منذ اللحظة الأولى لدخوله من بوابة الفن فى مصر، تمكّن من خلق مساحته الخاصة التى ساعدته فى إيصال مشروعه الفنى إلى قطاع كبير من الجمهور دون السعى وراء فكرة «التريند» وما إلى ذلك.

الفنان عزيز مرقة الذى كان واحداً من نجوم الدورة الـ31 لمهرجان القلعة للموسيقى والغناء حلّ ضيفاً على جريدة «الوطن» فى ندوة فنية كشف فيها كواليس حفلته، وردة فعل عائلته عليها، كما أعلن سبب تفضيله تقديم الأغانى «السنجل» عن الألبومات الغنائية، والشخصية التى يحلم بتجسيدها عند خوضه تجربة التمثيل، والكثير من التفاصيل والأسرار فى السطور المقبلة.

المشاركة بمهرجان القلعة حققت أحد أحلامى الفنية.. ومصر تسير بنفس السرعة التى أتمناها

كيف رأيت مشاركتك الأولى فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء هذا العام؟

- قبل مجيئى إلى مصر كنت أسمع بوجود مفاتيح لدخولها من بوابة الفن، وعلمت أن مهرجان القلعة أحد أهم هذه المفاتيح، والحقيقة أنه لم يحالفنى الحظ فى المشاركة بدوراته السابقة، ولكن عندما شاركت هذا العام شاهدت بعينى طبيعة وميزة جمهور المهرجان الذى يتنوع من كافة أطياف المجتمع، وهو ما حمّلنى مسئولية كبيرة لإرضاء كل هذه الأذواق، والحمد لله أننى وُفقت فى أداء تلك المهمة.

علمنا أن تقديمك لحفل غنائى فى مهرجان القلعة كان حلماً من أحلامك.. فما حقيقة ذلك؟

- بالفعل، تقديم حفل غنائى بمهرجان القلعة كان أحد أحلامى، وشعرت بقيمة تلك المشاركة بشكل أكبر من الأصداء التى لمستها على جروب العائلة بتطبيق التراسل «واتس آب»، فأنا دائماً أستشعر النجاح عندما أراهم وهم يتشاركون أعمالى عليه، ومن هذا المنطلق كانت مشاركتى فخراً لى ولعائلتى، لا سيما أننا من أصول كردية، والحفل كان مقاماً بقلعة صلاح الدين الأيوبى الذى ينتمى إلى عائلة كردية.

غنائى فى فلسطين أسعد والدى بسبب أصوله الفلسطينية.. ومشروع «الديو» مع أحمد سعد لم يكتمل

وكيف كانت ردود فعل عائلتك على حفلك بالمهرجان؟

- لو تحدثت عن بداية مشوارى، فعائلتى كانت متخوفة من مسألة المجازفة فى عالم الفن، ولكنى مررت بأحداث كانت تعنى لهم الكثير خلال مشوارى، ومنها المرة الأولى التى غنيت فيها فى فلسطين، فكان لذلك أثر كبير على والدى لأنه من أصول فلسطينية، وكذلك عندما غنيت فى لبنان وقطر، ترك ذلك أثراً على والدتى التى حضرت حفلى فى قطر، لأنها عاشت فترة من عمرها هناك، وكذلك جاءت مشاركتى فى مهرجان القلعة لتعنى لهم الكثير.

معنى كلامك أن عائلتك دعمتك فى دخولك مجال الفن منذ الصغر؟

- عائلتى دعمتنى فى مجال الفن كثيراً، فى البداية كنت أرغب فى دراسة البيزنس، ولكن والدى هو من أصر على دراستى للموسيقى، لأنه مؤمن بأن الإنسان إذا درس ما يحبه بشغف فستكون المذاكرة أسهل بكثير وسيصير خبيراً فى مجاله، وبالمناسبة عندما أنهيت دراستى كان والدى يرغب فى أن أستكمل رسالتى الماجستير والدكتوراه، ولكنى لم أرغب فى هذا الأمر، لأننى لم أرد أن ينحصر ما عندى فى قالب الجامعة، ولكنى كنت أريد أن أكون على الأرض، خاصة أن لدىّ فرصة للسفر والانتقال إلى كل دول العالم وإيصال صوتى لكل الناس والتفاعل معهم.

أنا متزوج ولدىّ «زيد وجود» وحياتى بين الأردن وأمريكا

وماذا عن عائلتك الثانية؟

- أنا رجل متزوج ولدىّ ولد يُدعى «زيد» وبنت تُدعى «جود»، وحياتى بين الأردن وأمريكا.

دعنا نذهب إلى أعمالك الغنائية التى حققت نجاحاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة ومنها «الديو» الذى جمعك بالفنانة هنا يسرى.. حدِّثنا عن هذا الأمر.

- عندما تعرفت على «هنا» كان هناك مشروعان نحضّر لهما معاً، أحدهما توقف والآخر كان الديو الغنائى الذى حمل اسم «الوقت الحلو»، فحينها شاهدتها وهى تسجل الأغنية، ووجدتها تغنى بسلاسة ومبتسمة ومتعلمة، بالإضافة إلى أنها تتحدث بشكل لبق للغاية، ولمست فيها أنها ستكون نجمة المستقبل.

