تعمل في كردستان العراق.. ما هي الأحزاب الكردية الإيرانية التي تصر طهران على ملاحقتها؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
في الوقت الذي يؤكد العراق تنفيذ جميع بنود الاتفاق الأمني الأخير الموقع مع إيران بشأن الجماعات الإيرانية المعارضة المتواجدة في إقليم كردستان، تصدر تصريحات متضاربة من المسؤولين الإيرانيين بعضها يتحدث عن التزام عراقي وأخرى تشير للعكس وتنطوي على تهديد.
واتفقت بغداد وطهران الشهر الماضي على "منع تسلل المسلحين بعد نشر قوات حرس الحدود العراقيين، وتسليم المطلوبين بعد صدور أوامر القبض وفقا للقانون، ونزع السلاح وإزالة المعسكرات" وفقا لما أوردته الحكومة العراقية.
وفي تصريحه لقناة "الحرة" قال وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين، الجمعة، إن العراق طبق بنود الاتفاق تماما، فيما يخص إعادة المسلحين المتواجدين على الحدود بين البلدين في كردستان العراق إلى مخيمات للاجئين.
وعن الأهمية السياسية والأمنية لهذا الاتفاق، شدد حسين أن توقف إيران عن قصف مناطق في كردستان العراق، كان شرطا من شروط الاتفاقية، مقابل إبعاد المسلحين عبر الحدود، وهو ما قامت به الحكومة الاتحادية بتعاون مع حكومة إقليم كردستان، في عملية "مهمة وناجحة" للجانبين.
وكان وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان أشار إلى أن الحكومة العراقية نقلت جميع المجموعات المسلحة في إقليم كردستان ونزعت سلاحها وفق الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين.
وكتب عبد اللهيان على منصة "أكس" (تويتر سابقا) عقب لقاء جمعه مع نظيره العراقي في نيويورك أن الوزير العراقي أبلغه أنه "جرى الآن نقل جميع المجموعات المسلحة في إقليم كردستان العراق إلى خمسة معسكرات ونزع سلاحها يتم وفق الاتفاق الأمني".
با آقای فوادحسین در نیویورک دیدار داشتیم. او تاکید کرد که اکنون همه گروههای مسلح (تروریست) موجود در اقلیم کردستان عراق به پنج اردوگاه منتقل شدهاند و خلع سلاح آنها طبق موافقتنامه امنیتی انجام میشود. تبادل زندانیان میان ایران و آمریکا را نشانه خوبی برای گامهای رو به جلو دانست. pic.twitter.com/GQcm9YTSB6
— H.Amirabdollahian امیرعبداللهیان (@Amirabdolahian) September 19, 2023لكن رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أصدر تصريحات، السبت، شكك خلالها بالتزام العراق بتطبيق الاتفاق.
ونقلت وكالة فارس عن باقري القول إن الاتفاق كان يتضمن "أن يتم نزع سلاح هذه المجموعات بالكامل في 19 سبتمبر، لكن ما حدث في مهلة الستة أشهر هذه هو أنهم ابتعدوا بعض الشيء فقط عن حدود بلادنا".
وأضاف باقري أن "رئيس الجمهورية قال إنه على القوات المسلحة الانتظار بضعة أيام.. وسننتظر بضعة أيام ونرسل فرق مراقبة إلى هذه المنطقة للتحقق مما إذا كان نزع السلاح قد اكتمل أم لا، وحينها سنقرر كيفية التصرف".
أحزاب كردية معارضةتتخذ جماعات كردية إيرانية معارضة منذ عقود مقرات لها في إقليم كردستان العراق المجاور لإيران الذي يتمتع بحكم ذاتي، متخلية عن نشاطاتها المسلحة إلى حد كبير ومركزة على العمل السياسي.
ويعود وجود المعارضة الكردية في العراق إلى ثمانينات القرن الماضي بمباركة الرئيس العراقي السابق صدام حسين خلال حربه مع الجارة إيران، فيما تصنف طهران هذه الفصائل على أنها "إرهابية" و"انفصالية" وتتهمها بشن هجمات على القوات الإيرانية.
وبعد تمرد مسلح دام لعقود، حدت هذه الجماعات من نشاطاتها المسلحة، لكن لا يزال لديها مقاتلون يتدربون على استخدام السلاح في مواقع ومعسكرات في جبال إقليم كردستان في شمال العراق.
وإلى جانب توجهها اليساري، تشجع هذه الفصائل القيم النسوية في صفوفها، وغالبا ما تقدم نفسها على أنها أحزاب اجتماعية-ديموقراطية.
الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني "PDKI"هو أقدم حزب كردي إيراني وتأسس العام 1945. ويؤكد هذا الحزب عدم استخدامه الأراضي العراقية لشن هجمات ضد القوات الإيرانية، موضحا أنه أقام مقر قيادة الحزب وطواقمه في العراق.
ويقول الحزب عبر موقعه على شبكة الإنترنت إن "حزب PDKI يكافح من أجل تجسيد حقوق الأكراد القومية في إطار إيران فدرالية وديمقراطية".
تنظيم كوملههو حزب قومي كردي إيراني جرى تشكيله في خريف عام 1969 من قبل طلبة يساريين ومثقفين في طهران ومدن كردية.
حزب الحرية الكردستانييضم الحزب مقاتلين شاركوا في معارك العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية وهو من بين الفصائل التي استهدفت خلال الأشهر الأخيرة بالقصف الإيراني.
حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك)يتبع هذا التنظيم لحزب العمال الكردستاني الكردي التركي. ورغم وجود اتفاق لوقف إطلاق النار مع القوات الايرانية أبرم العام 2011، وقعت مناوشات متفرقة بين الطرفين.
العلاقة بكردستان العراقمنذ تسعينات القرن الماضي، ثمة "اتفاق" ضمني بين الفصائل الإيرانية وإقليم كردستان العراق يحمي وجودها في مقابل عدم القيام بأنشطة عسكرية في إيران لتجنب توتر العلاقات مع طهران.
إضافة إلى الحدود المشتركة، تربط أكراد العراق وإيران علاقات وثيقة فكلاهما يتحدث اللغة السورانية وثمة علاقات قربى كثيرة بينهم.
وفي مواجهة التظاهرات التي اندلعت العام الماضي في إيران بعد مقتل مهسا أميني، شددت إيران لهجتها وقصفت بشكل متكرر إقليم كردستان العراق حيث تتواجد أحزاب المعارضة الكردية.
ولا تزال هذه التنظيمات تنتقد بشدة الوضع في إيران على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر مشاركة مقاطع فيديو للتظاهرات التي شهدتها إيران.
وتتحدى طهران بانتظام سلطات بغداد وسلطات أربيل بشأن وجود المعارضة الكردية وتطالبها بتحييد هذه الفصائل.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: إقلیم کردستان العراق فی إقلیم کردستان
إقرأ أيضاً:
إيران الدولة الثوريّة تشدّ أحزمة المواجهة
حزمت “إيران الإسلاميّة ” موقفها، عزم قائدها على تدبّر الأمر متوكّلًا على ربّه، توسّط مشهدًا جامعًا لأركان الحكم، على يمينه قادة الأجهزة العسكريّة والأمنيّة، وعلى يساره رئيس الجمهوريّة ورؤساء المجالس والمؤسسات العليا الرسميّة؛ وبلسان الواثق من شعبه، ألقى فصل خطابه أمام العالم وأمام نزق “دونالد ترامب” بكلمته المدوّية “لا” للهيمنة الأمريكيّة وسياساتها الاستكباريّة وأساليبها الاستعلائيّة، بعدما أثبتت التجربة صوابيّة منطق عدم الثقة بالإدارة الأمريكيّة.
تدرك “إيران” اللحظة التاريخيّة جيّدًا، وتعي جدّيّة المخاطر وأهوالها، وتعرف بعمق ما يصيب مجتمعها من آثار عدوانيّة مستمرة منذ عقود عبر ضغوط اقتصاديّة قصوى عليها، لا سيّما بعد تمزيق “ترامب” الاتفاق النووي عام 2018، والافتعالات الدائمة لإضعافها من الداخل وتحريك موجات الفتن فيها، وتفرقة وحدتها وتشويه هويّتها وممارسة كافة أشكال الحرب النفسيّة والناعمة عليها؛ وإعاقة تقدّمها وعلاقاتها.
كما تعلم “طهران” علم اليقين ما أصاب “جبهة المقاومة” من فقد قادتها الكبار منذ كانون الثاني 2020 إلى نهاية العام 2024؛ وهي تراقب عن كثب التغيّرات الاستراتيجيّة في سوريا ولبنان وفلسطين والعراق واليمن، وتدرس نتائج الحرب العالميّة المتمادية للقضاء على المقاومة والانقلاب على الممانعة السياسيّة للإملاءات الأمريكيّة.
كما أن “طهران” لا تستهين بمسالك المملكة العربيّة السعوديّة نحو التطبيع، وأن ما رعته الصين من تسوية إيرانيّة-سعوديّة لا يعوّل على استمراره، رغم حرصها الأكيد على استقرار المنطقة، إذا ما أُطلقت الصافرة الأمريكيّة للإخلال بها.
تصغي “طهران” دون اضطراب إلى التهديدات المتكرّرة الموجّهة إليها. كما تقرأ بحكمة وشجاعة الرسائل الديبلوماسيّة والإعلاميّة. ويمكن إيراد تهديدين (أمريكيّ وإسرائيليّ) وتحذير (تركيّ)، لاستجلاء الواقع.
التهديد الأبرز، أعلنه “ترامب” واضعًا إيران بين خيارين “الاتفاق أم الحرب”، مستأنفًا عقوبات ولايته الأولى على صادرات النفط الإيرانية.
