مفتي الجمهورية: سيرة النبي ﷺ كانت نموذجًا يحتذي به في كل الأحوال والظروف
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: في محاضرة ألقاها فضيلته أمام عمداء وأساتذة جامعة موسكو الإسلامية، إنَّ سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت نموذجًا يحتذي به في كل الأحوال والظروف، وأنه عليه الصلاة والسلام كان عنده استشراف للمستقبل ورؤية سديدة لمآلات الأمور، استفاد منها علماء الأمة في العصور اللاحقة.
تصريحات مفتي الجمهورية
وأضاف الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، أن دار الإفتاء المصرية استفادت كثيرًا من أهمية استشراف المستقبل عن طريق إنشاء مرصد متخصص للتنبؤ بالقضايا التي سوف تحدث في المستقبل بناءً على قراءة رشيدة للواقع.
وأوضح المفتي أنَّ من الملامح الفريدة في حياة النبي أنه لم يخرج من مكة -وهي وطنه الذي وُلد فيه- إلا مكرهًا، وقال قولته الشهيرة: "ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت"، وهذا يدلُّ علي حبِّه الشديد للوطن، وأنه لا تعارض بين الدين والوطن.
وذكر من الدروس المستفادة كذلك من إرسال الصحابة إلى الحبشة وجود نماذج متعددة للتعايش، والمسلمون يستطيعون العيش تحت أي ظروف؛ حيث عاشوا في مكة وهم أقليَّة، وعاشوا في الحبشة وهي نصرانية، وهناك روايات بأن المسلمين حاربوا بجانب النجاشي في جيشه النظامي، وهذا يدل على الاندماج الإيجابي في التعايش.
وأكد مفتي الجمهورية أنَّ وثيقة المدينة المنورة تعدُّ أعظم وثيقة تعايش وسلام عرفتها البشرية، وصارت بعد ذلك نبراسًا يُقتدى في التوفيق بين الأطياف المختلفة التي تحيا في مجتمع واحد، فالإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وَسِعَتْ كلَّ الملل والفلسفات والحضارات وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات.
وشدَّد شوقي علام على أن إصدار الفتاوى من أهم الخطوات للفهم الصحيح للعلاقة بين الإسلام والعالم الحديث، وليس كما يفهم البعض في الغرب أنها مجرد أحكام سياسية من قِبل قادة الدول.
وأوضح أنَّ الدين الإسلامي جاء لتحقيق مجموعة من المقاصد على رأسها عبادة الله والتزكية الروحية وعمارة الأرض وتحقيق الاستقرار، مشيرًا إلى أنَّ الليث بن سعد فقيه مصر كان له دَور مجتمعي كبير، وكانت له فتوى مهمة حول حماية الكنائس في الإسلام واعتبرها من عمارة الأرض.
وأكد مفتي الجمهورية أنَّ الدين قادر على توفير حلول لمواجهة التحديات التي تواجه العالم، وأنه من اللازم المشاركة والمساهمة في إنتاج ثقافة سلام عالمية على نحو فعَّال ومتقدم.
ولفت النظر إلى أن قضية المحافظة على الهُوية بمكوناتها الحضارية والتاريخية قضية مهمة جدًّا في حفظ شبابنا وبناء وعي صحيح في نفوس الأجيال القادمة.
وأكَّد فضيلة شوقي علام مفتي الجمهورية حول التراث الإسلامي وتجديد الخطاب الديني:أنه لا بد من قراءة جديدة للموروث الفقهي وَفق المستجدات لتفويت الفرصة على المتربصين بالتراث، مشددًا على أننا في خطابنا الديني لا بدَّ من التفريق بين الدعوة لهدم التراث بالكلية، وبين التجديد الذي يهدُف إلى تنقية التراث ممَّا علق به، ويضيف إلى هذا الموروث الديني ما يحتاج إليه العصر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية دار الإفتاء المصرية الدكتور شوقي علام هيئات الإفتاء في العالم مدينة المنورة الدروس المستفادة مفتي الجمهورية حضارات المحافظة متخصص سيرة النبي دعوة نظام الله مفتی الجمهوریة شوقی علام
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: التصوف في مصر علم وعمل بعيد عن الغلو والتطرف
قال الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن التَّصوفُ في مصر هو تصوف العلْمِ والعَمَل، تصوُّفُ السالكين على نهْجِ الكتابِ والسُّنَّةِ، تصوف القلوب العامرة بالمحبة والإخلاص، البعيدة عن الغُلوّ والتطرف.
وأضاف فى بيان له، أن في مصر اجتمع الفقهُ والتزكية، فتربَّى الناسُ على معاني الرحمة والسكينة، ولم يكن التصوف فيها انغلاقًا، بل كان بابًا لفهم الدين بعمق، ونشر الخير بين العباد.
اللهم اجعل قلوبَنا معمورةً بحبك، وأرواحَنا متَّصلةً بك، وبارك في علماء الأزهر ودعاته الصادقين.
فى سياق اخر، قال إن من بين الأسئلة المحورية التي ينشغل بها الباحثون عن الحقيقة سؤال: ما هي مصادر المعرفة؟.
وأوضح فضيلته، خلال حديثه الرمضاني على قناتَي DMC والناس الفضائيتين، أن هذا السؤال يُطرح رغبةً في الكشف عن السُّبل الصحيحة التي يتوصل بها الإنسان إلى المعارف المتعلقة بدينه ودنياه، موضحًا أن مصادر المعرفة في التصور الإسلامي تقوم على ثلاثة عناصر أساسية، هي: الأخبار الصادقة المتمثلة في الوحي، والعقل السليم، والتجربة أو الحوادث الظاهرة.
وأضاف فضيلته أن بعض أهل السلوك والعرفان يشيرون إلى مصدر رابع يتمثل في الذوق، أو الكشف، أو الإلهام، أو الإشراق، أو العرفان، وهو مصدر يُستأنس به في مجال التزكية والتربية الروحية، لا في بناء الأحكام الشرعية.
وأكد فضيلته أن الأخبار الصادقة تشمل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حيث يقف المتأمل فيهما على كنوز عظيمة من المعرفة، تتصل بالخالق والمخلوق والعلاقات بينهما، واستشهد بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2]، وقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59]، وقوله سبحانه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
كما استشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، و«خذوا عني مناسككم» مبينًا أن السنة النبوية شارحة ومبينة للقرآن، ومفسرة لأحكامه.
وأوضح مفتي الجمهورية أن الوحي مصدر شامل للمعرفة، لا يقتصر على الأمور التعبدية فقط، بل يشمل تنظيم المجتمع، وضبط الأخلاق، وتأسيس القيم، ووضع التشريعات التي تنظم حياة الإنسان.
وفي حديثه عن العقل، أشار إلى أنه من أعظم النعم الإلهية، ودعا إلى التأمل في النفس والكون، مستشهدًا بقوله تعالى:
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53]، وقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، وقوله سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا...} [الروم: 42]، كما لفت إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تفكروا في آلاء الله»، مبينًا أن التفكر لا يكون إلا بالعقل.
ونوَّه فضيلته بأهمية التفرقة بين ما يمكن للعقل إدراكه بالتوافق مع النصوص، وبين ما يتوقف عند حدود السمع والنقل، كالغيبيات التي لا سبيل لمعرفتها إلا من خلال الوحي.
أما فيما يخص التجربة، فأوضح أنها وسيلة معرفية مهمة، خصوصًا في مجالات العلوم التطبيقية، وتُعد مكملة للوحي والعقل في إدراك الواقع وفهم قوانينه.
وفي حديثه عن الكشف والذوق والإلهام، أشار مفتي الجمهورية إلى أنها من المقامات الروحية التي تخص أهل التزكية والسلوك، ولا يُبنى عليها حكم شرعي، بل يُستأنس بها ما دامت لا تُخالف النصوص الشرعية.
وختم فضيلته حديثَه بالإشارة إلى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال: «قد كان في الأمم محدثون، فإن يكُ في أمتي أحد فعمر»، مشيرًا إلى قصة "يا سارية الجبل"، على أنها من الكرامات التي يُستأنس بها، ولا يُحتج بها تشريعيًّا.