بقلم آية بورويلة – أخبار ليبيا 24

‏عزيزي العالم،

‏انهار سدان في مدينة درنة شرق البلاد، في يوم الاثنين 11 سبتمبر 2023، لتتحول الفيضانات الناجمة عن العاصفة دانيال إلى تسونامي قاتل لسكان المدينة وحسرة في ليبيا بأكملها.

‏صديقتي وزميلتي العزيزة أنجيلا-مويرا مانداليوس كانت قد تزوجت قبل يومين فقط من الأحداث في 9 سبتمبر من حب حياتها، وجمعت أصدقاءها في حفل زفاف جميل في أثينا مع أشخاص أحبوها وأعجبوا بها من جميع أنحاء العالم.

كانت أنجيلا جميلة ومشرقة وقوتها تكمن في بساطتها، وكانت تجمع بين صفات أميرات الأمازون وأميرات ديزني.

‏وكانت أنجيلا يونانية-نمساوية ونشأت في بنغازي بليبيا حيث تقيم عائلتها. كانت تتحدث اليونانية، والإنجليزية، والألمانية، وتتحدث العربية أيضًا بلهجة أصلية تمامًا مثل لهجة أهل بنغازي، بحيث كنت دائمًا أشعر بالحماس والسعادة في آن واحد عند سماعها تتحدث.

كان لديها العطف والشجاعة التي تميز بها اليونانيين، والصلابة وروح الدعابة التي تميز سكان بنغازي، والصمود والكفاءة التي تميز النمساويين. إذا كنت تريد أن تنجز شيئًا ما، وعليك إنجازه بشكل جيد، فعليك إختيار أنجيلا. فكانت دائمة الحركة ونشطة وتبث في كل من حولها روح الهمة والنشاط.

‏أحبت أنجيلا أصدقائها وعائلتها والخيول وليبيا. وباعتبارها أحد أعمدة في المجتمع الرئيسية، حتى خلال أحلك ساعات بنغازي، لم تتخلي هي وعائلتها عن المدينة أبدًا واستمرو في العمل لمساعدة وطنهم الثاني بنغازي وشعبها.

‏أنجيلا وعائلتها ليسوا قريبين من قلبي وقلب عائلتي فحسب، بل أيضًا من قلب كل أهل مدينة بنغازي، فهي ابنة محبوبة بالنسبة لهم. أنجيلا وعائلتها أحبوا بنغازي، وأحبتها بنغازي بالمثل. بالنسبة لنا، لم تكن أنجيلا يونانية نمساوية، بل كانت من بنغازي.

وهكذا، بفضل طيبة قلب أنجيلا التي نعرفها، فبدلاً من قضاء شهر العسل كما تفعل معظم النساء، انطلقت على الفور إلى العمل، وقامت بتنسيق المساعدات لإرسالها إلى ليبيا، وقامت بالتواصل مع مترجمين وعمال إنقاذ وإمدادات ومستلزمات الرعاية الطارئة.

‏هكذا كانت أنجيلا تشعر بالسعادة والرضا.

‏أنجيلا هي قوة من الطبيعة، هي ذلك النوع من الأشخاص الذين يرون مشكلة ويبدأون في العمل، وحشد كل ما في وسعهم لمساعدة الأشخاص الذين تحبهم مهما حدث. لم تعرف أبدًا المستحيل. وكانت دائمًا نصيرة للضعفاء وشجاعة كالأسد. لقد كانت امرأة لا يمكن تخويفها، وإذا كانت تشعر بالخوف، فلن تشعرك بذلك أبدًا.

‏كانت طويلة القامة، ومنضبطة، وجادة دائمًا حتى عندما تمزح، وحينها يضيء وجهها بالكامل مثل الطفلة. وكانت سريعة في الابتسام، ومسؤولة للغاية علي مر السنين، وجديرة بالثقة، ومخلصة، ولطيفة إلى ما لا نهاية بقدر ما كانت قوية. كانت أنجيلا دائمًا أم لكل فريق العمل. لقد كانت دائما تترفع عن الصغائر. وبينما كانت أصغر مني، كانت تعتني بي كما لو كانت أكبر مني سنًا.

‏كانت أنجيلا شجاعة. لم يكن كافيًا أن تكون في أثينا للمساعدة. بل أرادت أن تكون في قلب الحدث علي الأرض. بالطبع، كانت أنجيلا امرأة مقاتلة من اللواتي يقفن في الخطوط الأمامية. لم تطلب أبدًا من الآخرين القيام بشئ ما لم تكن مستعدة لفعله بنفسها.

‏في هذا العالم، هناك أولئك الذين يعرضون الآخرين للخطر، وهناك أيضًا أولئك الذين يعرضون أنفسهم للخطر فقط لمساعدة أخوانهم في الإنسانية. أولئك الذين يدخلون في قلب العاصفة دون تفكير في أنفسهم فقط لمساعدة غيرهم ممن يحتاجون مساعدة.

‏باختصار، في هذا العالم القاسي والخالي من المنطق، لدينا أبطال.

‏ففي يوم الأحد الموافق 17 سبتمبر، وصلت أنجيلا إلى بنغازي. ولم تبق في بنغازي، بل انضمت إلى حافلة مهمة الإنقاذ اليونانية المتجهة إلى درنة مع شقيقها فيليب مانداليوس للمساعدة في الترجمة. وبفعل هذة الرحلة إلى درنة، فقدنا شخصين محفورين في قلوبنا.

‏أنجيلا وشقيقها، وجميع من توفي أو أصيب في مهمة الإنقاذ هذه، هم جميعًا أبطال ورمز لما يجب علينا جميعًا أن نسعى لتحقيقه- حتى لو لم يقدر لنا النجاح التام.

‏لم ترغب أنجيلا أن يحزن أصدقاؤها وأحبائها بهذه الطريقة، لأنها لم تتحمل أبدًا رؤية معاناة أحد، سواء كان إنسانًا أو حيوانًا. بمعرفتي لأنجيلا كانت تقول في مثل موقفي حاليا: “أعرف ولكن ما حدث، قد حدث”. لكننا جميعًا وكل من عرفها لم نستطع التوقف عن البكاء لأننا أحببناها كثيرًا وقسوة فقدان مثل هذا الملاك الصغير قبل أوانه قد هزتنا حتى النخاع.

‏ليبيا بلد قاسٍي يجبر علي حبه، وأنجيلا أحبت ليبيا بلا خوف أو تحفظ. وقادها هذا الحب إلى الخطوط الأمامية لمنطقة الخطر والبطولة وهو أيضًا من سلبها مننا بلا رحمة. أنجيلا هي أخت وصديقة لن أتمكن من إيجاد بديلة عنها أبدًا وهي أيضًا شهيدة. أطلب من الجميع أن يحتفظوا دائمًا بذكراها وقصة حياتها وأن يحذوا حذوها وياخدوها قدوة. نحن جميعًا مصممون على تكريم أنجيلا ومواصلة عملها واتباع نهجها في ليبيا مهما حدث، فلا شيء كان سيجعلها أكثر سعادة من رؤية الجميع يحبون بلدها بنفس القدر الذي أحبته.

‏ارقدي في سلام وحب يا أنجيلا. أتمنى لو تري كم أنت محبوبة في جميع أنحاء العالم.

الوسومدرنة فيضانات شرق ليبيا

المصدر: أخبار ليبيا 24

كلمات دلالية: درنة فيضانات شرق ليبيا دائم ا ا کانت جمیع ا

إقرأ أيضاً:

توم فليتشر: “غزة تعيش نهاية العالم الآن، إنها بيئة لا تطاق”(فيديو)

الجديد برس|

منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة، توم فليتشر: “غزة تعيش نهاية العالم الآن، إنها بيئة لا تطاق”

مقالات مشابهة

  • توم فليتشر: “غزة تعيش نهاية العالم الآن، إنها بيئة لا تطاق”(فيديو)
  • الدبيبة: أطلقنا مبادرة “خضار ليبيا”
  • تحذيرات من فوضى مسلّحة عابرة للحدود إذا تحوّلت سوريا إلى “ليبيا أخرى”
  • مدير أمن بنغازي الكبرى يستقبل “وحدة كلاب الأثر” بعد تدريب متقدم في تركيا
  • “الصحة” تختتم ورشة عمل الصيدلة السريرية في مركز بنغازي الطبي
  • التشكيل المثالي لعام 2024 من "فيفا"
  • ترحيب دولي بإحاطة “خوري” لحل الأزمة السياسية في ليبيا
  • المستشار “عقيلة صالح” يبحث مع السفير الياباني مستجدات الأوضاع في ليبيا
  • “روس كوسموس”: مهمات “فيغا” كانت بمثابة انتصار حقيقي للعلوم الوطنية
  • البرلمان العربي يشيد بجهود “الحكومة الليبية وصندوق التنمية” في إعمار ليبيا