الوقواق أخبث طائر في مملكة الطيور على الإطلاق بل هو ملك الخبث بلا منازع!! أنثى الوقواق تنصب كميناً لطائر من جنس آخر يحتوي عشه على بيض مماثل لحجم ولون بيضها وتظل رابضة في مكمنها الخفي بصبر وقواقي عجيب حتى إذا ما غادر الطائر عشه كي يتناول ما يسد به رمقه تسارع برمي بيضة واحدة من عش الطائر وتضع بدلاً منها إحدى بيضتيها حتى لا يلاحظ ولا يفهم الطائر صاحب العش ما جرى!! ثم تكرر أنثى الوقواق نفس السيناريو الخبيث مع طائر آخر وعش آخر وتضع بيضتها الثانية!! ثم تحلق بعد ذلك مع الوقواق الذكر في سماء الحرية بعد أن تخلصا معاً من واجبات الامومة والأبوة الثقيلة المتمثلة في حضن البيض وإطعام الفراخ التي لا تشبع تاركين هذه المهام الشاقة للطائر صاحب العش الذي يتمتع بقدر من السذاجة والغفلة بحيث لا يفطن لتلك المكيدة الوقواقية المحكمة!!

ولعل فرخ الوقواق أخبث من والديه بمراحل كثيرة!! فما أن يخرج الفرخ الوقواقي الشيطاني من البيضة وقبل أن يتمكن من الإبصار يقوم بزحزحة البيضة الأخرى بمؤخرته وإسقاطها من العش حتى ينفرد وحده بالغذاء!! وبعد مرور أيام قليلة من الأكل الانفرادي الشره يصبح فرخ الوقواق أكبر بكثير من أمه الوهمية لكنها لا تلاحظ ذلك فتواصل إطعامه بمجهود أكبر وأكبر وما أن يشتد جناح الفرخ الوقواق الحرامي حتى يغادر عش أمه الوهمية ليعيد دورة الخبث الفطري الشديد من جديد بشكل أكثر خبثاً وأشد دهاءً!!

هذا السلوك الوقواقي الذي يقوم على سرقة مجهودات الآخرين الغافلين منتشر جداً جداً بين الدول وفي المجتمعات البشرية، فهناك بشر وقواقيون وهناك حكومات وقواقة!!

هناك دول غنية وقواقة يعتمد ثراؤها على فوائد الديون المفروضة على الدول الفقيرة فهي تحقق رفاهية شعوبها على حساب جوع ومرض وجهل الشعوب المدينة فتخترع صناديق وبنوك نقد دولية تقوم بالتبرع ببعض المساعدات الدولية الضئيلة ثم تضخم ذلك التبرع بأكبر الأبواق الإعلامية العالمية ثم تقدم الديون المفخخة للدول الفقيرة التي تتراكم عليها فوائد ديونها حتى تفوق المبالغ الأساسية للديون التي استخدمتها حكوماتها غير الرشيدة بتوصيات وقواقية في مشاريع وهمية لا تغني ولا تسمن من جوع ثم تنقض الدول الوقواقية على موارد الدول الفقيرة بدون رحمة وتستنزفها شيئاً فشيئاً دون أن يرمش لها هدب!!

هناك وقوقة سياسية منتشرة بكثرة في دول العالم الثالث حيث تقوم بعض الأحزاب الحاكمة بتحين الفرص والانقضاض على قواعد وكوادر أحزاب المعارضة الضعيفة ومن ثم تقوى مراكزها على حساب تشرذم وتفتت تلك الأحزاب التي وقعت فريسة للوقوقة الحزبية!!