كنت أول مطرب فى الوطن العربى يقدم ألبوم VR.. حدثنا عن هذه التجربة.

- عندما قررت خوض هذه التجربة كنت أرى فئات من الجمهور لا تستطيع حضور الحفلات الغنائية، ومن ثم فمن الممكن أن نقدم لهم ألبوماً غنائياً يشعرون من خلاله بواسطة التكنولوجيا بأنهم يحضرونه «لايف» مع الفنان من خلال ارتداء «نظارة» واتباع خطوات عدة، وهذا الأمر كان فى عام 2017، ولكنى شعرت بأن هذه الفكرة كانت سابقة لزمنها، لأن الألبوم على الرغم من تحقيقه مبيعات لم يحقق نسب استماع حينها، لأنه رغم شرحى لطريقة التشغيل فإن الكثيرين لم يتمكنوا من تشغيله، فتعلمت أن الفكرة إن لم تتمكن من شرحها فى 20 ثانية، فمن الأفضل أن تضعها جانباً.

ما السبب فى تفضيلك تقديم الأغانى «السنجل» عن تقديم الألبومات الغنائية رغم خوضك تجربة الألبوم فى أوقات سابقة؟

- أصبحنا نعيش فى زمن سريع بشكل كبير، وكلامى هنا ليس على سرعة المتلقى فحسب، وإنما أتحدث عن عواطفنا وتفكيرنا ومجرى حياتنا بالكامل، كما أن الألبوم يستغرق وقتاً طويلاً قد يصل للعام كحد أدنى، وبالتالى عندما أنتهى من تسجيل الأغنيات ويأتى موعد طرح الألبوم، تكون كل الموضوعات الموجودة به قد انتهى وقتها، فعلى سبيل المثال قدمت أغنية بعنوان «ضلك أبكى» مع بداية العام، عندما قدمتها كنت أشعر بالحزن الموجود بها ووصلت للجمهور، ولكن إذا فكرت فى طرحها الآن لن يكون هذا وقتها لأن حالتى مختلفة حالياً.

وهل أغانيك تكون نابعة من تجاربك الشخصية؟

- بالفعل، أغنياتى أحياناً تكون من تجاربى الشخصية، والتجارب الشخصية قد تكون تجربتك الخاصة أو تجربة شاهدتها وتأثرت بها، فمثلاً أغنيتا «رجّعونى على عمّان»، و«بحكى لحالى» تحكيان عن غربتى، وهناك أيضاً أغانى الاشتياق والندم على عدم الاعتراف بالحب، ولدىّ أغنية بعنوان «ما بقول آسف» كتبتها لصديق.

الجمهور بيشاور علىّ فى الشارع: «اللى بيغنى أحلى واحدة أهو»

بعد تقديمك لكثير من الأغانى الناجحة.. ما أكثر أغنية حققت نجاحاً مع الجمهور المصرى فى رأيك؟

- أغنية «ما فى منك» قبل عامين من الآن، ولكن حالياً أصبحت أغنية «أحلى واحدة»، فالجمهور عندما يرانى فى الشارع يقولون «أهو اللى بيغنى أحلى واحدة»، وهذا قبل أن يذكروا اسمى، وهذا بالنسبة لى نجاح كبير، ويأتى ذلك على الرغم من عدم تحقيق الأغنية نجاحاً فور طرحها، بل حققته بعد فترة من الوقت، وهو ما يثبت أن الإنسان لا بد أن يواصل سعيه وكلما سعيت أكثر زاد حظك.

صرحت فى وقت سابق بوجود عمل غنائى سيجمعك بالفنان أحمد سعد.. ما مصيره؟

- بالفعل كانت هناك أغنية ستجمعنى بالفنان أحمد سعد وجمعتنا جلسات عمل وعملت على الجزء الخاص باللهجة الأردنية فى الأغنية وهو عمل على الجزء المتعلق باللهجة المصرية، وجلسنا مع الموزع توما، ولكن لم يكتمل المشروع، وبعد أكثر من عام ونصف تقابلنا وجلسنا نغنيها ولكن أصبحنا أنا وهو فى وقت نستقبل فيه كثيراً من الأغانى ولدينا الكثير من الأمور الفنية فلم يعد لدينا الوقت ولم نستقر أيضاً هل هذه هى الأغنية التى من الممكن أن تجمعنا؟

قمت بإحياء الكثير من الحفلات الغنائية فى عدد من الدول العربية.. فما الذى يميز الجمهور المصرى؟

- الحقيقة أن كل جمهور له ما يميزه فى طريقة استماعه، فمثلاً الجمهور اللبنانى يستمع بشكل بسيط وتجده يندمج معك فى ألحان الأغنية، والجمهور التونسى نفس الأمر، أما الجمهور المصرى فيميزه أنه أقوى فى التفاعل العاطفى، وهو الأقوى إيقاعياً، فلو كانت الأغنية بسرعة مليون ستجده يغنى معك بسرعة المليون، كما أنه الجمهور الأكثر احتياجاً للموسيقى والفن، فالموسيقى بالنسبة لهم من أولويات الحياة مثل السكر والعيش.

