ألقى الكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين كلمة أثناء مشاركته اليوم بحفل مئوية الأستاذ محمد حسنين هيكل، بالمسرح الرئيسي بمتحف الحضارات المصرية، بحضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والعامة. 

جاء نص كلمة نقيب الصحفيين كالاتي :- 

السيدات والسادة 

الجمع الكريم،،

أساتذتى وزميلاتى، وزملائى

أقف اليوم بينكم فى حضرة صاحب الحضور الأكبر فى تاريخ الصحافة المصرية مهما اختلفت الرؤى والتقييمات حوله.

 أقف فى حضرة الأستاذ، فنحن لا ننكر فضل أساتذتنا، وهو اعتراف لا يخلو من حقنا فى النقد، فهذه مهنتنا، وهكذا علّمنا الكبار، وعلّمنا هيكل كيف نضع أساسًا للتحرر فى مهنتنا، وللتنوع بيننا دون إنكار لحق الكبار، وسيبقى هيكل كبيرًا بيننا.

 أقف فى حضور رجل كان مجرد لقائه والتقدير منه بمثابة اعتراف بالمهنية، واعتراف بالفضل واعتراف بالبقاء.

نقف فى حضرة رجل ما زال عطاؤه ممتدًا حتى بعد رحيل الجسد فى حضرة أستاذ ذى بصمة فريدة مهما اختلفنا حوله، امتلك كل نواصى المهنة سواء من حيث تنوع المصادر وقوتها، أو من حيث القدرة على الوصول للمعلومات فى أدق وأرقى وأقوى مصادرها، أو من حيث السبق، وسبك المادة الصحفية بحرفية فذة، وصوغها بلغة متفردة، يضاف إلى كل ذلك ذخيرة معرفية شاملة من حافظة شعرية جبارة إلى ذاكرة تاريخية لا تعرف الوهن إلى الاطلاع على كل ما هو حديث، وشغف للإنجاز لم يتوقف، وامتلاك لكل فنون المهنة عززها برحلات معرفية، وبمقابلات مع مفكرى العالم، وسياسيه، وكبار صحفييه، فلم يترك نافذة للاطلاع إلا وفتحها، وعندما همّ بالانصراف كان حريصًا على أن يفتح نوافذه للأجيال القادمة من خلال مؤسسته للتدريب، التى كنت واحدًا ممن استفادوا منها، وفتحت الأبواب واسعة لعشرات من الصحفيين للتعلم آخرهم أكثر من (22) متدربًا حصلوا على دورة هيكل الأخيرة ضمن اتفاق لمدة عامين مع نقابة الصحفيين، ومؤسسة هيكل للصحافة العربية نرجو أن يتعزز ويمتد. 

 

فى وقفتى هنا يختلط العام بالخاص بالنقابى فى رحلتى للتعلم مع هيكل، التى لخصتها خمس محطات انتقلت خلالها من الانبهار إلى الواقعية، والمناقشة والقدرة على النقد، وأحيانًا الغضب. 

كانت محطتى الأولى مع هيكل صبيًا ابن ستة عشر عامًا، فى شكل رهان مع شقيقى الأكبر على مَنْ ينجز قراءة ملحمة (سنوات الغليان) فى أجزائها الثلاثة أسرع، فأخذتنى التفاصيل والحبكة، وروعة الصياغة والمصادر لأنجزها فى تسعة أيام، ثم لا أخرج من سحرها ودقة الصياغة، وألق الكتابة لأعوام.

أما محطتى الثانية، فكانت عبر مجلة (اليسار) صحفيًا صغيرًا غريرًا ينهل مما يكتب الأستاذ، ومن مقالاته المستطردة، ولا ينسى تجربته الأولى عندما منحنا الأستاذ حوارًا ساهم فى نفاد عددين من المجلة، ومعه تبرع سخى وقتها بعشرة آلاف جنيه كان كافيًا لأن ينقذ المجلة من عثرة مالية، وأن تقف المجلة الفقيرة على قدميها لعدة أعداد، وهو ما عاظم الانبهار. 

أما المحطة الثالثة، فكانت شهادة غير مقصودة من الأستاذ وقت عملى بصحيفة (الدستور) لكن عطرها طالنى، ورفعنى عنان السماء، عندما ذهبنا لإجراء حوار معه، ويومها لن أنسى عندما توقف أمام الأسئلة وصياغتها، ليقول إنه وجد نفسه جندى مشاة بينما مَنْ صاغ الأسئلة جندى مارينز يقتحم الحصون، ويدك الخطوط الأولى للعدو، وكنت أنا مَنْ أوكلت له مهمة وضع المحاور والأسئلة، كان حظى أن تأكدت نظرة الأستاذ، الذى ربما لم يعرفنى وقتها عندما صدر عدد الحوار، ومعه سبق صحفى لى عن الثلاثاء الأسود فى البورصة المصرية، ودور أحد أبناء مبارك فيه.

المحطة الرابعة كنت تلميذًا فى محراب مؤسسته، وكانت مؤسسته مدخلًا للتعرف على الصحافة العالمية عبر سيمور هيرش، كان زمننا قد ضنّ علينا بفرص التعلم فى الخارج، فحملها هيكل ومؤسسته لنا فى القاهرة، وكنت واحدًا ممن استفادوا من ذلك مبكرًا.

 

وقال نقيب الصحفيين  خالد البلشي: يبقى اللقاء الخامس هو الأقوى والأهم، فهو لقاء الانتقال من الانبهار إلى الثورة على الكبير، كان لقاء الأستاذ بأحدث وأصغر رئيس تحرير لجريدة يومية وقتها، حينما اخترت رئيسًا لتحرير (البديل) عام 2008م، خلفًا للدكتور محمد السيد سعيد، كانت المفارقة أن الأستاذ هو مَنْ سعى للقاء فى حرص لم يتوقف على التواصل مع الأجيال الجديدة، يومها استدعانى الأستاذ ليدور حديث ممتد عن رؤيتى ورؤيته للصحافة بدأه مناكفًا بالسؤال عن سنى فقلت له 36 عامًا، فرد أنا أسبقك لقد كنت أصغر رئيس تحرير لجريدة يومية وعمرى 34 عامًا، كانت محاولة لتجسير الفجوة، ثم بدأ نقاش عن كيف أشق لصحيفتى طريقًا فى عالم صغرت فيه "مصر الحكم" كمصدر للأخبار، وكنت أرى "مصر الشعبية" على أبواب أن تكون بابًا لكل خبر، خرجت منه محتفظًا له بفضل وعظمة الأستاذ، ولكننى فى الوقت نفسه خرجت وأنا أدرك أنه رائد لمدرسة صحفية، وأنا ابن لمدرسة مختلفة، يومها خرجت لأقول لزملائى إننى دخلت عالمه وهو أستاذ كبير جدًا جدًا جدًا جدًا، واليوم أخرج من عالمه وهو لا يزال فى نظرى أستاذ كبير أيضًا.

اختلاف المدارس لم يدفعنى يومًا لإنكار الاعتراف بالفضل والبحث عن المشتركات، وهو ما عززته التجربة، وعززته رحلة الصحافة، وما تواجهه من مصاعب وأزمات على رأسها معركة حرية الصحافة وخروجها من كبوتها.

 ومن موقعى كنقيب للصحفيين، فإن نقابة الصحفيين المصريين سوف تحتفظ للأستاذ الكبير بالعديد من المواقف دفاعًا عن حرية الصحافة باعتبارها إحدى الحريات العامة، ولا تنسى له موقفه الشهير عندما وجه رسالة لأعمال الجمعية العمومية الطارئة فى العاشر من يونيو 1995م لرفض التعديلات، التى أقرها مجلس الشعب فى حينها على قانون الصحافة، التى أطلق عليه الصحفيون حينها "تعديلات حماية الفساد"، حينها أعلن هيكل فى كلمة وجهها للجمعية العمومية قال فيها "إنها ليست أزمة قانون، ولكنها أزمة سلطة شاخت فى مواقعها".

