لجريدة عمان:
2024-10-03@12:01:30 GMT

القوة المضطربة للسياسة الخارجية «النسوية»

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

في عام 2014، عندما أعلنت وزيرة الخارجية السويدية آنذاك مارجوت وولستورم أن بلدها سوف يتبع سياسة خارجية نسوية قوبلت الفكرة بتشكك. وتعرضت وولستورم لانتقادات من مؤسسة السياسة الخارجية عالميا بسسب نهجها «النضالي» العلني وبسبب الإدراك لسذاجة فهمها لحقيقة السياسات الواقعية. ومثلما ذكرت مقالة لمجلة ذي نيويوركر في عام 2015 فإن «دأب مجتمع الدبلوماسية، الذي تنتقى فيه الكلمات بعناية لكي لا تحمل أي إساءة، هو اجتناب -النسوية-».

انتقلت رؤية وولستورم إلى صدارة شيء أكبر من السويد. ففي أقل من عقد من الزمن، تبنت ست عشرة حكومة بشكل رسمي سياسات خارجية نسوية. بدأت الفكرة بداية محلية، بوصفها نهجا تتبعه بلدان شمال أوروبا لتمثيل حقوق المرأة على المسرح العالمي، ثم بدأ وضعها يتزايد بوصفها أداة عالمية للحكومات توضح التزامها بإعلاء أولوية البشر والكوكب على المعارك الدائرة لتحقيق هيمنة اقتصادية وعسكرية، وتؤكد التركيز على التعاون وعلى اكتساب القوة اشتراكا لا انفرادا.

مرت أربع سنوات قبل أن تتبنى الحكومات الأربع الأولى ـ في السويد ولوكسمبرج وفرنسا وكندا ـ سياسات خارجية نسوية. ومنذ عام 2020، مع وصول حكومات تقدمية إلى السلطة، تبعتها عشرات الحكومات في منطقة جغرافية أكثر تنوعا، ضمن أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا. مع تنامي الحركة، وتوسع تركيزها من تحدي الديناميات الجندرية الراسخة إلى تمزيق الديناميات الكولونيالية التي لم تزل تسم العلاقات الدولية.

تتفاوت أشكال السياسة الخارجية النسوية في تطبيقها من بلد إلى بلد. فلقد تعهدت ألمانيا ـ وهي كبرى بلاد المجموعة من حيث المساعدات الخارجية ـ بأن ترفع تبرعاتها الموجهة إلى المساواة الجندرية بمقدار الضعف تقريبا. وكندا وسلوفينيا حققتا أو تجاوزتا هدف المساواة الجندرية في هيئتيهما الدبلوماسية أو على مستوى السفراء، في حين شكلت فرنسا وأسبانيا وكولومبيا هيئات من الناشطين النسويين لتقديم الاستشارات لحكوماتها. ووضعت الأرجنتين نسوية المتحولين في مركز كل من سياستها الخارجية والداخلية فاستحدثت منصب الممثل الخاص للتوجه الجنسي والهوية الجندرية. وبوحي من حركة «الحياة السوداء مهمة» شكلت هولندا لجنة لمراجعة العنصرية في وزارة الخارجية.

وهذا ليس محض كلام. فإعطاء الأولوية للنساء له تأثير ملموس في مساعدة البلاد على تحقيق أهدافها في السياسة الخارجية. ولقد انتهت دراسة عالمية أجراها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى أن مشاركة النساء في عملية صنع السلام قد زادت احتمالية دوام اتفاقيات السلام لما لا يقل عن عامين بنسبة 20%، وزادت احتمالية دوامها لخمسة عشر عاما بنسبة 35%. وتتناسب المساواة الجندرية اطرادا مع السلام الحدودي والاستقرار: فالبلاد الأكثر مساواة على المستوى الجندري أكبر احتمالا لأن تلتزم بالقوانين والمعاهدات الدولية وأقل احتمالا لأن تلجأ إلى العنف في رد فعل أول بحالات النزاع. ومن الناحية الاقتصادية، تبين لتقرير صدر 2015 عن مكينزر أن المساواة الجندرية الحقيقية في كل مكان من شأنها أن تزيد من إجمالي الناتج المحلي العالمي بما يصل إلى ثمانية وعشرين ترليون دولار.

ومن المؤكد أن هذه الحركة تواجه رياحا معاكسة، بدءا بما يعرف بالقوى المؤيدة للأسرة في روسيا وبولندا والمجر التي تعمل من أجل دحر حقوق النساء، وحتى قمع حرية المرأة في إيران وأفغانستان والحقوق الإنجابية وحقوق المتحولين في الولايات المتحدة. وفي حين أن السياسة الخارجية النسوية شهدت نموا هائلا في السنوات القليلة الماضية، فلا ضمان لتحقق المزيد من التقدم. فلو أن انتصارات انتخابية تقدمية هي التي أثمرت لنا هذه الحركة، فإن موجة انتصارات محافظة يمكن أن تجهز عليها بالسرعة نفسها.

وانظروا إلى السويد التي بدأ منها كل شيء. في عام 2022، بعد تغير الحكومة، أعلنت السويد أنها وإن بقيت ملتزمة بالمساواة الجندرية، فهي لم تعد تتبع سياسة خارجية نسوية صريحة وسوف تقلص ميزانيتها المخصصة لإقامة السلام وسوف تشدد قيودها المفروضة على الهجرة.

وعلى مدار الشهور الاثني عشرة القادمة، تواجه 3 بلاد ذات سياسات خارجية نسوية على الأقل انتخابات حاسمة: فالأرجنتين في أكتوبر، وهولندا في نوفمبر، والمكسيك في يونيو. وفي هذه البلاد وبلاد أخرى، تهدد قوى يمينية الأجندة النسوية، بمرشحين من أشباه دونالد ترامب، وخطاب تتزايد طبيعته العنصرية والمعادية للمرأة والشعبوية، ووعوده بالنكوص عن حقوق المرأة، أو فرص طالبي اللجوء، أو الالتزامات بالعدالة المناخية.