لم تقتصر حفلاتك الغنائية على خشبة المسرح، ولكنك اخترت أيضاً النزول والغناء للجمهور فى الشارع، وكان آخرها ظهورك فى منطقة الكوربة بمصر الجديدة.. حدثنا عن تلك التجربة.

- كنت أؤمن فى أوقات سابقة بأن الفنان لا بد أن يكون على خشبة مسرح مرتفعة وشاشات وإضاءة وأمن وسيارات وما إلى ذلك، وبالفعل بدأت بهذه الطريقة، وكنت أشعر أن الأمور تسير على ما يرام، ووسط الفرحة بالإنجازات شعرت بأن هناك شيئاً ناقصاً، ولذلك قررت أن أجرب العكس وهو أن أنزل إلى الجمهور فى الشارع، وبالفعل قررت خوض التجربة لأول مرة فى مدينة الإسكندرية، فكان لدى حفلة هناك ووعدت الجمهور بأننى سأغنى حتى وإن فعلت ذلك فى الشارع، وفجأة تقرر إلغاء الحفلة حينها فقررت أن أغنى لهم فى الشارع والحقيقة أننى فى العشر دقائق الأولى كنت أشعر بالقلق والتوتر، هل سأكون قادراً على أنى «أشيل شارع» دون ميكروفون وإضاءة! وبالفعل نجحت فى هذا الأمر فأصبح شيئاً ثابتاً أفعله كل فترة.

خضت تجربة كتابة الأغانى والتلحين وترغب فى خوض تجربة التمثيل.. ما سبب هذا التنوع وخوضك مجالات جديدة؟

- تعلمت شيئاً مهماً على مدار سنوات عمرى مفاده أن من يجرى وراء المال لن يجده، ولكن الأفضل أن تستغل الوقت الذى تعيشه فى حياتك وتتعلم كل ما هو جديد، لأننى اكتشفت أن العلم هو من أكثر الأشياء التى تجعلك تشعر بالراحة فى هذه الحياة، لأنه قد يأتى يوم تخسر فيه شهرتك وكل شىء، إلا أن علمك ومهاراتك ومعرفتك هى الوحيدة التى ستشعرك بالطمأنينة.

وماذا عن تجربة التمثيل، خاصة أنك اتخذت هذا القرار منذ أكثر من عام؟

- أنا أرغب بشدة فى خوض تجربة التمثيل، ولكنى أتأنى جداً فى اتخاذ هذه الخطوة، لرغبتى فى البدء بعمل يليق بى، فلا أرغب فى خوض التجربة من أجل التجربة، ولذلك أعمل على نفسى خلال هذه الفترة من خلال ورش تمثيل، أنهيت واحدة مع مدرب التمثيل العالمى جيرالد جيمس وساعدتنى كثيراً فى كونى إنساناً قبل أن أكون فناناً، ووجدت نفسى بسببها أفضل وأهدأ بكثير على خشبة المسرح، وسأبدأ ورشة ثانية مع مروة جبريل لمدة شهرين ونصف خلال الفترة المقبلة.

لو عُرض عليك تجسيد سيرة ذاتية لفنان.. فمن ستختار؟

- من أكثر الأشخاص الذين أحس بالفضول نحوهم الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، لأن شخصيته مليئة بالأبعاد والزوايا فى مجال الفن، وأشعر دوماً بالرغبة فى معرفة المزيد عنه، وسيكون لى الشرف لو قدمت سيرته الذاتية فى عمل فنى.

هل قررت الاستقرار فى مصر؟

- مصر هى بالنسبة لى الانطلاقة، وأبعث رسالة لأصحابى الشاميين بالمجىء إلى مصر، لأن الموضوع لا يقتصر على الحفلات الفنية والجمهور فحسب، ولكن هناك بنية تحتية وخبرات وكل الوسائل التى سُتمكنك من توصيل الفن الخاص بك، ولذلك فأنا فى الوقت الحالى أرى نفسى داخل مصر «مصر بتحسسنى إنها ماشية بنفس السرعة اللى بتمناها».

الأعمال المقبلة

الصيف هذا العام كان مختلفاً للغاية، ولم أكن أتوقع أن نجد موضوعات بعض الأغانى عن الساحل الشمالى، وكنت أريد فى هذا الموسم أن تنجح الأغانى الخاصة بى، وبالفعل حققت النجاح المطلوب، ولكنى شعرت بأننى ابتعدت عن الطريق الذى أريده، وهو أن أقدم أغانى تظل مع الجمهور، ولذلك فأنا حالياً أعمل على هذا الأمر، وجلست مع الشاعر مصطفى ناصر وطلبت منه أن يكتب لى أغنية عظيمة، وبالفعل انتهينا من أغنية بعنوان «بحبك عادى»، وأعمل أيضاً مع الشاعر محمد الشافعى على أغنية باللهجة الأردنية، وأعمل على أغنيات أخرى، فأنا أريد تقديم أغانى مهمة وبها عمق فى موسم الشتاء.

 

 

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الفنان عزيز مرقة الجمهور المصرى تجربة التمثیل مهرجان القلعة هذا الأمر فى الشارع عمل على

إقرأ أيضاً:

«إيلون ماسك».. من أغنى رجل في العالم إلى «صداع مزمن»

كيف تتحول إلى صداع مزمن فى رأس العالم كله؟

الإجابة بسيطة: عليك ألا تكف عن الكلام! عليك أن تتدخل فى كل شىء وتُبدى رأيك فى كل موضوع (كأنك التجسيد البشرى لمنصة «إكس»). عليك أن تتدخل فى شئون الدول وتحاول إثارة الرأى العام الداخلى فيها. عليك أن تحاول التأثير فى نتائج انتخابات بلاد تبعد عنك آلاف الأميال، وليس الدولة التى تحمل جنسيتها وحسب.

عليك أن تفتح ملفات قديمة تُثير الضغائن والأحقاد فى المجتمع لكى تحولها إلى ضربات ضد السياسيين الذين لا يسيرون على هواك. وعليك، قبل أى شىء، ألا تخشى من، بل تسعى إلى، إثارة الجدل فى كل ما تفعله.

عليك أن تجعل من «تجاوز الحدود» شعاراً وسياسة. وأن تطالب بالإفراج عن المتهمين الذين يبثون أخباراً كاذبة، حتى لو تسبّبت فى إشعال أعمال عنف وشغب تُهدّد سلامة الناس، بحجة «حرية التعبير» ورفع سقف الحريات، وأن تقوم بنفسك بإعادة نشر هذه الأخبار الكاذبة (حتى مع علمك التام بعدم صحتها) لكى يُردّدها من ورائك ملايين المتابعين (حتى مع جهلهم التام بما تتحدث عنه).

عليك أن تدعم رئيس أقوى دولة فى العالم (الولايات المتحدة الأمريكية)، وتضخ ملايين الدولارات قبل وبعد وأثناء حملته الانتخابية، وأن تتحول إلى ظله الذى لا يفارقه، وأن تجعل اسمك مرتبطاً باسمه، فيخشى الناس أن يهاجموك حتى لا يبدو أنهم يهاجمون سياسات الرئيس الأمريكى، فيعملون لك حساباً كما يعملون له ألف حساب.

ولا مانع، بالإضافة إلى ما سبق، أن تجعل اسمك يتردّد بين مشجعى كرة القدم العالمية، فتُلمح إلى رغبتك فى شراء نادى «مانشستر يونايتد» الإنجليزى، أو تغير رأيك وتضع عينك على نادى «ليفربول» الذى يلعب فيه «محمد صلاح». ثم تظهر لتثير عاصفة من الجنون فى عالم ألعاب الفيديو، معلناً أنك ضمن قائمة أفضل ٢٠ ممن يلعبون لعبة «ديابلو (أو الشيطان!)» التى لها ملايين المتحمسين حول العالم، والذين يعتبرون إنجازك فيها ضرباً من الخيال أو الجنون، فلا يكفون عن الحديث عنك فى منتدياتهم ودردشاتهم، كما لا يكف السياسيون وصُناع القرار عن الحديث عنك فى نقاشاتهم وجلساتهم.

«الجارديان»: الملياردير الأمريكى يلتقط عبارة من مصدر مشكوك فيه ثم يشاركها عبر حسابه دون فحص أو نقد ثم يعيد بثها تحت اسمه 

افعل أى شىء أياً ما كان.. المهم أن يظل اسمك يتردّد على لسان أى مهتم بأى مجال فى أى مكان!

لكن قبل ذلك كله، عليك أن تترأس ست شركات من أكبر وأهم شركات العالم، وأن تتربّع على عرش صناعة السيارات الكهربائية (شركة تسلا)، وتمتلك شركة وُلدت كبيرة فى عالم الذكاء الاصطناعى (إكس إيه آى)، وشركة ثالثة تتجاوز حدود الأرض إلى عالم الفضاء والصواريخ (سبيس إكس)، ومنصة عملاقة فى عالم التواصل الاجتماعى (منصة «إكس»، التى كانت تُعرف من قبل باسم «تويتر»)، وشركة ناشئة متخصّصة فى مجال الكمبيوتر والدماغ البشرى (هى شركة «نيورالينك»)، التى تتلاعب (حرفياً) بالدماغ البشرى، وتخترع شرائح تُزرع فيه وتقرأ إشاراته العصبية والكيماوية، بشكل قد يذيب الحدود بين الإنسان والآلة فى المستقبل غير البعيد، لتشعر العالم (ولو على سبيل الوهم) بأنك تمتلك المستقبل كله بين يديك.

ولن يضر طبعاً أن يكون لديك ما يزيد على ٢٨٠ مليون متابع على منصة «إكس» التى تمتلكها بعد صفقة خرافية بلغت ٤٤ مليار دولار.

لكن عليك أولاً، وقبل كل شىء، أن تكون أغنى رجل فى العالم، وأن يكون اسمك هو «إيلون ماسك»، الذى قام بالفعل بكل ما سبق!