هناك وقواق عسكري سوداني يرتدي الكاكي يأخذ كل مرتباته وامتيازاته من عرق المدنيين السودانيين ومع ذلك ينقلب على حكومتهم الديمقراطية ويشكل حكومة عسكرية انقلابية طمعاً في كل السلطة وكل الثروة ثم يستأسد على المدنيين السودانيين بالتصريحات العنترية وبقتلهم الجماعي بالجملة والقطاعي ثم يدعى أمام العالم كله أنه حامي حمى المدنيين إلى يوم الدين!! وهناك وقواق أمريكي يدعي حماية شعوب العالم الثالث وينادي بنشر الديمقراطية في العالم فيقوم بفرض العقوبات المالية على الشركات العسكرية الانقلابية المنتشرة بكثرة في دول العالم الثالث وبالذات في أفريقيا، فيصفق المعارضون السياسيون في تلك الدول لتلك الخطوة الأمريكية لكن الواقواق الأمريكي يقوم بسرقة كل تلك الأموال الأفريقية ويودعها في الخزانة الأمريكية الهائلة التي كلما تم صب الأموال الدولية الضخمة المسروقة في جوفها تصيح: هل من مزيد!!

هناك أمم مفككة تسمي نفسها الأمم المتحدة على رأسها مجلس وقواقي يسمى مجلس الأمن وبداخله خمسة دول وقواقة تملك كل واحدة منها حق النقض وهو صوت وقواقي واحد يستطيع أن يهزم وحده أي قرار يتخذه جميع سكان الدول الأخرى في العالم!! ومع ذلك يتحدث كل وقواق دولي بأعلى صوت عن العدالة الدولية وما أدراك ما العدالة الدولية!!

هناك وقوقة وظيفية شائعة، فكثير من الموظفين، من ذوي الجهالات المقيمة، يسرقون مجهودات زملائهم الغافلين ويرتقون سلم المجد والشهرة دون بذل أي مجهود!! هناك وقوقة عاطفية، فالرجل الوقواق أو المرأة الوقواقة يقومان بالتربص بالشراكات العاطفية الناجحة ثم ينقضان على الضحية الغافلة في لحظة الصفر وينجحان في اصطيادها ثم يستمتعان بفوزهما الدنيء غير عابئين بدموع وآهات الضحية المكلومة، وهكذا يتعدد الضحايا والوقوقة واحدة!!

الأغرب من ذلك أن الوقواق الطائر أو الوقواق البشري أو الوقواق الحكومي لا يشعر أبداً بتأنيب الضمير ولعله يؤمن بالمنطق الوقواقي الذي مفاده أن الضحية الغافلة أو الساذجة أو المغلوبة على أمرها تستحق الافتراس لأنه لا أحد يستطيع أن يستغفل أحداً إلا إذا كان مغفلاً وفوق ذلك لأن القانون لا يحمي المغفلين بأي حال من الأحوال!!، ولهذا فإن التوقوق على الضحية يصبح فعلاً مشروعاً لا غبار عليه بل أنه يدل على الفهلوة التي تثير أقصى درجات الإعجاب لدى الآخرين الذين انطلت عليهم الحيل الوقواقية!!

أخيراً يجب أن أقول لجميع الوقواقين ولجميع ضحايا الوقوقة: ما أقبح هذا العالم حين تصبح الوقوقة سلوكاً شخصياً أو اجتماعياً أو دولياً سائداً!! ما أفظع هذه الدنيا حين يصبح سارقو مجهودات الآخرين أبطالاً ويصير الضحايا الطيبين مجرد حفنة من المغفلين والمغفلات الذين لا يثيرون شيئاً سوى الرثاء الممزوج بالسخرية!!

فيصل على الدابي/المحامي/الدوحة/قطر

menfaszo1@gmail.

com
////////////////  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم

قال موقع أخباري إسرائيلي إن المتمردين اليمنيين يهددون إسرائيل والاستقرار العالمي، ويشلون التجارة في البحر الأحمر على الرغم من الضربات التي تقودها الولايات المتحدة.

 

وذكر موقع "واي نت نيوز" في تقرير ترجمة للعربية "الموقع بوست" إن كبار المسؤولين الأميركيين يعبرون عن "صدمتهم" إزاء أسلحتهم المتقدمة، مما يثير مخاوف من زيادة الدعم الإيراني.

 

وأكد التقرير العبري أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تشير إلى موقف أميركي أكثر صرامة.

