أعمل في مهنتي".
وللتخفيف من هذه الضغوط، يخطط الجيش الإسرائيلي لإطلاق خطة جديدة تحت مسمى "الرسم البياني للتوظيف لعام 2025" حيث سيحاول تحقيق نوع من الاستقرار لدى جنود الاحتياط، من خلال تحديد مدة الخدمة الاحتياطية لفترة ثابتة سنويا لبضعة أيام محددة.
ويسلط التقرير الضوء على أن جيش الاحتلال يواجه تحديا معقدا على جبهتي لبنان وغزة، حيث لا يزال يسعى لتحقيق أهدافه العسكرية والسياسية في لبنان بوسائل ضغط مكثفة، بينما يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على معنويات جنود الاحتياط، في ظل عدم وضوح ما إذا كانت إيران ستتخذ موقفا عدائيا مباشرا ضد إسرائيل.
ويختم بن يشاي تقريره بالتأكيد على أن "التحدي الأكبر للجيش الإسرائيلي في مواجهة حزب الله الذي يظهر مقاومة شرسة، بينما تستمر محاولات التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل قد يضع حدا لهذه العمليات العسكرية الطويلة، ويحقق الترتيب الأمني الذي تسعى إليه إسرائيل من موقع قوة".