لجريدة عمان:
2025-04-16@10:30:43 GMT

مستجدات الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

تطالعنا الأخبار في مختلف وسائل الإعلام عن مستجدات تخص الذكاء الاصطناعي، منها ما يُسعدنا، ومنها ما يثير قلقنا بشأن مستقبل هذا الكائن الرقمي المستمر في تطوراته ومفاجآته المدهشة، ونكاد نصبح كل يوم على مستجدات غير معهودة يأتي بها هذا الكائن الرقمي. ذكرت في مقالات سابقة أن بجانب ما تحمله نماذج الذكاء الاصطناعي من منافع تساهم في الرقي بالحضارة الإنسانية؛ فإنها تحمل جانبًا سلبيًا يهدد البشرية ووجودها، وهذا التهديد يمتد ليشمل الماهية الإنسانية الشاملة لنظام القيم والأخلاق، ويشمل الجانب المعيشي بفقدان الكثير من البشر لوظائف ومهن كانت مصدرا للدخل والمعيشة، ويشمل حياة الإنسان ووجوده من حيث الدمار الذي يمكن أنْ يأتي نتيجة لتطويرات الذكاء الاصطناعي غير المحكومة والمحسوبة.

لا أرغب أن أكون متشائما ومظهرا لقلقي من هذه التقنيات المتقدمة، ولكن يتحتم عليّ أن أكون موضوعيًا في طرح مثل هذه القضايا بواقعها وتوقعاتها دون تجاهل لكل العناصر الجيدة والسلبية.

سبق الحديث عن مخاطر الذكاء الاصطناعي -عبر مقالات سابقة نشرتها في جريد عُمان-، والتي لم تعد بعض تلك المخاوف مجرد افتراض، بل بدأ بعضها يتحقق واقعا، مثل تزييف المرئيات «مقاطع الفيديو»، والصوتيات عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وكذلك فقدان بعض الوظائف -لصالح الذكاء الاصطناعي- التي كان يشغلها الإنسان، والتطوير العسكري المتسارع بسبب نماذج الذكاء الاصطناعي الذي بات هاجسا يقلق المجتمع الإنسان عمومًا. أذكر أن بعض هذه المخاطر التي ذكرتها لم تكن قبل أشهر قليلة سوى مجرد توقعات مبنية على متابعة سير التطويرات الرقمية التي تشمل الذكاء الاصطناعي، وتأتي هذه التوقعات -في غضون فترة قصيرة- لتصبح واقعًا مهددًا للإنسانية؛ فنحتاج إلى رفع مستوى الوعي لفهم مثل هذه التقنيات المتقدمة، وتسريع وتيرة القدرة على مواجهة تحدياتها ومخاطرها. نعود إلى أمثلة من الماضي؛ فنجد -مثلا- البدايات الأولى لظهور الإنترنت وما حمله من هاجس أقلق المجتمع الصناعي الذي دخل مراحله الرقمية الأولى بعد المرحلة الإلكترونية، والذي لم يكن جاهزًا بشكل كامل لمواجهة تحديات تقنية مصحوبة بظهور الإنترنت، مثل القدرة على التعامل مع الفيروسات والاختراقات الإلكترونية التي تُهاجِم الأفراد والمؤسسات وأنظمتهم الرقمية، ولم يكن كذلك الوعي العام بالمستوى الجيد الذي يمكّن الكثير من مستخدمي هذه الأنظمة من القدرة على التعامل مع هذه التحديات ومواجهتها إلا بعد فترة من الزمن التي جاءت نتيجة للوسيلة التي تبرر الغاية.

نعود إلى زمننا الحاضر وتحدياته الرقمية الجديدة المتمثلة في الذكاء الاصطناعي؛ فنجد أن المجتمعات الإنسانية تحمل قلقا من نوع جديد، وهذه المرة تجاه مخاطر الذكاء الاصطناعي ونماذجه الكثيرة، وأحد أنواع هذا القلق ما يتعلق بالتعرض لخصوصيات الإنسان سواء عبر الولوج المباشر إلى خصوصياته الواقعية أو تزييفها لدرجة عدم القدرة على تمييزها من الواقع غير المزيّف.

تمتلك نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية القدرة على تزييف المحتويات المنشورة التي تشمل المقاطع المرئية، والصوتية، وكذلك المكتوبة؛ فثمّة انتشار كبير لنماذج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته خاصة بتزييف الصور والمرئيات والصوتيات، وتعمل على صناعة محتويات غير حقيقية، وعبر انتشاره يقود إلى تزييف الحقائق، وإرباك الرأي العام وتغيير مساره الصحيح وفقًا لأهداف إما شخصية أو حتى عامّة (اقتصادية وسياسية)؛ إذ نرى مقاطع مرئية وصوتية لشخصيات سياسية واقتصادية ورياضية تنتشر لا يتوقع المشاهد -في بداية الأمر- أنها مزيّفة إلا في حالة تجاوزها الحد المعقول من قانون عدم التناقض الذي يمكن قياسه مع المقطع المرئي أو الصوتي المنسوب لتلك الشخصية والمقاطع الأصلية السابقة التي تعكس شخصيته الحقيقية.

تجاوز الأمر -مؤخرا- في تطبيقات ذكية -يمكن أن تصل بسهولة إلى يد أصحاب النفوس الضعيفة- تعمل على تزييف الصور وفق ظروف ومشاهد لا تناسب الذوق العام والأسس الأخلاقية، وهذا ما يسبب قلقا جمعيا داخل المجتمعات الإنسانية التي باتت خصوصيتها ونظامها الأخلاقي مهددا. لا أريد التشعّب في هذه المخاطر التي أظن أنها أصبحت معلومة عند معظم الناس -في زماننا-، إلا أنني أسعى إلى رفع مستويات الوعي بوجودها ومخاطرها وطرق مواجهتها؛ إذ إن من المهم أن ندرك أن مثل هذه المخاطر المتعلقة بتزييف الصور والمرئيات والصوتيات مجرد مخاطر مؤقتة وظرفية؛ حيث بدأت تظهر وسائل رقمية كاشفة لمثل هذه التزييفات تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي أيضًا؛ فهناك مختصون يعملون على مواجهة مثل هذه المخاطر الرقمية التي تمتد مخاطرها إلى عمليات الابتزاز ونشر الإشاعات والأخبار الزائفة التي يُسْعَى عبرها إلى زرع الخلل النفسي والاجتماعي، بل يشمل الجانب السياسي والاقتصادي؛ إذ صارت مثل هذه التقنيات الذكية أدوات وأسلحة رقمية تهدد الأفراد والمؤسسات والمجتمعات الإنسانية، وهذا أيضا ينطبق على المحتويات المكتوبة التي يمكن إنشاؤها بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، وسبق لي الإشارة إلى طرق مواجهة تحديات الانتحال والتزييف في النصوص المكتوبة في مقال نشرته في الملحق العلمي -التابع لجريدة عُمان- العدد الثالث. كما ذكرت فهذه المخاطر يمكن مواجهاتها من قبل المُختصِّين، ولكن من الصعب التحكم في تأثيرها السلبي في مراحلها الأولى؛ لذا يُعوّل على نشر الوعي لكونه الوسيلة الأساسية لكبح هذا التأثير إلى أدنى مستوياته.

نلحظ في جانب آخر تسارع تطويرات القطاعات العسكرية التي تعمل بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي، ونتوجس ممَّا يمكن لهذه الأنظمة الذكية أن تُحدثه في قطاع الأسلحة وتبعاتها التي ستلحق الضرر في المجتمعات الإنسانية ووجودها؛ إذ نرى عبر ما يُنشر في وسائل الإعلام والدراسات العلمية أن مثل هذه التقنيات العسكرية بمساعدة خوارزمياتها الذكية يمكن أن تخرج عن السيطرة؛ فتعمل وفق استراتيجية من الممكن أن تفوق الإنسان شراسة وقسوة، ولا تملك أي مبادئ أخلاقية. أجد أن مثل هذه المخاطر المتعلقة بالقطاعات العسكرية وصناعة الأسلحة خطرها يقود إلى كارثة وجودية للإنسان وحضارته، ومن المهم أن أفرد مقالا مستقلا عن هذا النوع من المخاطر الرقمية ونشر الوعي فيما يتعلق بها.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نماذج الذکاء الاصطناعی هذه التقنیات هذه المخاطر القدرة على مثل هذه

إقرأ أيضاً:

كونسونتريكس تفتتح مختبرًا جديدًا للابتكار في الذكاء الاصطناعي بمراكش

افتتحت مجموعة كونسونتريكس، الرائدة عالمياً في مجال الحلول التكنولوجية وتجربة الزبون، مختبرها الثاني للابتكار “تيك لاب” بمدينة مراكش، وذلك على هامش فعاليات الدورة الثالثة من معرض “جيتكس إفريقيا المغرب”.

ويأتي هذا الافتتاح في إطار سعي المجموعة إلى ترسيخ موقع المغرب كمركز مرجعي للتكنولوجيا والابتكار على مستوى القارة الإفريقية، وتعزيز دينامية التحول الرقمي في المنطقة.

ويقع المختبر الجديد داخل موقع الشركة بالمنطقة الصناعية سيدي غانم، حيث يوفر فضاءً منفتحاً للتعاون بين المتعاونين والطلبة والمقاولات الناشئة والباحثين، بهدف تطوير مشاريع مشتركة وتجريب حلول رقمية متقدمة.

ويعكس “تيك لاب” التزام كونسونتريكس بدعم المواهب المغربية والإفريقية وتزويدهم بالمعرفة والخبرة الضرورية لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة.

وأكد رضوان مبشور، المدير العام للمجموعة بالمغرب والمغرب العربي، أن افتتاح هذا المختبر يشكل خطوة جديدة نحو جعل المغرب قاعدة متقدمة للتحول الرقمي في إفريقيا، مشيراً إلى أن “تيك لاب” سيضع بنيته التحتية المتطورة وخبراته العالمية رهن إشارة المتعاونين والمقاولات الناشئة لمساعدتهم على التكوين والتأهيل ورفع جاهزيتهم لسوق الشغل. كما أوضح أن المختبر يشكل أيضاً فرصة لدعم المقاولات الناشئة، خاصة تلك التي تواجه تحديات تكنولوجية أو مالية.

من جهتها، أبرزت رؤيا شرقاوي صالحي، مديرة الاستراتيجية والتحول لدى كونسونتريكس بالمغرب العربي، أن “تيك لاب” سيكون فضاءً للتكوين والانفتاح على التكنولوجيا الحديثة لفائدة الطلبة الجامعيين والمتعاونين، مع توفير إمكانية الاستفادة من برامج الاحتضان والتسريع عند نضج المشاريع المبتكرة.

وشهد حفل الافتتاح جولة إرشادية داخل مرافق المختبر، حيث تمكن الحضور من استكشاف تجهيزاته التكنولوجية، كما قُدمت مشاريع لمقاولات ناشئة مغربية سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها في مسارها نحو الابتكار.

ويأتي هذا المشروع في سياق التزام مجموعة كونسونتريكس، التي تنشط بالمغرب منذ أكثر من اثنين وعشرين سنة وتوظف آلاف المتعاونين عبر 12 موقعاً، بتعزيز فرص الشغل ودعم التحول الرقمي في المملكة.

كما يعكس انخراطها الفعلي في الدينامية التي يشهدها معرض “جيتكس إفريقيا المغرب”، المنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، والذي يكرس موقع المملكة كمنصة استراتيجية للابتكار الرقمي على صعيد القارة.

مقالات مشابهة

  • كونسونتريكس تفتتح مختبرًا جديدًا للابتكار في الذكاء الاصطناعي بمراكش
  • الاستثمار في عصر الذكاء الاصطناعي «استراتيجيات، فرص، وحوكمة»
  • OpenAI تطلق أحدث نسخة من نموذج الذكاء الاصطناعي GPT-4.1
  • مصر واليابان تبحثان التعاون في الذكاء الاصطناعي ودعم ريادة الأعمال الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي.. رفيق في السفر
  • الذكاء الاصطناعي يداعب خيال صناع الدراما
  • 6 طرق مبتكرة باستخدام الذكاء الاصطناعي للتفاعل مع الأطفال
  • محاكمة أشباح الذكاء الاصطناعي
  • لماذا اليمن في المرتبة الخامسة عالميًا من حيث المخاطر التي تواجه عمل المنظمات الإنسانية؟
  • «دبي للمستقبل» تنظم أسبوع «الذكاء الاصطناعي» من 21 إلى 25 إبريل