جنرالات لدى الاحتلال يحذرون من تهديدات قريبة.. ما هي؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
ما زالت الأوساط الإسرائيلية منشغلة بالتحديات المحيطة بها، وتختلط فيها المخاطر السياسية مع التهديدات الأمنية والعسكرية، ما قد يتطلب من الأمر تغييرا عميقا في سياسة حكومة الاحتلال لاستعادة نفوذ الاحتلال الجيو-استراتيجي الذي تراجع في كافة المجالات، وأن الروافع التي بيدها تتآكل وتتضاءل. ودون تغيير الاتجاه في سياستها، فإن التحديات ستشتد وتتحول أكثر فأكثر إلى معضلة حقيقية.
الجنرالان عاموس يادلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، وأودي أبينثال خبير الاستراتيجية والتخطيط، أكدا أن "المنطقة تشهد تغييرا في الاتجاه الاستراتيجي يستدعي من حكومة الاحتلال إعادة ترتيب الأحداث، وتغييرا عميقا في سياستها سيسمح لها باستعادة نفوذها الجيو-استراتيجي، والقدرة على التخطيط والمبادرة، بدلا من الرد على الأحداث في مختلف الساحات".
"ويتضمن مثل هذا التغيير خمس خطوات رئيسية: الانقلاب القانوني الذي أضرّ بأمن الدولة، واستعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، وتبني النموذج الأمني على الساحة الفلسطينية، وتحدي تصاعد حزب الله، وحراسة المصالح الأمنية في التطبيع مع السعودية"، بحسب الجنرالين.
وأضافا في مقال مشترك نشرته "القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن "التغير الأهم في المنطقة يتمثل في تقدم البرنامج النووي الإيراني أمام تراجع النفوذ الإسرائيلي ضده، ولذلك يشهد هذا البرنامج الحالة الأكثر تقدما في تاريخه، كما تبدي إيران جرأة متزايدة في التعامل مع النظام الدولي، وآخرها حظر دخول ثلث مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما من شأنه أن يشكل تهديدا عسكريا حقيقيا ضد إيران ورادعا فعالا، وهكذا لم يعد صوت إسرائيل ضد تحركات إيران غير مسموع فحسب، بل إن علاقاتها مع الولايات المتحدة أصبحت على المحك، مما تسبب بتآكل التهديد الإسرائيلي المضاد لإيران، وبات تأثيره صفرا على تفاهمات واشنطن وطهران".
وأشارا أن "التهديد الثاني هو الساحة الفلسطينية حيث التفاعل المحدود، مع استمرار التدهور الأمني في الضفة الغربية، وارتفاع مستوى الهجمات في المدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين، ودخول الاحتلال في حالة تأهب متعددة التصعيد، خوفاً من انتقال الأحداث من القدس والضفة إلى غزة والخط الأخضر، بما فيها السجون والساحة الشمالية، بالتزامن مع تصارع نموذجين داخل الحكومة متضاربين، أولاهما أمني يدعو لاستقرار وتعزيز السلطة الفلسطينية، وثانيهما "مسيحاني" يسعى للتصعيد والسيطرة المباشرة على كل الضفة الغربية، والغريب أن أداء الحكومة من الناحية العملية، لا يعمل على عدم استقرار المشهد فحسب، بل يخلق تصعيدا وتدهورا".
وأكدا أن "التهديد الثالث هو حزب الله باعتباره من يحدد الإيقاع الأمني في الساحة الشمالية، وفي الأشهر الأخيرة، حذرت شعبة الاستخبارات ورئاسة الأركان من تآكل خطير في الردع ضده، من حيث تصاعد سلسلة استفزازاته، والمشي على حافة الهاوية عندما هدد بالحرب على خلفية المفاوضات البحرية، كما تم تسجيل ارتفاع جديد عندما بدأ هجومًا غير عادي للغاية في مجدّو في العمق الإسرائيلي، ولم يمنع حماس من إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان، والآن يهدد بالرد إذا هاجمت إسرائيل قيادات حماس في لبنان".
وأوضحا أن "التهديد الرابع يتمثل في التطبيع المتوقع مع السعودية، وتأثيرها على العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، فواشنطن والرياض لديهما مصالح كبيرة، ويسعى بايدن لإخراج الأخيرة من دائرة النفوذ الصيني، وضمان أسعار نفط معتدلة، فيما تطالب المملكة من الولايات المتحدة بإبرام اتفاق دفاعي ضد إيران، والحصول على أسلحة أميركية متقدمة وبرنامج نووي مدني كامل، وهنا يتجلى النفوذ الإسرائيلي في حقيقة أن واشنطن تحتاجه لتمرير الاتفاق عبر الكونغرس، وفي الحد الأدنى قد تلجأ واشنطن لصفقة أكثر محدودية، وبالتالي لن تتطلب موافقته، وستترك إسرائيل خارج الصورة".