ولا تنسى نقابة الصحفيين له كلمته حينما اختير بالإجماع ليكون أول مَنْ يحصل على الجائزة التقديرية للنقابة حينما أخذ يشرح كيف يعف عن الجوائز والتكريم لكنه لا يستطيع أن يرد جائزة تأتى من نقابته. 

وقتها قال هيكل لجمهور واسع من الصحفيين حضروا التكريم شارحًا لماذا تحتم عليه قبول تكريم النقابة، مؤكدًا أن لديه حساسية إزاء احتفالات التكريم، فإذا كانت الاحتفالات رسمية زادت الحساسية لكثرة ما تتزايد المراسم. 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: هيكل نقیب الصحفیین

إقرأ أيضاً:

المركزي الأوروبي يخفض سعر الفائدة ربع نقطة مئوية لـ 2.50%

أعلن البنك المركزي الأوروبي، خفض سعر الفائدة الرئيسي وفقا للتوقعات بربع نقطة مئوية لـ 2.50%، حسبما أفادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .

رئيسة المفوضية الأوروبية: أوروبا وأوكرانيا تواجهان "لحظة حاسمة".وزيرة التخطيط تستقبل بعثة المفوضية الأوروبية لبحث تفعيل آلية ضمانات الاستثمارللدفاع ومساعدة أوكرانيا..رئيسة المفوضية الأوروبية تطرح خطة لجمع 800 مليار يوروالمفوضية الأوروبية تدعو دول الاتحاد لإنفاق 650 مليار يورو في مجال الدفاعخطة الدفاع الأوروبي 


وقدمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، خطة من خمسة أجزاء لجمع نحو 800 مليار يورو للدفاع الأوروبي، والمساعدة في تقديم الدعم العسكري "الفوري" لأوكرانيا بعد أن علقت واشنطن المساعدات.

وأعلنت فون دير لاين في بروكسل: "إنها لحظة حاسمة بالنسبة لأوروبا، ونحن مستعدون للتحرك. إن مبادرة "إعادة تسليح أوروبا" من شأنها أن تحشد ما يقرب من 800 مليار يورو من الإنفاق الدفاعي من أجل أوروبا آمنة ومرنة".

وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني يوم الأربعاء إن اقتراح استثناء الإنفاق الدفاعي من قواعد ميزانية الاتحاد الأوروبي هو خطوة أولى، وأصرت على أن هناك حاجة إلى المزيد لتعزيز مساهمة أوروبا في حلف شمال الأطلسي.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنها ستقترح إعفاء الدفاع من كتاب القواعد المالية للاتحاد الأوروبي، حيث تكافح أوروبا مع الضغوط الأمريكية لدفع المزيد مقابل أمنها.
 

مقالات مشابهة

  • المنيا تستعيد بريقها السياحي.. أفواج أجنبية تتوافد على كنوز الحضارة المصرية القديمة
  • حراكيو اليرموك: تصاعد الاحتجاجات وشيك .. أسماء
  • بعد تأجيلها إلى21 مارس.. ننشر جدول أعمال عمومية الصحفيين
  • نقيب الصحفيين العراقيين رئيس اتحاد الصحفيين العرب الاستاذ مؤيد اللامي : غيًرنا صورة العراق في الإعلام العربي من ” بلد القتل والطائفية” إلى “بلد السلام والأمان”
  • خالد البلشي: عمومية الصحفيين تقف صفا واحدا وفي معاركها الكبيرة كانت يدًا واحدة
  • تأجيل التعيينات الامنية لاسبوع والعميد الركن رودولف هيكل الأبرز لقيادة الجيش
  • أول تصريح من نقيب الفنانين السوريين: الرواتب المتأخرة أولوية
  • 29 مئوية متوسط درجات الحرارة في أبوظبي في 2024
  • باحث في الآثار المصرية يوضح أبرز آثار المتحف المصري الكبير
  • المركزي الأوروبي يخفض سعر الفائدة ربع نقطة مئوية لـ 2.50%