تطالعنا الأخبار في مختلف وسائل الإعلام عن مستجدات تخص الذكاء الاصطناعي، منها ما يُسعدنا، ومنها ما يثير قلقنا بشأن مستقبل هذا الكائن الرقمي المستمر في تطوراته ومفاجآته المدهشة، ونكاد نصبح كل يوم على مستجدات غير معهودة يأتي بها هذا الكائن الرقمي. ذكرت في مقالات سابقة أن بجانب ما تحمله نماذج الذكاء الاصطناعي من منافع تساهم في الرقي بالحضارة الإنسانية؛ فإنها تحمل جانبًا سلبيًا يهدد البشرية ووجودها، وهذا التهديد يمتد ليشمل الماهية الإنسانية الشاملة لنظام القيم والأخلاق، ويشمل الجانب المعيشي بفقدان الكثير من البشر لوظائف ومهن كانت مصدرا للدخل والمعيشة، ويشمل حياة الإنسان ووجوده من حيث الدمار الذي يمكن أنْ يأتي نتيجة لتطويرات الذكاء الاصطناعي غير المحكومة والمحسوبة.
سبق الحديث عن مخاطر الذكاء الاصطناعي -عبر مقالات سابقة نشرتها في جريد عُمان-، والتي لم تعد بعض تلك المخاوف مجرد افتراض، بل بدأ بعضها يتحقق واقعا، مثل تزييف المرئيات «مقاطع الفيديو»، والصوتيات عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وكذلك فقدان بعض الوظائف -لصالح الذكاء الاصطناعي- التي كان يشغلها الإنسان، والتطوير العسكري المتسارع بسبب نماذج الذكاء الاصطناعي الذي بات هاجسا يقلق المجتمع الإنسان عمومًا. أذكر أن بعض هذه المخاطر التي ذكرتها لم تكن قبل أشهر قليلة سوى مجرد توقعات مبنية على متابعة سير التطويرات الرقمية التي تشمل الذكاء الاصطناعي، وتأتي هذه التوقعات -في غضون فترة قصيرة- لتصبح واقعًا مهددًا للإنسانية؛ فنحتاج إلى رفع مستوى الوعي لفهم مثل هذه التقنيات المتقدمة، وتسريع وتيرة القدرة على مواجهة تحدياتها ومخاطرها. نعود إلى أمثلة من الماضي؛ فنجد -مثلا- البدايات الأولى لظهور الإنترنت وما حمله من هاجس أقلق المجتمع الصناعي الذي دخل مراحله الرقمية الأولى بعد المرحلة الإلكترونية، والذي لم يكن جاهزًا بشكل كامل لمواجهة تحديات تقنية مصحوبة بظهور الإنترنت، مثل القدرة على التعامل مع الفيروسات والاختراقات الإلكترونية التي تُهاجِم الأفراد والمؤسسات وأنظمتهم الرقمية، ولم يكن كذلك الوعي العام بالمستوى الجيد الذي يمكّن الكثير من مستخدمي هذه الأنظمة من القدرة على التعامل مع هذه التحديات ومواجهتها إلا بعد فترة من الزمن التي جاءت نتيجة للوسيلة التي تبرر الغاية.
نعود إلى زمننا الحاضر وتحدياته الرقمية الجديدة المتمثلة في الذكاء الاصطناعي؛ فنجد أن المجتمعات الإنسانية تحمل قلقا من نوع جديد، وهذه المرة تجاه مخاطر الذكاء الاصطناعي ونماذجه الكثيرة، وأحد أنواع هذا القلق ما يتعلق بالتعرض لخصوصيات الإنسان سواء عبر الولوج المباشر إلى خصوصياته الواقعية أو تزييفها لدرجة عدم القدرة على تمييزها من الواقع غير المزيّف.