مجرد الحديث عن الملياردير الأمريكى الشهير «إيلون ماسك» قد يصيب المتحدّث والمستمع بصداع. الكل يلهث فى محاولة تتبّع أخباره والوقوف على آخر تطورات اشتباكاته المتناثرة فى كل الاتجاهات وعبر كل الحدود. يثير ضجة جديدة فى مكان جديد قبل أن تخمد نيران الضجة الأولى التى أثارها، وقبل أن يستوعب خصومه الضربة التى وجّهها إليهم يكون قد وجّه ضربة أخرى إلى خصم جديد، أو حليف قديم لم يكن يتوقع منه الغدر. كل ذلك دون أن يبدو «ماسك» نفسه مُجهداً ولا متوتراً، كأنه يتغذّى وينتعش ويستمد طاقته وحيويته من إصابة الآخرين بالدوار.

حتى «مارك زوكربرج»، المدير التنفيذى لشركة «ميتا» المالكة لمنصات عملاقة للتواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك» وإنستجرام» و«واتس آب»، والذى كان البعض يتوقع أن يكون هو المعادل المقابل، والقوة التى يمكن أن تُشكل توازناً فى مواجهة «ماسك» ونفوذه، بدا وكأنه قد سقط أرضاً أمامه، وتبنى سياسات مشابهة لسياساته تدعو إلى رفع القيود بشكل مطلق عن وسائل التواصل الاجتماعى، كما لو كان ما زال مجرد طالب جامعى يهوى التكنولوجيا والبرمجة، و«يتهاوى» عند المواجهة الفعلية أمام «الكبار».

مؤخراً، أعلن «زوكربرج» أن منصاته لن تمارس تدقيقاً أو رقابة على المحتوى الموجود فيها كما كان يحدث من قبل، بشكل يجعلها أقرب إلى منصة «إكس» التى تكتفى بتعليقات وملاحظات الموجودين فيها على المنشورات. وهو توجّه يتفق مع ما يدعو إليه «ماسك» من رفع كل رقابة وكل قيود على كل شىء وترك العنان لكل من يريد أن يقول شيئاً لأن يقوله. وبدا الأمر لآخرين على أنه خطوة من «زوكربرج» للتقارب مع الرئيس الأمريكى المنتخب «دونالد ترامب»، الذى أبدى ترحيبه بقرار رفع الرقابة عن محتوى «فيس بوك»، الذى أغلق حسابات الرئيس الأمريكى السابق والمنتخب من جديد بعد هجوم أنصاره على مبنى «الكابيتول» إثر إعلان خسارته للانتخابات فى يناير ٢٠٢١.

بريطانيا تتهمه بترويج الأكاذيب و«فيس بوك الحائر» يسير على خُطاه ويلغى الرقابة على المحتوى 

هى خطوة تُظهر مدى تخبّط وحيرة «فيس بوك» ومديره التنفيذى الذى لا يعرف هل يُرضى الليبراليين ممن يريدون الدفاع عن حريات الأقليات والتعددية ومنع «المحافظين» (من أنصار «ترامب») من الهجوم عليهم، أم يترك اليمين المحافظ (وحتى المتطرف) يهاجم من يريد ويعبّر عن نفسه كما يشاء؟ الملاحظ أن المحافظين اعتبروا خطوة «زوكربرج» انتصاراً لهم، لأن أصحاب القيم الليبرالية، فى مفارقة ساخرة، كانوا يقيّدون حرية معارضيهم بأدوات الرقابة على المحتوى. وربما كان «زوكربرج» نفسه، مثله مثل باقى عمالقة شركات التكنولوجيا فى العالم، قد وجد أن أسرع طريق للتقارب مع الرئيس الأمريكى المنتخب (المعادى للقيم الليبرالية) هو اتباع خطوات «ماسك» بعد أن أصبح مستشار «ترامب» المقرّب منه إثر دعمه لحملته الانتخابية بأكثر من ربع مليار دولار.

إلا أن الواقع يؤكد أن كثيرين من أنصار «ترامب» أنفسهم، من اليمينيين المحافظين، لا يحبون «إيلون ماسك»!

لفتت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية النظر إلى أن ملف الهجرة أحدث انقساماً مبكراً بين أنصار «ترامب»، بين اليمينيين المتشدّدين الذين يؤيدون سياسات الرئيس المنتخب فى ترحيل المهاجرين من أمريكا، والمليارديرات»، وعلى رأسهم «ماسك» من أصحاب شركات التكنولوجيا العملاقة الذين يدافعون عن نظام تأشيرة العمل، الذى تمنحه الولايات المتحدة للعمالة الموهوبة من الدول الأخرى، والذى يُعد خطوة أولى للمهاجرين الذين تحتاجهم سوق العمل الأمريكية للإقامة الدائمة فى البلاد. يتحدث «ماسك» عن عدم وجود مواهب كافية فى سوق العمل الأمريكية لسد حاجات شركات التكنولوجيا كسبب لاستمرار فتح باب الهجرة «الضرورية» إلى أمريكا، بينما يعارض أنصار «ترامب» المتطرّفون نظام تأشيرة العمل ويصفونه بأنه «غزو العالم الثالث» لأمريكا.

إحدى مناصرات «ترامب» قالت إن «ماسك» ليس من أتباع حركة «ماجا» (اختصار جملة «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» شعار حملة «ترامب»)، ولا يشاركهم قيمهم حول سياسات الهجرة، وبدأت تنشر كلامها عبر حسابها على منصة «إكس» التى يمتلكها «ماسك» وفقاً لـ«نيويورك تايمز»، فما كان من الملياردير الأمريكى، الذى يملأ الدنيا ضجيجاً حول الحريات، وضرورة عدم مصادرة الآراء، إلا أن رفع شارة التوثيق الزرقاء من على حسابها على «إكس»، حتى يمنعها من توليد عائد مادى منه لفترة!

