قال  مفتي الجمهورية أ.د شوقي علام، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن العلاقة بين دار الإفتاء والإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية نموذج يحتذى به في التعاون على الارتقاء بالفتوى باعتبارها صناعةً له قواعدها ومنهجها ورصانتها، مؤكدًا عمقَ العلاقات المصرية الروسية في كافة المجالات.

وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء الروسية الرسمية- أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممتنون لعلماء جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في خدمة العلوم الشرعية في التفسير والحديث وعلم الكلام، حيث برعوا في التدريس والتأليف في بخارى وطشقند.

وأكد المفتي أن الفتوى أداة مهمة لتحقيق الاستقرار المجتمعي والأمن الفكري والأُسري بين جموع الناس، مشددًا على أننا ضد استغلال الفتوى لتحقيق أغراض سياسية، وأن علماء الدين لا بد أن يضطلعوا بدَورهم في تهميش الخطاب المتطرف.

وأوضح شوقي علام أن الإسلام لا يقف موقفًا سلبيًّا ولا عدائيًّا من أيِّ دين أو ثقافة بسبب الاختلاف في الدين، وهذا ما تؤكده دائمًا فتاوى وبيانات وإصدارات وجهود دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وتابع مؤكدًا: "‎لقد عزَّزنا -نحن علماء الدين في مصر وخارجها- من المشترك الذي يتقاسمه الإسلام والمسيحية وغيرها من الديانات، ونهدُف لتحقيق السلام العالمي".

وشدد المفتي في تصريحاته على ضرورة أن يراعي القائم بعملية الإفتاء الخصوصيات والسياقات والأعراف، لكونها أمرًا ضروريًّا ما دامت لا تتصادم مع الشريعة.

وأوضح  أن التحدث باسم الإسلام يتطلَّب فهمَ المصادر الشرعية وفهمَ الواقع وامتلاك أدوات للوصل بين المصادر والواقع المتغير، محذرًا من أن تصدُّرَ غير المتخصصين للإفتاء يتسبَّب في مشكلات كثيرة.

وأشار مفتي الجمهورية  إلى أن دار الإفتاء المصرية تضع اللمسات الأخيرة لمؤتمر الإفتاء العالمي الثامن تحت عنوان: "الفتوى وتحديات الألفية الثالثة"، الذي سيحضره كبار المفتين حول العالم في منتصف أكتوبر المقبل، مضيفًا أن المؤتمر يهدف إلى التأكيد على ضرورة التمسك بالقيم والأخلاق الحميدة ومواجهة السيولة الأخلاقية والفكرية.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية روسيا الاتحادية العلاقات المصرية الروسية العلوم الشرعية شوقى علام الأمانة العامة الاتحاد المجالات العلاقات المصرية تحقيق السلام المصرية الروسية

إقرأ أيضاً:

مجلس سري يحكم العالم!

في إحدى حلقات برنامج الدحيح تعرض لفكرة نظرية المؤامرة الكبرى والمجلس السري لقيادة العالم. وفي منطقتنا العربية تحديدا هناك انقسام حول تلك الفكر، فالبعض غارق في نظرية المؤامرة لدرجة أن الطقس إذا أمطر في وقت مستغرب أو زادت برودته عن العام الماضى أشاروا بأصابع الاتهام الى مؤامرة نسج خيوطها مجلس إدارة العالم السري للإضرار بنا. ولا يقتصر تبني فكرة المؤامرة الكبرى على شعوب العالم الثالث ولا على محدودي الفكر والثقافة.

بل إننا نجد تلك الفكرة قد سيطرت على البعض ممن وُصفوا بالمتخصصين أثناء جائحة كورونا التي اجتاحت العالم وأدت إلى إغلاق تام، ووصفوها بالمؤامرة الكبرى من قبل المجلس السري لإدارة العالم. وأخذت نظريات المليار الذهبي تترسخ في الأذهان رغم أنه لم يُتفق حتى الآن على مصدر الوباء، فالبعض (ومنهم الولايات المتحدة الأمريكية) اتهم الصين، ومنهم من اتهم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وخرج أطباء كبار يحذرون من تعاطي المصل، ومنهم من أكد أنه يؤدي للوفاة، ومنهم من حذر من زرع شريحة في جسم الإنسان لمتابعة حركاته وسكناته.

