سورية عبر “طريق الحرير”… اندماج وحوار وتفاعل
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
دمشق-سانا
شكّلت طرق الحرير بحسب منظمة “اليونيسكو” جسراً للترابط بين الحضارات وساهمت على مدى آلاف السنين في تلاقي الشعوب والثقافات الآتية من شتى مناطق العالم، ما أتاح تبادل البضائع وحدوث التفاعل بين الأفكار والثقافات، والتي أسهمت في رسم معالم عالم اليوم.
سورية منذ أقدم العصور شكلت نقطة اتصال مركزية بين حضارات العالم، كما قدمت حضارات آسيا بشكل عام وحضارة غرب آسيا القديمة بشكل خاص الأسس لجميع الحضارات الحديثة، ابتداء من المواد الغذائية الأساسية، والابتكار التقني إلى الأنظمة الاجتماعية بما في ذلك الحياة الروحية.
وهذه الأسس كما قال الباحث الدكتور همام سعد معاون مدير المديرية العامة للآثار والمتاحف في تصريح لـ سانا: “تتمثل بالثورة الزراعية، والتحضر، أي الانتقال من القرى إلى المدن، والابتكارات مثل اختراع الكتابة وأعمال التعدين، وصناعة الفخار والزجاج وغير ذلك، كل هذه الأمور نشأت بشكل خاص في سورية، فقد كانت مركز حضارة غرب آسيا القديمة، ويمكن القول: إن عالمنا الحالي اعتمد على هذه الابتكارات التي تطورت على أرض سورية”.
وتابع سعد: “الجميع يعلم الدور الذي لعبته سورية منذ أقدم العصور كنقطة اتصال مركزية بين جميع حضارات العالم، فهي أرض انفتاح وتلاقٍ وتفاهم ووفاق وتبادل، فقد شكل موقعها أهم الممرات للهجرة، والتفاعلات الثقافية، وكذلك التجارة الاقتصادية، والتقدم العسكري، فعلى أرضها ظهرت الثقافات الأولى، موضحا أنه في الألف الثاني عشر قبل الميلاد اخترع الإنسان السوري مساكن جديدة غائرة في الأرض ذات شكل دائري على شكل مجموعة، بدلاً من الكهوف، وبذلك نشأت القرية للمرة الأولى في تاريخ البشرية، هذا الاستقرار قاده إلى إحداث ثورة أخرى تمثلت باكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات منذ الألف العاشر قبل الميلاد، كما في موقع المريبط وأبو هريرة والجرف الأحمر وتل حالولة، وبحكم موقعها الجغرافي في قلب العالم القديم انتشرت المعرفة حول الزراعة من شمال سورية إلى جميع أنحاء بلاد الشام والأناضول، ومنها إلى بقية مناطق العالم، وذلك من خلال الروابط الثقافية والطرق التجارية.
ولفت سعد إلى ربط طرق الحرير بين الإمبراطورية الصينية في الشرق والإمبراطورية الرومانية في الغرب، وبينهما توجد المئات من المجتمعات والعديد من الحضارات، وبالتالي كانت التجارة الاتصال الرئيسي بين الحضارات، وكانت تدمر إحدى أهم المحطات على هذا الطريق وضمن هذه المدينة يمكن للمرء أن يشاهد التنوع الثقافي والفني والفكري والعادات والتقاليد وغيرها من الأمور المرتبطة بكل نواحي الحياة، التي تشهد على عملية التعليم المتبادل بين الشعوب.
وشدد سعد على أن سورية كانت ولا تزال بلد الانفتاح على العالم أجمع، مشيراً إلى تأثير الحرب الإرهابية ضد سورية والإجراءات الغربية الجائرة بحقها على نواحي الحياة، بما فيها الحياة الثقافية والفكرية ومن الضروري في هذا الوقت بالذات التركيز على الفهم الصحيح لكل الحضارات، وإعطاء أولوية للتراث الثقافي ليأخذ دوره في عملية التعليم المتبادل للأجيال الشابة، وفتح الطريق للزيارات الميدانية أمامهم والاحتكاك المباشر، وضرورة تضافر الجهود الدولية لتقديم الدعم للبلدان التي تعرض تراثها للتعدي والتخريب في السنوات السابقة”.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
غدا “طوفان الوفاء” في وداع سيديّ شهداء الأمة
الثورة نت/
بيروت ستكون يوم غد الأحد على موعد مع حدث استثنائي، يشارك فيه الآلاف ممن جاءوا من أصقاع العالم المختلفة لتأكيد بقائهم على العهد مع محور المقاومة ضد قوى الطغيان والاستكبار العالمي،كما هو تأكيد على التزامهم نهج وطريق التضحية الذي جسده الشهيدين العظيمين على طريق القدس.