لم يكن هذان الجنرالان أول من يستعرض تهديدات الاحتلال، فقد سبقهما الجنرال تامير هايمان مدير معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، الذي وضع يده على جملة تحديات تواجه الأمن القومي، "أولها المليشيات المنتشرة في قوس حول الاحتلال ما يشكل له تحديا تكتيكيا خطيرا على المدى القصير، أما التحدي طويل المدى فهو امتلاك إيران قوة ردع نووية دون دفع ثمن، ما قد يؤدي لسباق تسلح نووي في الشرق الأوسط".
وأضاف في مقال نشرته "القناة 12" وترجمته "عربي21" أن "التحدي الثاني يتعلق بالتخوف من انتفاضة فلسطينية ثالثة، يقودها جيل الشباب المنتظمين محلّيا على شكل خلايا، فيما تعاني السلطة الفلسطينية ضعفا مزمنا، ويجعل من هذه الموجة مشكلة تكتيكية خطيرة ذات أبعاد استراتيجية، إذا أضفنا لها تحدي خلافة أبي مازن في اليوم التالي، لكن هناك خطرا جدّياً واستراتيجياً يتلخص في الانزلاق الإسرائيلي لواقع دولة واحدة".
وأشار أن "التحدي الثالث مرتبط بالحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة بسبب الانقلاب القانوني، وسياسة الاحتلال بالضفة الغربية، بالتزامن مع التغيرات الكبيرة داخل أمريكا بما يتعارض مع الاحتلال، وسيكون القادة الأمريكيون بعد بايدن مؤيدين للرواية الفلسطينية أكثر بكثير من التعاطف مع الرواية الإسرائيلية".
وأوضح أن "التحدي الإسرائيلي الرابع يتعلق بالاستقطاب والانقسام الاجتماعي في أزمة غير مسبوقة في حدّتها مع غياب الإجماع واسع النطاق، لأن الانقلاب القانوني فتح كل صناديق الشرور في المجتمع الإسرائيلي، وأخرج كل الشياطين من سجونهم، ولا يمكن إعادتهم مرة أخرى، في ضوء تعمق واحتداد الانقسامات: الطائفية والدينية والطبقية والقومية والاقتصادية والتعليمية والثقافية".
تتواصل المحاولات الإسرائيلية لرصد قائمة تبدأ ولا تنتهي من التهديدات والتحديات، ويضاف لكل ما سبق تحدي الوضع الراهن في المسجد الأقصى، وشرعنة البؤر الاستيطانية، والتراخي في مواجهة جرائم المستوطنين اليهود، وانتهاك أوضاع الأسرى الفلسطينيين، مما يقلّص من مجال المناورة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية، وارتكازها بشكل رئيسي على ردود الفعل على حوادث التصعيد، بجانب تصاعد الاضطرابات الداخلية، وضياع الثقة بين الإسرائيليين.
أما على الصعيد الخارجي، فإن دولة الاحتلال تواجه عدّة تحديات أولها تفوّق الصين على الولايات المتحدة، وثانيها تفكك العلاقة الخاصة بين واشنطن وتل أبيب، وثالثها تراجع علاقة دولة الاحتلال مع يهود العالم، ورابعها التخوف من فقدان دولة الاحتلال للميزة العسكرية والنوعية التي احتفظت بها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الفلسطينية حزب الله السعودية فلسطين السعودية حزب الله الاحتلال الإسرائيلي صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
خبراء إسرائيليون يحذرون الاحتلال من نعي حزب الله وإزالته من خارطة التهديدات
يجمع الإسرائيليون في الآونة الأخيرة عددا من التطورات التي تزيد من الضغط على حزب الله، أهمها اغتيال قيادته السياسية والعسكرية الأولى، وسقوط نظام الأسد، وإضعاف المحور الإيراني، وتلقيه ضربات تلو الأخرى، مما أبعده عن خريطة التهديدات التي تستهدف الاحتلال.
ويتزامن ذلك مع إعلان الرئيس اللبناني عن نيّته نزع سلاح حزب الله، فيما يتم إزالة راياته من بعض المدن، ورغم كل ذلك، تصدر أصوات إسرائيلية ترى أنه من السابق لأوانه "تأبين" الحزب، وإزالته من خارطة التهديدات الأمنية.
مجلة "غلوبس" الإسرائيلية أجرت في تقرير مطول ترجمته "عربي21"، جولة مع عدد من الباحثين العسكريين والاستراتيجيين لاستشراف مستقبل حزب الله في الساحة اللبنانية، ومدى خطورة التهديد الذي ما زال يمثله على دولة الاحتلال.