رغم عدم قناعتي بفكرة المؤامرة الكونية والمنظمة السرية التي تدير العالم من وراء ستار، لكن إغفال وجود مؤامرات بالكلية هو من قبيل السذاجة السياسية، فالخبث والخداع والتآمر حول بعض القضايا في السياسات الدولية حقيقة لا يمكن إغفالها، ولكن الإغراق في هذه الفكرة يؤدى إلى الإحباط والتسليم بضعفنا أمام القوى الكبرى وتنال من عزم المقاومين والأحرار في العالم
وفي المقابل، فإن هناك من يتهكم على فكرة وجود المؤامرة من أساسه، وعندما تتحدث عن دعم الدول الكبرى للكيان المحتل وأنها من زرعته في المنطقه لخدمة مصالحها، وأن هناك من يجلسون على مائدة سرية ويمثلون أغلب قوى الشر في العالم لدعم هذا الكيان، تجد من يشهر في وجهك سلاح نقد نظرية المؤامرة ويتهمك بأنك غارق في تلك النظرية بجهل. ورغم عدم قناعتي بفكرة المؤامرة الكونية والمنظمة السرية التي تدير العالم من وراء ستار، لكن إغفال وجود مؤامرات بالكلية هو من قبيل السذاجة السياسية، فالخبث والخداع والتآمر حول بعض القضايا في السياسات الدولية حقيقة لا يمكن إغفالها، ولكن الإغراق في هذه الفكرة يؤدى إلى الإحباط والتسليم بضعفنا أمام القوى الكبرى وتنال من عزم المقاومين والأحرار في العالم.

وهناك أدلة تدحض بعض تصورات من قالوا بالمؤامرة الكبرى في جائحة كورونا كونهم اختلفوا على مصدر تلك المؤامرة، هل هي الصين؟ أم الولايات المتحدة؟ أم المجلس السري لإدارة العالم؟ أم كبرى شركات الأدوية التي كانت جاهزة بالمصل في غضون شهور معدودة؟

وهذا المثال تحديدا يمكننا استنتاج بعض الحقائق منه، وأهمها استغلال الحدث من قبل كبرى شركات الأدوية في العالم، وأن التطعيمات السريعة التي قُدمت -والتي لم تثبت فاعليتها- كانت وسیلة غير شريفة للكسب السريع من قبل تلك الشركات.

وحقيقة أخرى، أن الحكومات استغلت الحدث للسيطرة على الشعوب وبث حالة من الرعب -غير مبررة- واختبرت قدرتها على حبس شعوبها ومنعها من الحركة من دون سجون، وحقيقة أخرى تجب الإشارة إليها، وهي أن هناك تجارب علمية بالفعل لمحاولة إنزال المطر في المناطق الصحراوية، وهي من قبيل البحث العلمي وتسخيره للاستفادة منه في مجال الزراعة وغير ذلك.

أما نظرية المؤامرة الكونية التي تتمثل في مجلس سري لإدارة العالم يدير القضية الفلسطينية نكاية في العرب والمسلمين وللقضاء عليهم، فتبقى مجرد نظرية تتلقفها عقول الضعفاء لتبرير ضعفهم والمتخاذلين لتبرير خذلانهم، ويروج لها بعض الحكام للحفاظ على كراسي السلطة.

ويمكن تلخيص الفكرة في تصور إسلامي بعنوان "تدافع الحضارات" في قوله تعالى: "وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٍ.."، وفي تصور غربي بعنوان "صدام الحضارات".

ولكن السؤال المهم: لماذا نشعر نحن في العالم العربي والإسلامي أكثر من غيرنا بهذا التدافع أو بالمصطلح الغربي هذا الصدام؟ والإجابة بسيطة، أن الإسلام والمسلمين لديهم حضارة وقيم في دين فاعل قابل للانتشار وفرض قيمهم في وسط مجتمعات مادية رأسمالية تغلب فيها النزعة الفردية؛ والفرد فيها هو محور الكون والمستهلك فيها هو هدف ومستهدف، وهذه هي القيم والثقافة الأمريكية التي تفرضها على العالم لأنها الأقوى. ولا ننسى أننا أصحاب حضارة وعندما امتلكنا القوة كانت القيم الإسلامية تفرض نفسها، والإمبراطورية العثمانية كانت تتوسع حتى حكمت نصف العالم تقريبا، وعندما امتلكت أمريكا القوة وقضت على المنظومة الشيوعية احتلت صدارة العالم وفرضت قيم الرأسمالية. وهذا هو ما يسمى بتدافع الحضارات.

فالولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها دول الغرب ليست لديهم مشكلة مع الإسلام المدجن الذي يهتم بالعبادات، بل على العكس تماما، لو طلب من الولايات المتحدة الأمريكية من خلال الأمم المتحدة التي تسيطر عليها أن تنظم الحج فستقوم به على أكمل وجه من الإبهار والتنظيم، شريطة أن تتولى شركات الطيران الأمريكية نقل الحجاج وتنتشر مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية وكوستا وستاربكس حول الحرم، وتكون ملابس الإحرام ڤرساتشي أو تومي أو شانيل لتجني ملايين الدولارات.

فالولايات المتحدة الأمريكية كي تنشر قيم الرأسمالية كان عليها أن تدجن الديانات الموجودة، وهو ما تم بالفعل، ولم يعد أمامها سوى الإسلام بقيمه التي تعزز الحريات الحقيقية وتتعالى على الفردية لصالح المجتمع، ولا تترك الإنسان فريسة لرغباته وللإعلانات التي تشجع على الاستهلاك، بل تهذب احتياجاته وتُعلمه أن في أمواله حق معلوم للسائل والمحروم وأن أبواب الخير أولى من كل ملذات الدينا، وهو الأمر الذي يصادم الفكر الرأسمالي المتطرف. الأمر لعبة مصالح دولية وليست مؤامرة كونية لا يمكن مواجهتها، فقط علينا أن نفهم ماذا يريدون وماذا علينا أن نفعلولم يعد أمام قوى الغرب مواجهة تلك القيم الإنسانية إلا باستدعاء الماضى واتهام الإسلام بالعنف، لدرجة أن قوى تدعم جماعات تتبنى العنف في السر لإلصاق تهمة الارهاب بكل ما هو مسلم حتى تثير حالة من الرعب من الاقتراب من هذا الدين، أو بالأحرى من تلك القيم المناهضة للرأسمالية المتوحشة.

فالأمر لعبة مصالح دولية وليست مؤامرة كونية لا يمكن مواجهتها، فقط علينا أن نفهم ماذا يريدون وماذا علينا أن نفعل، وحقيقة الأمر أن قيم الإسلام الصحيح تمثل خطورة على قيم الرأسمالية، ليس الأمر عندهم أنه دین الله أو حق وباطل، المشكلة لديهم هي المال والملكية ولدى الإسلام خطاب يهدم خطاب الرأسمالية المتوحشة بمنطقية غير موجودة حتى في الشيوعية.

الإسلام يراعي حق الإنسان في الطموح والسعي، لكنه يحيطه بتشريعات ضد فكرة الكنز والفردية المطلقة وضد حب النفس ونسيان الفقير ولا يترك المستهلك فريسة للإعلانات، فكلما اشتهى اشترى بل يحارب الإسراف والتبذير، وهذا كله ضد قيم الرأسمالية المتوحشة.

فإذا عرفنا أصل الخلاف يمكننا أن نطرح الحلول من غير تقليل ولا تهويل.

مقالات مشابهة

  • دور العقل في الدين والإيمان ودعاء الحفظ من الفتن
  • مجلس سري يحكم العالم!
  • مفتي الجمهورية: انهيار الأخلاق هو السبب الرئيسي في زوال الأمم.. وهذا هو الحل
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: لا يشترط زي معين للنساء في الحج والعمرة
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأصل في زكاة المال إخراجها نقدا وليس عينا
  • كانت مسيحية وعلمت ابنتها الإسلام.. من هي والدة مي عز الدين؟
  • الواجب في تكفين الميت وعليه ديون وماله محجوز لسداد الدين .. الإفتاء توضح
  • حكم الشرع في الدين الذي تم التنازل عنه بسبب الوفاة.. دار الإفتاء ترد
  • كيفية رد الدين إذا كان ذهبا .. دار الإفتاء توضح
  • حكم سداد الدين عن طريق الخطأ.. دار الإفتاء تجيب