ستكون بيروت على موعد مع تشييع لائق وعظيم لجثماني الأمينين العامين لحزب الله؛ اللذين تمثل تضحيتهما درسا عظيما على طرق مقاومة مشروع الاستعمار الجديد.
إزاء ما ينتظر أشرف الناس من رهبة التشييع الجلل والإستعداد اللائق للإرتقاء بروح سيدي شهداء الأمة ، أكمل حزب الله اللبناني تحضيراته لمراسم تشييع سماحة أمينيه العامين الشهيدين القائد السيد حسن نصر الله والسيد الشهيد هاشم صفي الدين ، تحت شعار” إنّا على العهد”.
وربطاً بأمميّة شخصيتي السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ، تستقطب العاصمة اللبنانية بيروت يوم غد الأحد الآلاف من المشيعين الذين جاءوا من لبنان وجميع أنحاء العالم لتقديم تحية تقدير ووفاء لقائدين استثنائيين جسدا روح المقاومة، وأفنيا حياتهما في سبيل مقاومة قوى الاستكبار العالمي، ومواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، حتى نالا الشهادة على طريق القدس في المعركة التاريخية مع العدو الصهيوني .
ويترقب العالم مشهدية شعبية ورسمية عالمية من 79 دولة، يمثلون مختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية وبمستوى تمثيل سياسي وحزبي وفكري متعدّد ، ما يعكس البعد العالمي للمقاومة وتأثير حزب الله في الساحة الدولية، ويجسّد إرادة الأحرار في الدفاع عن الأرض والسيادة والكرامة.
وعشية التشييع المهيب لأميني الحزب أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله أن “التحضيرات لتشييع الأمينين العامين لحزب الله شبه مكتملة”، مشيراً إلى أن “الإجراءات المتخذة فعالة لضمان سير التشييع بشكل منظم، بغض النظر عن الظروف المناخية أو محاولات التهويل من أي طرف كان”.
وقال في مقابلة عبر إذاعة “سبوتنيك”، “التشييع سيكون تاريخياً وغير مسبوق في لبنان والمنطقة العربية، من حيث الحضور الجماهيري الكبير الذي سيكون مشحوناً بالعاطفة السياسية والتعبير عن الموقف والالتزام”.
وأوضح أن “التعاون القائم مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، بما في ذلك الجيش وقوى الأمن الداخلي، لضمان نجاح العملية، وجميع التفاصيل المتعلقة بالتشييع قد تم إنجازها بشكل كامل لضمان مرور هذا اليوم التاريخي بسلاسة”.
كما أكد فضل الله أن “التشييع سيحمل رسالة تاريخية ويعكس الالتزام بنهج السيد نصر الله”، مشيرًا إلى أن “هناك وفودًا عديدة قادمة من الخارج، وأن “التشييع سيجمع بين الحضور الشعبي والسياسي الرسمي”.
ولفت فضل الله إلى أن “صفحة السيد حسن نصر الله لا تطوى”، وأن “الحزب سيواصل السير على نهجه ووصاياه التي وضعها لا سيّما وأن “حزب الله” هو حزب ذو قيادة جماعية، حيث أن الأشخاص في الحزب لهم تأثير ودور، لكنه لا يتوقف على حياة هؤلاء الأشخاص، وهذا ما رسمه السيد نصر الله بنفسه”.
وعن اكتمال الترتيبات النهائية لمراسم التشييع أكد رئيس اللجنة التنظيمية حسين فضل الله أن “التشييع سيكون حدثًا استثنائيًا لن ينساه العالم، وقد بلغنا أعلى درجات الجهوزية والاستعداد لاستقبال عشاق الثورة والحرية والمقاومة وإدارة هذا الحشد المهيب بما يليق بالتضحيات الكبرى للأمينين العامين لحزب الله”.
وأضاف: “باسم اللجنة العليا لتنظيم تشييع سيد شهداء الأمة والسيد الهاشمي، نعلن أننا في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، ونعد بأن نقدم ما يليق بالتضحيات الكبرى للأمينين العامين لحزب الله”.
بالمقابل، أنجز أكثر من 20 ألف شاب وصبية من حزب الله، كل الترتيبات التنظيمية واللوجيستية من جميع النواحي لتأمين كل السبل لوصول الوفود الرسمية إلى المنصة الكبرى، ونشروا أكثر من 420 شاشة لمتابعة وقائع الاحتفال ونقل جثمان السيدين من المدينة الرياضية إلى مكان الدفن في الضاحية الجنوبية، وعُلم أن أكثر من 400 ألف مواطن من اليمن والعراق وإيران والبحرين والكويت ومسقط وأحزاب ووفود من كل دول العالم وصلوا إلى بيروت للمشاركة في الحدث الجلل .
أمام ملامح التشييع المرتقب سيشهد العالم “طوفان الوفاء” يكتب من خلاله المشيعون حرفياً فصول مرحلة جديدة ، عنوانها أن الوفاء قائم والتمسك بعقيدة المقاومة والأرض والديار ممتدة ، لا تتوقف عند رحيل قائد، ولا تنهزم أمام المؤامرات.