 

وحسب التقرير فلإنه في واحدة من أخطر الحوادث للقوات الأميركية في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في غزة، أسقطت سفينة حربية أميركية عن طريق الخطأ طائرة مقاتلة من طراز إف/إيه-18 تابعة للبحرية الأميركية فوق البحر الأحمر خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتزامن الحادث مع غارات جوية أميركية استهدفت مواقع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء.

 

وذكر أن الطيارين قد قفزوا من الطائرة بسلام وتم إنقاذهما، في حين أعلن المتمردون الحوثيون بسرعة مسؤوليتهم عن إسقاط الطائرة. ومع ذلك، لم يوضح البنتاغون ما إذا كانت النيران الصديقة مرتبطة بشكل مباشر بالقتال الجاري ضد المجموعة المدعومة من إيران.

 

"تؤكد هذه الحلقة على التحدي الأوسع الذي يفرضه وكلاء إيران، ليس فقط على إسرائيل ولكن أيضًا على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي"، حسب الموقع الاسرائيلي.

 

وأكد أن هجمات الحوثيين تضع إدارة بايدن في موقف صعب، لأنها تتزامن مع الجهود الأمريكية للتوسط لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن والصراع السعودي الحوثي. فشلت تلك الحرب، التي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين في الغارات الجوية السعودية، في هزيمة الميليشيات المتحالفة مع إيران.

 

وفق التقرير فإنه مع استمرار التوترات المرتفعة، قد تنمو احتمالات تكثيف العمل من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الشهر المقبل.

 

وقال "ومع ذلك، أصبحت قدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على ردع الحوثيين موضع تساؤل بعد أن أظهروا مرونة في مواجهة سنوات من الضربات الجوية السعودية المتواصلة، متجاهلين في كثير من الأحيان المعاناة الشديدة للمدنيين اليمنيين. يعيش ثلثا سكان اليمن تحت سيطرة الحوثيين".

 

وتوقع بن يشاي أن يرفع ترامب القيود التشغيلية التي فرضها بايدن على القوات الأميركية في اليمن، مما يمهد الطريق لحملة أميركية إسرائيلية منسقة لتحييد التهديد الحوثي.

 

وقد تتضمن هذه الاستراتيجية استهداف قيادة الحوثيين وتدمير صواريخهم الباليستية وطائراتهم بدون طيار وأنظمة الإطلاق ومرافق الإنتاج الخاصة بهم - وهي الإجراءات التي قال بن يشاي إنها ستعكس العمليات الإسرائيلية الناجحة ضد الأصول الاستراتيجية لحزب الله في لبنان وقدرات نظام الأسد في سوريا. ومن المرجح أن تتطلب إسرائيل تعاونًا كبيرًا من القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) والأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يعمل في المنطقة بحاملات الطائرات ومدمرات الصواريخ وغيرها من الأصول. إن المسافة الجغرافية والتحديات الاستخباراتية تجعل العمل الإسرائيلي الأحادي الجانب غير محتمل.

 

وزعم بن يشاي أن الجهد المنسق يمكن أن يمنع الحوثيين من المزيد من زعزعة استقرار النظام العالمي والاقتصاد. وأشار إلى أنه في حين أن الحوثيين لا يردعون عن الضربات على البنية التحتية لدولتهم، فإن قطع رأس القيادة والهجمات الدقيقة على قدراتهم العسكرية يمكن أن يغير التوازن.

 


مقالات مشابهة

  • باحث استراتيجي: ستحدث تغييرات في المشهد الأمريكي والعالمي بعد تنصيب ترامب
  • أبرز أحداث عام 2024 التي شغلت العالم
  • العالم يتعرف إلى السلطة الجديدة في دمشق
  • السوداني: العراق تمكن من مواجهة التحديات التي حصلت في المنطقة
  • الفجوة الرقمية.. 2.6 مليار شخص ما زالوا خارج عصر الإنترنت
  • وسيم السيسي: الشعب الأمريكي خرج في مظاهرات لرفض كونهم أداة في يد اليهود
  • أكبر اقتصادات العالم بحلول 2075| خبير اقتصادي: هناك إمكانيات هائلة للاقتصاد المصري
  • تفاصيل تصدر مصر قائمة الدول الأفريقية في القوة الناعمة (فيديو)
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم