ابو عركي البخيت عند المحن .. شعلة من الامل والمقاومة والابداع
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
ما يشدني لعزيزنا المبدع الكبير ابو عركي البخيت ليس ابداعه فحسب بل شجاعته المعنوية وتفوقه الأخلاقي وتمسكه بالقيم الرفيعة في الخريف والمحل وفي السلم والحرب، وقد اثبت بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل إنه مواطن الخرطوم الأول الذي تمسك بها ولم يهجرها عند المحن.
مثلما رفض الاستاذ عركي البخيت التعامل مع اجهزة اعلام نظام البشير على مدى عقود هاهو اليوم يرفض مغادرة منزله في حي العرضة بام درمان احتجاجا على الحرب ورفضا للاستهتار، وتمسكا بحق الإنسان في الحياة الكريمة والبيت الذي يطل على الشارع والوطن والجيران والناس، وكان احتجاجه مبدعا ونادرا.
ابو عركي المولود في مدني كان بامكانه مثل ملايين السودانيين الخيرين الشرفاء الذين دمرت حياتهم الحرب أن يعود إلى مدني أو أي مكان آخر يختاره، فهو الأعزل إلا من إيمانه بالوطن فحتي الذين اسال الحكم شهوتهم هاجروا بسلاحهم من النهر إلى البحر ، واختار عركي التمسك بالأرض و(المنزل الوطن) مع الفقراء والشهداء والشجعان الذين سمروا اقدامهم فوق ارضهم ورفضوا الخروج حينما بلغت الروح الحلقوم فياله من موقف يلهب ويلهم الأجيال جيل بعد جيل.
يصادف اليوم ٢٣ سبتمبر ذكرى انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣، وهذا اليوم تحديدا اشعل فيه شباب مدينة ود مدني التي منها أتى عركي نيران سبتمبر ٢٠١٣ التي امتدت إلى ريف ومدن السودان وعبدت الطريق نحو ثورة ديسمبر المجيدة، والمجد للابد يظل لهزاع والسنهوري وسارة وعقدهم النضديد من الجنينة إلى بورتسودان ومن حلفا إلى هيبان.
درجت منذ سنوات للإتصال وزيارة الأستاذ عركي سيما بعد ثورة ديسمبر مع عدد من الأصدقاء ولعب صديقنا الدكتور صلاح الأمين الذي يتابع اخبار عركي يوميا دورا مقدرا في تنبيه اصدقاءه لما يدور حوله خصوصا في ازمنة هذه الحرب، وفي الايام الماضية أجرى صلاح اتصالات عديدة حينما انقطع الماء عن منزل الأستاذ عركي في حي العرضة. وفي السابق حينما اصابته الكورونا كنت اتصل بالاستاذ عركي يوميا من جوبا وإن لم اجده اترك له رسالة في الصباح كواجب يومي لإنسان أدخل الأمل والإبداع في عالمنا.
هذه الحرب دمرت حياة الكثيرين في مدن وريف السودان وازاحت مؤقتا الفعل والنشاط المدني عن واجهة الحياة، وهنا تكمن أهمية موقف عركي الذي إختار أن يكون فاعلا لا متلقيا وملهما لا محبطا ومقاوما لا مستسلما في الصف الأول ضد الحرب ومع جموع المدنيين لوقفها، وموقفه يذكر بالانتهاكات في الريف والحضر وهو يرفع الراية عالية في التذكير بإنسان السودان، واضحى عركي عنوانا من عناوين المقاومة المدنية.
كم احزنني رؤية فارس الإبداع والكلمة المنتمي إلى الشعب والملحمة الأستاذ هاشم صديق محمولا على ظهر عربة (كارو) من منزله إلى منزل آخر وكم اسعدني سماع صوته بعد ذلك مليئا بالعزة والشموخ ودفق الحياة والصمود، فهؤلاء رموز لاجيال وثورات واسماءهم محفورة بمداد من ذهب في ذاكرة الشعب والاجيال، ومنا لهاشم صديق التحية وأطيب واجزل الأمنيات.
إنني أناشد السودانيات والسودانيين والديسمبريات والديسمبريين لتكريس صورة الاستاذين ابو عركي البخيت وهاشم صديق عنوانا لملحمة المقاومة المدنية من أجل وقف الحرب في بلادنا وكرموز ذوي دلالات في معركة شعبنا من أجل وقف الحرب وعودة الفعل المدني ولتكن صورتي عركي وهاشم وصور النازحين واللاجئين وضحايا الحرب معلقة فوق كل رآية ويد مخضبة بالمقاومة في درب ثورة ديسمبر المجيدة وعودة الحياة المدنية وتأسيس سودان جديد ملئ بالأمل ويحتفي بالمواطنة بلا تمييز وتكون فيه الحرية والسلام والطعام والكرامة الإنسانية للجميع.