ينسب “ترامب” إلى “إيران” الضعف حاليًا، فيتحفّز لاتخاذ إجراءات حاسمة ضدّها، وفق ما أدلى به مستشار الأمن القومي مايك والتز (19 كانون الثاني/يناير 2025). حدّد شهرًا واحدًا أمام إيران للانصياع إلى مفاوضات شكلية تنتهي بإملاءاته على برنامجها النووي ثم يستلحقه بتقييد دورها في المنطقة والبحث حول صواريخها الباليستيّة.
فيما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية هدف مناورتها مطلع آذار الجاري بمشاركة وحدة قاذفاتها الاستراتيجية في الشرق الأوسط “تعزيز التنسيق مع الشركاء الإقليميّين وإظهار قدراتها العسكرية”.
يساوق التهديد الأمريكيّ تحريض إسرائيلي قديم جديد على ضرب إيران، وقد أعلن “بنيامين نتنياهو” عشية الإعلان عن وقف إطلاق النار المزعوم في لبنان، أن السبب الأول لإعلانه هو التزامه بالأمن القومي وتركيز الجهود على مواجهة إيران ومنع طهران من تطوير سلاح نووي، مضيفًا أنه “لن يعطي المزيد من التفاصيل حول ذلك”. بينما أعلن رئيس أركانه الجديد “إيال زامير” أنّ عام 2025 سيركّز على الصراع في غزّة ومع الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة، وأنه سوف تتمّ إعادة هيكلة استراتيجية “الجيش” الإسرائيليّ للتعامل مع التهديد الإيرانيّ على وجه التحديد.
أما التحذير التركيّ لوزير الخارجية “هاكان فيدان، فإنّه يختلف نوعيًّا عما سبقه، لكونه لا يهدّد إيران ومقدّراتها وبرنامجها النوويّ، إنّما يتكامل مع الوعيدين الأمريكيّ-الإسرائيليّ، حاملًا لهجة استقواء ودلالات جديدة أمام الأحداث الجارية وموقعه منها، حيث بدا “كاتم أسرار أردوغان” واضحًا بالنزول عند رغبات الغرب وعدم التصدّي للتوسّع الإسرائيليّ إلا من بضعة تحفّظات كلاميّة، جازمًا في سعي أنقرة إلى ملء الفراغ وتصدّره في الساحة السوريّة على حساب الدور الإيراني الذي غالب إسقاط الدولة السورية وتفكيك وحدتها وانعدام استقرارها وانسلاخها من تاريخها وإيقاعها في فم التنين الأمريكيّ والاحتلال الإسرائيليّ وقطع طرق الإمداد على حركات المقاومة اللبنانيّة والفلسطينيّة.
يتضح أن ما يسمى بالمفاوضات التي يتم التداول حولها ما هي إلا خديعة بائسة لتشويش الرأي العام، وتصب لصالح الهيمنة الأمريكيّة وتستجيب لمعالجة الهواجس الأمنيّة الإسرائيليّة، ولإضعافها أمام منافسيها الإقليميّين، وليست من أجل حلّ المشكلات الإيرانيّة.
يمكن الجزم، بعدم رغبة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في إثارة مواجهة واسعة النطاق، خاصة أنّ تغيّر المشهد الجيوسياسي الراهن لا يبدو في مداه القصير لصالحها، قبل أن تستعيد حركات المقاومة عافيتها وقوّتها، وقبل أن يرسو المشهد السوري على أرضية مغايرة. إلّا أنّ “إيران الإسلاميّة” بكل تأكيد لن تقبل بالرضوخ لشروط “ترامب”، مما يرفع من احتمالية الصراع دون أن تتحدّد معالمه بوضوح.
تقتحم “طهران” مخاطر احتمالية الحرب عليها، بعدما نقضت الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) عهدها بالتعويض عن إنسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وبعدما استنفد مسؤولها كافة الإجراءات والتدابير الديبلوماسيّة، واتبعت “أقصى درجات العقلانية”، وتحكّمت بردود أفعالها، وهي تشاهد حرب الإبادة في غزّة والجرائم الأمريكيّة الإسرائيليّة تصب جام حممها على لبنان واليمن والعراق وسورية، فاحتفظت لنفسها بحق الرد على العدوان الإسرائيليّ السافر داخل أراضيها في محافظات طهران وخوزستان وإيلام (26 تشرين الأوّل 2024م).
وتؤكّد “طهران” أن نهجها مستمر، كدولة ثوريّة تضبط مصالحها على مبادئها، وتسير ضمن حدّي درء الخطر وحفظ هويتها وسيادتها وكرامتها الوطنيّة والقوميّة والإسلاميّة؛ إلا إذا وضعت الحرب أثقالها فالسبيل الوحيد هو الدفاع والمواجهة.
باحث في الشؤون الإيرانيّة