لكنه لم يتردّد فى دعم اليمين المتطرف فى أوروبا، خاصة فى ما يتعلق بسياساته المعادية للمهاجرين.

قراءة التحركات الأولى التى قام بها «ماسك» فى دوره الجديد كمستشار مقرّب من الرئيس الأمريكى المنتخب، أثارت اضطرابات جديدة فى العلاقات الأمريكية مع حلفائها التقليديين فى أوروبا. لقد كانت أوروبا تستيقظ قلقة فى فترة «ترامب» الرئاسية الأولى على تغريدات الرئيس الأمريكى السابق والمنتخب من جديد على منصة «تويتر» (إكس حالياً)، والتى كان يحلو له أن يطلقها فى ساعات متأخرة من الليل ليُربك بها حسابات أوروبا وثوابت علاقاتها مع أمريكا. أما الآن، فإن منشورات «ماسك» التى لا تهدأ تكاد تطير النوم من عينيها من الأساس!

 قال إن على أمريكا «أن تُحرّر البريطانيين من حكومتهم المستبدة».. ووصف حزب اليمين المتطرف الألمانى بأنه «بارقة الأمل الأخيرة لألمانيا» 

راح الملياردير الأمريكى يُطلق منشورات تُظهر تأييده لوجوه بارزة فى اليمين المتطرف الأوروبى، منها مثلاً «أليسا فايدل»، مرشحة حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليمينى لمنصب مستشار ألمانيا فى الانتخابات المقبلة. وأعلن «ماسك» أنه سوف يستضيف «فايدل» فى لقاء عبر منصة «إكس»، وكتب افتتاحية فى صحيفة ألمانية كبرى يصف فيها حزبها بأنه «بارقة الأمل الأخيرة بالنسبة لألمانيا»، فى الوقت الذى وجّه فيه إهانات بالغة للمستشار الألمانى الحالى «أولاف شولتز»، قائلاً إنه «لن يربح الانتخابات المقبلة» فى فبراير المقبل. الأمر الذى جعل «فريدريك ميرز»، مرشح الحزب الديمقراطى المسيحى الأوفر حظاً للفوز بمنصب المستشار الألمانى يقول إنه لم يشهد من قبل حالة تدخّل فى انتخابات دولة «صديقة» بالشكل الذى يفعله «ماسك».

صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية قالت إن «ماسك» يرمى قنابل يدوية (وليس مجرد منشورات) على سياسات أوروبا فى الهجرة وحرية التعبير وغيرها، وإن منشورات الرجل الأغنى فى العالم قد أصبحت تُشكل «صداعاً دبلوماسياً» للمسئولين الأوروبيين الذين لا يعرفون كيفية الاستجابة الصحيحة لما يفعله مستشار «ترامب»، خاصة مع اقتراب لحظة تنصيب الرئيس الأمريكى، وقلقهم من أن يتحول وقوفهم فى وجه «ماسك» إلى إهانة بالنسبة لـ«ترامب».

لكن السياسيين الأوروبيين الذين تتراجع شعبية كثيرين منهم فى بلادهم، لا يمكنهم تجاهل الرسائل التى يوجّهها «ماسك» لمتابعيه على منصة «إكس»، محاولاً فرض أجندة جديدة على سياسات أوروبا، وإجبار قادتها على التحدّث فقط فى ما يريده هو، ومحولاً منصته فى الوقت نفسه، إلى أداة لحشد وتحريك الناخبين لتأييد وجوه اليمين المتطرّف، خاصة بعد أن فقدوا ثقتهم فى حكومات دولهم وسياساتها مع ضعف معدلات النمو الاقتصادى فيها.

الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» لخّص الموقف، قائلاً: «لو أن أحداً قال لنا قبل عشر سنوات مضت، إن صاحب إحدى أكبر منصات التواصل الاجتماعى سوف يتدخّل مباشرة فى الانتخابات لم نكن نصدقه، من كان يمكنه أن يتخيل ذلك؟». كان الرئيس الفرنسى يشير إلى مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعى فى الناخبين، والذى أصبح السياسيون فى أوروبا يخشونه اليوم أكثر من قلقهم من أساليب السياسة التقليدية. يروى «خوزيه إجناسيو توريبلانكا»، أحد الخبراء فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، أن أحد مستشارى «ترامب» فى فترته الرئاسية السابقة، هو «ستيف بانون»، حاول أن يبنى شبكة من الأحزاب اليمينية المتطرّفة على امتداد أوروبا قبل انتخابات البرلمان الأوروبى فى ٢٠١٩، دون أن يُحقّق نجاحاً يُذكر. أما «إيلون ماسك» فيبدو أنه سيكون أوفر حظاً منه بفضل منصة «إكس». ويتابع الخبير الأوروبى: «إن ماسك يرى نفسه مُنقذاً للديمقراطية الأمريكية من أصحاب النزعات التقدمية (أو الليبراليين)، ويرى أن ذلك لا بد أن يمتد إلى أوروبا».