تمتلك نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية القدرة على تزييف المحتويات المنشورة التي تشمل المقاطع المرئية، والصوتية، وكذلك المكتوبة؛ فثمّة انتشار كبير لنماذج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته خاصة بتزييف الصور والمرئيات والصوتيات، وتعمل على صناعة محتويات غير حقيقية، وعبر انتشاره يقود إلى تزييف الحقائق، وإرباك الرأي العام وتغيير مساره الصحيح وفقًا لأهداف إما شخصية أو حتى عامّة (اقتصادية وسياسية)؛ إذ نرى مقاطع مرئية وصوتية لشخصيات سياسية واقتصادية ورياضية تنتشر لا يتوقع المشاهد -في بداية الأمر- أنها مزيّفة إلا في حالة تجاوزها الحد المعقول من قانون عدم التناقض الذي يمكن قياسه مع المقطع المرئي أو الصوتي المنسوب لتلك الشخصية والمقاطع الأصلية السابقة التي تعكس شخصيته الحقيقية.
تجاوز الأمر -مؤخرا- في تطبيقات ذكية -يمكن أن تصل بسهولة إلى يد أصحاب النفوس الضعيفة- تعمل على تزييف الصور وفق ظروف ومشاهد لا تناسب الذوق العام والأسس الأخلاقية، وهذا ما يسبب قلقا جمعيا داخل المجتمعات الإنسانية التي باتت خصوصيتها ونظامها الأخلاقي مهددا. لا أريد التشعّب في هذه المخاطر التي أظن أنها أصبحت معلومة عند معظم الناس -في زماننا-، إلا أنني أسعى إلى رفع مستويات الوعي بوجودها ومخاطرها وطرق مواجهتها؛ إذ إن من المهم أن ندرك أن مثل هذه المخاطر المتعلقة بتزييف الصور والمرئيات والصوتيات مجرد مخاطر مؤقتة وظرفية؛ حيث بدأت تظهر وسائل رقمية كاشفة لمثل هذه التزييفات تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي أيضًا؛ فهناك مختصون يعملون على مواجهة مثل هذه المخاطر الرقمية التي تمتد مخاطرها إلى عمليات الابتزاز ونشر الإشاعات والأخبار الزائفة التي يُسْعَى عبرها إلى زرع الخلل النفسي والاجتماعي، بل يشمل الجانب السياسي والاقتصادي؛ إذ صارت مثل هذه التقنيات الذكية أدوات وأسلحة رقمية تهدد الأفراد والمؤسسات والمجتمعات الإنسانية، وهذا أيضا ينطبق على المحتويات المكتوبة التي يمكن إنشاؤها بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، وسبق لي الإشارة إلى طرق مواجهة تحديات الانتحال والتزييف في النصوص المكتوبة في مقال نشرته في الملحق العلمي -التابع لجريدة عُمان- العدد الثالث. كما ذكرت فهذه المخاطر يمكن مواجهاتها من قبل المُختصِّين، ولكن من الصعب التحكم في تأثيرها السلبي في مراحلها الأولى؛ لذا يُعوّل على نشر الوعي لكونه الوسيلة الأساسية لكبح هذا التأثير إلى أدنى مستوياته.
نلحظ في جانب آخر تسارع تطويرات القطاعات العسكرية التي تعمل بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي، ونتوجس ممَّا يمكن لهذه الأنظمة الذكية أن تُحدثه في قطاع الأسلحة وتبعاتها التي ستلحق الضرر في المجتمعات الإنسانية ووجودها؛ إذ نرى عبر ما يُنشر في وسائل الإعلام والدراسات العلمية أن مثل هذه التقنيات العسكرية بمساعدة خوارزمياتها الذكية يمكن أن تخرج عن السيطرة؛ فتعمل وفق استراتيجية من الممكن أن تفوق الإنسان شراسة وقسوة، ولا تملك أي مبادئ أخلاقية. أجد أن مثل هذه المخاطر المتعلقة بالقطاعات العسكرية وصناعة الأسلحة خطرها يقود إلى كارثة وجودية للإنسان وحضارته، ومن المهم أن أفرد مقالا مستقلا عن هذا النوع من المخاطر الرقمية ونشر الوعي فيما يتعلق بها.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: نماذج الذکاء الاصطناعی هذه التقنیات هذه المخاطر القدرة على مثل هذه
إقرأ أيضاً:
تأثير الذكاء الاصطناعي على عقول البشر.. أحداث الحلقة الـ 11 من مسلسل أثينا
حبكة درامية يقدمها مسلسل أثينا، والذي يتناول تأثير التكنولوجيا على الشباب، وتتصاعد أحداثه ليكشف كيف يمكن أن يقع البعض فريسة وضحية للتلاعب على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كان من بشر أو من قوى خفية في عالم التكنولوجيا، وهذا ما تناولته الحلقة الـ 11 من مسلسل أثينا.