بهذا المعنى، ستحمل مراسم التشييع بين طيّاتها، رسالة وفاء من قوى المقاومة في فلسطين واليمن والعراق وإيران وأحرار العالم، لمقاومة لبنان ، التي قدمت أغلى الأثمان في معركة إسناد غزة منذ بداية ملحمة “طوفان الأقصى”.
وفي هذا، يؤكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، الشيخ علي دعموش، أن “الحضور في التشييع هو رسالة وفاء من أهل الوفاء لهذا القائد الأممي الكبير، وهو تأكيد على أننا على العهد، نحمل فكره وروحه ومبادئه وأهدافه، ونمضي على دربه، فهو الذي قضى عمره الشريف في الدفاع عن لبنان وسيادته وكرامته الوطنية، وحقق الانتصارات، وأحبط أهداف العدو، وحمل قضية فلسطين وقضايا الأمة، وارتقى شهيدًا على طريق القدس، مستحقًا بجدارة لقب “سيّد شهداء الأمة”.
وغدا الأحد سيثبت جمهور المقاومة كيف يكون الوفاء للقادة الشرفاء، وكيف سيكون هذا التشييع جامعًا للطوائف والمذاهب كافة، والتي سيقف أبناؤها كتفًا إلى كتف لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش من قادنا من عصر الهزائم إلى عصر الانتصارات.
وتحدث الكاتب والمحلل السياسي العراقي، ضياء أبو معارج الدراجي، بما يتوافق مع هذه الرؤية قائلًا ، “إن تشييع الجثمان الطاهر لسيد لبنان ورفيقه ليس مجرد جنازةٍ تقام، أو موكبٍ يطوف المدن، بل هو رسالة وصرخةٌ مدوية تقول إن الالتفاف الشعبي حول قوى المقاومة لم يكن شعارًا، وإن الجماهير التي قيل إنها تخلّت، عادت لتثبت أنها لم تكن يومًا بعيدة، وإن هذه المقاومة، برجالها وسادتها وشهدائها، لم تكن وحدها كما أراد الأعداء تصويرها، بل هي امتدادٌ لوجدانٍ جمعي، لأمةٍ لم ترفع الراية البيضاء، ولم تنس من قدموا أرواحهم قرابين على مذبح العزة والكرامة”.
وفي تعليقه على رسالة الوفاء التي سيحملها المشيعون نشر مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير اللبناني تقريرا خاصا أكد فيه “أن يوم التشييع لن يكون صفحة وانطوت كما يعتقد البعض أو يتخيّل، بل هو نقطة تحوّل تاريخيةٍ حاسمة في موضوع إعادة بناء المقاوِمة. إنّ يوم التشييع التاريخي ليس محطة لتسييل الوجد العاطفي والمشاعر فقط، بل هو رسالة أولاً وأخيرًا بأن هذه الجماهير التي فقدت قائدها وحاميها وظهرها، لن تموت بموتِه ولن تنكسر أو تنهزم، كما يحلم أعداؤها، بل هي تستضيئ بدمائه وتعاليمه ووصاياه لتتابع النهج الذي سار عليه وتتأسّى به”.
ويتابع التقرير ” من الطبيعي أن يتماثل يوم تشييع شهيد الأمة مع يوم العاشر من المحرم حين تخرج الجماهير الملتاعة لتعبّر عن الحزن والولاء والقسم بأنها ستبقى على العهد، فهو يوم الوفاء القليل لمن كان حضوره كبيرًا، ليس على مستوى لبنان واللبنانيين فقط، بل على مستوى العالم وكل مؤيدي خيار التحرّر والمقاومة والمعادين للمشروع الصهيوني” .
ولأن دماءُ السيد غالية وكذا دماء الشهداء من بعده ، يبقى الجانب الأهم في مناسبة التشييع بحسب الكاتب والمحلل السياسي جميل الحسيني، أن شعب المقاومة الذي كان مخلصاً لقائده في حياته سيثبت إخلاصه في البقاء على نهجه بعد رحيله، وسيوثّق صلة الارتباط بالمشروع الذي نادى به الحزب وقادته ومقاوموه والشهداء، وهو أنهم ماضون في مسيرة المقاومة مع القيادة الجديدة انسجاماً مع الشعور بالإنتماء العقدي والوطني، وستبعث الحشود برسالة بالغة العمق والأهمية للداخل والخارج ولا سيما “لإسرائيل” وأمريكا، في أنها منتصرة على الرغم من الفقد العظيم باستشهاد القادة والأبناء وتدمير القرى والبيوت والتهجير، دون اكتراث بنعيق المروّجين لحال الهزيمة وخطاب الانكسار تسويغاً للاستسلام.