الفطرة السليمة وأمراض الشواذ
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
الملاحظ أن كلمة الشذوذ لم ترد فى القرآن، بل إن أصل الكلمة «شذ» لم يرد أصلًا فى القرآن الكريم. فى تناغم مطلق استخدم مفردات اللغة فى سبع وسبعين ألف كلمة و323671 حرفًا، ولكن هناك كلمات بعينها لم ترد فى القرآن الكريم مثل «لاسيما» ومنها من لم يتكرر مثل: {الأَكْرَمُ}–{الرُّجْعَى}–{لَنَسْفَعًا}–{الزَّبَانِيَةَ}.
ولكن المولى عندما لم يذكر «الشذوذ» فى القرآن لثقل هذه الكلمة ذكر ما يشير إلى طريقة تفكيرهم الشاذة عندما قالوا «فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ أنهم أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ» لم ينفع معهم أى قول (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أحد مِنَ الْعَالَمِينَ* إِنَّكُم لَتَأتونَ الرِّجالَ شَهوَةً مِن دونِ النِّساءِ بَل أَنتُم قَومٌ مُسرِفونَ). {سورة الأعراف، آية: 80-81} (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ). {سورة النمل، آية: 54-55} (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أحد مِّنَ الْعَالَمِينَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِى نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ) {سورة العنكبوت، آية: 28-29} وعلى عكس ذلك تحدث كثيرًا عن الفطرة السليمة عندما قال «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ».
فما هى هذه الفطرة؟
الفطرة تبين للإنسان أنه لا يستطيع أن يخالف سنة الله فى خلقه، إذا أراد أن يخالف خلقًا فماذا سيفعل أمام قول الله «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين» «ولقد خلقنا الإنسان من تراب ثم من نطفة» والفطرة حددت أن الخلق من ذكر وأنثى فى أكثر من موضع فلا الذكر يستطيع أن يهجر أو ينفصل عن الأنثى ولا الأنثى تستطيع ذلك، والفطرة تحدثت عن الالتزام بالزواج عن طريق شرع الله «وَلَكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا» حتى طريقة النكاح أمرنا أن نأتى النساء فى مكان ما أحل الله وليس غير ذلك «فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِى الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فإذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ»، حتى لا يدعى أحد أنه لم يعرف وإذا عرف أن يأتى غير ما أحل الله للرجل من المرأة.
فإذا جاء أناسٌ من بنى جلدتنا فابتدعوا غير ذلك مما فعله قوم لوط وأحيوا ذكراهم مرة أخرى فلِم يكون السكوت على إفسادهم للبشرية واتباعهم للشيطان أو اتباعهم الهوى أو اتباع النفس «إن النفس لأمارة بالسوء» ومن خالف الفطرة فلن تقوم له قائمة ولن يفلح فى الدنيا والآخرة، فأمراض الفطرة (ولا مجال لذكرها فى هذا المقال) فهى تعصف بالأجهزة التى خلقها الإنسان داخل الجهاز البشرى وتعصف بالتناغم الذى خلقه الله سبحانه وتعالى بين الأجهزة العضوية والأجهزة المناعية وتهدم البناء من الأساس وتهوى بالإنسان إلى ما ليس فيه وتُورث أمراضًا نفسية وعصبية واجتماعية.
أمراض الفطرة تؤدى إلى قتل الهيبة والنخوة والمروءة بين الرجال والنساء، وتورث ضياع الأنساب والذريات وتعصف بمبدأ الاستخلاف فى الأرض، ليؤدى الإنسان ما استخلف من أجله، وتعصف بقوامة الرجل على المرأة إذا كان الرجل يقضى شهوته مع رجل مثله والمرأة تقضى شهوتها مع امرأة مثلها فكيف تستقيم الدنيا.
أمراض الفطرة تجعل الإنسان يصبح ضحية للشهوات والنزوات دون أية مراجعات فيحكم على الحكيم بما ليس فيه ولا يحكم على الوضيع بما فيه «أخرجوا آل لوط من قريتكم أنهم أناس يتطهرون».
أمراض الفطرة هى الداء الذى ليس له دواء، ولهذا كان جزاء قوم لوط (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ* قَالُوا أنا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ* لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ* فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
ويقول العارفون بالفطرة إنها هبة من الله أن جمعنا من رحم واحد نتميز عن سائر المخلوقات بعقل واحد وبنيان واحد، أما العارفون بالله فقد قالوا إن الله رفع الإنسان عن سائر الدواب فلا دب على بطنه ولا دب على أربع، وسوى الله له خلقه لا يشابه فيه أحدًا، فلا ينزل هو إلى مصاف ذوات البطون أو ذوات الأربع. وكل ما يفعله هؤلاء فى دنيا الله زائل لا محالة وإن كنا لا نعرف الكيف «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ».