شموئيل ألمي الكاتب في المجلة ذكر أن "الحملة العسكرية المباشرة ضد حزب الله التي شنها جيش الاحتلال قبل أشهر سبقها تخوفات إسرائيلية كبيرة من أنها ستضرّ بالدولة أكثر من أي وقت مضى، لكن مع بدئها، وتحقيقها لعدد من أهدافها، وبسرعة كبيرة، اختفت نبوءات الغضب بسرعة كبيرة، رغم أن ذلك لا يعني طي صفحة الحزب نهائياً".
وأضاف أن "الحرب وتداعياتها في سوريا، مع الإطاحة بالأسد، أدت لثلاث تحديات كبرى وضعت الحزب في أخطر أزمة في تاريخه: أهمها القيادة عقب تصفية معظم قادته الكبار، واحدا تلو الآخر، لكن الضربة الأكثر تدميراً تكمن، بطبيعة الحال، في اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، صحيح أن لكل زعيم بديل، لكن هذا ليس بالضرورة هو الحال بالنسبة له، وقد حرص الاحتلال على استهداف كل بدلائه المحتملين".
أفيرام باليش، نائب رئيس مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية، ذكر أن "اغتيال نصر الله ومركز القيادة شكّلا ضررا كبيرا للحزب، الحديث يدور عن مركز قيادة عمل لسنوات بتناغم تام مع نفسه ومع إيران، كما أن هؤلاء رموز مهمة وخاصة، وقد أضرّ اغتيالهم بصورة الحزب، وكشف عن اختراقها الاستخباراتي والتكنولوجي ، مما ألحق ضررًا بالغًا به، ووضع صعوبات أمام استعادة صورته".
ميكي أهارونسون، الرئيس السابق لقسم الشؤون الخارجية في الأمانة السياسية لمجلس الأمن القومي، والباحث الحالي في مركز الاستراتيجية الكبرى (ICGS)، أكد أن "الحزب يخشى اليوم من تفكيكه، لأنه ضعف كثيرًا بسبب ضعف إيران، رغم أن الاحتلال لم يحقق عليه نصرًا كاملاً، فالحزب لا يزال لديه فروع حول العالم، صحيح أن سقوط الأسد أضعف الحزب، لكن بروز محور سوريا-تركيا-قطر لا يصب في المصالح الإسرائيلية".
بانينا شيكير، عضو منتدى "ديبورا"، والمحاضرة في مركز شاليم الأكاديمي والكليات العسكرية، ومعهد القدس للاستراتيجية والأمن، زعمت أن "الحزب ضعف عسكريًا بشكل ملحوظ نتيجة الهجمات الإسرائيلية على مواقعه منذ سبتمبر 2024، وأدت لإضعافه سياسيًا، لكنه لا يزال متجذرًا بعمق في الحمض النووي اللبناني، كما أن الطائفة الشيعية لن تتخلّى بسهولة عن السلطة السياسية التي حصلت عليها بفضل الحزب".
أورينا مزراحي، نائبة رئيس مجلس الأمن القومي السابق للسياسة الخارجية، والباحثة بمعهد دراسات الأمن القومي (INSS)، أوضحت أن "ضعف الحزب منح دولة لبنان سهولة التحرك ضد النشطاء المسلحين الفلسطينيين، ولكن رغم الحديث عن ضعف قيادة الحزب، وتضرّرها، لكن هناك آلاف العسكريين الذين تنبض فيهم روح المقاومة، وتبقي علامة استفهام كبيرة تتعلق بالنشاط العسكري للحزب في بقية أنحاء لبنان، صحيح أنه قد يغيب عن الجنوب كي لا يصطدم بالدولة، لكن لا أعتقد أنه سيغيب عن أماكن أخرى".
تال باري، رئيس قسم الأبحاث بمركز "ألما" لدراسة التحديات الأمنية في الشمال، كشف أنه "منذ الإطاحة بالأسد، تم إغلاق طرق التهريب الجوي والبحري عبر سوريا للحزب، ومع ذلك، لا تزال عمليات التهريب مستمرة عبر الحدود البرية في البقاع وشمال شرقي لبنان، كما يتم إرسال شحنات نقدية بالطرق الجوية عبر تركيا والعراق، أي أن الحزب لجأ لطرق بديلة.
روث واسرمان لاندا، عضو الكنيست السابقة ونائبة السفير في مصر وباحثة بمعهد ميسغاف للأمن القومي، ذكرت أن "تراجع دور الحزب في لبنان عقب ضعف الدور الإيراني أفسح المجال أمام قطر لملء الفراغ الناجم، وهي تعرض الاستمرار بتمويل الجيش اللبناني لزيادة نفوذها، كما تموّل جماعة الإخوان المسلمين، وحماس والمعارضة المصرية، قطر تعمل على جميع الجبهات للحفاظ على الإسلام السياسي، وانضمامها للجيش اللبناني أمرٌ مقلق للغاية لإسرائيل، ويجب لفت الانتباه إليه".