في يوم الأربعاء، خلال أسبوع الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى وزراء خارجية دزينة من البلاد الممثلة لمجموعة الأمم المتحدة للسياسة الخارجية النسوية وطرحوا الإعلان العالمي الأول للسياسة الخارجية النسوية. التزموا بالعمل معا من أجل الدفاع عن «النساء والفتيات بكل ما لهن من تنوع» ومن أجل «صياغة سياسات خارجية نسوية» ومن أجل «تبادل أفضل الممارسات والدروس المستفادة في ما يتعلق بمختلف المناهج النسوية ».

وسوف يلزم أكثر من ست عشرة حكومة من أجل تغيير العالم. وبلدي ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ غائب غيابا سافرا من هذا النادي الذي قد يرى البعض أن هذا البلد هو الذي أسسه عندما قام بتعيين أول سفير متجول في العالم لقضايا المرأة العالمية قبل أكثر من عقد من الزمن.

من واشنطن إلى بيونس آيرس، يلوح في الأفق خطر جسيم يتمثل في أن هذه السياسات التقدمية التي تحققت إثر جهد جهيد يمكن التخلي عنها بسهولة، مشفوعة بالآمال في حماية أفضل للبشر والسلام والكوكب. ولكننا شهدنا هذا الأسبوع على الأقل نشوء تحالف يبذل كل ما في وسعه، وحيثما يستطيع، وطالما هو قادر. وهذا في حد ذاته خبر طيب.

ليريك طومسن المؤسسة والرئيسة التنفيذية لتعاونية السياسة الخارجية النسوية، وأستاذة مساعدة في كلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، وعضوة المجلس الاستشاري للأمن الدولي لوزير الخارجية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیاسة الخارجیة من أجل

إقرأ أيضاً:

القوات المشتركة تؤكد سيطرتها على قاعدة بئر مزّة التي تُعد من أهم مواقع التحصين لقوات الدعم السريع بدارفور

كشفت مصادر «التغيير» أن القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح المتحالفة مع الجيش السوداني، حققت تقدماً كبيراً على قوات الدعم السريع في محور الصحراء بالقرب من مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور في كلبس وشمال مليط وجبل مون وبئر مزة بالقرب من كتم بشمال دارفور.

دارفور: التغيير

كشفت مصادر «التغيير» أن القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح المتحالفة مع الجيش السوداني، حققت تقدماً كبيراً على قوات الدعم السريع في محور الصحراء بالقرب من مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور في كلبس وشمال مليط وجبل مون وبئر مزة بالقرب من كتم بشمال دارفور.

فيما أكدت المصادر أن اشتباكات عنيفة بين الطرفين تدور في منطقة تندلتي- 20 كلم شمال الجنينة. وأعلنت القوة تحرير قاعدة بئر مزّة العسكرية- 28 كيلومترًا شمال كتم.

وبدأت المعارك الأخيرة بين الجانبين، في منطقة مدو ثم وادي سندي وصولاً إلى منطقة الصياح، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة مليط الإستراتيجية بشمال دارفور.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل من العام الماضي، معارك ضارية بين الجيش والدعم السريع والمجموعات المتحالفة مع كل منهما، أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وتشريد الملايين داخل وخارج البلاد.

ودفعت المعارك بين الدعم السريع والقوات المشتركة عدداً من سكان منطقة كلبس للجوء إلى شرق تشاد، فيما تشهد الحدود السودانية التشادية بالجنينة موجات نزوح جديدة من غرب وشمال ودارفور.

وأكدت قيادات ميدانية بالقوات المشتركة، تدمير متحرك كامل للدعم السريع بالقرب من محلية كتم، وأعلنت اعتزامهم تحرير مدينة الجنينة من قبضة الدعم السريع.

وفي السياق، قال الناطق باسم القوة المشتركة الرائد أحمد حسين مصطفى في بيان اليوم الأربعاء، إنه تم سحق بقايا “مليشيات الجنجويد” بقاعدة بئر مزّة، التي تُعد من أهم مواقع التحصين لها وتم تدمير كل الدفاعات التي كان العدو يعتمد عليها في شمال، غرب، وجنوب القاعدة، وواصلت مطاردة المليشيات جنوبًا حتى دامرة غرير، على مشارف مدينة كتم.

من جانبها، وصفت قوات الدعم السريع تصريحات حاكم دارفور مني أركو مناوي بشأن بئر مزة والزرق وشمال كتم في شمال دارفور بالكذبة البيضاء بهدف التغطية على الهزائم الكبيرة التي لحقت بالحركات أمس في منطقة المالحة وسرف العوم بغرب دارفور.  

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يلتقي وزيرة خارجية نيبال
  • قوات صنعاء تكشف تفاصيل العملية العسكرية التي استهدفت العمق الإسرائيلي
  • تباين حاد في نهج السياسة الخارجية الأميركية بين هاريس وترامب
  • الخريجي يبحث سبل تعزيز العلاقات مع وزير خارجية ليبيا المكلف - إكس وزارة الخارجية
  • نائب وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية ليبيا المكلف
  • القوات المشتركة تؤكد سيطرتها على قاعدة بئر مزّة التي تُعد من أهم مواقع التحصين لقوات الدعم السريع بدارفور
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: يجب وقف إطلاق النار في جميع أنحاء المنطقة فورا
  • «الشعب الجمهوري» يشيد بمناقشة قضايا السياسة الخارجية في الحوار الوطني
  • كيف يمكن إنجاح السياسة الصناعية الأوروبية؟