السبت ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٣
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عرکی البخیت
إقرأ أيضاً:
الدور المصري الذي لا غنى عنه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كعادتها، لا تحتاج مصر إلى أن ترفع صوتها أو تستعرض قوتها، فهي تمارس نفوذها بصمت، ولكن بفعالية لا تخطئها عين. الدور المصري في تسليم الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس لم يكن مجرد "وساطة"، بل كان بمثابة العمود الفقري لعملية التبادل بين الجانبين. القاهرة لم تكن مجرد ممر آمن للرهائن المفرج عنهم، بل كانت الضامن الأساسي لتنفيذ الاتفاق، بما تمتلكه من ثقل سياسي وعلاقات متشابكة مع كل الأطراف المعنية.
بحسب المعلومات، فإن الاتفاق تضمن تسليم قوائم الرهائن الإسرائيليين عبر الوسطاء، وعلى رأسهم الجانب المصري، الذي تكفل بنقلهم إلى الأراضي المصرية، حيث تسلمهم الصليب الأحمر الدولي قبل عبورهم إلى إسرائيل عبر معبر العوجا. وهذا السيناريو ليس جديدًا، بل هو امتداد لدور مصري تاريخي في هذا الملف، فلطالما كانت القاهرة لاعبًا لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات تتعلق بقطاع غزة.
ما يلفت الانتباه أن العلم المصري كان حاضرًا في مراسم التسليم في خان يونس، وهو ليس مجرد تفصيل بروتوكولي، بل رسالة واضحة بأن مصر هي ركيزة الاستقرار في المنطقة، وصاحبة اليد الطولى في هندسة التوازنات الدقيقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
لكن رغم هذه الجهود، تظل الأوضاع متوترة على الأرض.. إسرائيل، كعادتها، تتعامل بمنطق القوة، مهددةً باستئناف العمليات العسكرية إذا لم تلتزم حماس بشروط التهدئة، فيما تشترط الأخيرة إدخال شاحنات المساعدات إلى شمال القطاع قبل الإفراج عن دفعات جديدة من الرهائن. وفي هذه المعادلة المعقدة، تتواصل جهود مصر وقطر لمنع انهيار الهدنة، وسط مراوغات إسرائيلية وابتزاز سياسي واضح.
القاهرة، التي تقود المشهد بهدوء، قدمت رؤية متكاملة للخروج من الأزمة، تبدأ بوقف إطلاق النار، مرورًا بتبادل الأسرى والرهائن، وانتهاءً بفتح ملف إعادة الإعمار. هذه المفاوضات الشاقة امتدت لأكثر من 15 شهرًا، وأسفرت في النهاية عن هذا الاتفاق.
وفيما تواصل إسرائيل محاولاتها للتمسك بمحور فيلادلفيا (صلاح الدين) حتى نهاية العام، تزداد المخاوف من أن تكون هذه مجرد خطوة ضمن مخطط أوسع للسيطرة على القطاع بالكامل. كل هذا يجري وسط تصعيد خطير في الضفة الغربية، حيث تسير إسرائيل على خطى ممنهجة لتعزيز احتلالها، غير عابئة بأي جهود دولية لإحلال السلام.
وسط هذا المشهد المعقد، يترقب الجميع القمة العربية الطارئة التى تُعقد اليوم بالقاهرة، فى انتظار الإعلان عن موقف عربي موحد وحاسم. أما الولايات المتحدة، فتمارس ازدواجية معتادة، حيث يتحدث ترامب عن أن قرار وقف إطلاق النار "شأن إسرائيلي"، وكأن الفلسطينيين ليسوا جزءًا من المعادلة!
ما هو واضح أن الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد، فالإسرائيليون لا يزالون يتعاملون بعقلية القوة الغاشمة، والفلسطينيون يدفعون الثمن، فيما يعمل العرب، وعلى رأسهم مصر، على أن يحافظوا على الحد الأدنى من الاستقرار وسط بحر هائج من الصراعات والمصالح المتضاربة. لكن إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ هذا هو السؤال الذي لا يملك أحد الإجابة عليه حتى الآن فى ظل الدعم الأمريكى غير المحدود للعنجهية الإسرائيلية!