أحداث مسلسل أثينا الحلقة الـ 11بدأت الحلقة الـ 11 من مسلسل أثينا بذهاب ياسمين إلى إيمان السعداوي حتى توضح لها أنها لم تنشر فيديو مي وأنها لا تعرف أحدا من اليوتيوبرز، ولكن إيمان السعداوي تكشف لها عن كيفية دخولها على سيستم الجامعة.
وتذهب نادين ليوسف وتطلب منه أن يوقفوا الكلام عن أختها مي ومسح الفيديو، ليخبرها أنه عمل ذلك بالفعل ولكن اليوتيوبرز مدفوع لهم فلوس حتى يتحدثوا، وتخبره أن يشكر أثينا لأنه مسح كل ما يملك حتى لا يصل صلاح يزن لهم.
وتحدث عن الذكاء الاصطناعي وخطورته، وأوضح لها أن دينا سالم سرقت مشروع أثينا وطورته وحققت نجاح باهر وجعل نادين تستمع لـ أثينا وهي تشرح قصة حياة دينا سالم.
كما تحدثت نادين مع هشام خطاب عن فيديوهات الذكاء الاصطناعي وكيف هي حقيقة وعدم التفرقة بين الفيديو الحقيقي والأصلي و يستبعدوا دينا من أنها هي التي وراء أثينا.
وتعترف كل من مروان وداليدا أنهم وقعوا في حب بعض وذهبوا للسينما سوياً.
مسلسل أثيناوعلى الجانب الآخر ذهب هشام خطاب لإيمان السعداوي أعطته شهادة التخرج وأنه تخرج بعد عذاب 4 سنوات، ليخبرها هشام أن مشروع أثينا من 3 سنوات دخل أحد من الجامعة على سيستم الجامعة وطبع المشروع ثم مسحه.
وفي نهاية الحلقة الـ 11 من مسلسل أثينا، تهدد إيمان السعداوي نادين وتخبرها أنها أخر مرة تذكر بها اسم أثينا في الجامعة.
يذاع مسلسل أثينا، للفنانة ريهام حجاج في النصف الأول من شهر رمضان المقبل عبر عدد من القنوات وهم:
يُعرض مسلسل أثينا على قناة النهار
يُعرض مسلسل أثينا على قناة النهار دراما
يُعرض مسلسل أثينا على قناة الحياة
يُعرض مسلسل أثينا على قناة الحياة دراما
يُعرض مسلسل أثينا أيضاً عبر منصة Watch it
يشارك في بطولة مسلسل أثينا، بجانب ريهام حجاج، كل من: محمود قابيل، سلوى محمد على، أحمد مجدي، نبيل عيسى، علي السبع، والعمل من تأليف محمد ناير، وإخراج يحيى إسماعيل.
تدور أحداث مسلسل أثينا، في إطار من التشويق والإثارة حيث يناقش قضية مهمة وهي تأثير السوشيال ميديا على حياتنا اليومية، وهي من القضايا الحيوية التي تلامس واقعنا الحالي بشكل كبير، كما يتناول قضايا شائكة في المجتمع من بينها الدارك ويب، وتجسد ريهام حجاج شخصية صحفية تنغمس في عالم السوشيال ميديا، وتفتح النقاش حول السلبيات التي يمكن أن تترتب على هذه الوسائل الحديثة.
اقرأ أيضاًمسلسلات رمضان 2025| مواعيد وقنوات عرض مسلسل أثينا لـ ريهام حجاج
بعد نشر برومو مسلسل أثينا.. ريهام حجاج تتصدر المشهد في السباق الرمضاني 2025
مسلسلات رمضان 2025.. تفاصيل شخصية نبيل عيسي في «أثينا» | فيديو