حرص «ماسك» على «إنقاذ أوروبا»، كما يرى، لا يعنى أن الناخبين الأوروبيين أنفسهم يرحبون بتدخلاته فى بلادهم، بل على العكس، قد يخسر متابعيه على «إكس» بدلاً من أن يربح أصواتهم لصالح أصدقائه فى الانتخابات. لقد تهاوى عدد مستخدمى منصة «إكس» فى الاتحاد الأوروبى، لتفقد خمسة ملايين متابع فى الفترة بين أكتوبر ٢٠٢٣ حتى صيف ٢٠٢٤. وفى بريطانيا، هبط عدد مستخدمى «إكس» من ١٠٫٣ مليون مستخدم يومياً فى مايو ٢٠٢٢، إلى ٨٫٦ مليون مستخدم يومياً فى مايو ٢٠٢٤، وهى الفترة التى شهدت استحواذ «ماسك» على «تويتر»، الذى أصبح «إكس». أما على مستوى استطلاعات الرأى، فإن ٢٦٪ فقط من البريطانيين ينظرون إلى «ماسك» بصورة إيجابية.

ربما لأن «ماسك» أشعل حرباً كلامية على «إكس» مع الديمقراطية البريطانية العتيدة بشكل لم يتسامح معه الإنجليز. لقد قرّر الملياردير الأمريكى، دون سابق إنذار، أن يفتح الدفاتر القديمة لرئيس الوزراء البريطانى «كير ستارمر»، متهماً إياه بالتقصير فى أداء واجبه عندما كان مدّعياً عاماً فى بدايات الألفية، وعدم القيام بما يكفى لحماية فتيات بريطانيا الصغيرات من التعرّض لاعتداءات جنسية متكرّرة على يد عصابات من الرجال قيل إن معظمهم من أصول باكستانية. ووصل الحد بـ«ماسك» إلى أن يصف «ستارمر» بأنه «شارك فى اغتصاب بريطانيا».

هى قصة وقضية متفجّرة ظلت تضغط على أعصاب الإنجليز لفترة طويلة: الاعتداءات استمرت عدة سنوات، وامتدت فى عدة مناطق من بريطانيا، خاصة المناطق الفقيرة. كثير من الفتيات الضحايا كن فى دور رعاية الأيتام ولا يحظين بحماية مجتمعية كافية، والعصابات التى كانت تعتدى عليهن كانت فى أغلبها، وليس كلها، تضم رجالاً من أصول باكستانية، وهو ما جعل هناك نوعاً من الحساسية فى تعامل السلطات المختصة مع التحقيق، حتى لا يتحول الأمر إلى مشاعر عدائية ضد المهاجرين أو المواطنين من ذوى الأصول الآسيوية فى بريطانيا، بشكل يخدم أجندة اليمين المتطرّف فيها، والذى يتبنى العداء العلنى للمهاجرين بشكل عام.

لكن ولأن «ماسك» يريد تحديداً إثارة المشاعر العدائية ضد المهاجرين، فقد أعاد على منصته نشر تفاصيل القضية التى أُغلق التحقيق فيها منذ سنوات كثيرة، بشكل ملىء بالشائعات والمعلومات المغلوطة التى لا تهدف إلا إلى إحداث البلبلة واللغط. قال مثلاً إن عدد الضحايا من الفتيات البريطانيات الصغيرات زاد على ربع مليون ضحية، وهو رقم لم يتم توثيقه فى التحقيقات البريطانية قط، ويُعد مجرد استنتاج أطلقه أحد المتعصّبين اليمينيين فى بريطانيا. وأعاد «ماسك» نشر وترويج فيديوهات ومنشورات لأصوات من متطرفى اليمين فى بريطانيا على حسابه الشخصى، ليزيد انتشارها، ثم طالب صراحة بالإفراج عن شخص يُدعى «تومى روبنسون» من السجون البريطانية، وهو يمينى متطرف نشر معلومات مضللة وكاذبة عن أن مهاجراً سورياً قام بالاعتداء على ثلاث فتيات بريطانيات، وهو ما تسبّب فى اندلاع أعمال شغب واسعة فى بريطانيا وتصاعد مشاعر العداء للمسلمين والمهاجرين فيها. وبعد أن رفع الفتى السورى قضية تشهير ضد «روبنسون» وربحها، تعرّض الأخير لعقوبة الحبس بتهمة ازدراء المحكمة.

هذا البريطانى الكاذب والمتطرف والمحرض على الكراهية والتخريب، أراد «ماسك» أن يحوله إلى بطل، فاعتبر أن كل ما فعله «روبنسون» مجرد تعبير حر عن الآراء (الذى يعتبر «ماسك» نفسه رائداً فى الدفاع عنها)، وأن الحكومة البريطانية تحبس الناس الذين يعبّرون عن آرائهم فى المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعى وتترك «المغتصبين»، الذين اعتدوا على الفتيات الصغيرات أحراراً فى الشوارع. ووصل حتى إلى القول بأن «على أمريكا أن تسعى لتحرير البريطانيين من حكومتهم المستبدة!».

لكنه فى الوقت نفسه، لم يسمح لحليفه البريطانى «نيل فاراج» بأن يعبّر عن معارضته له دون أن يعاقبه!