استشارى القلب - معهد القلب
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: استشاري القلب معهد القلب طارق الخولي فى القرآن أمراض ا ت أ ت ون
إقرأ أيضاً:
عمرو مهران: البركة فى الرزق ليست بالحسابات أو العدد
قال الدكتور عمرو مهران، الداعية الإسلامي، إن كثيرون يظنون أن البركة مجرد خرافات أو أفكار قديمة، وأن الرزق مقترن فقط بالعدد والحسابات، لكن الحقيقة أن البركة هي أمر من الله- سبحانه وتعالى-، وهي التي تغير قيمة الأشياء وتزيد من تأثيرها في حياتنا، لافتا إلى أن الإيمان بأن الرزق من الله؛ هو ما يغير المنظور بشكل كامل، سواء كان هذا الرزق قليلا أو كثيرا.
وأكد الداعية الإسلامي، خلال تصريح اليوم الإثنين، أن البركة ليست مرتبطة بكثرة المال أو الأشياء المادية، بل هي نعمة من الله تُضاف إلى ما نملك، موضحا أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قد علمنا في العديد من المواقف أن البركة النبوية هي أغلى ما في الدنيا، وهي التي تَجعل القليل يكفي وتزيد من تأثيره.
وأضاف: "الفرق بين شخص يرى البركة في القليل وبين آخر يظن أن الكثير يكفيه حتى دون بركة، هو أن الأول يثق في رزقه ويشكر الله عليه، بينما الثاني يغفل عن تأثير المعاصي والذنوب في تقليل البركة."
وأردف: "الله عز وجل في سورة الأنعام ذكر كيف أهلك الأمم السابقة رغم أن لديهم نعماً عظيمة، بسبب ذنوبهم وكفرهم، لذا يجب على الإنسان أن يحرص على الإيمان بالله، وأن يطلب البركة في رزقه، سواء كان قليلاً أو كثيراً، لأن البركة هي التي تضمن له القناعة والطمأنينة."
وشدد على ضرورة الابتعاد عن عقليات الخرافة التي تؤمن أن الرزق فقط مرتبط بالحسابات المادية، مؤكدًا أن الإيمان بالرزاق هو ما يفتح أبواب البركة في حياة المؤمن.
وقال عمرو مهران عن التأثير العميق للحرام على العلاقة بين العبد وربه، إنه عندما يقبل الإنسان على الحرام، سواء في رزقه أو في تصرفاته، فإن ذلك يشكل جدارًا عازلًا بينه وبين الله- سبحانه وتعالى-، كأنما يُغلق قلبه ويصعب عليه أن يشعر بأي نور من الله أو يستقبل بركة في رزقه.
وتابع الداعية الإسلامي: "هذا الحاجز يُفقده الطمأنينة ويجعله يشعر بعدم الراحة، حتى في الأمور التي ينبغي أن يشعر فيها بالسكينة، مثل دعائه أو تواصله مع ربه، الإنسان الذي يدخل في دائرة الحرام قد يشعر كما لو أنه حبس نفسه في ظلام دامس، يعتقد أن الرزق لن يأتيه أو أن الله لن يفتح له أبواب التوفيق بسبب خطيئته، لكن هذا ليس صحيحًا، في الحقيقة، الرزق مكتوب لدى الله- عز وجل-، وأما قبول الحرام فإنه يقطع الصلة مع الله ويُصعّب على العبد أن يشعر بثقة في الرزق الذي يأتيه، لأنه بذلك يُعلن عدم إيمانه الكافي بأن الله هو الرزاق."
وتابع: "الشيطان يستغل هذه الحالة النفسية ويزرع في قلب الإنسان الخوف والقلق من المستقبل، فهو يوهمه أنه لا يمكنه العيش بسلام إذا لم يحصل على رزق بطريقة غير مشروعة، وهذه هي الحيلة الكبرى، عندما يقبل الإنسان الحرام، فإنه يضع نفسه في طريق الشيطان ويغلق الباب أمام الرزق المبارك."
وشدد على أن قبول الحرام ليس فقط مخالفًا للشرع، بل هو أيضًا يؤثر على الاستجابة للدعاء، وإذا كنت تؤمن أن الله هو الرزاق، فإنك ستثق في رزقك مهما كان، وتعلم أن الله سيعطيك ما يكفيك، لكن الحرام يعمي بصيرتك ويجعلك غير قادر على التواصل مع الله بشكل صحيح.