لوهلة قصيرة، بدا الأمر وكأن «إيلون ماسك» يدعم السياسى البريطانى «نيل فاراج» المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة ضمن من يدعمهم من السياسيين اليمينيين فى أوروبا. قيل حتى إن «ماسك» سوف يقدّم دعماً قدره مائة مليون جنيه إسترلينى لحزب «الإصلاح» الذى يتزعمه «فاراج»، وانتشرت صورة للاثنين معاً وهما يقفان تحت صورة كبيرة لـ«ترامب» فى قصره بـ«مارالاجو» على نحو يُظهر التفاهم الجيد بينهما.

لكن عندما طالب «ماسك» بالإفراج عن مثير الشغب «تومى روبنسون»، تجرّأ «فاراج» وقال إنه «لا يوافق» على ذلك، رغم شدة احترامه لـ«ماسك» الذى يعتبره «بطلاً، وشخصاً استثنائياً».

كانت النتيجة أن «ماسك» قد تحول تماماً ليُصبح ضد «فاراج»! هاجم حليفه السابق قائلاً عنه إنه «لا يملك ما يكفى ولا يصلح لقيادة حزب الإصلاح البريطانى»، واقترح حتى اسم البديل له، فى تدخّل سافر إضافى فى السياسة الداخلية البريطانية، مما دفع ذلك البديل «روبرت لوى» إلى أن يعلن عبر منصة «إكس» نفسها وقوفه وتأييده لزعيم حزبه، وأنه لا ينوى الترشّح ضده.

تزايد توجس بريطانيا من تدخّلات «ماسك» وتقلباته، ولم يعد السياسيون الذين كانوا يلقون بثقلهم وراءه يعرفون كيف يمكن التنبؤ بتصرفاته. لكن الأهم أن وسائل الإعلام البريطانية صارت تقف له بالمرصاد.

لا أحد يستطيع أن يغلب الإنجليز عندما يصل الأمر إلى حرب المعلومات المضللة، لأنهم هم الذين اخترعوا اللعبة! لذلك تولت صحيفة «الجارديان» البريطانية تحليل أسلوب «ماسك» فى نشر المعلومات المغلوطة لإثارة البلبلة عبر منصة «إكس» فقالت: «يلتقط «ماسك» عبارة ما من مصدر مشكوك فيه، ثم يشاركها عبر حسابه الشخصى دون فحص أو نقد، ثم يعيد بث الكلام نفسه تحت اسمه هو، وبذلك يقوم بعملية «غسيل الكلمات» ويعيد إطلاقها وسط الناس».

بعبارة أخرى فإن «ماسك» يقوم بعملية «غسيل أكاذيب» اليمين المتطرف البريطانى على طريقة «غسيل الأموال»، بحيث يمنح اسمه وشهرته مصداقية لـ«تخاريف» المتطرفين التى لا تستند إلى أى أساس.

إلا أن الأمر، كما أظهرت «الجارديان» لا علاقة له بالدفاع عن الحريات، كما يريد «ماسك» أن يُصور للناس، لكنه نوع من «تصفية الحسابات» مع الحكومة البريطانية التى تستعد لتطبيق قانون يسمح للمشرّع البريطانى بفرض غرامات على شركات التواصل الاجتماعى (مثل منصة «إكس»)، قد تصل إلى ١٠٪ من قيمة أرباحها العالمية، لو سمحت بأن يتم تداول محتوى غير قانونى على منصاتها، مثل المنشورات التى تُحرّض على العنف والانتهاكات العنصرية الجسيمة والخطيرة التى تُهدّد النظام العام. وهى الانتهاكات نفسها التى طالب «ماسك» بالإفراج عن أصحابها فى بريطانيا.

«إيلون ماسك» إذن ينتشر ويتوغل ويكبر ويحاول أن يبسط نفوذه على كل شىء «مهم» فى حياة الناس حول العالم. لكن هل يقدر أغنى رجل فى العالم على أن يدفع ثمن التدخل فى كل شىء؟

هل يكلفه الدخول فى دوامات السياسة كل ما ربح؟.. أم أن سياساته هى التى ستدفع العالم كله إلى الخراب؟

الإجابة لا يملكها إلا الزمن.. الذى لن يقدر عليه «إيلون ماسك»!

مقالات مشابهة

  • أزهار شهاب تكتب: 470 يوما غيّرتني.. وللحياة بقية يا غزة
  • معارك الاستقرار إقليميًا وداخليًا
  • هدنة محفوفة بالمخاطر!
  • ندوة حول التحديات والتهديدات الداخلية بمركز النيل للإعلام بالسويس
  • «الوطن» تحتفي بانطلاق الدورة الـ56 لمعرض «القاهرة للكتاب» كأكبر عرس ثقافي عربي.. «اقرأ.. فى البدء كان الكلمة»
  • «إيلون ماسك».. من أغنى رجل في العالم إلى «صداع مزمن»
  • في بيت «موسيقار الأجيال» المسقطي
  • دنيا سمير غانم عايشة الدور
  • شعوب العصافير الملونة «الأخيرة»
  • «الإخوان».. أعداء الوطن وصُناع الإرهاب